عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 03:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويوم تشقق}، يريد يوم القيامة عند انفطار السماء ونزول الملائكة ووقوع الجزاء بحقيقة الحساب. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: "تشقق" بشد الشين والقاف، وقرأ الباقون بتخفيف الشين، وقوله: "بالغمام"، أي: يشقق عنه، والغمام: سحاب رقيق أبيض جميل لم يره البشر بعد إلا ما جاء في تظليل بني إسرائيل. وقرأ جمهور القراء: "ونزل الملائكة تنزيلا" بضم النون وشد الزاي المكسورة ورفع "الملائكة" على مفعول لم يسم فاعله، وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوهاب: "ونزل" بتخفيف الزاي المكسورة، قال أبو الفتح: وهذا غير معروف؛ لأن "نزل" لا يتعدى إلى مفعول فيبنى هنا للملائكة، ووجهه أن يكون مثل: "زكم الرجل وجن"، فإنه لا يقال إلا أزكمه الله وأجنه، وهذا باب سماع لا قياس. وقرأ أبو رجاء: "ونزل" بفتح النون وشد الزاي، وقرأ الأعمش: "وأنزل الملائكة"، وكذلك قرأ ابن مسعود، وقرأ أبي بن كعب: "ونزلت الملائكة"، وقرأ ابن كثير وحده: "وننزل الملائكة" بنونين، فهي
[المحرر الوجيز: 6/433]
قراءة أهل مكة، ورويت عن أبي عمرو، وقرأ هارون عن أبي عمرو: "ونزل الملائكة" بإسناد الفعل إليها، وقرأت فرقة: "وينزل الملائكة"، وقرأ أبي بن كعب أيضا: "وتنزلت الملائكة"). [المحرر الوجيز: 6/434]

تفسير قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قرر أن الملك الحق هو يومئذ للرحمن؛ إذ قد بطل في ذلك اليوم كل ملك. وعسيره على الكافرين يوجه بدخول النار عليهم فيه، وما في خلال ذلك من المخاوف. وقوله: {على الكافرين}، دليل على أن ذلك اليوم سهل على المؤمنين، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى ليهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة صلوها في الدنيا). [المحرر الوجيز: 6/434]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا}
"يوم" ظرف، العامل فيه فعل مضمر، و"عض اليدين" هو فعل النادم الملهوف المتفجع، وقال ابن عباس وجماعة من المفسرين: "الظالم" في هذه الآية عقبة بن أبي معيط؛ وذلك أنه كان أسلم أو جنح للإسلام، وكان أبي بن خلف الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يوم أحد خليلا لعقبة، فنهاه عن الإسلام، فقبل نهيه، فنزلت الآية فيهما، فالظالم عقبة، وفلان أبي. وفي بعض الروايات عن ابن عباس أن الظالم أبي، فإنه كان يحضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاه عقبة، فأطاعه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن أدخل في هذه الآية أمية بن خلف فقد وهم، إلا على قول من يرى "الظالم" اسم جنس.
[المحرر الوجيز: 6/434]
وقال مجاهد، وأبو رجاء: الظالم: اسم جنس، وفلان: الشيطان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويظهر أن "الظالم" عام، وأن مقصد الآية تعظيم يوم يتبرأ فيه الظالمون من خلانهم الذين أمروهم بالظلم، فلما كان خليل كل ظالم غير خليل الآخر، وكان كل ظالم يسمي رجلا خاصا به عبر عن ذلك بـ "فلان" الذي فيه الشياع التام، ومعناه واحد عن الناس، وليس من ظالم إلا وله في دنياه خليل يعينه ويحرضه، هذا في الأغلب، ويشبه أن سبب الآية وترتب هذه المعاني كان عقبة وأبيا، وقوله: {مع الرسول} يقوي ذلك بأن يجعل تعريف "الرسول" للعهد، والإشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى التأويل الأول التعريف للجنس.
وكلهم قرأ "ليتني" ساكنة الياء غير أبي عمرو فإنه حرك الياء في "ليتني اتخذت"، ورواها أبو حامد عن نافع مثل أبي عمرو، و"السبيل" المتمناة هي طريق الآخرة. وفي هذه الآية لكل ذي نهية تنبيه على تجنب قرين السوء، والأحاديث والحكم في هذا الباب كثيرة مشهورة). [المحرر الوجيز: 6/435]

تفسير قوله تعالى: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "يا ويلتى" التاء فيه عوض عن الياء في: يا ويلي، والألف هي التي في قولهم: يا غلاما، وهي لغة، وقرأت فرقة بإمالة: "يا ويلتى"، قال أبو علي:
[المحرر الوجيز: 6/435]
وترك الإمالة أحسن؛ لأن أصل هذه اللفظة الياء "يا ويلتى"، فبدلت الكسرة فتحة والياء ألفا فرارا من الياء، فمن أمال رجع إلى الذي فر منه أولا). [المحرر الوجيز: 6/436]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الذكر" هو ما ذكر به الإنسان أمر آخرته من قرآن أو موعظة ونحوه. وكان الشيطان للإنسان خذولا يحتمل أن يكون من قول الظالم، ويحتمل أن يكون ابتداء إخبارا من الله تعالى على جهة الدلالة على وجه ضلالهم، والتحذير من الشيطان الذي بلغ ثم ذلك المبلغ). [المحرر الوجيز: 6/436]

رد مع اقتباس