عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 03:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال أبو سعيد في هذه الآية: {ولا متخذات أخدانٍ}، قال: « وهو الصديق»). [الجامع في علوم القرآن: 1/98]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني عبد الجبّار بن عمر عن ربيعة أنه قال في قول الله: {من لم يستطع منكم طولا أن ينكح}، قال ربيعة: «الطول الهوى؛ قال: ينكح الأمة إذا كان هواه فيها»). [الجامع في علوم القرآن: 2/89]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قوله تعالى وأن تصبروا خير لكم قال عن نكاح الأمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/57]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} إلى قوله تعالى: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم والله غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، عن إبراهيم، أنّه كان يقرأ: {فإذا أحصنّ}، قال: إذا أسلمن، وكان مجاهدٌ يقرأ: {فإذا أحصنّ}، يقول: إذا تزوّجن، (ما لم) تزوّج، فلا حدّ عليها.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة - أو غيره، شكّ داود - عن ابن عبّاسٍ
« أنّه كان لا يرى على الأمة حدًّا حتّى تزوّج زوجًا حرًّا».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا داود بن أبي هندٍ، قال: حدّثني ثمامة بن عبد اللّه بن أنسٍ، قال:
« شهدت أنس بن مالكٍ يضرب إماءه الحدّ إذا زنين، تزوّجن، أو لم يتزوجن ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ:
«ليس على الأمة حدٌّ حتّى تحصّن».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن مسعر، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقول:
« ليس على الأمة حدٌّ حتّى تحصن»؛ لأنّ اللّه يقول: {فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ قال: نا أبو بشر، عن سعيد بن جبيرٍ - في قوله عزّ وجلّ: {ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم}، قال: الطّول: الغنى، إذا لم يجد ما ينكح به الحرّة، تزوّج أمةً.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: أخبرني أبو بشر، عن سعيد بن جبيرٍ قال: ما ازلحفّ ناكح الإماء عن الزّنا إلّا قليلًا، {وأن تصبروا خير لكم} قال:
« عن نكاح الإماء».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قال: لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {من فتياتكم المؤمنات}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ قال: نا العوّام، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ، قال:
« ما تزحّف ناكح الإماء عن الزّنا إلّا قليلًا».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، وجويبر، عن الضّحّاك أنّهما قالا:
« العنت: الزّنا»). [سنن سعيد بن منصور: 4/1223-1231]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {ولا متخذات أخذانٍ} قال:
« الخليلة يتّخذها الرّجل حليلةً»). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 82]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {ومن لم يستطع منكم طولاً} قال:
«ينكح أمة مؤمنة»).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 82-83]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول الله عز وجل: {وأن تصبروا} عن نكاح الإماء {خيرٌ لكم} وهو يحل).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 83]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن مّا ملكت أيمانكم مّن فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم مّن بعضٍ فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لّكم واللّه غفورٌ رّحيمٌ}.
اختلف أهل التّأويل في معنى الطّول الّذي ذكره اللّه تعالى في هذه الآية، فقال بعضهم:
«هو الفضل والمال والسّعة».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} قال: الغنى.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} يقول:
«من لم يكن له سعةٌ».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} يقول:
«من لم يستطع منكم سعةً».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} قال:
«الطّول: الغنى».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا حبّان بن موسى قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا هشيمٌ عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} قال:
«الطّول: السّعة».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ومن لم يستطع منكم طولاً} أمّا قوله طولاً: فسعةٌ من المال.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ومن لم يستطع منكم طولاً} الآية، قال:
«طولاً: لا يجد ما ينكح به حرّةً».
وقال آخرون:
« معنى الطّول في هذا الموضع: الهوى».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الجبّار بن عمر، عن ربيعة أنّه قال في قول اللّه: {ومن لم يستطع منكم طولاً} قال:
«الطّول: الهوى، قال: ينكح الأمة إذا كان هواه فيها».
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: كان ربيعة يليّن فيه بعض التّليين، كان يقول:
« إذا خشي على نفسه إذا أحبّها أي الأمة وإن كان يقدر على نكاح غيرها فإنّي أرى أن ينكحها».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ: أنّه سئل عن الحرّ، يتزوّج الأمة، فقال:
«إن كان ذا طولٍ فلا. قيل: إن وقع حبّ الأمة في نفسه؟ قال: إن خشي العنت فليتزوّجها».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن عبيدة، عن الشّعبيّ، قال:
«لا يتزوّج الحرّ الأمة إلاّ أن لا يجد. وكان إبراهيم يقول: لا بأس به».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: سمعت عطاءً، يقول:
«لا نكره أن ينكح، ذو اليسار الأمة إذا خشي أن يشقى بها».
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: السّعة والغنى من المال، لإجماع الجميع على أنّ اللّه تبارك وتعالى لم يحرّم شيئًا من الأشياء سوى نكاح الإماء لواجد الطّول إلى الحرّة، فأحلّ ما حرّم من ذلك عند غلبته المحرّم عليه له لقضاء لذّةٍ. فإن كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطّول، فمثله في التّحريم نكاح الإماء لواجد الطّول: لا يحلّ له من أجل غلبة هوًى عند فيها، لأنّ ذلك مع وجوده الطّول إلى الحرّة منه قضاء لذّةٍ وشهوةٍ وليس بموضع ضرورةٍ تدفع برخّصه كالميتة للمضطرّ الّذي يخاف هلاك نفسه فيترخّص في أكلها ليحيي بها نفسه، وما أشبه ذلك من المحرّمات اللّواتي رخّص اللّه لعباده في حال الضّرورة والخوف على أنفسهم الهلاك منه ما حرّم عليهم منها في غيرها من الأحوال. ولم يرخّص اللّه تبارك وتعالى لعبدٍ في حرامٍ لقضاء لذّةٍ، وفي إجماع الجميع على أنّ رجلاً لو غلبه هوى امرأةٍ حرّة أوامة أنّها لا تحلّ له إلاّ بنكاحٍ أو شراءٍ على ما أذن اللّه به، ما يوضّح فساد قول من قال: معنى الطّول في هذا الموضع: الهوى، وأجاز لواجد الطّول لحرّةٍ نكاح الإماء.
فتأويل الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا: ومن لم يجد منكم سعةً من مالٍ لنكاح الحرائر فلينكح ممّا ملكت أيمانكم.
وأصل الطّول: الإفضال، يقال منه: طال عليه يطول طولاً في الإفضال، وطال يطول طولاً في الطّول الّذي هو خلاف القصر). [جامع البيان: 6/591-595]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات}.
يعني بذلك: ومن لم يستطع منكم أيّها النّاس طولاً، يعني: من الأحرار أن ينكح المحصنات وهنّ الحرائر المؤمنات اللّواتي قد صدّقن بتوحيد اللّه وبما جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الحقّ.
وبنحو ما قلنا في المحصنات قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أن ينكح المحصنات،} يقول: أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المؤمنين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أن ينكح المحصنات}، المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم قال:
«المحصنات الحرائر، فلينكح الأمة المؤمنة».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا فتياتكم فإماؤكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: أخبرنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {أن ينكح المحصنات المؤمنات، فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} قال:
«أمّا من لم يجد ما ينكح به الحرّة تزوّج الأمة».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أن ينكح، المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} قال:
«من لا يجد ما ينكح به حرّةً فينكح هذه الأمة فيتعفّف بها ويكفيه أهلها مؤنتها، ولم يحلّ اللّه ذلك لأحدٍ إلالاّ لمن لا يجد ما ينكح به حرّةً وينفق عليها، ولم يحلّ له حتّى يخشى العنت».
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن هشامٍ الدّستوائيّ، عن عامرٍ الأحول، عن الحسن: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن تنكح الأمة على الحرّة وتنكح الحرّة على الأمة، ومن وجد طولاً لحرّةٍ فلا ينكح أمةً.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته جماعةٌ من قرّاء الكوفيّين والمكّيّين: (أن ينكح المحصنات) بكسر الصّاد مع سائر ما في القرآن من نظائر ذلك سوى قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} فإنّهم فتحوا الصّاد منها، ووجّهوا تأويله إلى أنّهنّ محصناتٌ بأزواجهنّ، وأنّ أزواجهنّ هم أحصنوهنّ. وأمّا سائر ما في القرآن فإنّهم تأوّلوا في كسرهم الصّاد منه إلى أنّ النّساء هنّ أحصنّ أنفسهنّ بالعفّة.
وقرأت عامّة قرّاء المدينة والعراق ذلك كلّه بالفتح، بمعنى أنّ بعضهنّ أحصنهنّ أزواجهنّ، وبعضهنّ أحصنهنّ حرّيتهنّ أو إسلامهنّ.
وقرأ بعض المتقدّمين كلّ ذلك بالكسر، بمعنى أنّهنّ عففن وأحصنّ أنفسهنّ. وذكرت هذه القراءة أعنّي بكسر الجميع عن علقمة على الاختلاف في الرّواية عنه.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب عندنا من القول في ذلك أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مع اتّفاق ذلك في المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب، إلاّ في الحرف الأوّل من سورة النّساء، وهو قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} فإنّي لا أستجيز الكسر في صاده لاتّفاق قراءة الأمصار على فتحها. ولو كانت القراءة بكسرها مستفيضةً استفاضتها بفتحها كان صوابًا القراءة بها كذلك لما ذكرنا من تصرّف الإحصان في المعاني الّتي بيّنّاها، فيكون معنى ذلك لو كسر: والعفائف من النّساء حرامٌ عليكم، إلاّ ما ملكت أيمانكم، بمعنى أنّهنّ أحصنّ أنفسهنّ بالعفّة.
وأمّا الفتيات فإنّهنّ جمع فتاةٍ، وهنّ الشّوابّ من النّساء، ثمّ يقال لكلّ مملوكةٍ ذات سنٍّ أو شابّةٍ فتاة، والعبد فتًى ثمّ اختلف أهل العلم في نكاح الفتيات غير المؤمنات، وهل عنى اللّه بقوله: {من فتياتكم المؤمنات} تحريم ما عدا المؤمنات منهنّ، أم ذلك من اللّه تأديبٌ للمؤمنين؟ فقال بعضهم: ذلك من اللّه تعالى ذكره دلالةٌ على تحريم نكاح إماء المشركين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من فتياتكم المؤمنات} قال:
«لا ينبغي أن يتزوّج مملوكةً نصرانيّةً».
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من فتياتكم المؤمنات} قال:
«لا ينبغي للحرّ المسلم أن ينكح المملوكة من أهل الكتاب».
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: سمعت أبا عمرٍو، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنسٍ وأبا بكر, ومالك بن عبد اللّه بن أبي مريم، يقولون: لا يحلّ لحرٍّ مسلمٍ ولا لعبدٍ مسلمٍ الأمة النّصرانيّة، لأنّ اللّه يقول: {من فتياتكم المؤمنات} يعني بالنّكاح.
وقال آخرون:
«ذلك من اللّه على الإرشاد والنّدب، لا على التّحريم». وممّن قال ذلك جماعةٌ من أهل العراق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مغيرة، قال:
«قال أبو ميسرة أمّا أهل الكتاب بمنزلة الحرائر».
ومنهم أبو حنيفة وأصحابه. واعتلّوا لقولهم بقول اللّه: {أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهنّ أجورهنّ} قالوا: فقد أحلّ اللّه محصنات أهل الكتاب عامًا، فليس لأحدٍ أن يخصّ منهنّ أمةً ولا حرّةً. قالوا: ومعنى قوله: {فتياتكم المؤمنات} غير المشركات من عبدة الأوثان.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: هو دلالةٌ على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب فإنّهنّ لا يحللن إلاّ بملك اليمين؛ وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه أحلّ نكاح الإماء بشروطٍ، فما لم تجتمع الشّروط الّتي سمّاهن فيهنّ، فغير جائزٍ لمسلمٍ نكاحهنّ.
فإن قال قائلٌ: فإنّ الآية الّتي في المائدة تدلّ على إباحتهنّ بالنّكاح؟
قيل: إنّ الّتي في المائدة قد أبان أنّ حكمها في خاصٍّ من محصناتهم، وأنّها معنيّ بها حرائرهم دون إمائهم، قوله: {من فتياتكم المؤمنات} وليست إحدى الآيتين دافعا حكمها حكم الأخرى، بل إحداهما مبيّنةٌ حكم الأخرى، وإنّما تكون إحداهما دافعةٌ حكم الأخرى لو لم يكن جائزًا اجتماع حكميهما على صحّة، فأمّا وهما جائزٌ اجتماع حكميهما على الصّحّة، فغير جائزٍ أن يحكم لإحداهما بأنّها دافعةٌ حكم الأخرى إلاّ بحجّة التّسليم لها من خبرٍ أو قياسٍ، ولا خبر بذلك ولا قياس، والآية محتملةٌ ما قلنا: والمحصنات من حرائر الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم دون إمائهم). [جامع البيان: 6/595-601]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ}وهذا من المؤخّر الّذي معناه التّقديم
وتأويل ذلك: ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات، فممّا ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، فلينكح بعضكم من بعضٍ، بمعنى: فلينكح هذا فتاة هذا. فالبعض مرفوعٌ بتأويل الكلام، ومعناه إذ كان قوله: {فمن ما ملكت أيمانكم} في تأويل: فلينكح ممّا ملكت أيمانكم، ثمّ ردّ بعضكم على ذلك المعنى فرفع.
ثمّ قال جلّ ثناؤه: {واللّه أعلم بإيمانكم} أي: واللّه أعلم بإيمان من آمن منكم باللّه ورسوله وما جاء به من عند اللّه، فصدّق بذلك كلّه منكم.
يقول: فلينكح من لم يستطع منكم طولاً لحرّةٍ من فتياتكم المؤمنات، لينكح هذا المقتّر الّذي لا يجد طولاً لحرّةٍ من هذا الموسر فتاته المؤمنة الّتي قد أبدت الإيمان فأظهرته وكلوا سرائرهنّ إلى اللّه، فإنّ علم ذلك إلى اللّه دونكم، واللّه أعلم بسرائركم وسرائرهنّ). [جامع البيان: 6/601-602]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فانكحوهنّ} فتزوّجوهنّ، وبقوله: {بإذن أهلهنّ} بإذن أربابهنّ وأمرهم إيّاكم بنكاحهنّ ورضاهم ويعني بقوله: {وآتوهنّ أجورهنّ} وأعطوهنّ مهورهنّ: كما:.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {وآتوهنّ أجورهنّ} قال:
« الصّداق».
ويعني بقوله {بالمعروف} على ما تراضيتم به ممّا أحلّ اللّه لكم وأباحه لكم أن تجعلوه مهورًا لهنّ). [جامع البيان: 6/602]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ}
يعني بقوله: {محصناتٍ} عفيفاتٍ {غير مسافحاتٍ} غير مزانياتٍ {ولا متّخذات أخدانٍ} يقول: ولا متّخذات أصدقاءٍ على السّفّاح.
وقد ذكر أنّ ذلك قيل كذلك، لأنّ الزّواني كنّ في الجاهليّة في العرب المعلنات بالزّنا، والمتّخذات الأخدان: اللّواتي قد حبسن أنفسهنّ على الخليل والصّديق للفجور بها سرًّا دون الإعلان بذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ} يعني: تنكحوهنّ عفائف غير زوان في سرٍّ ولا علانيةٍ. {ولا متّخذات أخدانٍ} يعني أخلاء.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {غير مسافحاتٍ} المسافحات: المعالنات بالزّنا. {ولا متّخذات أخدانٍ} ذات الخليل الواحد. قال: كان أهل الجاهليّة يحرّمون ما ظهر من الزّنا، ويستحلّون ما خفي، يقولون: أمّا ما ظهر منه فهو لؤمٌ، وأمّا ما خفي فلا بأس بذلك. فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا معتمرٌ، قال: سمعت داود، يحدّث عن عامرٍ، قال: الزّنا زنيان: تزني بالخدن ولا تزني بغيره، وتكون المرأة شؤمًا. ثمّ قرأ: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ}.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:
«أمّا المحصنات: فالعفائف، فلتنكح الأمة بإذن أهلها محصنةً، والمحصنات: العفائف، غير مسافحةٍ، والمسافحة: المعالنة بالزّنا، ولا متّخذةً صديقًا».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قوله: {ولا متّخذات أخدانٍ} قال:
« الخليلة يتّخذها الرّجل، والمرأة تتّخذ الخليل».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ} المسافحة: البغيّ الّتي تؤاجر نفسها من عرضٍ لها، وذات الخدن: ذات الخليل الواحد. فنهاهم اللّه عن نكاحهما جميعًا.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ، يقول في قوله: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ} أمّا المحصنات، فهنّ الحرائر، يقول: تزوّج حرّةً. وأمّا المسافحات: فهنّ المعلنات بغير مهرٍ. وأمّا متّخذات أخدانٍ: فذات الخليل الواحد المستسرّة به. نهى اللّه عن ذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبيّ، قال: الزّنا وجهان قبيحان، أحدهما أخبث من الآخر: فأمّا الّذي هو أخبثهما فالمسافحة الّتي تفجر بمن أتاها، وأمّا الآخر فذات الخدن.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ} قال: المسافح: الّذي يلقى المرأة فيفجر بها، ثمّ يذهب وتذهب. والمخادن: الّذي يقيم معها على معصية اللّه وتقيم معه، فذاك الأخدان). [جامع البيان: 6/602-605]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإذا أحصنّ} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: (فإذا أحصنّ)، بفتح الألف، بمعنى: إذا أسلمن فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالإسلام.
وقرأه آخرون: {فإذا أحصنّ} بمعنى: فإذا تزوّجن فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالأزواج.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في أمصار الإسلام، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ في قراءته الصّواب.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ ما قلنا في ذلك غير جائزٍ إذ كانتا مختلفتي المعنى، وإنّما تجوز القراءة بالوجهين فيما اتّفقت عليه المعاني فقد أغفل؛ وذلك أنّ معنيي ذلك وإن اختلفا فغير دافعٍ أحدهما صاحبه، لأنّ اللّه قد أوجب على الأمة ذات الإسلام وغير ذات الإسلام على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم الحدّ.
فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها كتاب اللّه ولا يثرّب عليها، ثمّ إذا عادت فليضربها كتاب اللّه ولا يثرّب عليها، ثمّ إن عادت فليضربها كتاب اللّه ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الرّابعة فليضربها كتاب اللّه وليبعها ولو بحبلٍ من شعرٍ.
وقال صلّى اللّه عليه وسلّم:
« أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم».
فلم يخصّص بذلك ذات زوجٍ منهنّ ولا غير ذات زوجٍ، فالحدود واجبةٌ على موالي الإماء إقامتها عليهنّ إذا فجرن بكتاب اللّه وأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ فيما: حدّثكم به ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا مالك بن أنسٍ، عن الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، وزيد بن خالدٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الأمة تزني ولم تحصن قال: اجلدها، فإن زنت فاجلدها فإن زنت فاجلدها، فإن زنت فقال في الثّالثة أو الرّابعة فبعها ولو بضفيرٍ والضّفير: الشّعر.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عيينة، عن الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن أبي هريرة وزيد بن خالدٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل، فذكر نحوه
فقد بيّن أنّ الحدّ الّذي وجب إقامته بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الإماء هو ما كان قبل إحصانهنّ؛ فأمّا ما وجب من ذلك عليهنّ بالكتاب، فبعد إحصانهنّ؟
قيل له: قد بيّنّا أنّ أحد معاني الإحصان: الإسلام، وأنّ الآخر منه التّزويج وأنّ الإحصان كلمةٌ تشتمل على معانٍ شتّى، وليس في رواية من روى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه سئل عن الأمة تزني قبل أن تحصن بيان أنّ الّتي سئل عنها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هي الّتي تزني قبل التّزويج، فيكون ذلك حجّةٌ لمحتجٍّ في أنّ الإحصان الّذي سنّ صلّى اللّه عليه وسلّم حدّ الإماء في الزّنا هو الإسلام دون التّزويج، ولا أنّه هو التّزويج دون الإسلام.
وإذ كان لا بيان في ذلك، فالصّواب من القول، أنّ كلّ مملوكةٍ زنت فواجبٌ على مولاها إقامة الحدّ عليها، متزوّجةً كانت أو غير متزوّجةٍ، بظاهر كتاب اللّه والثّابت من سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إلاّ من أخرجه من وجوب الحدّ عليه منهنّ بما يجب التّسليم له. وإذ كان ذلك كذلك تبيّن به صحّة ما اخترنا من القراءة في قوله: {فإذا أحصنّ}.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ في قول اللّه تعالى ذكره: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} دلالةٌ على أنّ قوله: {فإذا أحصنّ} معناه: تزوّجن، إذ كان ذكر ذلك بعد وصفهنّ بالإيمان بقوله: {من فتياتكم المؤمنات} وحسب أنّ ذلك لا يحتمل معنًى غير معنى التّزويج، مع ما تقدّم ذلك من وصفهنّ بالإيمان، فقد ظنّ خطأً؛ وذلك أنّه غير مستحيلٍ في الكلام أن يكون معنى ذلك: ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، فإذا هنّ آمنّ فإن أتين بفاحشةٍ، فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، فيكون الخبر مبتدأ عمّا يجب عليهنّ من الحدّ إذا أتين بفاحشةٍ بعد إيمانهنّ بعد البيان عمّا لا يجوز لناكحهنّ من المؤمنين من نكاحهنّ وعمّن يجوز نكاحه له منهنّ.
فإذ كان ذلك غير مستحيلٍ في الكلام فغير جائزٍ لأحدٍ صرف معناه إلى أنّه التّزويج دون الإسلام، من أجل ما تقدّم من وصف اللّه إيّاهنّ بالإيمان غير أنّ الّذي نختار لمن قرأ: محصناتٍ غير مسافحاتٍ، بفتح الصّاد في هذا الموضع أن يقرأ {فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ} بضمّ الألف، ولمن قرأ: محصناتٍ، بكسر الصّاد فيه، أن يقرأ: فإذا أحصنّ بفتح الألف، لتأتلف قراءة القارئ على معنًى واحدٍ وسياقٍ واحدٍ، لقرب قوله: {محصناتٍ} من قوله: {فإذا أحصنّ} ولو خالف من ذلك لم يكن لحنًا، غير أنّ وجه القراءة ما وصفت.
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك نظير اختلاف القرّاء في قراءته، فقال بعضهم: معنى قوله {فإذا أحصنّ} فإذا أسلمن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، عن سعيدٍ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، أنّ ابن مسعودٍ، قال: إسلامها إحصانها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني جرير بن حازمٍ، أنّ سليمان بن مهران، حدّثه عن إبراهيم بن يزيد، عن همّام بن الحارث:عن عمرو بن شرحبيل أن معقل أنّ النّعمان بن عبد اللّه بن مقرّنٍ سأل عبد اللّه بن مسعودٍ، فقال:
« أمتي زنت؟ فقال: اجلدها خمسين جلدةً. قال: إنّها لم تحصن. فقال ابن مسعودٍ: إحصانها إسلامها ».
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم: أنّ معقل بن مقرّنٍ سأل ابن مسعودٍ عن: أمةٍ زنت وليس لها زوجٌ، فقال: إسلامها إحصانها.
- حدثني ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدّثنا شعبة عن حماد عن إبراهيم أن معقلا قال قولت لابن مسعود أمتي زنت قال اجلدها قلت فإنها لم تحصن قال إحصانها إسلامها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كان عبد اللّه يقول:
«إحصانها إسلامها».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبيّ، أنّه تلا هذه الآية: {فإذا أحصنّ} قال:
«يقول: إذا أسلمن».
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أشعث، عن الشّعبيّ، قال: قال عبد اللّه:
«الأمة إحصانها: إسلامها ».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال مغيرة: أخبرنا عن إبراهيم، أنّه كان يقول: {فإذا أحصنّ} يقول:
« إذا أسلمن».
- حدّثنا أبو هشامٍ قال: حدّثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أشعث، عن الشّعبيّ قال:
«الإحصان: الإسلام».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن برد بن سنانٍ، عن الزّهريّ، قال:
«جلد عمر رضي اللّه عنه ولائد أبكارًا من ولائد الأمارة في الزّنى».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإذا أحصنّ} يقول:
«إذا أسلمن».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن سالمٍ، والقاسم، قالا:
« إحصانها: إسلامها وعفافها»، في قوله: {فإذا أحصنّ}.
وقال آخرون: معنى قوله: {فإذا أحصنّ} فإذا تزوّجن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا أحصنّ} يعني: إذا تزوّجن حرًّا.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ: {فإذا أحصنّ} يقول: إذا تزوّجن.
- حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن عكرمة أنّ ابن عبّاسٍ كان يقرأ: {فإذا أحصنّ} يقول: تزوّجن.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت: ليثًا، عن مجاهدٍ، قال:
«إحصان الأمة أن ينكحها، الحرّ، وإحصان العبد أن ينكح الحرّة ».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ، يقول:
« لا تضرب الأمة إذا زنت ما لم تتزوّج ».
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: {فإذا أحصنّ} قال:
«أحصنتهنّ البعولة».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإذا أحصنّ} قال:
«أحصنتهنّ البعولة».
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عياض بن عبد اللّه، عن أبي الزّناد، أنّ الشّعبيّ، أخبره، أنّ ابن عبّاسٍ أخبره:
«أنّه، أصاب جاريةً له قد كانت زنت، وقال: أحصنتها».
قال أبو جعفرٍ: وهذا التّأويل على قراءة من قرأ: {فإذا أحصنّ} بضمّ الألف، وعلى تأويل من قرأ: فإذا أحصنّ، بفتحها. وقد بيّنّا الصّواب من القول والقراءة في ذلك عندنا). [جامع البيان: 6/605-612]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فإن أتين بفاحشةٍ} فإن أتت فتياتكم، وهنّ إماؤكم، بعد ما أحصنّ بإسلام، أو أحصنّ بنكاحٍ بفاحشةٍ، وهي الزّنا {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} يقول: فعليهنّ نصف ما على الحرائر من الحدّ إذا هنّ زنين قبل الإحصان بالأزواج.
والعذاب الّذي ذكره اللّه تبارك وتعالى في هذا الموضع هو الحدّ. وذلك النّصف الّذي جعله اللّه عذابًا لمن أتى بالفاحشة من الإماء إذا هنّ أحصنّ خمسون جلدةً، ونفي ستّة أشهرٍ، وذلك نصف عامٍ، لأنّ الواجب على الحرّة إذا هي أتت بفاحشةٍ قبل الإحصان بالزّوج: جلد مائةٍ ونفي حولٍ، فالنّصف من ذلك خمسون جلدةً، ونفي نصف سنةٍ، وذلك الّذي جعله اللّه عذابًا للإماء المحصنات إذا هنّ أتين بفاحشةٍ. كما:.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} خمسون جلدةً، ولا نفي ولا رجم.
فإن قال قائلٌ: وكيف {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} وهل يكون الجلد على أحدٍ؟
قيل: إنّ معنى ذلك فلازم أبدانهنّ أن تجلد نصف ما يلزم أبدان المحصنات، كما يقال: عليّ صلاة يومٍ، بمعنى: لازمٌ عليّ أن أصلّي صلاة يومٍ، وعليّ الحجّ والصّيام مثل ذلك، وكذلك عليه الحدّ بمعنى لازمٌ له إمكان نفسه من الحدّ ليقام عليه). [جامع البيان: 6/612-613]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك لمن خشي العنت منكم}يعني تعالى ذكره بقوله ذلك: هذا الّذي أبحت أيّها النّاس من نكاح فتياتكم المؤمنات لمن لا يستطيع منكم طولاً لنكاح المحصنات المؤمنات، أبحته لمن خشي العنت منكم دون غيره ممّن لا يخشى العنت.
واختلف أهل التّأويل في هذا الموضع، فقال بعضهم:
«هو الزّنا».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهدٍ، قوله: {لمن خشي العنت منكم} قال:
« الزّنا».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن العوّام، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال:
«ما ازلحفّ ناكح الأمة عن الزّنا إلا قليلا ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال:
«العنت: الزّنا ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبيد بن يحيى، قال: حدّثنا شريكٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:
«العنت»:.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال:
«ما ازلحفّ ناكح الأمة عن الزّنا، إلاّ قليلاً، ذلك لمن خشي العنت منكم».
- حدّثنا أبو سلمة قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، نحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، في قوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم} قال:
« الزّنا».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا ابن أبي حمّادٍ قال: حدّثنا فضيلٌ، عن عطيّة العوفيّ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {لمن خشي العنت منكم} قال:
«الزّنا».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبيدة، عن الشّعبيّ وجويبرٍ، عن الضّحّاك، قالا:
« العنت: الزّنا ».
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة: {ذلك لمن خشي العنت منكم} قال:
«العنت: الزّنا ».
وقال آخرون:
«معنى ذلك: العقوبة الّتي تعنته، وهي الحدّ».
والصّواب من القول في قوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم} ذلك لمن خاف منكم ضررًا في دينه وبدنه.
وذلك أنّ العنت هو ما ضرّ الرّجل، يقال منه: قد عنت فلانٌ فهو يعنت عنتًا: إذا أتى ما يضرّه في دينٍ أو دنيا، ومنه قول اللّه تبارك وتعالى: {ودّوا ما عنتّم} ويقال: قد أعنتني فلانٌ فهو يعنتني: إذا نالني بمضرّةٍ؛ وقد قيل: العنت: الهلاك. فالّذين وجّهوا تأويل ذلك إلى الزّنا قالوا: الزّنا ضررٌ في الدّين، وهو من العنت.
والّذين وجّهوه إلى الإثم، قالوا: الآثام كلّها ضررٌ في الدّين وهي من العنت. والّذين وجّهوه إلى العقوبة الّتي تعنته في بدنه من الحدّ، فإنّهم قالوا: الحدّ مضرّةٌ على بدن المحدود في دنياه، وهو من العنت.
وقد عمّ اللّه بقوله: {لمن خشي العنت منكم} جميع معاني العنت، ويجمع جميع ذلك الزّنا لأنّه يوجب العقوبة على صاحبه في الدّنيا بما يعنت بدنه، ويكتسب به إثمًا ومضرّةً في دينه ودنياه. وقد اتّفق أهل التّأويل الّذي هم أهله، على أنّ ذلك معناه. فهو وإن كان في عينه لذّةٌ وقضاء شهوةٍ فإنّه بأدائه إلى العنت منسوبٍ إليه موصوفٌ به إذ كان للعنت سببًا). [جامع البيان: 6/614-616]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن تصبروا خيرٌ لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ} يعني جلّ ثناؤه بذلك: وأن تصبروا أيّها النّاس عن نكاح الإماء خيرٌ لكم، واللّه غفورٌ لكم نكاح الإماء أن تنكحوهنّ على ما أحلّ لكم وأذن لكم به، وما سلف منكم في ذلك إن أصلحتم أمور أنفسكم فيما بينكم وبين اللّه، رحيمٌ بكم، إذ أذن لكم في نكاحهنّ عند الافتقار وعدم الطّول للحرّة.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
« عن نكاح الأمة».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهدٍ: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
«عن نكاح الإماء».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} يقول: وأن تصبر ولا تنكح الأمة فيكون ولدك مملوكين فهو خيرٌ لك.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} يقول: وأن تصبروا عن نكاح الإماء خيرٌ لكم، وهو حلٌّ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} يقول: وأن تصبروا عن نكاحهنّ، يعني: نكاح الإماء خيرٌ لكم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، في قوله: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
«أن تصبروا عن نكاح الإماء خيرٌ لكم».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّانٌ، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرنا ابن طاووسٍ، عن أبيه: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
«أن تصبروا عن نكاح الأمة خيرٌ لكم».
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
« وأن تصبروا عن نكاح الأمة خيرٌ فهو خير لكم ».
وأن في قوله: {وأن تصبروا} في موضع رفعٍ بخيرٍ، بمعنى: والصّبر عن نكاح الإماء خيرٌ لكم). [جامع البيان: 6/616-618]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (25)}.
قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن لم يستطع منكم طولا } يقول:
« » من لم يكن له سعةٌ».
- وروي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ، وأبي مالكٍ والسّدّيّ وعطاءٍ الخراسانيّ قالوا: الطّول: الغنى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، ثنا ابن وهبٍ، أخبرني عبد الجبّار، عن ربيعة، أنّه قال في قول اللّه تعالى:{ ومن لم يستطع منكم طولا } قال ربيعة:
«الطّول: الهوى، قال: ينكح الأمة إذا كان هواه فيها».
قوله تعالى: {أن ينكح المحصنات المؤمنات}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله:{أن ينكح المحصنات المؤمنات} يقول: أن ينكح الحرائر- وروي عن عطيّة ومجاهدٍ ومقاتل بن حيّان وقتادة نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله:{ أن ينكح المحصنات المؤمنات} قال:
«أمّا المحصنات فالعفائف».
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا محمّد بن سلمة، عن خصيفٍ قال: كتب عبد الحميد بن عبد الرّحمن إلى الشّعبيّ، يسأله عن تزويج الأمة، فقال:
« إذا وجد الرّجل طول الحرّة، فتزويج الأمة عليه بمنزلة الميتة والدّم ولحم الخنزير».
قوله تعالى: {فمن ما ملكت أيمانكم}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله:
«فمن ما ملكت أيمانكم فكانوا في حلال ما ملكت أيمانهم من الإماء كلّهنّ، ثمّ أنزل اللّه سبحانه بعد هذا تحريم نكاح المرأة وأمّها، ونكاح ما نكح الآباء والأبناء، وأن يجمع بين الأختين، والأخت من الرّضاعة، والأمّ من الرّضاعة، والمرأة لها زوج حرم الله ذلك حرمن حرّةٍ أو أمةٍ».
قوله تعالى: {من فتياتكم المؤمنات}.
- وبه عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من فتياتكم المؤمنات } فلينكح من إماء المؤمنين- وروي عن السّدّيّ ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {من فتياتكم المؤمنات} قال:
« لا ينبغي للحرّ المسلم أن يتزوّج المملوكة من أهل الكتاب»- وروي عن الحسن ومكحولٍ وقتادة نحو ذلك
قوله تعالى: {واللّه أعلم بإيمانكم}.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، ثمّ قال في التّقديم: واللّه أعلم بإيمانكم.
قوله تعالى: {بعضكم من بعضٍ}.
- وبه عن مقاتل بن حيّان قوله: بعضكم من بعضٍ يقول: بعضكم من بعضٍ.
قوله تعالى: {فانكحوهنّ}.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ } قال:
« فلتنكح الأمة بإذن أهلها»- وروي عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {بإذن أهلهنّ}.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله:{ بإذن أهلهنّ } قال:
«يعني: بإذن أربابهنّ ».
قوله تعالى: {وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف}.
- وبه عن مقاتل بن حيّان قوله: {وآتوهنّ أجورهنّ} يعني: مهورهنّ بالمعروف.
قوله تعالى: {محصناتٍ}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ }يعني:
«تنكحوهنّ حرائر عفائف».
قوله تعالى: {غير مسافحاتٍ}.
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله:
«غير مسافحاتٍ غير زوانٍ في السّرّ والعلانية»- وروي عن مقاتل بن حيّان، ومجاهدٍ نحوه.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {غير مسافحات} والمسافحة: المعالنة بالزّنا- وروي عن الضّحّاك نحو ذلك.
قوله تعالى: {ولا متّخذات أخدانٍ}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا متّخذات أخدانٍ} يعني: أخلاء
- وروي عن أبي هريرة ومجاهدٍ والشّعبيّ- والضّحّاك وعطاءٍ الخراسانيٍّ ويحيى بن أبي كثيرٍ ومقاتل بن حيّان والسّدّيّ قالوا: أخلاء، وقال الحسن: الصّديق.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الدّرداء عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، ثنا عبيد بن سليمان، سمعت الضّحّاك قوله: {ولا متخذات أخدان} فذات الخليل الواحد المستسرة به، نهى اللّه عن ذلك.
قوله تعالى:{ فإذا أحصن}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه الدّشتكيّ، ثنا أبي، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن رجلٍ، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«فإذا أحصنّ قال: إحصانها: إسلامها » قال: وقال عليٌّ: «اجلدوهنّ»
- قال أبو محمّدٍ: هو حديثٌ منكرٌ،
وروي عن ابن مسعودٍ، وابن عمر، والأسود بن يزيد، وسعيد بن جبيرٍ، والشّعبيّ، وعطاءٍ- وإبراهيم النّخعيّ في أحد قوليه، وزرّ بن حبيشٍ أنّهم قالوا:
«إحصانها: إسلامها».
وقال سالمٌ، والقاسم: إسلامها وعفافها.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا عبيد اللّه بن إسماعيل البغداديّ، ثنا خلفٌ يعني: ابن هشامٍ، ثنا الخفّاف، عن هارون، عن أبان بن تغلب، عن الحكم، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: فإذا أحصنّ يعني: بالأزواج- وروي عن الحسن، ومجاهدٍ وعكرمة الخراسانيّ، وقتادة نحو ذلك.
وروي عن الشّعبيّ والنّخعيّ، ومجاهدٍ قالوا: لا يحصن الحرّ إلا بالمسلمة الحرّة، ولا يحصن بالمملوكة، ولا باليهوديّة، ولا بالنّصرانيّة.
قوله تعالى: {فإن أتين}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله:{ فإن أتين بفاحشةٍ } يقول: فإن جئن بالزنا.
قوله تعالى: {بفاحشةٍ}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فإن أتين بفاحشةٍ } يعني: إذا تزوّجت حرّاً ثمّ زنت- وروي عن الشّعبيّ، وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ والحسن وقتادة نحو ذلك
قوله تعالى: {فعليهنّ}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فعليهنّ قال: فعلى الولاية- وروي عن السّدّيّ نحو ذلك.
قوله تعالى: {نصف ما على المحصنات}.
- حدّثنا أبو زرعة، بإسناده عن سعيد بن جبيرٍ قوله: نصف ما على المحصنات قال: فعلى الولاية نصف ما على الحرّة من الجلد وهي خمسون جلدةً- وروي عن السّدّيّ ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {من العذاب}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب } قال:
«من الجلد » - وروي عن سعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: {ذلك لمن خشي العنت منكم}.
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم} قال:
« العنت»: الزّنا وهو الفجور، فليس لأحدٍ من الأحرار أن ينكح أمةً إلا ألا يقدر على حرّةٍ وهو يخشى العنت- وروي عن مجاهدٍ والحسن وسعيد بن جبيرٍ وعطيّة والسّدّيّ والضّحّاك، وقتادة وعمرو بن دينارٍ ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {وأن تصبروا}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وأن تصبروا خيرٌ لكم} قال:
«وأن تصبروا عن نكاح الأمة فهو خيرٌ لكم» - وروي عن مجاهدٍ وطاوس والحسن، وسعيد ابن جبيرٍ والسّدّيّ وجابر بن زيدٍ وعطيّة وقتادة ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {خيرٌ لكم}.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {
وأن تصبروا خيرٌ لكم}قال: « إن تصبروا » ، فلا ينكح أمةً، فيكون ولده مملوكين فهو خيرٌ لكم.
قوله تعالى: {واللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق واللّه غفورٌ رحيمٌ أي: غفر الذّنب.
قوله تعالى: {رحيمٌ}.
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق قوله: رحيمٌ قال: يرحم العباد على ما فيهم). [تفسير القرآن العظيم: 3/920-925]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا متخذات أخدان قال يعني الأخلاء). [تفسير مجاهد: 152]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات يقول من لم يجد غنى أن ينكح المحصنات يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة وإن تصبروا عن نكاح الإماء خير لكم وهو حلال).[تفسير مجاهد: 152]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس {ومن لم يستطع منكم طولا} يقول: من لم يكن له سعة أن ينكح المحصنات يقول: الحرائر {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} فلينكح من إماء المؤمنين {محصنات غير مسافحات} يعني عفائف غير زوان في سر ولا علانية {ولا متخذات أخدان} يعني أخلاء {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة} يعني إذا تزوجت حرا ثم زنت {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال: من الجلد {ذلك لمن خشي العنت} هو الزنا فليس لأحد من الأحرار أن ينكح أمة إلا أن لا يقدر على حرة وهو يخشى العنت {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {فهو خير لكم}.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة ومن وجد طولا لحرة فلا ينكح أمة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {ومن لم يستطع منكم طولا} يعني من لم يجد منكم غنى {أن ينكح المحصنات} يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء {خير لكم} وهو حلال.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن الحر يتزوج الأمة فقال إذا كان ذا طول فلا، قيل إن وقع حب الأمة في نفسه قال: إن خشي العنت فليتزوجها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال:
«إنما أحل الله نكاح الإماء إن لم يستطع طولا وخشي العنت على نفسه».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد قال:
«مما وسع الله به على هذه الأمة نكاح اليهودية والنصرانية وإن كان موسرا ».
وأخرج ابن جرير عن السدي {من فتياتكم} قال:
« من إمائكم».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب إن الله يقول {من فتياتكم المؤمنات}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن الحسن قال:
« إنما رخص في الأمة المسلمة لمن لم يجد طولا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال:
«إنما رخص لهذه الأمة في نكاح نساء أهل الكتاب ولم يرخص لهم في الإماء».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال:
«لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة قال:
«إنما أحل الله واحدة لمن خشي العنت على نفسه ولا يجد طولا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ثم قال في التقديم: {والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض}.
وأخرج ابن المنذر عن السدي {فانكحوهن بإذن أهلهن} قال:
« بإذن مواليهن » {وآتوهن أجورهن} قال:« مهورهن ».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال:
« المسافحات: المعلنات بالزنا والمتخذات أخدان ذات الخليل الواحد قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي يقولون: أما ما ظهر منه فهو لؤم وأما ما خفي فلا بأس بذلك»، فأنزل الله {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإذا أحصن} قال:
«إحصانها إسلامها »، وقال علي:« اجلدوهن » ، قال ابن أبي حاتم حديث منكر.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن أمة زنت وليس لها زوج فقال:
« اجلدوها خمسين جلدة قال: إنها لم تحصن، قال: إسلامها إحصانها ».
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر قال: في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت {نصف ما على المحصنات من العذاب}.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قرأ {فإذا أحصن} بفتح الألف وقال:
«إحصانها إسلامها ».
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم {فإذا أحصن} قال:
« إذا أسلمن ».
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} قال: إذا أسلمن وكان مجاهد يقرأ {فإذا أحصن} يقول: إذا تزوجن ما لم تزوج فلا حد عليها.
وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس أنه قرأها {فإذا أحصن} يعني برفع الألف يقول: أحصن بالأزواج، يقول: لا تجلد أمة حتى تزوج.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن ابن عباس قال: إنما قال الله {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن} فليس يكون عليها حد حتى تحصن.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن خزيمة والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ليس على الأمة حد حتى تحصن بزوج فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات»، قال ابن خزيمة والبيهقي: رفعه خطأ، والصواب وقفه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ {فإذا أحصن} يقول:
«فإذا تزوجن».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان لا يرى على الأمة حدا حتى تزوج زوجا حرا.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال:
« اجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير».
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن أنس بن مالك
« أنه كان يضرب إماءه الحد إذا زنين تزوجن أو لم يتزوجن ».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: في بعض القراءة فإن أتوا أو أتين بفاحشة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} قال:
«خمسون جلدة ولا نفي ولا رجم ».
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن ابن عباس قال:
« حد العبد يفتري على الحر أربعون ».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال:
« العنت الزنا ».
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن العنت قال:
« الإثم » ، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
رأيتك تبتغي عنتي وتسعى ..... على الساعي علي بغير دخل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {وأن تصبروا خير لكم} قال: «عن نكاح الإماء».
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {وأن تصبروا خير لكم} قال:
«عن نكاح الإماء».
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {وإن تصبروا} عن نكاح الأمة خير وهو حل لكم إسترقاق أولادهن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال:
« إن تصبر ولا تنكح الأمة فيكون أولادك مملوكين فهو خير لك».
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال:
« ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا إلا قليلا».
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير، مثله.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال: إذا نكح العبد الحرة فقد أعتق نصفه وإذا نكح الحر الأمة فقد أرق نصفه، وأخرد ابن أبي شيبة عن مجاهد قال نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل إلا للمضطر). [الدر المنثور: 4/337-345]


رد مع اقتباس