عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 06:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 59]

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هاجروا في اللّه} إلى المدينة.
{من بعد ما ظلموا} من بعد ما ظلمهم المشركون وأخرجوهم من ديارهم من مكّة في تفسير الحسن قال: وهو قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}.
وقال السّدّيّ: {من بعد ما ظلموا} ، يعني: من بعد ما عذّبوا على الإيمان.
قال: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} المدينة منزلا في تفسير قتادة.
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {لنبوّئنّهم} لنرزقهم {في الدّنيا حسنةً}.
وتفسير الحسن: لنعطينّهم في الدّنيا النّصر.
{ولأجر الآخرة} الجنّة.
{أكبر} من الدّنيا.
{لو كانوا يعلمون} لعلموا أنّ الجنّة خيرٌ من الدّنيا، أي: إنّ اللّه يعطي المؤمنين في الآخرة أفضل ممّا يعطي في الدّنيا.
سعيدٌ عن قتادة قال: هؤلاء أصحاب نبيّ اللّه، ظلمهم أهل مكّة فأخرجوهم من ديارهم، حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثمّ بوّأهم اللّه المدينة بعد ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/65]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا...}
ذكر أنها نزلت في عمّار وصهيب وبلال ونظرائهم الذين عذّبوا بمكّة {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً}: نزول المدينة، ولنحلّلنّ لهم الغنيمة. و{الذين} موضعها رفع). [معاني القرآن: 2/100]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}
هؤلاء قوم كان المشركون يعذبونهم على اعتقادهم الإيمان منهم صهيب وبلال، وذلك أن صهيبا قال لأهل مكة: أنا رجل كبير، إن كنت معكم لم أنفعكم، وإن كنت عليكم لم أضركم، خذوا مالي ودعوني فأعطاهم ماله وهاجر إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو بكر الصديق: ربح البيع يا صهيب، وقال عمر: نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، تأويله لو أنه أمن عذابه وعقابه لما ترك الطاعة ولا جنح إلى المعصية لأمنه العذاب.
ومعنى {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنة}.
أي: لأنهم صاروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخلوا في الإسلام وسمعوا ثناء اللّه عليهم). [معاني القرآن: 3/200-199]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا}
يقال إنه يراد به بلال وصهيب والذي يوجب جملة الكلام أن يكون عاما ويروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا دفع إلى المهاجرين أعطياتهم قال لهم هذا ما وعدكم الله في الدنيا وما ذخر لكم في الآخرة أكثر ثم يتلو والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر وروى هشيم عن داود ابن أبي هند عن الشعبي في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال المدينة وكذا قال الحسن وقال الضحاك يعني بالحسنة النصر والفتح ولأجر الآخرة أكبر الجنة وروى ابن جريج عن مجاهد لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال لسان صدق). [معاني القرآن: 4/67-66]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون} قال الحسن: وهم الّذين {هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا} .
وتفسير الكلبيّ: أنّ هؤلاء صهيبٌ، وخبّاب بن الأرتّ، وبلالٌ، وعمّار بن ياسرٍ، وفلانٌ مولى ابن خلفٍ الجمحيّ، أخذوا بعدما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، فعذّبهم المشركون على أن يكفروا بنبيّ اللّه،
فعذّبوا حتّى بلغوا مجهودهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/65]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}
يقول للمشركين.
قال الحسن: يعني أهل الكتابين.
وقال قتادة: يعني أهل التّوراة، هي مثل قوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
وقال السّدّيّ: {فاسألوا أهل الذّكر} ، يعني: التّوراة، عبد اللّه بن سلامٍ وأصحابه الّذين أسلموا.
{وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطّعام}، يقول: ولكن كانوا يأكلون الطّعام، {وما كانوا خالدين} ما كانوا لا يموتون). [تفسير القرآن العظيم: 1/66-65]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً...}
ثم قال {بالبيّنات والزّبر...}
بعد إلاّ وصلة ما قبل إلاّ لا تتأخّر بعد إلاّ. وذلك جائز على كلامين. فمن ذلك أن تقول: ما ضرب زيداً إلاّ أخوك، وما مرّ بزيد إلاّ أخوك. (فإن قلت ما ضرب [سقط في ا] إلاّ أخوك زيداً أو ما مرّ إلا أخوك بزيد) فإنه على كلامين تريد ما مرّ إلا أخوك ثم تقول: مرّ بزيد.
مثله قول الأعشى:

وليس مجيراً إن أتى الحيّ خائف = ولا قائلاً إلا هو المتعيّبا
فلو كان على كلمة واحدة كان خطأ؛ لأن المتعيّب من صلة القائل فأخّره ونوى كلامين فجاز ذلك.
وقال الآخر:
نبّئتهم عذّبوا بالنار جارتهم = وهل يعّذب إلاّ الله بالنار
ورأيت الكسائيّ يجعل (إلاّ) مع الجحد والاستفهام بمنزلة غير فينصب ما أشبه هذا على كلمة واحدة،
واحتجّ بقول الشاعر:
فلم يدر إلاّ الله ما هيّجت لنا = أهلّة أناء الديار وشامها
ولا حجّة له في ذلك لأنّ (ما) في موضع أي فلها فعل مضمر على كلامين. ولكنه حسن قوله، يقول الله عزّ وجل: {لو كان فيهما آلهةٌ إلاّ الله لفسدتا}
فقال: لا أجد المعنى إلاّ لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا،
واحتجّ بقول الشاعر:
أبني لبيني لستم بيدٍ = إلاّ يدٍ ليست لها عضد
فقال لو كان المعنى إلاّ كان الكلام فاسداً في هذا؛ لأني لا أقدر في هذا البيت على إعادة خافض بضمير وقد ذهب ها هنا مذهباً). [معاني القرآن: 2/101-100]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}
و {نوحي إليهم}، ويوحي إليهم. أما القراءتان الأوليان فجيدتان والثالثة ضعيفة لذكره أرسلنا. فأن يكون اللفظ على نوحي ويوحي أحسن، لأن نوحي يوافق اللفظ والمعنى، ويوحي إنما هو محمول على المعنى، لأن المعنى:
وما أرسل اللّه إلا رجالا يوحى إليهم.
وإنما تجيل لهم لأنهم قالوا لولا أنزل عليه ملك أو جاء مع نذير، فأعلم اللّه - جل وعز - أن الرسل بشر إلا أنهم يوحى إليهم). [معاني القرآن: 3/200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم} قيل لهم هذا لأنهم قالوا: {أبعث الله بشرا رسولا} ).[معاني القرآن: 4/68]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} قيل يعني به أهل الكتاب لأنهم مقرون أن الرسل من بني آدم
وقال وكيع سألت سفيان عن قوله: {فاسألوا أهل الذكر} فقال سمعنا أنهم من أسلم من أهل التوراة والإنجيل ثم قال تعالى: {بالبينات والزبر} أي بالبراهين والكتب). [معاني القرآن: 4/68]

تفسير قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بالبيّنات والزّبر} قال السّدّيّ: {بالبيّنات}، يعني: بالآيات الّتي كانت تجيء بها الأنبياء إلى قومهم.
قال: {والزّبر} ، يعني: وحديث الكتاب وما كان قبلهم من المواعظ.
قال يحيى: وفيها تقديمٌ: وما أرسلنا من قبلك بالبيّنات والزّبر، الكتب، إلا رجالا يوحى إليهم.
قال: {وأنزلنا إليك الذّكر} القرآن.
{لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/66]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والزّبر} وهي الكتب واحدها: زبور، ويقال: زبرت وذبرت أي كتبت،
وقال أبو ذؤيب:
عرفت الدّيار كرقم الدّوا= ة كما زبر الكاتب الحميريّ
وكما ذبر في رواية). [مجاز القرآن: 1/359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الزبر}: الكتب، يقال زبرت أي كتبت). [غريب القرآن وتفسيره: 206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : {بالبيّنات والزّبر}: الكتب. جمع زبور). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم كيف يستدل على صحة نبوتهم فقال:
{بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون} أي بالآيات والحجج، والزبر الكتب، واحدها زبور، يقال زبرت الكتاب وذبرته بمعنى واحد،
قال أبو ذؤيب:
عرفت الدّيار كرقم الدّوا= ة يذبرها الكاتب الحميري
وقوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
فيها قولان:
قيل فاسألوا أهل الكتب أهل التوراة والإنجيل وأهل جميع الكتب يعترفون أن الأنبياء كلهم بشر.
وقيل {فاسألوا أهل الذّكر} أي فاسألوا من آمن من أهل الكتاب.
ويجوز واللّه أعلم - أن يكون قيل لهم اسألوا كل من يذكر بعلم وافق أهل هذه الملة أو خالفهم.
والدليل على أن أهل الذكر أهل الكتب قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم}، وقوله: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} ). [معاني القرآن: 3/201-200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الزُّبُر}: الكتب). [العمدة في غريب القرآن: 177]

تفسير قوله تعالى:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفأمن الّذين مكروا السّيّئات} عملوا السّيّئات.
والسّيّئات هاهنا: الشّرك، وكذلك ذكر سعيدٌ عن قتادة.
قال: {أن يخسف اللّه بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون}. [تفسير القرآن العظيم: 1/66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفأمن الّذين مكروا السّيّئات أن يخسف اللّه بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون}
أي أفأمنوا أن يفعل بهم ما فعل بقوم لوط، والذين أهلكوا من الأمم السالفة بتعجيل العذاب في الدنيا.
{أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون} عطف على: {أن يخسف}.
{أو يأخذهم في تقلبهم} أي في تصرفهم في أسفارهم، وسائر ما ينقلبون فيه). [معاني القرآن: 3/201]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أو يأخذهم في تقلّبهم} تفسير الحسن: في البلاد في أسفارهم في غير قرارٍ.
{فما هم بمعجزين} بسابقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/66]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين} روى معمر عن قتادة قال في أسفارهم وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال بالليل والنهار). [معاني القرآن: 4/69]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أو يأخذهم على تخوّفٍ} يهلك القرية، يخوّف بهلاكها القرية الأخرى لعلّهم يرجعون، لعلّ من بقي ممّن هو على دينهم، الشّرك، أن يرجعوا إلى الإيمان.
وتفسير الكلبيّ: أو يأخذهم في تقلّبهم في البلاد باللّيل والنّهار.
{أو يأخذهم على تخوّفٍ} على تنقّصٍ.
وهو تفسير السّدّيّ.
أن يبتليهم بالجهد حتّى يرقّوا ويقلّ عددهم، فإن تابوا وأصلحوا كشف عنهم.
فذلك قوله: {فإنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ}، أي: إن تابوا وأصلحوا.
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه من قوله: {مكروا السّيّئات} إلى قوله: {على تخوّفٍ} بعض ما أوعدهم من هذا، وهو نمرود بن كنعان وقومه). [تفسير القرآن العظيم: 1/67]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو يأخذهم على تخوّفٍ...}
جاء التفسير بأنه التنقّص. والعرب تقول: تحوّفته بالحاء: تنقّصته من حافاته. فهذا الذي سمعت. وقد أتى التفسير بالخاء و(هو معنى). ومثله ممّا قرئ بوجهين
قوله: {إنّ لك في النّهار سبحاً طويلاً} و(سبخاً) بالحاء والخاء. والسّبخ: السعة. وسمعت العرب تقول: سبّخى صوفك وهو شبيه بالندف، والسّبح نحو من ذلك،
وكلّ صواب بحمد الله). [معاني القرآن: 2/102-101]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو يأخذهم على تخوّفٍ} مجازه: على تنقّص قال:

ألام على الهجاء وكل يوم= يلاقيني من الجيران غول
تخوّف غدرهم مالي وأهدي= سلاسل في الحلوق لها صليل
أي تنقّص غدرهم مالي. سلاسل يريد القوافي تنشد فهو صليلها وهو قلائد في أعناقهم
وقال طرفة:
وجاملٍ خوّف من نيبه= زجر المعلّى أصلاً والسفيح
خوّف من نيبه أي لا يدعه يزيد). [مجاز القرآن: 1/360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أو يأخذهم على تخوف}: تنقص يقال تخوف فلان مالي تخوفا أي نقصة). [غريب القرآن وتفسيره: 207-206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أو يأخذهم على تخوّفٍ} أي: على تنقص ومثله الثخون يقال: تخوفته الدهور وتخونثه إذا نقصته وأخذت من ماله أو جسمه.
تدور ظلاله وترجع من جانب إلى جانب. والفي: الرجوع. ومنه قيل للظل بالعشي: فيء، لأنه فاء عن المغرب إلى المشرق). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ}.
تفيؤ الظّلال: رجوعها من جانب إلى جانب، فهي مرة تجاه الشّخص، ومرة وراءه، ومرة عن يمينه، ومرة عن شماله.
وأصل الفيء: الرّجوع، ومنه قيل للظل في العشيّ: فيء، لأنه فاء، أي رجع من جانب إلى جانب. ومنه الفيء في الإيلاء إنما هو: الرّجوع إلى المرأة.
وأصل السجود: التطأطؤ والميل، يقال: سجد البعير وأسجد: إذا طؤطئ ليركب، وسجدت النّخلة: إذا مالت.
قال: لبيد يصف نخلا:
غلب سواجد لم يدخل بها الحصر
فالغلب: الغلاظ الأعناق. والسّواجد: الموائل.
ومن هذا قيل لمن وضع جبهته بالأرض: ساجد، لأنه تطامن في ذلك. ثم قد يستعار السجود فيوضع موضع الاستسلام والطاعة والذّل، كما يستعار التطأطؤ والتّطامن فيوضعان موضع الخشوع والخضوع والانقياد والذل، فيقال: تطامن للحق، أي أخضع له، وتطأطأ لها تخطّك، أي تذلّل لها ولا تعزّز.
ومن الأمثال المبتذلة: اسجد للقرد في زمانه. يراد: اخضع للسّفلة واللئيم في دولته، ولا يراد معنى سجود الصلاة. قال الشاعر:
بجمع تضلّ البلق في حجراته ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر
يريد أن حوافر الخيل قد قلعت الأكم ووطئتها حتى خشعت وانخفضت. ومن خلق الله عز وجل: المسخّر المقصور على فعل واحد، كالنّار شأنها الإحراق، والشمس والقمر شأنهما المسير الليل والنّهار دائبين، والفلك المسخّر للدّوران.
ومنه المسخّر لمعنيين، ثم هو مخيّر بينهما، كالإنسان في الكلام والسكوت، والقيام والقعود، والحركة والسكون. والشمس والظلّ، خلقان مسخّران لأن يعاقب كلّ واحد منهما صاحبه بغير فصل.
والظلّ في أول النهار قبل طلوع الشمس يعمّ الأرض كما تعمّها ظلمة الليل، ثم تطلع الشمس فتعمّ الأرض إلا ما سترته الشّخوص، فإذا ستر الشّخص شيئا عاد الظّل.
فرجوع الظلّ بعد أن كان شمسا، ودورانه من جانب إلى جانب- هو سجوده، لأنه مستسلم منقاد مطيع بالتّسخير، وهو في ذلك يميل، والميل: سجود.
وكذلك قوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}، أي يستسلمان لله بالتّسخير.
وقوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ}، أي يستسلم من في السموات من الملائكة، ومن في الأرض من المؤمنين طوعا، ويستسلم من في الأرض من الكافرين كرها من خوف السيف.
{وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} مستسلمة.
وهو مثل قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} ). [تأويل مشكل القرآن: 418-416]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أو يأخذهم في تقلّبهم فما هم بمعجزين}
أي أو يأخذهم بعد أن يخيفهم، بأن يهلك فرقة فتخاف التي تليها.
وقيل على تخوف على تنقص، ومعنى التنقص أن ينتقصهم في أموالهم وثمارهم حتى يهلكهم.
ويروى عن عمر قال: ما كنت أدري ما معنى أو يأخذهم على تخوف حتى سمعت قول الشاعر:
تخوّف السّير منها تامكا قردا= كما تخوّف عود النّبعة السّفن
يصف ناقة وأن السير تنقص سنامها بعد تمكنه واكتنازه). [معاني القرآن: 3/202-201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أو يأخذهم على تخوّف فإنّ ربّكم لرءوف رحيم }أي من رحمته أن أمهل فجعل فسحة للتوبة). [معاني القرآن: 3/202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} قال الضحاك آخذ طائفة وادع طائفة فتخاف الطائفة الباقية أن ينزل بها ما نزل بصاحبتها وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس أو يأخذهم على تخوف قال على تنقص وتفزع وروى ابن جريج عن ابن كثير عن مجاهد قال تنقصا قال أبو جعفر وهذا القول هو المعروف عند أهل اللغة يقال أخذهم على خوف وعلى تخوف إذا تنقصهم كما قال ابن عباس ومجاهد
ومعنى التنقص أن ينقصهم في أموالهم وفي زروعهم وفي خيرهم شيئا بعد شيء حتى يهلكهم وقال الليث على تخوف سمعت أنه على عجل وقول الضحاك على تخوف أي يأخذ هذه القرية ويدع هذه عندها أي فتخاف).
[معاني القرآن: 4/70-69]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {على تخوف} أي: على تنقص من الأموال والأنفس والثمرات، حتى أهلكهم كلهم). [ياقوتة الصراط: 294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على تخوف} أي تنقص، ومثله التخون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَخَوُّفٍ}: تنقّص وهلاك معه هلاك). [العمدة في غريب القرآن: 177]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيءٍ يتفيّأ ظلاله} ، يعني: ظلّ كلّ شيءٍ، من الفيء.
{عن اليمين والشّمائل} والفيء: الظّلّ.
قال الحسن: ربّما كان الفيء عن اليمين، وربّما كان عن الشّمال.
وقال الكلبيّ: وهذا يكون قبل طلوع الشّمس وبعد غروبها، فعند ذلك يكون الظّلّ عن اليمين والشّمال، ولا يكون ذلك في ساعةٍ إلا قبل طلوع الشّمس وبعد غروبها.
سعيدٌ عن قتادة، قال: {عن اليمين والشّمائل} أمّا اليمين فأوّل النّهار، وأمّا الشّمائل فآخر النّهار.
قوله: {سجّدًا للّه} فظلّ كلّ شيءٍ سجوده.
{وهم داخرون} قال قتادة: وهم صاغرون.
فسجد ظلّ الكافر كرهًا، يسجد ظلّه والكافر كارهٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/67]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يتفيّأ ظلاله...}
الظّلّ يرجع على كلّ شيء من جوانبه، فذلك تفيّؤه. ثم فسّر فقال: {عن اليمين والشّمائل} فوحّد اليمين وجمع الشمائل. وكل ذلك جائز في العربيّة.
قال الشاعر:
بفي الشامتين الصخر إن كان هدّني = رزيّة شبلي مخدر في الضراغم
ولم يقل: بأفواه الشامتين.
وقال الآخر:
الواردون وثيم في ذرا سبأ = قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس
وقال الآخر:
فباست بني عبس وأستاه طيّء = وباست بني دودان حاشا بني نصر
فجمع ووحّد.
وقال الآخر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا = فإنّ زمانكم زمنٌ خميص
فجاء التوحيد لأن أكثر الكلام يواجه به الواحد، فيقال: خذ عن يمينك وعن شمالك لأن المكلّم واحد والمتكلّم كذلك، فكأنه إذا وحّد ذهب إلى واحد من القوم، وإذا جمع فهو الذي لا مسألة فيه.
وكذلك قوله:
بني عقيل ماذه الخنافق = المال هدىٌ والنساء طالق
* وجبل يأوي إليه السارق *
فقال: طالق لأن أكثر ما يجرى الاستحلاف بين الخصم والخصم، فجرى في الجمع على كثرة المجرى في الأصل. ومثله (بفي الشامتين) وأشباهه). [معاني القرآن: 2/103-102]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وهم داخرون} أي صاغرون، يقال: فلان دخر لله، أي ذل وخضع). [مجاز القرآن: 1/360]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيءٍ يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشّمائل سجّداً للّه وهم داخرون}
وإذا وقفت على {يتفيّؤا} قلت "يتفيّأ" كما تقول بالعين "تتفّيع" جزما وإن شئت أشممتها الرفع ورمته كما تفعل ذلك في "هذا حجر".
وقال: {عن اليمين والشّمائل سجّداً للّه وهم داخرون} فذكروهم غير الإنس لأنه لما وصفهم بالطاعة أشبهوا ما يعقل وجعل اليمين للجماعة مثل {ويولّون الدّبر} ). [معاني القرآن: 2/65]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {داخرون}: صاغرون. دخر لله يدخر أي خضع). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشّمائل} أي تدور ظلاله وترجع من جانب إلى جانب. والفيء: الرجوع.
ومنه قيل للظل بالعشي: فيء، لأنه فاء عن المغرب إلى المشرق.
{سجّداً للّه} أي مستسلمة منقادة. وقد بينت هذا في كتاب «المشكل» {وهم داخرون} أي صاغرون. يقال: دخر اللّه). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيء يتفيّأ ظلاله عن اليمين والشّمائل سجّدا للّه وهم داخرون}
وتقرأ تتفيأ ظلاله.
{سجّدا} منصوب على الحال.
{وهم داخرون}.
ومعنى {داخرون} صاغرون، وهذه الآية فيها نظر، وتأويلها – واللّه أعلم - أن كل ما خلق اللّه من جسم وعظم ولحم ونجم وشجر خاضع لله ساجد، والكافر إن كفر بقلبه ولسانه وقصده فنفس جسمه وعظمه ولحمه وجميع الشجر والحيوان خاضعة للّه ساجدة.
والدليل على ذلك قوله: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثير من النّاس وكثير حقّ عليه العذاب}.
روي عن ابن عباس أنه قال: الكافر يسجد لغير الله، وظلّه يسجد للّه.
وتأويل الظلّ تأويل الجسم الذي عنه الظل.
وقوله: {وهم داخرون} أي هذه الأشياء مجبولة على الطاعة). [معاني القرآن: 3/202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله} قال قتادة الفيء الظل وقال غيره التفيؤ رجوعه من موضع إلى موضع خاضعا منقادا وكذلك معنى السجود وقال قتادة عن اليمين بالغداة وقوله: {والشمائل} بالعشي). [معاني القرآن: 4/70]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال الله جل وعز: {وهم داخرون} قال قتادة أي صاغرون). [معاني القرآن: 4/70]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يتفيأ} أي يدور ويرجع من جانب إلى جانب والفيء: الرجوع، وهو اسم الظل من الزوال إلى الليل.
{وهم داخرون} أي صاغرون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَاخِرونَ}: صاغرون). [العمدة في غريب القرآن: 177]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وللّه يسجد ما في السّموات} الملائكة.
{وما في الأرض من دابّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون} عن عبادة اللّه يعني الملائكة). [تفسير القرآن العظيم: 1/68]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وللّه يسجد ما في السّماوات وما في الأرض من دآبّةٍ...}
فقال: (من دابة) لأن (ما) وإن كانت قد تكون على مذهب (الذي) فإنها غير مؤقّتة، وإذا أبهمت غير موقّتة أشبهت الجزاء. والجزاء تدخل (من) فيما جاء من اسم بعده من النكرة. فيقال: من ضربه من رجل فاضربوه.
ولا تسقط من في هذا الموضع. وهو كثير في كتاب الله عزّ وجلّ. قال الله تبارك وتعالى: {ما أصابك من حسنةٍ فمن الله} وقال {ومن يعمل من الصّالحات من ذكرٍ أو أنثي وهو مؤمنٌ} وقال {أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء}
ولم يقل في شيء منه بطرح (من) كراهية أن تشبه أن تكون حالا لمن وما، فجعلوه بمن ليدلّ على أنه تفسير لما ومن لأنهما غير مؤقّتتين، فكان دخول (من) فيما بعدهما تفسيراً لمعناهما، وكان دخول (من) أدلّ على ما لم يوقّت من من وما، فلذلك لم تلقيا.
ومثله قول الشاعر:
حاز لك الله ما آتاك من حسنٍ = وحيثما يقض أمراً صالحاً تكن
وقال آخر.
عمرا حييت ومن يشناك من أحد = يلق الهوان ويلق الذلّ والغيرا
فدلّ مجيء أحدها هنا على أنه لم يرد أن يكون ما جاء من النكرات حالا للأسماء التي قبلها، ودلّ على أنه مترجم عن معنى من وما. وممّا يدلّ أيضاً قول الله عزّ وجلّ: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} لأن الشيء لا يكون حالاً، ولكنه اسم مترجم. وإنما ذكرت هذا لأن العرب تقول: لله درّه من رجل، ثم يلقون (من) فيقولون لله درّه. رجلاً. فالرجل مترجم (لما قبله) وليس بحال، إنّما الحال التي تنتقل؛ مثل القيام والقعود، ولم ترد لله درّه في حال رجوليّته فقط، ولو أردت ذلك لم تمدحه كلّ المدح؛ لأنك إذا قلت: لله درّك قائماً، فإنما تمدحه في القيام وحده.
فإن قلت: فكيف جاز سقوط من في هذا الموضع؟ قلت من قبل أن الذي قبله مؤقت فلم أبل أن يخرج بطرح من كالحال، وكان في الجزاء غير موقت فكرهوا أن تفسّر حال عن اسم غير موقّت فألزموها من. فإن قلت: قد قالت العرب: ما أتاني من أحدٍ وما أتاني أحد فاستجازوا إلقاء من. قلت: جاز ذلك إذ لم يكن قبل أحد وما أتى مثله شيء يكون الأحد له حالا فلذلك قالوا: ما جاءني من رجل وما جاءني رجل). [معاني القرآن: 2/104-103]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وللّه يسجد ما في السّماوات وما في الأرض من دآبّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون}
وقال: {وللّه يسجد ما في السّماوات وما في الأرض من دآبّةٍ} يريد: من الدواب واجتزأ بالواحد كما تقول: "ما أتاني من رجلٍ" أي: ما أتاني من الرجال مثله). [معاني القرآن: 2/65]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وللّه يسجد ما في السّماوات وما في الأرض من دابّة والملائكة وهم لا يستكبرون}
المعنى ولله يسجد ما في السّماوات من الملائكة وما في الأرض من دابة والملائكة، أي وتسجد ملائكة الأرض، والدليل على أن الملائكة في الأرض
أيضا قوله تعالي: {ما يلفظ من قول إلّا لديه رقيب عتيد}.
وقوله: {له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه}.
وقوله: {وإنّ عليكم لحافظين *كراما} ). [معاني القرآن: 3/203-202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة} قيل المعنى ولله يسجد ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من دابة والملائكة
أي والملائكة الذين في الأرض والله أعلم بما أراد وقال الضحاك كل شيء فيه روح دابة يسجد لله عز وجل). [معاني القرآن: 4/71]

تفسير قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهم لا يستكبرون * يخافون ربّهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون }أي يخافون ربهم خوف مخلدين معظمين.
{ويفعلون ما يؤمرون} وصفهم بالطاعة وأنهم لا يجاوزون أمرا له ولا يتقدمونه). [معاني القرآن: 3/203]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وقال اللّه لا تتّخذوا إلهين اثنين} أي: لا تعبدوا مع اللّه غيره.
{إنّما هو إلهٌ واحدٌ فإيّاي فارهبون} فخافون). [تفسير القرآن العظيم: 1/68]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين} أي لا تعبدوا من دون الله شيئا وإن كنتم تتقربون بعبادته إلى الله وجاء باثنين توكيدا وقيل المعنى لا تتخذوا اثنين إلهين). [معاني القرآن: 4/71]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا} سعيد عن قتادة، قال: دائمًا.
جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران، قال: دائمًا.
وهو تفسير مجاهدٍ.
قال: {أفغير اللّه تتّقون}، يعني: تعبدون.
قال يحيى: يعني: المشركين، على الاستفهام، أي قد فعلتم فعبدتم الأوثان من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 1/68]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وله الدّين واصباً...}
معناه: دائماً. يقال: وصب يصب: دام. ويقال: خالصاً). [معاني القرآن: 2/104]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وله الدّين واصباً أي دائماً،
قال أبو الأسود الدّؤليّ:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه= يوماً بذم الدهر أجمع واصبا).
[مجاز القرآن: 1/361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وله الدين واصبا}: أي دائما وصب الدين يصب). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وله الدّين واصباً} أي دائما. والدين: الطاعة. يريد: أنه ليس من أحد يدان له ويطاع إلا انقطع ذلك عنه بزوال أو هلكة، غير اللّه.
فإن الطاعة تدوم له). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وله ما في السّماوات والأرض وله الدّين واصبا أفغير اللّه تتّقون}
{وله الدّين واصبا} قيل معناه دائما، أي طاعة واجبة أبدا، ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون (وله الدّين واصبا) أي له الدين والطاعة، رضي العبد بما يؤمر به أو لم يرض، وسهل عليه أو لم يسهل، فله الدين وإن كان فيه الوصب.
والوصب شدّة التعب.
ثم قال: {أفغير اللّه تتّقون} أي أفغير اللّه الذي قد بان لكم أنّه وحده، وأنه خالق كل شيء، وأن ما بكم من نعمة فمن عنده، وأنه لو أراد إهلاككم حين كفرتم وألّا ينظركم إلى يوم التوبة لقدر، وأعلم أنه مع إقامته الحجج في أنه واحد، وأنه أمر ألا يتخذ معه إله عبدوا غيره، لأنهم قالوا عن الأصنام: {ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى}.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن لا إله إلا هو، ولا يجوز أن يعبد غيره، وإن قصد التقرب بالعبادة للّه وحده، فقال - جلّ وعلا -:{وقال اللّه لا تتّخذوا إلهين اثنين}.
فذكر اثنين توكيدا لقوله إلهين، كما ذكر الواحد في قوله: {إنّما هو إله واحد} ). [معاني القرآن: 3/204-203]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا}
روى عكرمة عن ابن عباس قال واجبا وقيل الطاعة على كل الأحوال وإن كان فيها الوصب وهو التعب وهذا معنى قول الحسن
وروى معمر عن قتادة وله الدين واصبا قال دائما ألا تسمع إلى قوله: {ولهم عذاب واصب} أي دائم وكذا قال ميمون بن مهران
وروى ابن جريج عن مجاهد وله الدين واصبا قال الإخلاص والواصب الدائم
وهذا هو المعروف في اللغة يقال وصب يصب وصوبا إذا دام والدين الطاعة والمعنى أن كل من يطاع تزول طاعته بهلاك أو زوال إلا الله جل وعز). [معاني القرآن: 4/73-71]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {واصبا} أي: دائما، يقال: وصبت عليهم الحمى: أي: دامت). [ياقوتة الصراط: 294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وله الدين واصبا} أي دائما. والدين: الطاعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَاصباً}: دائماً). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما بكم من نعمةٍ فمن اللّه ثمّ إذا مسّكم الضّرّ} المرض وذهاب الأموال والشّدائد.
{فإليه تجأرون} تدعونه ولا تدعون الأوثان.
وقال مجاهدٌ: تجأرون، تصرخون). [تفسير القرآن العظيم: 1/68]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما بكم مّن نّعمةٍ فمن اللّه...}
(ما) في معنى جزاء ولها فعل مضمر، كأنك قلت: ما يكن بكم من نعمة فمن الله؛ لأن الجزاء لا بدّ له من فعل مجزوم، إن ظهر فهو جزم وإن لم يظهر فهو مضمر؛
كما قال الشاعر:
إن العقل في أموالنا لا نضق به =ذراعاً وإن صبراً فنعرف للصبر
أراد: إن يكن فأضمرها. ولو جعلت (ما بكم) في معنى (الذي) جاز وجعلت صلته (بكم) و(ما) حينئذ في موضع رفع بقوله: {فمن اللّه} وأدخل الفاء كما قال تبارك وتعالى:
{قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} وكلّ اسم وصل، مثل من وما والذي فقد يجوز دخول الفاء في خبره؛ لأنه مضارع للجزاء والجزاء قد يجاب بالفاء.
ولا يجوز أخوك فهو قائم؛ لأنه اسم غير موصول وكذلك مالك لي. فإن قلت: مالك جاز أنت قول: فهو لي. وإن ألقيت الفاء فصواب. وما ورد عليك فقسه على هذا.
وكذلك النكرة الموصولة. تقول: رجل يقول الحقّ فهو أحبّ إليّ من قائل الباطل. وإلقاء الفاء أجود في كلّه من دخولها.
والجؤار: الصوت الشديد. والثور يقال له: قد جأر يجأر جؤارا إذا ارتفع صوته من جوع أو غيره بالجيم. وكذلك {فإليه تجأرون} ). [معاني القرآن: 2/105-104]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإليه تجأرون} أي ترفعون أصواتكم، وقال عديّ بن زيد:
إنّني والله فاقبل حلفي= بأبيلٍ كلّما صلّى جأر
أي رفع صوته وشدّه). [مجاز القرآن: 1/361]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما بكم مّن نّعمةٍ فمن اللّه ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون}
وقال: {وما بكم مّن نّعمةٍ فمن اللّه} لأنّ (ما) بمنزلة (من) فجعل الخبر بالفاء). [معاني القرآن: 2/65]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تجأرون}: ترفعون أصواتكم، وجؤار البقرة صوتها). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون} أي تضجون بالدعاء وبالمسألة. يقال: جأر الثور يجأر.
والضّرّ: البلاء والمصيبة). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما بكم من نعمة فمن اللّه ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون}
دخلت الفاء، ولا فعل ههنا لأن الباء متصلة بالفعل، المعنى ما حل بكم من نعمة فمن اللّه، أي ما أعطاكم الله من صحة جسم أوسعة في رزق، أو متاع بمال أو ولد فكل ذلك من اللّه.
وقوله: {ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون} أي إليه ترفعون أصواتكم بالاستغاثة، يقال: جأر الرّجل يجأر جؤارا.
والأصوات مبنية على فعال وفعيل، فأمّا فعال فنحو الصّراخ، والجؤار.
والبكاء. وأما الفعيل فنحو العويل والزئير، والفعال أكثر). [معاني القرآن: 3/204]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} أي ما يكن بكم من سعة في رزق أو صحة في بدن فمن الله ثم إذا مسكم الضر وهو البلاء والمشقة فإليه تجأرون
أي تدعون وتستغيثون يقال جأر يجأر جؤارا إذا رفع صوته مستغيثا من جوع أو غيره). [معاني القرآن: 4/73]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تَجأرُونَ} أي: تضجون وتستغيثون بأصوات عالية). [ياقوتة الصراط: 295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تجأرون} أي تضجون بالدعاء والتضرع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْأَرونَ}: يرفعون أصواتهم). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ إذا كشف الضّرّ عنكم إذا فريقٌ منكم بربّهم يشركون}، يعني بالفريق: المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/68]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ إذا كشف الضّرّ عنكم إذا فريق منكم بربّهم يشركون}هذا خاص فيمن كفر به). [معاني القرآن: 3/204]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم}
قيل المعنى ليجعلوا النعمة سببا إلى الكفر كما قال تعالى: {ربنا ليضلوا عن سبيلك}
وقيل ليجحدوا النعمة التي أنعم عليهم كما قال الشاعر:
والكفر مخبثة لنفس المنعم).
[معاني القرآن: 4/74-73]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ليكفروا بما آتيناهم} يعني لئلا يكفروا بما آتيناهم.
تفسير السّدّيّ.
قال: {فتمتّعوا} في الدّنيا.
{فسوف تعلمون} وهذا وعيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/69-68]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون}
وقال: {ليكفروا بما آتيناهم} ). [معاني القرآن: 2/65-66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون }
أي ليكفروا بأنا أنعمنا عليهم، أي جعلوا ما رزقناهم وأنعمنا به عليهم سببا إلى الكفر كما قال تعالى: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك}.
ويجوز أن يكون (ليكفروا بما آتيناهم) أي ليجحدوا نعمة الله في ذلك، كما قال: {أفبنعمة اللّه يجحدون}.
وقوله: {فتمتّعوا فسوف تعلمون}.
لم يأمرهم الله جلّ وعلا أن يتمتعوا أمر تعبّد، إنما هو لفظ أمر ليهدّد كما قال: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا} أي فقد وعد اللّه وأوعد وأنذر وبلّغت الرسل فمن اختار بعد ذلك الكفر والتمتع بما يباعد من اللّه فسوف يعلم عاقبة أمره.
وقد بين اللّه عاقبة الكفر والمعصية بالحجج البالغة والآيات البينات). [معاني القرآن: 3/205-204]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم} قيل المعنى ليجعلوا النعمة سببا إلى الكفر كما قال تعالى:
{ربنا ليضلوا عن سبيلك}
وقيل ليجحدوا النعمة التي أنعم عليهم كما قال الشاعر:
والكفر مخبثة لنفس المنعم).
[معاني القرآن: 4/74-73] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {فتمتعوا فسوف تعلمون} وهذا على التهديد كما قال تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فإنا قد أرسلنا الرسل وبينا وأنذرنا فمن شاء فليكفر بعد هذا فإن العقوبة حالة به). [معاني القرآن: 4/74]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} ، يعني: آلهتهم، أي: يجعلون لما لا يعلمون أنّه خلق مع اللّه شيئًا ولا أمات ولا أحيا ولا رزق معه شيئًا {نصيبًا ممّا رزقناهم} ، يعني قوله: {وجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا} وقد فسّرناه قبل هذا الموضع سعيدٌ عن قتادة قال: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} وهم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبًا ممّا رزقهم اللّه.
قال: {تاللّه} قسمٌ أقسم بنفسه.
{لتسألنّ عمّا كنتم تفترون} الأوثان تقرّبهم إلى اللّه يقوله لهم لما يقولون إنّ الأوثان تقرّبهم إلى اللّه، وإنّ اللّه أمرهم بعبادتها). [تفسير القرآن العظيم: 1/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً ممّا رزقناهم}، هذا ما كانوا يجعلونه لآلتهم من الحظ في زروعهم وأنعامهم. وقد ذكرناه في سورة الأنعام). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا ممّا رزقناهم تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون}
هو معنى قوله تعالى: {فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا}
فجعلوا نصيبا يتقربون به إلى الله تعالى، ونصيبا يتقربون به إلى الأصنام والحجارة.
وقوله: {تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون} أي تاللّه لتسألنّ عنه سؤال توبيخ حتى تعترفوا به على أنفسكم.
وتلزموا أنفسكم الحجة). [معاني القرآن: 3/205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} يعني ما كانوا يجعلونه لأصنامهم من زرعهم وأنعامهم
كما قال تعالى: {فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا} ). [معاني القرآن: 4/74]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} هذا ما جعلوا لآلهتهم من الحظ في الزرع وأنعامهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويجعلون للّه البنات} قال السّدّيّ: يعني ويصفون للّه البنات.
كان مشركو العرب يقولون: إنّ الملائكة بنات اللّه.
قال اللّه: {سبحانه} ينزّه نفسه عن ما قالوا.
{ولهم ما يشتهون} ، أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، الغلمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/69]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويجعلون للّه البنات سبحانه...}
نصب لأنها مصدر، وفيها معنى من التعّوذ والتنزيه لله عزّ وجلّ. فكأنها بمنزلة قوله: {معاذ الله} وبمنزلة {غفرانك ربنا}.
وقوله: {لهم مّا يشتهون} (ما) في موضع رفع ولو كانت نصباً على: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون لكان ذلك صواباً. وإنما اخترت الرفع لأن مثل ذا من الكلام يجعل مكان لهم لأنفسهم؛ ألا ترى أنك تقول: قد جعلت لنفسك كذا وكذا، ولا تقول: قد جعلت لك. وكلّ فعل أو خافض ذكرته من مكنّى عائد عليه مكنيّاً فاجعل مخفوضه الثاني بالنفس فتقول أنت لنفسك لا لغيرك، ثم تقول في المنصوب أنت قتلت نفسك وفي المرفوع أهلكتك نفسك
ولا تقول أهلكتك. وإنما أراد بإدخال النفس تفرقة ما بين نفس المتكلّم وغيره. فإذا كان الفعل واقعاً من مكنّى على مكنّى سواه لم تدخل النفس. تقول غلامك أهلك مالك ثم تكنى عن الغلام والمال فتقول: هو أهلكه،
ولا تقول: هو أهلك نفسه وأنت تريد المال، وقد تقوله العرب في ظننت وأخواتها من رأيت وعلمت وحسبت فيقولون: أظنّني قائماً، ووجدتني صالحاً؛ لنقصانهما وحاجتهما إلى خبر سوى الاسم.
وربما اضطرّ الشاعر فقال: عدمتني وفقدتني فهو جائز،
وإن كان قليلا؛ قال الشاعر - وهو جران العود -:

لقد كان بي عن ضرّتين عدمتني =وعمّا ألاقي منهما متزحزح
هي الغول والسعلاة حلقي منهما =مخدّش فوق التراقي مكدّح).
[معاني القرآن: 2/106-105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويجعلون للّه البنات سبحانه} أي تنزيها له عن ذلك. {ولهم ما يشتهون} يعني البنين). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون }
لأنهم زعموا أن الملائكة بنات اللّه.
{سبحانه} معناه تنزيه له من السّوء.
{ولهم ما يشتهون} (ما) في موضع رفع لا غير، المعنى سبحانه ولهم الشيء الذي يشتهون كما قال: {أم له البنات ولكم البنون}.
فإن قال قائل لم لا يكون المعنى (ويجعلون لهم ما يشتهون)؟
قيل العرب تستعمل في هذا الموضع: جعل لنفسه ما يشتهي، ولا يقولون جعل زيد له ما يشتهي، وهو يعني نفسه.
ثم أعلم أنهم يجعلون للّه البنات. فقال:{وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم} ). [معاني القرآن: 3/206-205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} أي ولهم البنون). [معاني القرآن: 4/75-74]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى} الّتي جعلها للّه، زعم حيث جعلوا للّه البنات، يعنون الملائكة.
{ظلّ وجهه مسودًّا} أي أقام وجهه.
تفسير السّدّيّ.
{مسودًّا} ومغيّرًا.
{وهو كظيمٌ} قد كظم على الغيظ والحزن.
سعيدٌ عن قتادة قال: هذا فعل مشركي العرب، كان يقتل أحدهم ابنته). [تفسير القرآن العظيم: 1/70-69]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ظلّ وجهه مسودّاً...}
ولو كان (ظلّ وجهه مسودٌ) لكان صواباً تجعل الظلول للرجل ويكون الوجه ومسودّ في موضع نصب كما قال {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّةٌ}
والظلول إذا قلت {مسودّاً} للوجه). [معاني القرآن: 2/106]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وهو كظمٌ) أي يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم خرج مخرج عليم وعالم). [مجاز القرآن: 1/361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الكظيم}: الحزين أشد الحزن من غير أن يظهره). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وهو كظيمٌ} أي حزين قد كظم فلا يشكو ما به). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم}
فيجعلون لمن يعترفون بأنه خالقهم البنات اللاتي محلهن منهم هذا المحل. ومعنى (ظلّ وجهه مسودّا)، متغيرا تغيّر مغموم.
ويقال لكل من لقي مكروها: قد اسود وجهه غمّا وحزنا.
ومن ذلك قولك سوّدت وجه فلان). [معاني القرآن: 3/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا} أي ظل كئيبا مغموما،
والعرب تقول هذا لكل مغموم قد تغير لونه من الغم أسود وجهه). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وهو كظيم} الكظيم الحزين الذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وهو كظيم} أي حزين لا يبدي حزنه، وأصل الكظم الحبس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الكَظيمُ}: الحزين). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هونٍ} على هوانٍ.
يقول: كيف يصنع بما بشّر به، أيمسكه أيمسك الّذي بشّر به، الابنة على هوانٍ؟ {أم يدسّه في التّراب} فيقتل ابنته يدفنها حيّةً حتّى تموت مخافة الفاقة.
كان أحدهم يقتل ابنته مخافة أن تأكل معه، مخافة الفاقة، ويغذّي كلبه.
وكانوا يقولون: إنّ الملائكة بنات اللّه، فاللّه صاحب بناتٍ، فألحقوا البنات به.
قال اللّه: {ألا ساء ما} بئس ما {يحكمون} وهذا مثلٌ ضربه اللّه لهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/70]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيمسكه على هونٍ...}
الهون في لغة قريش: الهوان وبعض بني تميم يجعل الهون مصدراً للشيء الهيّن. قال الكسائيّ: سمعت العرب تقول: إن كنت لقليل هون المؤونة مذ اليوم.
وقال: سمعت الهوان في مثل هذا المعنى من بني إنسان قال: قال لبعير له ما به بأس غير هوانه، يقول: إنه هيّن خفيف الثمن. فإذا قالت العرب: أقبل فلان يمشي على هونه لم يقولوه إلاّ بفتح الهاء، كقوله: {يمشون على الأرض هوناً} وهي السكينة والوقار. ... حدثني شريك عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله: {يمشون على الأرض هونا} قالا: بالسكينة، والوقار وقوله: {أيمسكه على هونٍ أم يدسّه} يقول: لا يدري أيّهما يفعل: أيمسكه أم يدسّه في التراب، يقول: يدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها وهي الموءودة، وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 2/107-106]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أيمسكه على هونٍ} أي هوان). [مجاز القرآن: 1/361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على هون}: على هوان). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أيمسكه على هونٍ} أي على هوان.
{أم يدسّه في التّراب} أي يئده). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا ساء ما }
قيل كان الرجل في الجاهلية إذا حزب امرأته المخاض توارى لكي يعلم ما يولد له، فإن كان ذكرا سرّ به وابتهج، وإن كانت أنثى اكتأب بها وحزن، فمنهم من يئد ولده يدفنها حية، أو يمسكها على كراهة وهوان.
فقال اللّه تعالى: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا ساء ما يحكمون}.
أي ألا ساء حكمهم في ذلك الفعل وفي جعلهم للّه البنات وجعلهم لأنفسهم البنين، ونسبهم للّه اتخاذ الولد). [معاني القرآن: 3/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يتوارى من القوم من سوء ما بشر به}
يروى أن أحدهم كان إذا ولد له يتوارى في ذلك الوقت أو قبله فإن ولد له ذكر سر به وإن ولدت له أنثى استتر وربما وأدها). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم بين ذلك بقوله تعالى: {أيمسكه على هون أم يدسه في التراب} وقرأ الجحدري {أم يدسها في التراب} يردها على قوله بالأنثى ويلزمه أن يقرأ أيمسكها
وقرأ عيسى بن عمر أيمسكه على هوان وقال هوان وهون واحد وقرأ الأعمش أيمسكه على سوء
وحكى أبو عبيد عن الكسائي قال في لغة قريش الهون والهوان بمعنى واحد وقال لغة بني تميم يجعل الهون مصدر الشيء الهين). [معاني القرآن: 4/76]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا ساء ما يحكمون} لأنهم جعلوا لله البنات وهم يكرهونها هذه الكراهية). [معاني القرآن: 4/77-76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على هون} أي هوان.
{أم يدسه في التراب} أي يئده). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الهُونِ}: الهوان والذل). [العمدة في غريب القرآن: 178]


رد مع اقتباس