عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم تأتي كلّ نفسٍ تجادل} أي: تحاجّ {عن نفسها} ليس أحدٌ يحاجّ عنها لا أبٌ ولا ابنٌ ولا أخٌ ولا زوجةٌ {وتوفّى كلّ نفسٍ ما عملت} أي: من خيرٍ وشرٍّ، {وهم لا يظلمون} أي: لا ينقص من ثواب الخير ولا يزاد على ثواب الشّرّ ولا يظلمون نقيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 607]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وضرب اللّه مثلا قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (112) ولقد جاءهم رسولٌ منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون (113)}
هذا مثلٌ أريد به أهل مكّة، فإنّها كانت آمنةً مطمئنةً مستقرّةً يتخطّف النّاس من حولها، ومن دخلها آمنٌ لا يخاف، كما قال تعالى: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا} [القصص: 57]
وهكذا قال هاهنا: {يأتيها رزقها رغدًا} أي: هنيئها سهلًا {من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه} أي: جحدت آلاء اللّه عليها وأعظم ذلك بعثة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم إليهم، كما قال تعالى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار جهنّم يصلونها وبئس القرار} [إبراهيم: 28، 29]. ولهذا بدّلهم اللّه بحاليهم الأوّلين خلافهما، فقال: {فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف} أي: ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليهم ثمرات كلّ شيءٍ، ويأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ، وذلك لمّا استعصوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبوا إلّا خلافه، فدعا عليهم بسبعٍ كسبع يوسف، فأصابتهم سنةٌ أذهبت كلّ شيءٍ لهم، فأكلوا العلهز -وهو: وبر البعير، يجعل بدمه إذا نحروه.
وقوله: {والخوف} وذلك بأنّهم بدّلوا بأمنهم خوفًا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، حين هاجروا إلى المدينة، من سطوة سراياه وجيوشه، وجعلوا كلّ ما لهم في سفال ودمارٍ، حتّى فتحها اللّه عليهم وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرّسول الّذي بعثه اللّه فيهم منهم، وامتنّ به عليهم في قوله: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164]، وقال تعالى: {فاتّقوا اللّه يا أولي الألباب الّذين آمنوا قد أنزل اللّه إليكم ذكرًا رسولا [يتلو عليكم آيات اللّه مبيّناتٍ ليخرج الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من الظّلمات إلى النّور]} [الطّلاق: 10، 11] الآية وقوله: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكّيكم ويعلّمكم الكتاب والحكمة} إلى قوله: {ولا تكفرون} [البقرة: 151، 152].
وكمًّا أنّه انعكس على الكافرين حالهم، فخافوا بعد الأمن، وجاعوا بعد الرّغد، بدّل اللّه المؤمنين من بعد خوفهم أمنًا، ورزقهم بعد العيلة، وجعلهم أمراء النّاس وحكّامهم، وسادتهم وقادتهم وأئمّتهم.
وهذا الّذي قلناه من أنّ هذا المثل مضروبٌ لمكّة، قاله العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ. وإليه ذهب مجاهدٌ، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم. وحكاه مالكٌ عن الزّهريّ، رحمهم اللّه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني ابن عبد الرّحيم البرقي، حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا نافع بن زيدٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن شريح، أنّ عبد الكريم بن الحارث الحضرميّ حدّثه، أنّه سمع مشرح بن هاعان يقول: سمعت سليم بن عترٍ يقول: صدرنا من الحجّ مع حفصة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، وعثمان، رضي الله عنه، محصور بالمدينة، فكانت تسأل عنه: ما فعل؟ حتّى رأت راكبين، فأرسلت إليهما تسألهما، فقالا قتل. فقالت حفصة: والّذي نفسي بيده، إنّها القرية الّتي قال اللّه: {وضرب اللّه مثلا قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه} قال أبو شريحٍ: وأخبرني عبيد اللّه بن المغيرة، عمّن حدّثه: أنّه كان يقول: إنّها المدينة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 607-609]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فكلوا ممّا رزقكم اللّه حلالا طيّبًا واشكروا نعمة اللّه إن كنتم إيّاه تعبدون (114) إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (115) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون (116) متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ (117)}
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطّيّب، وبشكره على ذلك، فإنّه المنعم المتفضّل به ابتداءً، الّذي يستحقّ العبادة وحده لا شريك له).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 609]

رد مع اقتباس