عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:19 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {أولم يتفكّروا ما بصاحبهم ... الآية}، تقرير يقارنه توبيخ للكفار، والوقف على قوله أولم يتفكّروا ثم ابتدأ القول بنفي ما ذكروه فقال: ما بصاحبهم من جنّةٍ أي بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون المعنى أو لم يتفكروا أنه ما بصاحبهم من جنة، وسبب نزول هذه الآية فيما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صعد ليلا على الصفا فجعل يدعو قبائل قريش: يا بني فلان، يا بني فلان يحذرهم ويدعوهم إلى الله فقال بعض الكفار: حين أصبحوا هذا مجنون بات يصوت حتى الصباح فنفى الله عز وجل ما قالوه من ذلك في هذا الموطن المذكور وفي غيره، فإن الجنون بعض ما رموه به حتى أظهر الله نوره، ثم أخبر أنه نذير أي محذر من العذاب، ولفظ النذارة إذا جاء مطلقا فإنما هو في الشر، وقد يستعمل في الخير مقيدا به، ويظهر من رصف الآية أنها باعثة لهم على الفكرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس به جنة كما أحالهم بعد هذه الآية على النظر ثم بين المنظور فيه كذلك أحال هنا على الفكرة ثم بين المتفكر فيه). [المحرر الوجيز: 4/ 101]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أولم ينظروا في ملكوت السّماوات والأرض وما خلق اللّه من شيءٍ ... الآية}، هذا أيضا توبيخ للكفار وتقرير، والنظر هنا بالقلب عبرة وفكرا، وملكوت بناء عظمة ومبالغة، وقوله: {وما خلق اللّه من شيءٍ}؛ لفظ يعم جميع ما ينظر فيه ويستدل به من الصنعة الدالة على الصانع ومن نفس الإنس وحواسه ومواضع رزقه، و «الشيء» واقع على الموجودات وقوله: وأن عسى عطف على قوله: في ملكوت وأن الثانية في موضع رفع ب عسى، والمعنى توقيفهم على أن لم يقع لهم نظر في شيء من هذا ولا في أنه قربت آجالهم فماتوا ففات أوان الاستدراك ووجب عليهم المحذور، ثم وقفهم بأي حديث أو أمر يقع إيمانهم وتصديقهم إذا لم يقع بأمر فيه نجاتهم ودخولهم الجنة، ونحو هذا المعنى قول الشاعر: [الطويل]
وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل
والضمير في قوله: بعده يراد به القرآن، وقيل المراد به محمد صلى الله عليه وسلم وقصته وأمره أجمع، وقيل هو عائد على الأجل بعد الأجل إذ لا عمل بعد الموت). [المحرر الوجيز: 4/ 101-102]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {من يضلل اللّه فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (186) يسئلونك عن السّاعة أيّان مرساها قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السّماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتةً يسئلونك كأنّك حفيٌّ عنها قل إنّما علمها عند اللّه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (187)}
هذا شرط وجواب مضمنه اليأس منهم والمقت لهم لأن المراد أن هذا قد نزل بهم وأنهم مثال لهذا، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر والحسن وأبو جعفر والأعرج وشيبة وأبو عبد الرحمن وقتادة «ونذرهم» بالنون ورفع الراء وكذلك عاصم في رواية أبي بكر، وروى عنه حفص و «يذرهم» بالياء والرفع، وقرأها أهل مكة وهذا على إضمار مبتدأ ونحن نذرهم أو على قطع الفعل واستئناف القول، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو فيما ذكر أبو حاتم بالياء والجزم، وقرأها كذلك طلحة بن مصرف والأعمش «ويذرهم» بالياء وبالجزم عطفا
على موضع الفاء وما بعدها من قوله فلا هادي له لأنه موضع جزم، ومثله قول أبي داود: [الوافر]
فأبلوني بليتكم لعلي ....... أصالحكم واستدرج نويا
ومنه قول الآخر: [الكامل]
أنّى سلكت فإنني لك كاشح ....... وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد
قال أبو علي ومثله في الحمل على الموضع قوله تعالى: {لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصّدّق وأكن من الصّالحين}[المنافقون: 10] لأنك لو لم تلحق الفاء لقلت أصدق، وروى خارجة عن نافع «ونذرهم» بالنون والجزم. و «الطغيان» الإفراط في الشيء وكأنه مستعمل في غير الصلاح، و «العمه» الحيرة). [المحرر الوجيز: 4/ 102-103]


رد مع اقتباس