عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 12:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالا من اللّه واللّه عزيزٌ حكيمٌ (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإنّ اللّه يتوب عليه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (39) ألم تعلم أنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض يعذّب من يشاء ويغفر لمن يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (40)}
يقول تعالى حاكمًا وآمرًا بقطع يد السّارق والسّارقة، وروى الثّوريّ عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عامر بن شراحيل الشّعبيّ؛ أنّ ابن مسعودٍ كان يقرؤها: "والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيمانهما". وهذه قراءةٌ شاذّةٌ، وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقًا لها، لا بها، بل هو مستفادٌ من دليلٍ آخر. وقد كان القطع معمولًا به في الجاهليّة، فقرّر في الإسلام وزيدت شروطٌ أخر، كما سنذكره إن شاء اللّه تعالى، كما كانت القسامة والدّية والقراض وغير ذلك من الأشياء الّتي ورد الشّرع بتقريرها على ما كانت عليه، وزياداتٌ هي من تمام المصالح. ويقال: إنّ أوّل من قطع الأيدي في الجاهليّة قريشٌ، قطعوا رجلًا يقال له: "دويكٌ" مولًى لبني مليح بن عمرٍو من خزاعة، كان قد سرق كنز الكعبة، ويقال: سرقه قومٌ فوضعوه عنده.
وقد ذهب بعض الفقهاء من أهل الظّاهر إلى أنّه متّى سرق السّارق شيئًا قطعت يده به، سواءٌ كان قليلًا أو كثيرًا؛ لعموم هذه الآية: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما} فلم يعتبروا نصابًا ولا حرزًا، بل أخذوا بمجرّد السّرقة.
وقد روى ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ من طريق عبد المؤمن، عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما} أخاصٌّ أم عام؟ فقال: بل عامٌّ.
وهذا يحتمل أن يكون موافقةً من ابن عبّاسٍ لما ذهب إليه هؤلاء، ويحتمل غير ذلك، فاللّه أعلم.
وتمسّكوا بما ثبت في الصّحيحين، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لعن اللّه السّارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده". وأمّا الجمهور فاعتبروا النّصاب في السّرقة، وإن كان قد وقع بينهم الخلاف في قدره، فذهب كلٌّ من الأئمّة الأربعة إلى قولٍ على حدةٍ، فعند الإمام مالك بن أنسٍ، رحمه اللّه: النّصاب ثلاثة دراهم مضروبةٍ خالصةٍ، فمتى سرقها أو ما يبلغ ثمنها فما فوقها وجب القطع، واحتجّ في ذلك بما رواه عن نافعٍ، عن ابن عمر؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم. أخرجاه في الصّحيحين.
قال مالكٌ، رحمه اللّه: وقطع عثمان، رضي اللّه عنه، في أترجّة قوّمت بثلاثة دراهم، وهو أحبّ ما سمعت في ذلك. وهذا الأثر عن عثمان، رضي اللّه عنه، قد رواه مالكٌ عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، عن أبيه، عن عمرة بنت عبد الرّحمن: أنّ سارقًا سرق في زمان عثمان أترجّةً، فأمر بها عثمان أن تقوم، فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهمًا بدينارٍ، فقطع عثمان يده.
قال أصحاب مالكٍ: ومثل هذا الصّنيع يشتهر، ولم ينكر، فمن مثله يحكى الإجماع السّكوتي، وفيه دلالةٌ على القطع في الثّمار خلافًا للحنفيّة. وعلى اعتبار ثلاثة دراهم خلافًا لهم في أنّه لا بدّ من عشرة دراهم، وللشّافعيّة في اعتبار ربع دينارٍ، واللّه أعلم.
وذهب الشّافعيّ، رحمه اللّه، إلى أنّ الاعتبار في قطع يد السّارق بربع دينارٍ أو ما يساويه من الأثمان أو العروض فصاعدًا. والحجّة في ذلك ما أخرجه الشّيخان: البخاريّ ومسلمٌ، من طريق الزّهريّ، عن عمرة، عن عائشة، رضي اللّه عنها؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "تقطع يد السّارق في ربع دينارٍ فصاعدًا".
ولمسلمٍ من طريق أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزمٍ، عن عمرة، عن عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا تقطع يد السّارق إلّا في ربع دينارٍ فصاعدًا".
قال أصحابنا: فهذا الحديث فاصلٌ في المسألة ونصٌّ في اعتبار ربع الدّينار لا ما ساواه. قالوا: وحديث ثمن المجنّ، وأنّه كان ثلاثة دراهم، لا ينافي هذا؛ لأنّه إذ ذاك كان الدينار باثني عشر درهمًا، فهي ثمن ربع دينارٍ، فأمكن الجمع بهذه الطّريق.
ويروى هذا المذهب عن عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وعليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنهم. وبه يقول عمر بن عبد العزيز، واللّيث بن سعدٍ، والأوزاعي، والشافعي، وأصحابه، وإسحاق بن راهويه -في روايةٍ عنه-وأبو ثورٍ، وداود بن عليٍّ الظّاهريّ، رحمهم اللّه.
وذهب الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه -في روايةٍ عنه-إلى أنّ كلّ واحدٍ من ربع الدّينار والثّلاثة دراهم مردٌ شرعيٌّ، فمن سرق واحدًا منهما، أو ما يساويه قطع عملًا بحديث ابن عمر، وبحديث عائشة، رضي اللّه عنهما، ووقع في لفظٍ عند الإمام أحمد، عن عائشة [رضي اللّه عنها] أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "اقطعوا في ربع دينارٍ، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك" وكان ربع الدّينار يومئذٍ ثلاثة دراهم، والدّينار اثني عشر درهمًا. وفي لفظٍ للنّسائيّ: لا تقطع يد السّارق فيما دون ثمن المجنّ. قيل لعائشة: ما ثمن المجن؟ قالت: ربع دينارٍ.
فهذه كلّها نصوصٌ دالّةٌ على عدم اشتراط عشرة دراهم، واللّه أعلم.
وأمّا الإمام أبو حنيفة وأصحابه: أبو يوسف، ومحمّدٌ، وزفر، وكذا سفيان الثّوريّ، رحمهم اللّه، فإنّهم ذهبوا إلى أنّ النّصاب عشرة دراهم مضروبةٍ غير مغشوشةٍ. واحتجّوا بأنّ ثمن المجنّ الّذي قطع فيه السّارق على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان ثمنه عشرة دراهم. وقد روى أبو بكر بن أبي شيبة: حدّثنا ابن نمير وعبد الأعلى وعن محمّد بن إسحاق، عن أيّوب بن موسى، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان ثمن المجنّ على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عشرة دراهم.
ثمّ قال: حدّثنا عبد الأعلى، عن محمّد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: لا تقطع يد السّارق في دون ثمن المجن". وكان ثمن المجنّ عشرة دراهم.
قالوا: فهذا ابن عبّاسٍ وعبد اللّه بن عمرٍو قد خالفا ابن عمر في ثمن المجنّ، فالاحتياط الأخذ بالأكثر؛ لأنّ الحدود تدرأ بالشّبهات.
وذهب بعض السّلف إلى أنّه تقطع يد السّارق في عشرة دراهم، أو دينارٍ، أو ما يبلغ قيمته واحدًا منهما، يحكى هذا عن علي، وابن مسعود، وإبراهيم النّخي، وأبي جعفر الباقر، رحمهم الله تعالى.
وقال بعض السّلف: لا تقطع الخمس إلّا في خمسٍ، أي: في خمسة دنانير، أو خمسين درهمًا. وينقل هذا عن سعيد بن جبيرٍ، رحمه اللّه.
وقد أجاب الجمهور عمّا تمسّك به الظّاهريّة من حديث أبي هريرة: "يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" بأجوبةٍ:
أحدها: أنّه منسوخٌ بحديث عائشة. وفي هذا نظرٌ؛ لأنّه لا بدّ من بيان التّاريخ.
والثّاني: أنّه مؤوّلٌ ببيضة الحديد وحبل السّفن، قاله الأعمش فيما حكاه البخاريّ وغيره عنه.
والثّالث: أنّ هذا وسيلةٌ إلى التّدرّج في السّرقة من القليل إلى الكثير الّذي تقطع فيه يده، ويحتمل أن يكون هذا خرج مخرج الإخبار عمّا كان الأمر عليه في الجاهليّة، حيث كانوا يقطعون في القليل والكثير، فلعن السّارق الّذي يبذل يده الثّمينة في الأشياء المهينة.
وقد ذكروا أنّ أبا العلاء المعرّي، لمّا قدم بغداد، اشتهر عنه أنّه أورد إشكالًا على الفقهاء في جعلهم نصاب السّرقة ربع دينارٍ، ونظم في ذلك شعرًا دلّ على جهله، وقلّة عقله فقال:
يدٌ بخمس مئين عسجدٍ وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلّا السّكوت له = وأن نعوذ بمولانا من النار
ولمّا قال ذلك واشتهر عنه تطلّبه الفقهاء فهرب منهم. وقد أجابه النّاس في ذلك، فكان جواب القاضي عبد الوهّاب المالكيّ، رحمه اللّه، أنّه قال: لمّا كانت أمينةً كانت ثمينةً، فلمّا خانت هانت. ومنهم من قال: هذا من تمام الحكمة والمصلحة وأسرار الشّريعة العظيمة، فإنّه في باب الجنايات ناسبٌ أن تعظم قيمة اليد بخمسمائة دينارٍ لئلّا يجنى عليها، وفي باب السّرقة ناسب أن يكون القدر الّذي تقطع فيه ربع دينارٍ لئلّا يتسارع النّاس في سرقة الأموال، فهذا هو عين الحكمة عند ذوي الألباب؛ ولهذا قال [تعالى] {جزاءً بما كسبا نكالا من اللّه واللّه عزيزٌ حكيمٌ} أي: مجازاةً على صنيعهما السّيئ في أخذهما أموال النّاس بأيديهم، فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك {نكالا من اللّه} أي: تنكيلًا من اللّه بهما على ارتكاب ذلك {واللّه عزيزٌ} أي: في انتقامه {حكيمٌ} أي: في أمره ونهيه وشرعه وقدره). [تفسير القرآن العظيم: 3/107-110]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإنّ اللّه يتوب عليه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} أي: من تاب بعد سرقته وأناب إلى اللّه، فإنّ اللّه يتوب عليه فيما بينه وبينه، فأمّا أموال النّاس فلا بدّ من ردّها إليهم أو بدلها عند الجمهور.
وقال أبو حنيفة: متى قطع وقد تلفت في يده فإنّه لا يردّ بدلها. وقد روى الحافظ أبو الحسن الدّارقطنيّ من حديث محمّد بن عبد الرّحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتي بسارقٍ قد سرق شملةً فقال: "ما إخاله سرق"! فقال السّارق: بلى يا رسول الله. قال: "اذهبوا به فاقطعوه، ثمّ احسموه، ثمّ ائتوني به". فقطع فأتي به، فقال: "تب إلى اللّه". فقال: تبت إلى اللّه. فقال: "تاب اللّه عليك".
وقد روي من وجهٍ آخر مرسلًا ورجّح إرساله علي بن المدينيّ وابن خزيمة رحمهما اللّه، روى ابن ماجه من حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عبد الرّحمن بن ثعلبة الأنصاريّ، عن أبيه؛ أنّ عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمسٍ جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّي سرقت جملًا لبني فلانٍ فطهّرني! فأرسل إليهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: إنّا افتقدنا جملًا لنا. فأمر به فقطعت يده. قال ثعلبة: أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول: الحمد للّه الّذي طهّرني منك، أردت أن تدخلي جسدي النّار.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا موسى بن داود، حدّثنا ابن لهيعة، عن حيي بن عبد اللّه عن أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سرقت امرأةٌ حليًّا، فجاء الّذين سرقتهم فقالوا: يا رسول اللّه، سرقتنا هذه المرأة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اقطعوا يدها اليمنى". فقالت المرأة: هل من توبةٍ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمّك"! قال: فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإنّ اللّه يتوب عليه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وقد رواه الإمام أحمد بأبسط من هذا، فقال: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثني حيي بن عبد اللّه، عن أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد اللّه بن عمرٍو؛ أنّ امرأةً سرقت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء بها الّذين سرقتهم فقالوا: يا رسول اللّه، إنّ هذه المرأة سرقتنا! قال قومها: فنحن نفديها، فقال رسول اللّه: "اقطعوا يدها" فقالوا: نحن نفديها بخمسمائة دينارٍ. قال: "اقطعوا يدها". قال: فقطعت يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل لي من توبةٍ يا رسول اللّه؟ قال: "نعم، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمّك". فأنزل اللّه في سورة المائدة: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإنّ اللّه يتوب عليه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وهذه المرأة هي المخزوميّة الّتي سرقت، وحديثها ثابتٌ في الصّحيحين، من رواية الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة؛ أنّ قريشًا أهمّهم شأن المرأة الّتي سرقت في عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلّم فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلّا أسامة بن زيدٍ حبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فأتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكلّمه فيها أسامة بن زيدٍ، فتلوّن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "أتشفع في حدٍّ من حدود اللّه، عزّ وجلّ؟ " فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول اللّه. فلمّا كان العشي قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاختطب، فأثنى على اللّه بما هو أهله، ثمّ قال: "أمّا بعد، فإنّما أهلك الّذين من قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وإنّي والّذي نفسي بيده، لو أنّ فاطمة بنت محمّدٍ سرقت لقطعت يدها". ثمّ أمر بتلك المرأة الّتي سرقت فقطعت يدها. قالت عائشة [رضي اللّه عنها] فحسنت توبتها بعد، وتزوّجت، وكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذا لفظ مسلمٍ وفي لفظٍ له عن عائشة قالت: كانت امرأةٌ مخزوميّةٌ تستعير المتاع وتجحده، فأمر نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقطع يدها.
وعن ابن عمر قال: كانت امرأةٌ مخزوميّةٌ تستعير متاعًا على ألسنة جاراتها وتجحده، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقطع يدها.
رواه الإمام أحمد، وأبو داود والنّسائيّ -وهذا لفظه-وفي لفظٍ له: أنّ امرأةً كانت تستعير الحليّ للنّاس ثمّ تمسكه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لتتب هذه المرأة إلى اللّه ورسوله وتردّ ما تأخذ على القوم، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قم يا بلال فخذ بيدها فاقطعها"
وقد ورد في أحكام السّرقة أحاديث كثيرةٌ مذكورةٌ في كتاب "الأحكام"، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 3/110-113]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ألم تعلم أنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض} أي: هو المالك لجميع ذلك، الحاكم فيه، الّذي لا معقّب لحكمه، وهو الفعّال لما يريد {يعذّب من يشاء ويغفر لمن يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/113]

رد مع اقتباس