عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد صرّفنا في هذا القرآن للنّاس من كلّ مثلٍ وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا (54)}.
يقول تعالى: ولقد بيّنّا للنّاس في هذا القرآن، ووضّحنا لهم الأمور، وفصّلناها، كيلا يضلّوا عن الحقّ، ويخرجوا عن طريق الهدى. ومع هذا البيان وهذا الفرقان، الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحقّ بالباطل، إلّا من هدى اللّه وبصّره لطريق النّجاة.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، أخبرني عليّ بن الحسين، أنّ حسين بن عليٍّ أخبره، أنّ عليّ بن أبي طالبٍ أخبره، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرقه وفاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلةً، فقال: "ألا تصلّيان؟ " فقلت: يا رسول اللّه، إنّما أنفسنا بيد اللّه، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف حين قلت ذلك، ولم يرجع إليّ شيئًا، ثمّ سمعته وهو مولٍّ يضرب فخذه [ويقول] {وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا} أخرجاه في الصحيحين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 171]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربّهم إلا أن تأتيهم سنّة الأوّلين أو يأتيهم العذاب قبلا (55) وما نرسل المرسلين إلا مبشّرين ومنذرين ويجادل الّذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ واتّخذوا آياتي وما أنذروا هزوًا (56)}.
يخبر تعالى عن تمرّد الكفرة في قديم الزّمان وحديثه، وتكذيبهم بالحقّ البيّن الظّاهر مع ما يشاهدون من الآيات [والآثار] والدّلالات الواضحات، وأنّه ما منعهم من اتّباع ذلك إلّا طلبهم أن يشاهدوا العذاب الّذي وعدوا به عيانًا، كما قال أولئك لنبيّهم: {فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين} [الشّعراء:187]، وآخرون قالوا: {ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين} [العنكبوت:29]، وقالت قريشٌ: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} [الأنفال:32]، {وقالوا يا أيّها الّذي نزل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين} [الحجر:7، 6] إلى غير ذلك [من الآيات الدّالّة على ذلك].
ثمّ قال: {إلا أن تأتيهم سنّة الأوّلين} من غشيانهم بالعذاب وأخذهم عن آخرهم، {أو يأتيهم العذاب قبلا} أي: يرونه عيانًا مواجهةً [ومقابلةً]،
ثمّ قال: {وما نرسل المرسلين إلا مبشّرين ومنذرين ويجادل الّذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ واتّخذوا آياتي وما أنذروا هزوًا} أي: قبل العذاب مبشّرين من صدّقهم وآمن بهم، ومنذرين من كذّبهم وخالفهم.
ثمّ أخبر عن الكفّار بأنّهم يجادلون بالباطل {ليدحضوا به} أي: ليضعفوا به {الحقّ} الّذي جاءتهم به الرّسل، وليس ذلك بحاصلٍ لهم. {واتّخذوا آياتي وما أنذروا هزوًا} أي: اتّخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات الّتي بعث بها الرّسل وما أنذروهم وخوّفوهم به من العذاب {هزوًا} أي: سخروا منهم في ذلك، وهو أشدّ التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 172]

رد مع اقتباس