عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20 جمادى الأولى 1434هـ/31-03-2013م, 05:44 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والأنعام خلقها} يعني: الإبل، والبقر، والغنم.
{لكم فيها دفءٌ} ما يصنع لكم منها من الكسوة من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها.
{ومنافع} في ظهورها.
هذه الإبل والبقر، وألبانها في جماعتها.
قال: {ومنها تأكلون} جماعتها لحومها، ويؤكل من البقر والغنم السّمن.
وقال سعيدٌ، عن قتادة في قوله: {فيها دفءٌ} ، قال: لكم فيها لباسٌ ومنفعةٌ وبلغةٌ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: لباسٌ ينسج.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه في قوله: {ومنافع ومنها تأكلون} ، قال: منها مراكب ولبنٌ ولحمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:{والأنعام خلقها لكم...}
نصبت (الأنعام) بخلقها لمّا كانت في الأنعام واو. كذلك كلّ فعل عاد على اسم بذكره، قبل الاسم واو أو فاء أو كلام يحتمل نقلة الفعل إلى ذلك الحرف الذي قبل الاسم ففيه وجهان: الرفع والنصب.
أمّا النصب فأن تجعل الواو ظرفا للفعل. والرفع أن تجعل الواو ظرفاً للاسم الذي هي معه. ومثله {والقمر قدّرناه منازل} {والسّماء بنيناها بأيدٍ} وهو كثير.
ومثله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره} {وكلّ شيء أحصيناه}.
والوجه في كلام العرب رفع كلّ في هذين الحرفين، كان في آخره راجع من الذكر أو لم يكن لأنه في مذهب ما من شيء إلاّ قد أحصيناه في إمام مبين والله أعلم.
سمعت العرب تنشد:
ما كلّ من يظّنّني أن معتب = ولا كلّ ما يروى عليّ أقول
فلم يوقع على (كلّ) الآخرة (أقول) ولا على الأولى (معتب).
وأنشدني بعضهم:
قد حلقت أمّ الخيار تدّعي = عليّ ذنبا كلّه لم أصنع
وقرأ عليّ بعض العرب بسورة يس {وكلّ شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبين} رفعاً قرأها غير مرّة.
وأمّا قوله: {وكلّ شيء فعلوه في الزبر} فلا يكون إلاّ رفعاً؛ لأن المعنى - والله أعلم – كلّ فعلهم في الزبر مكتوب، فهو مرفوع بفي و(فعلوه) صلة لشيء.
ولو كانت (في) صلة لفعلوه في مثل هذا من الكلام جاز رفع كل ونصبها؛ كما تقول: وكلّ رجل ضربوه في الدار، فإن أردت ضربوا كلّ رجل في الدار رفعت ونصبت.
وإن أردت: وكلّ من ضربوه هو في الدار رفعت.
وقوله: {لكم فيها دفءٌ} وهو ما ينتفع به من أوبارها. وكتبت بغير همز لأن الهمزة إذا سكن ما قبلها حذفت من الكتاب، وذلك لخفاء الهمزة إذا سكت عليها، فلمّا سكن ما قبلها ولم يقدروا على همزها في السكت كان سكوتهم كأنه على الفاء. وكذلك قوله: {يخرج الخبء} و{النشأة} و{ملء الأرض} واعمل في الهمز بما وجدت في هذين الحرفين.
وإن كتبت الدّفء في الكلام بواو في الرفع وياء في الخفض وألف في النصب كان صوابا. وذلك على ترك الهمز ونقل إعراب الهمزة إلى الحرف الذي قبلها. من ذلك قول العرب. هؤلاء نشءٌ صدق، فإذا طرحوا الهمزة قالوا: هؤلاء نشو صدق ورأيت نشا صدق ومررت بنشي صدق. وأجود من ذلك حذف الواو والألف والياء؛ لأن قولهم: يسل أكثر من يسال، ومسلة أكثر من مسالة وكذلك بين المر وزوجه إذا تركت الهمزة.
والمنافع: حملهم على ظهورها، وأولادها وألبانها. والدفء: ما يلبسون منها، ويبتنون من أوبارها). [معاني القرآن: 2/96-95]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيها دفءٌ ومنافع} أي ما استدفئ به من أوبارها. ومنافع سوى ذلك). [مجاز القرآن: 1/356]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (ندع ما مضى منه.
قوله عز وجل {لكم فيها دفء ومنافع} قالوا: دفئ الرجل دفئًا، مثل دفعًا، المصدر مفتوح؛ ولك في هذا دفءٌ يا هذا؛ وقالوا: رجل دفآن مثل دفعان، وامرأة دفئى، وبيت دفىء، وغرفة دفيئة ممدود.
قال أبو علي: وحكي لنا: دفؤ الرجل، على فعل، يدفؤ). [معاني القرآن لقطرب: 810]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لكم فيها دفءٌ} (الدّفء): ما استدفأت به. يريد ما يتخذ من أوبارها من الأكسية والأخبية وغير ذلك).
[تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون}
نصب الأنعام على فعل مضمر، المعنى خلق الأنعام خلقها، مفسّر للمضمر، والدفء ما يدفئهم من أوبارها وأصوافها.
وأكثر ما تستعمل الأنعام في الإبل خاصة، وتكون للإبل والغنم والبقر، فأخبر اللّه - عزّ وجلّ - أن في الأنعام ما يدفئنا، ولم يقل لكم فيها ما يكنّكم ويدفئكم من البرد، لأن ما ستر
من الحر ستر من البرد، وما ستر من البرد ستر من الحرّ، قال اللّه - عزّ وجلّ - في موضع آخر: (سرابيل تقيكم الحرّ) فعلم أنها تقي البرد أيضا، وكذلك إذا قيل: {لكم فيها دفء}
علم أنها تستر من البرد، وتستر من الحرّ.
وقوله: {ومنافع} أي ومنافعها ألبانها وأبوالها وغير ذلك). [معاني القرآن: 3/191-190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال النسل وروى ابن جريج عن مجاهد قال الدفء لباس ينسج والمنافع الركوب واللبن واللحم قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي ما يدفئ من أوبارها وغير ذلك وأحسب مذهب ابن عباس أن المنافع النسل لا الدفء على أن الأموي قد روى أن الدفء عند العرب نتاج الإبل والانتفاع بها فيكون هذا فيه). [معاني القرآن: 4/54]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والدفء) ما استدفأت به). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} حين تروح عليكم من الرّعي، وحين تسرّحونها إلى الرّعي.
هذا تفسير الحسن.
وتفسير سعيدٍ، عن قتادة: {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} ، يعني: الإبل، وذاك أعجب ما تكون، إذا راحت عظامًا ضروعها طوالا أسنمتها.
قول: {وحين تسرحون} سعيدٌ عن قتادة، قال: إذا سرحت لرعيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حين تريحون...}
أي حين تريحون إبلكم: تردّونها بين الرعي ومباركها يقال لها المراح. والسروح بالغداة ... إذا سعت للرعي). [معاني القرآن: 2/96]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حين تريحون} بالعشى {وحين تسرحون} بالغداة). [مجاز القرآن: 1/356]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وحين تسرحون} يقال: سرح إبله سرحًا والسراح الاسم إلى الرعي). [معاني القرآن لقطرب: 810]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حين تريحون}: بالعشي.
{وتسرحون}: بالغداة). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} إذ راحت عظام الضروع والأسنمة، فقيل: هذا مال فلان.
{وحين تسرحون} بالغداة. ويقال: سرحت الإبل بالغداة وسرّحتها). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}
الإراحة أن تروح الإبل من مراعيها إلى الموضع الذي تقيم فيه (وحين تسرحون)، أي حين تخلونها للرعي، وفيما ملكه الإنسان جمال " وزينة - كما قال عزّ وجلّ: {المال والبنون زينة الحياة الدّنيا}، والمال ليس يخص الورق والعين دون الأملاك، وأكثر مال العرب الإبل، كما أن أكثر أموال أهل البصرة النخل.
إنما يقولون مال فلان بموضع كذا وكذا يعنون النخل). [معاني القرآن: 3/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}
روى معمر عن قتادة قال إذا راحت أعظم ما تكون أسنمة من السمن وضروعها محفلة
قال أبو جعفر والمعنى عند أهل اللغة وتريحونها بالعشي يقال أرحت الإبل إذا انصرفت بها من المرعى الذي تكون فيه بالليل ويقال للموضع المراح وفي الحديث إذا سرقها من المراح قطع
ومعنى تسرحون تغدون بها إلى المرعى سرحت الإبل أسرحها سرحا وسروحا إذا غدوت بها إلى المرعى فخليتها ترعى وسرحت هي في المعتدي واللازم واحد). [معاني القرآن: 4/55]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تريحون} بالعشي، و{تسرحون} بالغداة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُرِيحونَ}: بالعشي. {تَسْرَحونَ}: بالغداة). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه} إلى البلد الّذي تريدونه.
وفي تفسير الحسن: إنّها الإبل والبقر.
{إلا بشقّ الأنفس} لولا أنّها تحمل أثقالكم لم تكونوا بالغي ذلك البلد إلا بمشقّةٍ على أنفسكم.
وقال سعيدٌ عن قتادة: إلا بجهد الأنفس.
قال: {إنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ} ، يقول: فبرأفة اللّه ورحمته سخّر لكم هذه الأنعام وهي للكافر رحمةٌ.
الدّنيا: المعايش، والنّعم الّتي رزقه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/52-51]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بشقّ الأنفس...}
أكثر القرّاء على كسر الشين ومعناها: إلا بجهد الأنفس. وكأنه اسم وكأن الشّقّ فعل؛ كما توهّم أن الكره الاسم وأن الكره الفعل. وقد قرأ به بعضهم (إلاّ بشقّ الأنفس) وقد يجوز في قوله: {بشقّ الأنفس} أن تذهب إلى أن الجهد ينقص من قوّة الرجل ونفسه حتى يجعله قد ذهب بالنصف من قوّته، فتكون الكسرة على أنه كالنصف والعرب تقول: خذ هذا الشّقّ لشقّة الشاة ويقال: المال بيني وبينك شقّ الشعرة وشقّ الشعرة وهما متقاربان، فإذا قالوا شققت عليك شقّا نصبوا ولم نسمع غيره). [معاني القرآن: 2/97]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ بشقّ الأنفس} يكسر أوله ويفتح ومعناه بمشقة الأنفس، وقال النّمر بن تولب:
وذي إبلٍ يسعى ويحسبها له= أخي نصبٍ من شقّها وذؤوب
أي من مشقتها، وقال العجاج:
أصبح مسحولٌ يوازي شقّا
أي يقاسي مشقةً، ومسحول بعيره). [مجاز القرآن: 1/356]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو ونافع {إلا بشق الأنفس} يكسرون الشين.
أبو جعفر والأعرج {إلا بشق الأنفس} بنصب الشين.
وقال النمر بن تولب على قراءة الحسن:
[معاني القرآن لقطرب: 804]
وذي إبل يسعى ويحسبها له = أخي نصب من شقها ودؤوب
دأب دؤوبًا ودأبًا.
وقال رؤبة:
أصبح مسحول يوازي شقا = ..............
وشقا يقال: أيضًا، ومشقة). [معاني القرآن لقطرب: 805]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بشق الأنفس}: ويقال بشق وهو المشقة). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بشقّ الأنفس} أي بمشقة. يقال: نحن بشق من العيش، أي بجهد. وفي حديث أم زرع: «وجدني في أهل غنيمة بشقّ» ). [تفسير غريب القرآن: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلّا بشقّ الأنفس إنّ ربّكم لرءوف رحيم }
(أثقالكم) (إثقالكم)
تقرأ بالفتح والكسر، أي لو تكلفتم بلوغه على غير الإبل لشقّ عليكم ذلك). [معاني القرآن: 3/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} روى ابن جريج عن مجاهد قال إلا بمشقة
وقال غيره المعنى لولا الإبل لم تبلغوا البلدان إلا بمشقة وقد قرئ (إلا بشق الأنفس) وهي بمعنى الأول إلا أنه مصدر). [معاني القرآن: 4/56]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِشِقِّ الأَنْفُس}: من شدة الجهد). [العمدة في غريب القرآن: 176]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والخيل والبغال} وخلق الخيل والبغال.
{والحمير لتركبوها وزينةً} في ركوبها.
وفي تفسير قتادة، عن ابن عبّاسٍ: أنّه خلقها للرّكوب والزّينة.
- حمّادٌ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، أنّهم ذبحوا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، قال: فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحمير والبغال، ولم ينه عن الخيل
- الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ، عن عطاءٍ، عن جابر بن عبد اللّه، أنّهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول اللّه عليه السّلام.
- الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين، قال: قيل يوم خيبر: يا رسول اللّه أفنيت الحمر، فسكت، فقيل: أفنيت الحمر، فسكت، فقيل: أفنيت الحمر، فأمر مناديه فنادى: إنّ اللّه ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهليّة فإنّها نجسٌ.
- خالدٌ، عن الحسن، قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن لحوم الحمر الأهليّة وألبانها.
- أبو الرّبيع، عن عمرو بن دينارٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: أمرنا بلحوم الخيل ونهينا عن لحوم الحمر.
وذكر عن الحكم الغفاريّ مثل حديث جابرٍ قال: وأبى البحر قلت: من البحر؟ أو قيل: من البحر؟ قال: ابن عبّاسٍ.
قال: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا} إلى آخر الآية.
قال: {ويخلق ما لا تعلمون} من الأشياء كلّها ممّا لم يذكر لكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/53-52]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والخيل والبغال والحمير...}
تنصبها بالردّ على خلق. وإن شئت جعلته منصوباً على إضمار سخّر: فيكون في جواز إضماره مثل قوله: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةً} من نصب في البقرة نصب الغشاوة بإضمار (وجعل) ولو رفعت {الخيل والبغال والحمير} كان صوابا من وجهين.
أحدهما أن تقول: لمّا لم يكن الفعل معها ظاهراً رفعته على الاستئناف.
والآخر أن يتوهّم أن الرفع في الأنعام قد كان يصلح فتردّها على ذلك كأنك قلت: والأنعام خلقها، والخيل والبغال على الرفع.
وقوله عزّ وجلّ: {لتركبوها وزينةً}، ننصبها: ونجعلها زينة على فعل مضمر، مثل {وحفظاً من كلّ شيطانٍ} أي جعلناها. ولو لم يكن في الزينة ولا في (وحفظاً) واو لنصبتها بالفعل الذي قبلها لا بالإضمار.
ومثله أعطيتك درهماً ورغبة في الأجر، المعنى أعطيتكه رغبة. فلو ألقيت الواو لم تحتج إلى ضمير لأنه متّصل بالفعل الذي قبله). [معاني القرآن: 2/97]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون}
قال: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} نصب. أي: وجعل الله الخيل والبغال والحمير وجعلها (زينةً) ). [معاني القرآن: 2/64]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}
أي وخلق الخيل والبغال والحمير للركوب، وكثير من الناس يقولون إنّ لحوم الخيل والبغال والحمير دلّت عليه هذه الآية أنها حرام،
لأنه قال في الإبل ( {منها تأكلون.. ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم}
وقال في الخيل {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}
ولم يذكر فيها الأكل. وقال قوم لو كانت حرمت بهذه الآية لم يحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية، ولكفاه ما دلّ عليه القرآن.
وهذا غلط لأن " القرآن قد دلّ على أن الخمر حرام، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حرمت الخمر بعينها. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حرّم في الكتاب بأنه حرام.
توكيدا له وزيادة في البيان.
ونصب (وزينة) مفعول لها، المعنى وخلقها زينة). [معاني القرآن: 3/192-191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} تأول هذا جماعة منهم عبد الله بن عباس على أنه لا يحل أكل هذه لقوله في الإبل: {ومنها تأكلون}
ولم يقل هذا في الخيل والبغال والحمير). [معاني القرآن: 4/56]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويخلق ما لا تعلمون} وظاهره عام إلا أن عبد الرحمن بن معاوية القرشي حدثنا قال حدثنا موسى بن محمد عن ابن السدي عن أبيه في قوله تعالى:
{ويخلق ما لا تعلمون} قال السوس في الثياب). [معاني القرآن: 4/57]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل} والسّبيل قصد الطّريق، الهدى إلى الجنّة، كقوله: {إنّ علينا للهدى}،
وكقوله: {قال هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ}.
وقال سعيدٌ عن قتادة: {قصد السّبيل} البيان، حلاله، وحرامه، وطاعته، ومعصيته.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {قصد السّبيل} الطّريق الحقّ على اللّه.
قوله: {ومنها جائرٌ} ومن السّبيل جائرٌ، أي: عن السّبيل جائرٌ، وهو الكافر، جارٍ عن سبيل الهدى.
وجارٍ عنها وجارٍ منها واحدٌ.
قال قتادة: وهي في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: ومنكم جائرٌ.
قال قتادة: جائرٌ من السّبيل أي: عن سبيل الهدى، ناكبٌ عنها.
قال قتادة: وذلك تفسيرها.
قال: {ولو شاء لهداكم أجمعين} مثل قوله: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} وكقوله: {أفلم ييئس الّذين آمنوا} أفلم يتبيّن للّذين آمنوا {أن لو يشاء اللّه لهدى النّاس جميعًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/53]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل...}
يقال: هداية الطرق. ويقال السبيل: الإسلام (ومنها جائرٌ)، يقال: الجائر اليهوديّة والنصرانيّة. يدلّ على هذا أنّه القول قوله: {ولو شاء لهداكم أجمعين} ). [معاني القرآن: 2/98-97]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعلى الله قصد السّبيل ومنها جائرٌ} السبيل: لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع فكأنه: ومن السبيل سبيل جائر، وبعضهم يؤنث السبيل). [مجاز القرآن: 1/357]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعلى اللّه قصد السّبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين}
وقال: {ومنها جائرٌ} أي: ومن السبيل لأنّها مؤنثة في لغة أهل الحجاز). [معاني القرآن: 2/64]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ومنها جائر}: أي عادل. يقال: جار عن الطريق أي عدل عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 204]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومنها جائرٌ} أي: من الطرق جائر لا يهتدون فيه. والجائر: العادل عن القصد). [تفسير غريب القرآن: 242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
أي على الله تبيين الطريق المستقيم إليه بالحجج والبراهين
وقوله: {ومنها جائر}.
جائر أي من السبل طرق غير قاصدة للحق.
وقوله: {ولو شاء لهداكم أجمعين}.
أي لو شاء اللّه لأنزل آية تضطر الخلق إلى الإيمان به، ولكنه عزّ وجلّ: يهدي من يشاء ويدعو إلى صراط مستقيم). [معاني القرآن: 3/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وعلى الله قصد السبيل} قال الضحاك أي تبيين الهدى والضلالة وقال مجاهد أي طريق الحق وهذه تشبه قال هذا صراط علي مستقيم أي على منهاجي وديني وكذا وعلى الله قصد السبيل أي القصد فيها ما كان على دين الله وقيل هو تبيين الحق والبراهين والحجج
وقيل إنه يراد بالسبيل ههنا الإسلام). [معاني القرآن: 4/58-57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومنها جائر} أي ومن السبل جائر أي عادل عن الحق وأنشدني أبو بكر ابن أبي الأزهر
قال أنشدني بندار:
لما خلطت دماءنا بدمائها = سار الثفال بها وجار العاذل
وروى عن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ ومنكم جائر وكذلك قرأ عبد الله بن مسعود ذا على التفسير). [معاني القرآن: 4/58]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ولو شاء لهداكم أجمعين} أي لو شاء لأنزل آية تضطركم إلى الإيمان ولكنة أراد أن يثيب ويعاقب
وقوله جل وعز: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون} قال قتادة والضحاك فيه تسيمون فيه ترعون قال أبو جعفر وكذا هو في اللغة يقال أسمت الإبل أي رعيتها فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة). [معاني القرآن: 4/59-58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ومنها جائر} أي من الطرق جائر، لا يهتدون فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 129]


رد مع اقتباس