الموضوع: سورة النساء
عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 12:05 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا(43)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ):حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ): (وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}.وقال تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.
فنسخها الله عز وجل بقوله سبحانه: {يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}. *
[الناسخ والمنسوخ للزهري:22- 26]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة النساء)قال جلّ وعزّ {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون} [النساء: 43] أكثر العلماء على أنّها منسوخةٌ غير أنّهم يختلفون في النّاسخ لها
فمن ذلك ما قرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن إسحاق بن إبراهيم، قال أخبرنا أبو داود، قال: حدّثنا سفيان، عن عليّ بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه جلّ وعزّ {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43] قال: " نسختها {إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: 6] " الآية
قال أبو جعفرٍ: فيكون على هذا قد نسخت الآية على الحقيقة يكونون أمروا بألّا يصلّوا إذا سكروا ثمّ أمروا بالصّلاة على كلّ حالٍ فإن كانوا لا
يعقلون ما يقرءون وما يفعلون فعليهم الإعادة وإن كانوا يعقلون ذلك فعليهم أن يصلّوا وهذا قبل التّحريم، فأمّا بعد التّحريم فينبغي ألّا يفعلوا ذلك أعني من الشّرب فإن فعلوا فقد أساءوا والحكم في الصّلاة واحدٌ إلّا الزّيادة في المضمضة من المسكر لأنّه لمّا حرّم صار نجسًا فهذا قولٌ
وقد روى عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43] قال: «في المساجد» وتقدير هذا في العربيّة لا تقربوا موضع الصّلاة مثل {واسأل القرية} [يوسف: 82]
أخبرنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا
سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43] قال: «فكانوا يجتنبون السّكر عند حضور الصّلوات ثمّ نسخت في تحريم الخمر»
وقال مجاهدٌ: «نسخت بتحريم الخمر»
وممّن قال إنّها محكمةٌ غير منسوخةٍ الضّحّاك قال:
{وأنتم سكارى} [النساء: 43] من النّوم
والقول الأوّل أولى لتواتر الآثار بصحّته
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه قال: " دعانا رجلٌ من الأنصار قبل تحريم الخمر فحضرت الصّلاة فتقدّم عبد الرّحمن بن عوفٍ فصلى بنا المغرب فقرأ {قل يا أيّها الكافرون} [الكافرون: 1] فلبس عليه فنزلت {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون} [النساء: 43] "
قال أبو جعفرٍ: فهذا ليس من النّوم في شيءٍ مع التّوقيف في نزول الآية
وقد عارض معارضٌ فقال: كيف يتعبّد السّكران بألّا يقرب الصّلاة في تلك الحال وهو لا يفهم وهذا لا يلزم، وفيه جوابان أحدهما أنّه تعبّد ألّا يسكر عند حضور الصّلاة والجواب الآخر وهو أصحّهما أنّ السّكران هاهنا هو الّذي لم يزل فهمه، وإنّما خدّر جسمه من الشّرب وفهمه قائمٌ فهو مأمورٌ
منهيٌّ فأمّا من لا يفهم فقد خرج إلى الخبل وحال المجانين فهذا لم يزل مكروهًا في الجاهليّة ثمّ زاده الإسلام توكيدًا
كما روي، عن عثمان، قال: " ما سكرت في جاهليّةٍ ولا إسلامٍ ولا تغيّبت ولا تمنّيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قيل له فالإسلام حجزك فما بال الجاهليّة قال: كرهت أن أكون لعبةً لأهلي " فيكون المنسوخ من الآية التّحريم في أوقات الصّلاة وغيرها
والبيّن في الآية التّاسعة أنّها منسوخةٌ )
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/138-231]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} الآية وذلك أن الله تعالى حرمها عليهم في أوقات الصّلاة وقد ذكر في البقرة ثمّ نسخ تحريمها في وقت دون وقت بقوله تعالى {فاجتنبوه لعلّكم تفلحون} وقال آخرون نسخها الله تعالى بقوله {فهل أنتم منتهون}[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء مدنية)قوله تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} الآية.
حرّم الله في هذه الآية أن تقرب الصّلاة في حال سكر. ففهم من الخطاب جواز السّكر في غير الصلاة. ومفهوم الخطاب كنصّ القرآن يعمل به ويقطع على مغيبه فنسخ ما أباح المفهوم من الآية من جواز شرب المسكر في غير الصّلاة بتحريم المسكر. فالبيّن في هذا أن يكون أريد به السّكر من المسكر قبل تحريمه، ثم نسخ وحرّم.
وقد روى أبو ميسرة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما نزلت: {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصّلاة نادى: لا يقربنّ الصّلاة سكران.
وقد قال عكرمة: إن قوله: {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} نسخه قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم} [المائدة: 6] الآية. يريد أنه كان أبيح لهم أن يؤخّروا الصلاة في حال السّكر حتى يزول السّكر، إذ كانت الخمر غير محرّمة، ثم نسخ ذلك فأمروا بالصلاة على كل حال، ونسخ شرب المسكر بقوله: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]، وبقوله: {فاجتنبوه} [المائدة: 91]، فنسخ ما فهم من الخطاب بتحريم الخمر في قوله: {فهل أنتم منتهون}. وهذا قول أكثر العلماء.
وقيل: الآية محكمة، ومعنى السّكر فيها: السّكر من النوم لا من المسكر، وهو قول الضحاك وزيد بن أسلم. ويجب أن يكون المفهوم من الخطاب على هذا القول جواز قربانها بسكر غير سكر النوم، ثم نسخ هذا المفهوم بتحريم المسكر والسّكر بقوله: {فهل أنتم منتهون}.
ومن مفهوم الآية أيضًا جواز قرب الصّلاة في غير حال السّكر جوازًا عامًا بغير شرط وضوء ولا غسل، فنسخ ذلك آية الوضوء والغسل في المائدة، وصار الفرض المحكم ألاّ تقرب الصّلاة إلا في غير حال سكر بوضوء وطهر، ويجوز أن يكون ذلك بيانًا وتفسيرًا لآية النساء، وليس بنسخ المفهوم منها.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى}.
قال المفسّرون: هذه الآية اقتضت إباحة السّكر في غير (أوقات) الصّلاة ثمّ نسخ ذلك بقوله تعالى {فاجتنبوه}.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أبنا محمّد إسماعيل بن العباس، قال: بنا (أبو) بكر بن أبي داود، قال: بنا محمّد بن (قهزاد)، قال: حدّثني عليّ بن الحسين بن واقدٍ قال: حدّثني أبي عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} قال: نسختها {إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه}.
قال أبو بكرٍ: وأبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: بنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} قال: كانوا لا يشربونها عند الصّلاة فإذا
صلّوا العشاء شربوها فلا يصبحون حتّى يذهب عنهم السّكر، فإذا صلّوا الغداة شربوها، فأنزل الله عز وجل: {إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام} الآية فحرم الله الخمر.
قال أبو بكر: وبنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي عن الحسين بن الحسن بن عطيّة عن أبيه، عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} قال: نسختها الآية الّتي في المائدة {فاجتنبوه}
قال أبو بكر: وبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا عبد اللّه بن عثمان، قال: أبنا عيسى بن عبيدٍ، قال: بنا عبيد اللّه مولى عمر بن مسلمٍ، أنّ الضّحّاك بن مزاحمٍ أخبره في قوله: {لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} قال: "نسختها {إنّما الخمر والميسر والأنصاب} " الآية.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (سورة النساء)
{لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} قال المفسّرون هذه الآية اقتضت إباحة السّكر في غير أوقات الصّلاة ثمّ نسخ ذلك بقوله {فاجتنبوه}[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 23-26]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} الآية [النساء: 43]، قالوا: مفهوم خطاب هذه الآية جواز السكر، وإنما حرم قربان الصلاة في تلك الحال، فنسخ ما فهم من جواز الشرب والسكر بتحريم الخمر.
وروى أبو ميسرة عن عمر رضي الله عنه، أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت كان ينادي عند الإقامة: (لا يقربن الصلاة سكران).
وأعجب من هذا قول عكرمة {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} الآية [النساء: 43]: منسوخ بقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} الآية [المائدة: 6]، أي: أنه أبيح لهم أن يؤخروا الصلاة حتى يزول السكر، ثم نسخ ذلك فأمروا بالصلاة على كل حال، ثم نسخ شرب الخمر بقوله عز وجل: {فاجتنبوه} الآية [المائدة: 90] وبقوله سبحانه: {فهل أنتم منتهون} الآية [المائدة: 91] وليس في هذا كله نسخ، ولم ينزل الله تعالى هذه الآية في إباحة الخمر فتكون منسوخة، ولا أباح بعد إنزالها مجامعة الصلاة مع السكر، والآية محكمة على هذا لا على قول من قال: أراد بالسكر سكر النوم، وهو قول الضحاك وابن زيد.)
[جمال القراء:1/276-294]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس