عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 03:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله -تعالى- بعبادته، وخص الركوع والسجود بالذكر تشريفا للصلاة.
واختلف الناس، هل في هذه الآية سجدة؟ ومذهب مالك -رحمه الله- ألا يسجد هنا. وقوله تعالى: {وافعلوا الخير} ندب فيما عدا الواجبات التي صح وجوبها من غير هذا الموضع، وقوله -تبارك وتعالى: {لعلكم تفلحون} ترج في حق المؤمنين، كقوله سبحانه: {لعله يتذكر أو يخشى}، و"الفلاح" في هذه الآية نيل البغية وبلوغ الأمل).[المحرر الوجيز: 6/275]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير}
قالت فرقة: هذه آية أمر الله -تعالى- فيها بالجهاد في سبيله، وهو قتال الكفار، وقالت فرقة: هي أعم من ذلك، وهو جهاد النفس، وجهاد الكافرين، وجهاد الظلمة، وغير ذلك، أمر الله عباده بأن يفعلوا ذلك في ذات الله حق فعله.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
والعموم حسن. وبين أن عرف اللفظة يقتضي الجهاد في سبيل الله، وقال هبة الله
[المحرر الوجيز: 6/275]
وغيره: إن قوله تعالى: {حق جهاده} وقوله في الأخرى: {حق تقاته} [آل عمران: 102] منسوخ بالتخفيف إلى الاستطاعة.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-:
ومعنى الاستطاعة في هذه الأوامر هو المراد من أول الأمر، فلم يستقر تكليف بلوغ الغاية شرعا ثابتا فيقال: إنه نسخ بالتخفيف، وإطلاقهم النسخ في هذا غير محدق. و"اجتباكم" معناه: تخيركم.
وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} معناه: من تضييق، يريد: في شرعة الملة، وذلك أنها حنيفية سمحة، ليست كشدائد بني إسرائيل وغيرهم، بل فيها التوبة والكفارات والرخص ونحو هذا مما كثر عده.و"الحرجة": الشجر الملتف المتضايق، ورفع الحرج صح لجمهور هذه الأمة ولمن استقام على منهاج الشرع، وأما السلابة والسراق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين، وليس في الشرع أعظم حرجا من إلزام ثبوت رجل لاثنين في سبيل الله -تعالى- ومع صحة اليقين وجودة العزم ليس بحرج.
وقوله: "ملة" نصب بفعل مضمر تقديره: بل جعلها، أو نحوه من أفعال الإغراء، وقال الفراء: هو نصب على تقدير حذف الكاف كأنه قال: "كملة"، وقيل: هو كما ينصب المصدر. وقوله: "هو سماكم"، قال ابن زيد: الضمير لإبراهيم والإشارة إلى قوله: {ومن ذريتنا أمة مسلمة لك}. وقال ابن عباس، وقتادة، ومجاهد: الضمير لله -تعالى- و"من قبل" معناه: في الكتب القديمة، "وفي هذا": في القرآن، وهذه اللفظة تضعف قول من قال: الضمير، لإبراهيم، ولا يتوجه إلا على تقدير محذوف من الكلام
[المحرر الوجيز: 6/276]
مستأنف. وقوله تعالى: {ليكون الرسول شهيدا عليكم} أي: بالتبليغ، وقوله: {وتكونوا شهداء على الناس} أي: بتبليغ رسلهم إليهم على ما أخبركم نبيكم.
وأسند الطبري إلى قتادة أنه قال: أعطيت هذه الأمة ما لم يعطه إلا نبي، كان يقال للنبي: أنت شهيد على أمتك، وقيل لهذه الأمة: وتكونوا شهداء على الناس، وكان يقال للنبي: ليس عليك حرج، وقيل لهذه الأمة: وما جعل عليكم في الدين من حرج، وكان يقال للنبي: سل تعط، وقيل لهذه الأمة: ادعوني أستجب لكم.
ثم أمر -تعالى- بالصلاة المفروضة أن تقام ويدام عليها بجميع حدودها، وبالزكاة أن تؤدى، كما أنعم عليكم فافعلوا كذا، ثم أمر بالاعتصام بالله -تعالى- أي: بالتعلق به والخلوص له، وطلب النجاة منه ورفض التوكل على سواه.و"المولى" في هذه الآية معناه: الذي يليكم نصره وحفظه. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/277]

رد مع اقتباس