عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 19]

{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)}


تفسير قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أتى أمر اللّه} يعني: القيامة.
وهو تفسير السّدّيّ.
{فلا تستعجلوه} قال الحسن: هذا جوابٌ من اللّه لقول المشركين للنّبيّ: {ائتنا بعذاب اللّه}، وقولهم: {عجّل لنا قطّنا}وأشباه ذلك،
فقال: {ويستعجلونك بالعذاب}.
وقال: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} ، أي إنّ العذاب آتٍ قريبٌ.
وبعضهم يقول: استعجلوا بعذاب الآخرة، وذلك منهم تكذيبٌ واستهزاءٌ، فأنزل اللّه: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} .
قوله: {سبحانه} ينزّه نفسه عمّا يقول المشركون.
{وتعالى عمّا يشركون}، تعالى: من العلوّ، يرفع نفسه عمّا يشركون به). [تفسير القرآن العظيم: 1/49]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون...}
... حدثني عماد بن الصّلت العكليّ عن سعيد بن مسروق أبي سفيان عن الربيع بن خيثم أنه قرأ (سبحانه وتعالى عمّا تشركون) الأولى والتي بعدها كلتاهما بالتاء: وتقرأ بالياء.
فمن قال بالتاء فكأنه خاطبهم ومن قرأ بالياء فكأنّ القرآن نزل على محمد صلّى الله عليه وسلم ثم قال {سبحانه} يعجّبه من كفرهم وإشراكهم). [معاني القرآن: 2/94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} يعني القيامة. أي هي قريب فلا تستعجلوا. وأتي بمعنى يأتي.
وهذا كما يقال: أتاك الخير فأبشر. أي سيأتيك). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
أي أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي وإذ يقول الله يوم القيامة.
يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}.
وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أي من هو صبيّ في المهد.
وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.
إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير.
وقوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} أي فنسوقه.
في أشباه لهذا كثيرة في القرآن). [تأويل مشكل القرآن: 296-295] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: القيامة، قال الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}
وقال تعالى: {وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} أي القيامة أو الموت). [تأويل مشكل القرآن: 515-514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله تعالى: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عمّا يشركون}
{أمر اللّه} ما وعدهم الله به من المجازاة على كفرهم من أصناف العذاب، والدليل على ذلك قوله: {حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور} أي جاء ما وعدناهم به، وكذلك قوله: (أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا) وذلك أنهم استعجلوا العذاب واستبطأوا أمر الساعة، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن ذلك في قربه بمنزلة ما قد أتى، كما قال: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر}
وكما قال: {وما أمر السّاعة إلّا كلمح البصر}.
وقوله: {سبحانه وتعالى عمّا يشركون}.
معناه تنزيهه من السوء، كذلك جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم – وكذلك فسّره أهل اللغة،
قالوا: معناه تنزيه اللّه من السوء، وبراءة الله من السوء.
قال الشاعر:

أقول لما جاء في فخره= سبحان من علقمة الفاجر
أي براءة منه). [معاني القرآن: 3/190-189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله جل وعز: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} قال بعضهم أتى بمعنى يأتي لأنه قد عرف المعنى فصار مثل قولك إن أكرمتني أكرمتك وقيل أخبار الله بالماضي والمستقبل شيء واحد لأنه قد علم أنه يكون فهو بمنزلة ما قد كان وقول ثالث وهو أحسنها وذلك أ نهم استبعدوا ما وعدهم الله من العقاب فأخبر الله جل وعز أن ذلك قريب فقال: {أتى أمر الله} أي هو القرب بمنزلة ما قد أتى كما قال تعالى: {اقتربت الساعة} وكما يقال أتاك الخبر أي قرب منك وقال الضحاك أي جاء القرآن بالفرائض والأحكام والحدود). [معاني القرآن: 4/51-52]

تفسير قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ينزّل الملائكة بالرّوح} عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: ليس ينزل ملكٌ إلا ومعه روحٌ.
وقال السّدّيّ: {بالرّوح} ، يعني: بالوحي.
{من أمره} سعيدٌ عن قتادة، قال: بالرّحمة والوحي من اللّه، يعني: بأمره.
{على من يشاء من عباده} ، يعني: الأنبياء.
وهو تفسير السّدّيّ.
أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ، قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل وله أربعة أجنحةٍ: جناحٌ بالمشرق، وجناحٌ بالمغرب، وقد تسرول بالثّالث، والرّابع بينه وبين اللّوح المحفوظ، فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهة إسرافيل، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل، فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا، أمرت
بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة، حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ.
فيهبط على النّبيّ فيوحي إليه.
قوله: {أن أنذروا أنّه لا إله إلا أنا فاتّقون} أن تعبدوا معي إلهًا.
وقال السّدّيّ: {فاتّقون} ، يقول: فاعبدون). [تفسير القرآن العظيم: 1/50]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ينزّل الملائكة...}
بالياء، و(تنزّل الملائكة) بالتاء. وقراءة أصحاب عبد الله {ينزّل الملائكة} بالياء). [معاني القرآن: 2/94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده} أي: بالوحي). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنّه لا إله إلّا أنا فاتّقون}
ويقرأ: تنزّل الملائكة، ويجوز فيها أوجه لا أعلمه قرئ بها: ينزّل
الملائكة، وينزل الملائكة، وتنزّل الملائكة بالروح - والروح - واللّه أعلم - كان فيه من أمر الله حياة للنفوس والإرشاد إلى أمر اللّه، والدليل على ذلك قوله: {أن أنذروا أنّه لا إله إلّا أنا فاتّقون}.
المعنى أنذروا أهل الكفر والمعاصي بأنّه لا إله إلاّ أنا، أي مروهم بتوحيدي، وألّا يشركوا بي شيئا). [معاني القرآن: 3/190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده}
روى هشيم عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عباس قال الروح خلق من خلق الله وأمر من أمره صورهم على صور بني آدم لا ينزل في السماء ملك إلا ومعه واحد منهم وروى ابن جريج عن مجاهد قال لا ينزل ملك إلا ومعه روح
وقال إسماعيل بن أبي خالد سألت أبا صالح عن الروح فقال لهم صور كصور بني آدم وليسوا منهم وقال الحسن تنزل الملائكة بالروح أي بالنبوة وروى معمر عن قتادة تنزل الملائكة بالروح قال بالوحي والرحمة قال أبو جعفر وهذا قول حسن وقد رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أي ينزلهم بما هو بمنزلة الروح والحياة كما قال تعالى: {فروح وريحان} وقيل معناه رحمة). [معاني القرآن: 4/54-52]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ينزل الملائكة بالروح} أي بالوحي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {خلق السّموات والأرض بالحقّ} للبعث، والحساب، والجنّة، والنّار.
{تعالى} ارتفع.
{عمّا يشركون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم ما يدل على توحيده مما خلق
فقال:{خلق السّماوات والأرض بالحقّ تعالى عمّا يشركون} ارتفع عن الذين أشركوهم به، لأنهم لا يخلقون شيئا وهما يخلقون). [معاني القرآن: 3/190]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {خلق الإنسان من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ} وتفسير الحسن أنّه المشرك.
قال وهو كقوله: {أولم ير الإنسان أنّا خلقناه من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ} ).
[تفسير القرآن العظيم: 1/50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين}
اختصر ههنا، وذكر تقلب أحوال الإنسان في غير مكان من القرآن). [معاني القرآن: 3/190]

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والأنعام خلقها} يعني: الإبل، والبقر، والغنم.
{لكم فيها دفءٌ} ما يصنع لكم منها من الكسوة من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها.
{ومنافع} في ظهورها.
هذه الإبل والبقر، وألبانها في جماعتها.
قال: {ومنها تأكلون} جماعتها لحومها، ويؤكل من البقر والغنم السّمن.
وقال سعيدٌ، عن قتادة في قوله: {فيها دفءٌ} ، قال: لكم فيها لباسٌ ومنفعةٌ وبلغةٌ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: لباسٌ ينسج.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه في قوله: {ومنافع ومنها تأكلون} ، قال: منها مراكب ولبنٌ ولحمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:{والأنعام خلقها لكم...}
نصبت (الأنعام) بخلقها لمّا كانت في الأنعام واو. كذلك كلّ فعل عاد على اسم بذكره، قبل الاسم واو أو فاء أو كلام يحتمل نقلة الفعل إلى ذلك الحرف الذي قبل الاسم ففيه وجهان: الرفع والنصب.
أمّا النصب فأن تجعل الواو ظرفا للفعل. والرفع أن تجعل الواو ظرفاً للاسم الذي هي معه. ومثله {والقمر قدّرناه منازل} {والسّماء بنيناها بأيدٍ} وهو كثير.
ومثله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره} {وكلّ شيء أحصيناه}.
والوجه في كلام العرب رفع كلّ في هذين الحرفين، كان في آخره راجع من الذكر أو لم يكن لأنه في مذهب ما من شيء إلاّ قد أحصيناه في إمام مبين والله أعلم.
سمعت العرب تنشد:
ما كلّ من يظّنّني أن معتب = ولا كلّ ما يروى عليّ أقول
فلم يوقع على (كلّ) الآخرة (أقول) ولا على الأولى (معتب).
وأنشدني بعضهم:
قد حلقت أمّ الخيار تدّعي = عليّ ذنبا كلّه لم أصنع
وقرأ عليّ بعض العرب بسورة يس {وكلّ شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبين} رفعاً قرأها غير مرّة.
وأمّا قوله: {وكلّ شيء فعلوه في الزبر} فلا يكون إلاّ رفعاً؛ لأن المعنى - والله أعلم – كلّ فعلهم في الزبر مكتوب، فهو مرفوع بفي و(فعلوه) صلة لشيء.
ولو كانت (في) صلة لفعلوه في مثل هذا من الكلام جاز رفع كل ونصبها؛ كما تقول: وكلّ رجل ضربوه في الدار، فإن أردت ضربوا كلّ رجل في الدار رفعت ونصبت.
وإن أردت: وكلّ من ضربوه هو في الدار رفعت.
وقوله: {لكم فيها دفءٌ} وهو ما ينتفع به من أوبارها. وكتبت بغير همز لأن الهمزة إذا سكن ما قبلها حذفت من الكتاب، وذلك لخفاء الهمزة إذا سكت عليها، فلمّا سكن ما قبلها ولم يقدروا على همزها في السكت كان سكوتهم كأنه على الفاء. وكذلك قوله: {يخرج الخبء} و{النشأة} و{ملء الأرض} واعمل في الهمز بما وجدت في هذين الحرفين.
وإن كتبت الدّفء في الكلام بواو في الرفع وياء في الخفض وألف في النصب كان صوابا. وذلك على ترك الهمز ونقل إعراب الهمزة إلى الحرف الذي قبلها. من ذلك قول العرب. هؤلاء نشءٌ صدق، فإذا طرحوا الهمزة قالوا: هؤلاء نشو صدق ورأيت نشا صدق ومررت بنشي صدق. وأجود من ذلك حذف الواو والألف والياء؛ لأن قولهم: يسل أكثر من يسال، ومسلة أكثر من مسالة وكذلك بين المر وزوجه إذا تركت الهمزة.
والمنافع: حملهم على ظهورها، وأولادها وألبانها. والدفء: ما يلبسون منها، ويبتنون من أوبارها). [معاني القرآن: 2/96-95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيها دفءٌ ومنافع} أي ما استدفئ به من أوبارها. ومنافع سوى ذلك). [مجاز القرآن: 1/356]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لكم فيها دفءٌ} (الدّفء): ما استدفأت به. يريد ما يتخذ من أوبارها من الأكسية والأخبية وغير ذلك).
[تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون}
نصب الأنعام على فعل مضمر، المعنى خلق الأنعام خلقها، مفسّر للمضمر، والدفء ما يدفئهم من أوبارها وأصوافها.
وأكثر ما تستعمل الأنعام في الإبل خاصة، وتكون للإبل والغنم والبقر، فأخبر اللّه - عزّ وجلّ - أن في الأنعام ما يدفئنا، ولم يقل لكم فيها ما يكنّكم ويدفئكم من البرد، لأن ما ستر
من الحر ستر من البرد، وما ستر من البرد ستر من الحرّ، قال اللّه - عزّ وجلّ - في موضع آخر: (سرابيل تقيكم الحرّ) فعلم أنها تقي البرد أيضا، وكذلك إذا قيل: {لكم فيها دفء}
علم أنها تستر من البرد، وتستر من الحرّ.
وقوله: {ومنافع} أي ومنافعها ألبانها وأبوالها وغير ذلك). [معاني القرآن: 3/191-190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال النسل وروى ابن جريج عن مجاهد قال الدفء لباس ينسج والمنافع الركوب واللبن واللحم قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي ما يدفئ من أوبارها وغير ذلك وأحسب مذهب ابن عباس أن المنافع النسل لا الدفء على أن الأموي قد روى أن الدفء عند العرب نتاج الإبل والانتفاع بها فيكون هذا فيه). [معاني القرآن: 4/54]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والدفء) ما استدفأت به). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} حين تروح عليكم من الرّعي، وحين تسرّحونها إلى الرّعي.
هذا تفسير الحسن.
وتفسير سعيدٍ، عن قتادة: {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} ، يعني: الإبل، وذاك أعجب ما تكون، إذا راحت عظامًا ضروعها طوالا أسنمتها.
قول: {وحين تسرحون} سعيدٌ عن قتادة، قال: إذا سرحت لرعيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حين تريحون...}
أي حين تريحون إبلكم: تردّونها بين الرعي ومباركها يقال لها المراح. والسروح بالغداة ... إذا سعت للرعي). [معاني القرآن: 2/96]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حين تريحون} بالعشى {وحين تسرحون} بالغداة). [مجاز القرآن: 1/356]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حين تريحون}: بالعشي.
{وتسرحون}: بالغداة). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} إذ راحت عظام الضروع والأسنمة، فقيل: هذا مال فلان.
{وحين تسرحون} بالغداة. ويقال: سرحت الإبل بالغداة وسرّحتها). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}
الإراحة أن تروح الإبل من مراعيها إلى الموضع الذي تقيم فيه (وحين تسرحون)، أي حين تخلونها للرعي، وفيما ملكه الإنسان جمال " وزينة - كما قال عزّ وجلّ: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا}، والمال ليس يخص الورق والعين دون الأملاك، وأكثر مال العرب الإبل، كما أن أكثر أموال أهل البصرة النخل.
إنما يقولون مال فلان بموضع كذا وكذا يعنون النخل). [معاني القرآن: 3/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}
روى معمر عن قتادة قال إذا راحت أعظم ما تكون أسنمة من السمن وضروعها محفلة
قال أبو جعفر والمعنى عند أهل اللغة وتريحونها بالعشي يقال أرحت الإبل إذا انصرفت بها من المرعى الذي تكون فيه بالليل ويقال للموضع المراح وفي الحديث إذا سرقها من المراح قطع
ومعنى تسرحون تغدون بها إلى المرعى سرحت الإبل أسرحها سرحا وسروحا إذا غدوت بها إلى المرعى فخليتها ترعى وسرحت هي في المعتدي واللازم واحد). [معاني القرآن: 4/55]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تريحون} بالعشي، و{تسرحون} بالغداة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُرِيحونَ}: بالعشي. {تَسْرَحونَ}: بالغداة). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه} إلى البلد الّذي تريدونه.
وفي تفسير الحسن: إنّها الإبل والبقر.
{إلا بشقّ الأنفس} لولا أنّها تحمل أثقالكم لم تكونوا بالغي ذلك البلد إلا بمشقّةٍ على أنفسكم.
وقال سعيدٌ عن قتادة: إلا بجهد الأنفس.
قال: {إنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ} ، يقول: فبرأفة اللّه ورحمته سخّر لكم هذه الأنعام وهي للكافر رحمةٌ.
الدّنيا: المعايش، والنّعم الّتي رزقه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/52-51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بشقّ الأنفس...}
أكثر القرّاء على كسر الشين ومعناها: إلا بجهد الأنفس. وكأنه اسم وكأن الشّقّ فعل؛ كما توهّم أن الكره الاسم وأن الكره الفعل. وقد قرأ به بعضهم (إلاّ بشقّ الأنفس) وقد يجوز في قوله: {بشقّ الأنفس} أن تذهب إلى أن الجهد ينقص من قوّة الرجل ونفسه حتى يجعله قد ذهب بالنصف من قوّته، فتكون الكسرة على أنه كالنصف والعرب تقول: خذ هذا الشّقّ لشقّة الشاة ويقال: المال بيني وبينك شقّ الشعرة وشقّ الشعرة وهما متقاربان، فإذا قالوا شققت عليك شقّا نصبوا ولم نسمع غيره). [معاني القرآن: 2/97]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ بشقّ الأنفس} يكسر أوله ويفتح ومعناه بمشقة الأنفس، وقال النّمر بن تولب:
وذي إبلٍ يسعى ويحسبها له= أخي نصبٍ من شقّها وذؤوب
أي من مشقتها، وقال العجاج:
أصبح مسحولٌ يوازي شقّا
أي يقاسي مشقةً، ومسحول بعيره). [مجاز القرآن: 1/356]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بشق الأنفس}: ويقال بشق وهو المشقة). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بشقّ الأنفس} أي بمشقة. يقال: نحن بشق من العيش، أي بجهد. وفي حديث أم زرع: «وجدني في أهل غنيمة بشقّ» ). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلّا بشقّ الأنفس إنّ ربّكم لرءوف رحيم }
(أثقالكم) (إثقالكم)
تقرأ بالفتح والكسر، أي لو تكلفتم بلوغه على غير الإبل لشقّ عليكم ذلك). [معاني القرآن: 3/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} روى ابن جريج عن مجاهد قال إلا بمشقة
وقال غيره المعنى لولا الإبل لم تبلغوا البلدان إلا بمشقة وقد قرئ (إلا بشق الأنفس) وهي بمعنى الأول إلا أنه مصدر). [معاني القرآن: 4/56]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِشِقِّ الأَنْفُس}: من شدة الجهد). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والخيل والبغال} وخلق الخيل والبغال.
{والحمير لتركبوها وزينةً} في ركوبها.
وفي تفسير قتادة، عن ابن عبّاسٍ: أنّه خلقها للرّكوب والزّينة.
- حمّادٌ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، أنّهم ذبحوا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، قال: فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحمير والبغال، ولم ينه عن الخيل
- الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عطاءٍ، عن جابر بن عبد اللّه، أنّهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول اللّه عليه السّلام.
- الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين، قال: قيل يوم خيبر: يا رسول اللّه أفنيت الحمر، فسكت، فقيل: أفنيت الحمر، فسكت، فقيل: أفنيت الحمر، فأمر مناديه فنادى: إنّ اللّه ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهليّة فإنّها نجسٌ.
- خالدٌ، عن الحسن، قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن لحوم الحمر الأهليّة وألبانها.
- أبو الرّبيع، عن عمرو بن دينارٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: أمرنا بلحوم الخيل ونهينا عن لحوم الحمر.
وذكر عن الحكم الغفاريّ مثل حديث جابرٍ قال: وأبى البحر قلت: من البحر؟ أو قيل: من البحر؟ قال: ابن عبّاسٍ.
قال: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا} إلى آخر الآية.
قال: {ويخلق ما لا تعلمون} من الأشياء كلّها ممّا لم يذكر لكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/53-52]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والخيل والبغال والحمير...}
تنصبها بالردّ على خلق. وإن شئت جعلته منصوباً على إضمار سخّر: فيكون في جواز إضماره مثل قوله: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةً} من نصب في البقرة نصب الغشاوة بإضمار (وجعل) ولو رفعت {الخيل والبغال والحمير} كان صوابا من وجهين.
أحدهما أن تقول: لمّا لم يكن الفعل معها ظاهراً رفعته على الاستئناف.
والآخر أن يتوهّم أن الرفع في الأنعام قد كان يصلح فتردّها على ذلك كأنك قلت: والأنعام خلقها، والخيل والبغال على الرفع.
وقوله عزّ وجلّ: {لتركبوها وزينةً}، ننصبها: ونجعلها زينة على فعل مضمر، مثل {وحفظاً من كلّ شيطانٍ} أي جعلناها. ولو لم يكن في الزينة ولا في (وحفظاً) واو لنصبتها بالفعل الذي قبلها لا بالإضمار.
ومثله أعطيتك درهماً ورغبة في الأجر، المعنى أعطيتكه رغبة. فلو ألقيت الواو لم تحتج إلى ضمير لأنه متّصل بالفعل الذي قبله). [معاني القرآن: 2/97]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون}
قال: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} نصب. أي: وجعل الله الخيل والبغال والحمير وجعلها (زينةً) ). [معاني القرآن: 2/64]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}
أي وخلق الخيل والبغال والحمير للركوب، وكثير من الناس يقولون إنّ لحوم الخيل والبغال والحمير دلّت عليه هذه الآية أنها حرام،
لأنه قال في الإبل ( {منها تأكلون.. ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم}
وقال في الخيل {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}
ولم يذكر فيها الأكل. وقال قوم لو كانت حرمت بهذه الآية لم يحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية، ولكفاه ما دلّ عليه القرآن.
وهذا غلط لأن " القرآن قد دلّ على أن الخمر حرام، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حرمت الخمر بعينها. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حرّم في الكتاب بأنه حرام.
توكيدا له وزيادة في البيان.
ونصب (وزينة) مفعول لها، المعنى وخلقها زينة). [معاني القرآن: 3/192-191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} تأول هذا جماعة منهم عبد الله بن عباس على أنه لا يحل أكل هذه لقوله في الإبل: {ومنها تأكلون}
ولم يقل هذا في الخيل والبغال والحمير). [معاني القرآن: 4/56]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويخلق ما لا تعلمون} وظاهره عام إلا أن عبد الرحمن بن معاوية القرشي حدثنا قال حدثنا موسى بن محمد عن ابن السدي عن أبيه في قوله تعالى:
{ويخلق ما لا تعلمون} قال السوس في الثياب). [معاني القرآن: 4/57]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل} والسّبيل قصد الطّريق، الهدى إلى الجنّة، كقوله: {إنّ علينا للهدى}،
وكقوله: {قال هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ}.
وقال سعيدٌ عن قتادة: {قصد السّبيل} البيان، حلاله، وحرامه، وطاعته، ومعصيته.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {قصد السّبيل} الطّريق الحقّ على اللّه.
قوله: {ومنها جائرٌ} ومن السّبيل جائرٌ، أي: عن السّبيل جائرٌ، وهو الكافر، جارٍ عن سبيل الهدى.
وجارٍ عنها وجارٍ منها واحدٌ.
قال قتادة: وهي في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: ومنكم جائرٌ.
قال قتادة: جائرٌ من السّبيل أي: عن سبيل الهدى، ناكبٌ عنها.
قال قتادة: وذلك تفسيرها.
قال: {ولو شاء لهداكم أجمعين} مثل قوله: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} وكقوله: {أفلم ييئس الّذين آمنوا} أفلم يتبيّن للّذين آمنوا {أن لو يشاء اللّه لهدى النّاس جميعًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/53]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل...}
يقال: هداية الطرق. ويقال السبيل: الإسلام (ومنها جائرٌ)، يقال: الجائر اليهوديّة والنصرانيّة. يدلّ على هذا أنّه القول قوله: {ولو شاء لهداكم أجمعين} ). [معاني القرآن: 2/98-97]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعلى الله قصد السّبيل ومنها جائرٌ} السبيل: لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع فكأنه: ومن السبيل سبيل جائر، وبعضهم يؤنث السبيل). [مجاز القرآن: 1/357]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعلى اللّه قصد السّبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين}
وقال: {ومنها جائرٌ} أي: ومن السبيل لأنّها مؤنثة في لغة أهل الحجاز). [معاني القرآن: 2/64]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ومنها جائر}: أي عادل. يقال: جار عن الطريق أي عدل عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومنها جائرٌ} أي: من الطرق جائر لا يهتدون فيه. والجائر: العادل عن القصد). [تفسير غريب القرآن: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
أي على الله تبيين الطريق المستقيم إليه بالحجج والبراهين
وقوله: {ومنها جائر}.
جائر أي من السبل طرق غير قاصدة للحق.
وقوله: {ولو شاء لهداكم أجمعين}.
أي لو شاء اللّه لأنزل آية تضطر الخلق إلى الإيمان به، ولكنه عزّ وجلّ: يهدي من يشاء ويدعو إلى صراط مستقيم). [معاني القرآن: 3/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وعلى الله قصد السبيل} قال الضحاك أي تبيين الهدى والضلالة وقال مجاهد أي طريق الحق وهذه تشبه قال هذا صراط علي مستقيم أي على منهاجي وديني وكذا وعلى الله قصد السبيل أي القصد فيها ما كان على دين الله وقيل هو تبيين الحق والبراهين والحجج
وقيل إنه يراد بالسبيل ههنا الإسلام). [معاني القرآن: 4/58-57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومنها جائر} أي ومن السبل جائر أي عادل عن الحق وأنشدني أبو بكر ابن أبي الأزهر
قال أنشدني بندار:
لما خلطت دماءنا بدمائها = سار الثفال بها وجار العاذل
وروى عن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ ومنكم جائر وكذلك قرأ عبد الله بن مسعود ذا على التفسير). [معاني القرآن: 4/58]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ولو شاء لهداكم أجمعين} أي لو شاء لأنزل آية تضطركم إلى الإيمان ولكنة أراد أن يثيب ويعاقب
وقوله جل وعز: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون} قال قتادة والضحاك فيه تسيمون فيه ترعون قال أبو جعفر وكذا هو في اللغة يقال أسمت الإبل أي رعيتها فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة). [معاني القرآن: 4/59-58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ومنها جائر} أي من الطرق جائر، لا يهتدون فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {هو الّذي أنزل من السّماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تسيمون} ترعون أنعامكم، تسرّحونها فيه.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: تسيمون، ترعون). [تفسير القرآن العظيم: 1/54-53]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تسيمون...} ترعون إبلكم). [معاني القرآن: 2/98]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {شجرٌ فيه تسيمون} يقال: أسمت إبلي وسامت هي، أي رعيتها). [مجاز القرآن: 1/357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فيه تسيمون}: ترعون. اسمت سائمتي إذا رعيتها والسوائم المخلاة من ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 205-204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ} يعني المرعى. قال عكرمة: لا تأكل ثمر الشجر فإنه سحت. يعني الكلأ.
{فيه تسيمون} أي ترعون. يقال: أسمت إبلي فسامت. ومنه قيل لكل ما رعي من الأنعام: سائمة، كما يقال: راعية). [تفسير غريب القرآن: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هو الّذي أنزل من السّماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون}
المعنى أنه ينبت الشجر التي ترعاها الإبل، وكل ما أنبت على الأرض فهو شجر.
قال الشاعر يصف الخيل:
نعلفها اللحم إذا عزّ الشجر= والخيل في إطعامها اللحم ضرر
يعني أنهم يسقون الخيل اللبن إذا أجدبت الأرض.
وقوله: (فيه تسيمون) أي ترعون، يقال: أسمت الإبل إذا رعيتها، وقد سامت تسوم وهي سائمة إذا رعت، وإنما أخد ذلك من السّومة، وهي العلامة وتأويلها أنها تؤثر في الأرض برعيها علامات). [معاني القرآن: 3/192]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تسيمون} أي: ترعون). [ياقوتة الصراط: 293]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فيه تسيمون} أي ترعون السائمة. والسائمة: كل ما رعي من الأنعام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُسِيمُونَ}: ترعون). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ينبت لكم به} بذلك الماء.
{الزّرع والزّيتون والنّخيل والأعناب ومن كلّ الثّمرات} قال يحيى: سمعت بعض أشياخنا يذكر أنّ اللّه أهبط من الجنّة إلى الأرض ثلاثين ثمرةً: عشرٌ يؤكل داخلها ولا يؤكل خارجها، وعشرٌ يؤكل خارجها ولا يؤكل داخلها، وعشرٌ يؤكل داخلها وخارجها.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} ، يعني: لعبرةً، تفسير مجاهدٍ والسّدّيّ.
{لقومٍ يتفكّرون} وهم المؤمنون.
قال: فالّذي ينبت من ذلك الماء الواحد هذه الألوان المختلفة قادرٌ على أن يحيي الأموات). [تفسير القرآن العظيم: 1/54]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وسخّر لكم اللّيل والنّهار} يختلفان عليكم.
{والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٌ} تجري.
{بأمره} يذكّر عباده نعمته عليهم.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون} وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/54]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وسخّر لكم اللّيل والنّهار والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٌ بأمره إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}
وقال: {والنّجوم مسخّراتٌ} فعلى "سخّرت النّجوم" أو "جعل النّجوم مسخّراتٍ" وجاز إضمار فعل غير الأول لأن ذلك المضمر في المعنى مثل المظهر. وقد تفعل العرب ما هو أشد من ذا.
قال الراجز:
تسمع في أجوافهنّ صردا = وفي اليدين جسأةً وبددا
فهذا على {وترى في اليدين الجسأة} [وهي]: اليبس والبدد [وهو]: "السّعة"). [معاني القرآن: 2/64]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما ذرأ لكم في الأرض} سعيدٌ عن قتادة، قال: أي وما خلق لكم في الأرض.
{مختلفًا ألوانه} قال الحسن: من النّبات.
وقال قتادة: من الدّوابّ، والشّجر، والثّمار.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} لعبرةً.
{لقومٍ يذّكّرون} وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما ذرأ لكم} أي ما خلق لكم). [مجاز القرآن: 1/357]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إنّ في ذلك لآيةً لّقومٍ يذّكّرون}
وقال: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه} يقول: خلق لكم وبثّ لكم). [معاني القرآن: 2/64]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ذرأ لكم}: خلق لكم). [غريب القرآن وتفسيره: 205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه} قال قتادة من الدواب والأشجار والثمار
وقوله جل وعز: {وترى الفلك مواخر فيه} قال الضحاك تذهب وتجيء والمخر في اللغة الشق يقال مخرت السفينة تمخر وتمخر إذا شقت الماء وسمعت لها صوتا وذلك عند هبوب الرياح ومخر الأرض إنما هو شق الماء إياها).
[معاني القرآن: 4/60-59]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ذَرَأَ لَكُمْ}: خلق لكم). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي سخّر البحر} خلق البحر.
{لتأكلوا منه لحمًا طريًّا} قال قتادة: حيتان البحر.
{وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها} اللّؤلؤ.
{وترى الفلك} السّفن.
{مواخر فيه} سعيدٌ عن قتادة، قال: يعني سفن البحر مقبلةً ومدبرةً تجري فيه بريحٍ واحدةٍ.
وقال مجاهدٌ: ولا تمخر الرّيح من السّفن إلا العظام.
وبعضهم يقول: {مواخر فيه} يعني شقّها الماء في وقت جريها.
قال: {ولتبتغوا من فضله} قال مجاهدٌ: طلب التّجارة في السّفن.
{ولعلّكم تشكرون} ولكي تشكروا، هي مثل قوله: {لعلّكم تسلمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/55-54]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مواخر فيه...}
واحدها ماخرة وهو صوت جرى الفلك بالرياح، وقد مخرت تمخر وتمخر). [معاني القرآن: 2/98]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وترى الفلك مواخر فيه} من مخرت الماء أي شقّته بجآجئها، والفلك ها هنا في موضع جميع فقال فواعل، وهو موضع واحد كقوله: {الفلك المشحون}
بمنزلة السلاح واحدٍ وجميع). [مجاز القرآن: 1/357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مواخر فيه}: يقال: مخرت السفينة الماء إذا شقته بجؤجؤها). [غريب القرآن وتفسيره: 205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وترى الفلك}: السفن.
{مواخر فيه} أي: جواري تشقّ الماء. يقال: مخرت السفينة. ومنه مخر الأرض إنما هو شقّ الماء لها). [تفسير غريب القرآن: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهو الّذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحما طريّا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون}
{وترى الفلك مواخر فيه} معنى {مواخر فيه} جواري تجري جريا، وتشق الماء شقا). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مواخر فيه} أي جواري تشق الماء. يقال: مخرت السفينة الماء: إذا شقته بصدرها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَوَاخِرَ}: تشق الماء). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وألقى في الأرض رواسي} الجبال.
{أن تميد بكم} لئلا تحرّك بكم.
عاصم بن حكيمٍ وابن مجاهدٍ عن أبيه، قال: أن تكفأ بكم.
وقد فسّرناه في غير هذا الموضع.
{وأنهارًا} ، أي: وجعل فيها أنهارًا.
{وسبلا} طرقًا.
{لعلّكم تهتدون} لكي تهتدوا الطّريق). [تفسير القرآن العظيم: 1/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وألقى في الأرض رواسي} أي جعل فيها جبالاً ثوابت قد رست.
{أن تميد بكم} مجازه: أن لا تميل بكم). [مجاز القرآن: 1/357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {رواسي}: جبالا.
{أن تميد بكم}: أن تميل بكم). [غريب القرآن وتفسيره: 205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وألقى في الأرض رواسي} أي جبالا ثوابت لا تبرح. وكل شيء ثبت فقد رسا.
{أن تميد بكم} أي لئلا تميد بكم الأرض. والميد: الحركة والميل.
ومنه يقال: فلان يميد في مشيته: إذا تكفّأ). [تفسير غريب القرآن: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلّكم تهتدون}
{رواسي} جبالا رواسي ثوابت، {أن تميد} معناه كراهة أن تميد ومعنى تميد لا تستقر، يقال ماد الرجل يميد ميدا، إذا دير به والميدى: الذين يدار بهم إذا ركبوا في البحر،
و {أن تميد} في موضع نصب، مفعول لها.
{وأنهارا وسبلا} المعنى وجعل فيها رواسي وأنهارا وسبلا، لأن معنى ألقى في الأرض رواسي جعل فيها رواسي، ودليل ذلك قوله: {والجبال أوتادا} ). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وألقى في الأرض رواسي} قال الحسن أي جبالا قال أبو جعفر يقال رسا يرسو إذا ثبت وأقام ثم قال تعالى: {أن تميد بكم} قال إبراهيم أي تكفأ
قال أبو جعفر يقال ماد يميد إذا تحرك ومال
وروى معمر عن قتادة قال سمعت الحسن يقول لما خلق الله الأرض كادت تميد فقالوا لا تقر هذه عليها أحدا فأصبحوا وقد خلق الله الجبال ولم تدر الملائكة مما خلقت الجبال).[معاني القرآن: 4/60]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وأنهارا وسبلا} أي وجعل فيها أنهارا وسبلا قال قتادة أي طرقا). [معاني القرآن: 4/61-60]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرواسي} الجبال). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 130]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَمِيدَ}: تميل). [العمدة في غريب القرآن: 177]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وعلاماتٍ} جعلها في طرقهم يعرفون بها الطّريق.
{وبالنّجم} ، أي: {وبالنّجم هم يهتدون} ، يعني: يعرفون الطّريق.
والنّجم: جماعة النّجوم الّتي يهتدون بها.
النّضر بن معبدٍ عن حسّان بن بلالٍ العنزيّ قال: من قال في هذه النّجوم سوى هذه الثّلاث فهو كاذبٌ، آثمٌ، مفترٍ، مبتدعٌ.
قال اللّه: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح}، قال: {وجعلناها رجومًا للشّياطين}.
وقال: {وهو الّذي جعل لكم النّجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر}.
فهي مصابيح، ورجومٌ، وتهتدون بها). [تفسير القرآن العظيم: 1/56-55]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وبالنّجم هم يهتدون...} يقال: الجدي والفرقدان). [معاني القرآن: 2/98]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعلامات وبالنّجم هم يهتدون}
النجم والنجوم في معنى واحد، كما تقول: كثر الدرهم في أيدي الناس وكثرت الدراهم، خلق اللّه - جل ثناؤه - النجوم لأشياء منها أنها جعلت زينة للسماء الدنيا، ومنها أنها جعلت رجوما للشياطين ومنها أنها يهتدى بها،
ومنها أنها يعلم بها عدد السنين والحساب). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} روى سفيان عن منصور عن إبراهيم قال من النجوم علامات ومنها ما يهتدي به وقال الفراء الجدي والفرقدان
قال أبو جعفر والذي عليه أهل التفسير وأهل اللغة سواه أن النجم ههنا بمعنى النجوم وخلق الله النجوم زينة للسماء ورجوما للشياطين وليعلم بها عدد السنين والحساب وليهتدي بها). [معاني القرآن: 4/61]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفمن يخلق} ، يعني: نفسه.
{كمن لا يخلق} ، يعني: الأوثان، على الاستفهام، هل يستويان؟ أي: لا يستوي اللّه والأوثان الّتي تعبدون من دونه، الّتي لا تملك ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
والنّشور البعث.
{أفلا تذكّرون} ، يعني: المشركين، والمؤمنون هم المتذكّرون.
وقال قتادة: {أفمن يخلق كمن لا يخلق} اللّه هو الخالق، وهذه الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه تخلق ولا تخلق شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/56]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن يخلق كمن لاّ يخلق...}
جعل (من) لغير الناس لمّا ميّزه فجعله مع الخالق وصلح، كما قال: {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ}
والعرب تقول: اشتبه عليّ الراكب وحمله فما أدرى من ذا من ذا، حيث جمعهما واحدهما إنسان صلحت (من) فيهما جميعاً). [معاني القرآن: 2/98]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن تعدّوا نعمة اللّه لا تحصوها} أبو أميّة عن الحسن، أنّ داود النّبيّ قال: إلهي، لو كان لي بكلّ شعرةٍ في جسدي لسانان يسبّحانك اللّيل والنّهار،
والدّهر كلّه ما أدّيت شكر نعمةٍ واحدةٍ أنعمتها عليّ.
قال: {إنّ اللّه لغفورٌ رحيمٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/56]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): {واللّه يعلم ما تسرّون وما تعلنون} ما يسرّ المشركون من نجواهم في أمر النّبيّ، ما يتشاورون به بينهم في أمره.
مثل قوله: {وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا} أشركوا {هل هذا}، يعنون محمّدًا {إلا بشرٌ مثلكم أفتأتون السّحر وأنتم تبصرون} أنّه سحرٌ، يعنون القرآن.
قال: {وما تعلنون} من شركهم وجحودهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/56]


رد مع اقتباس