عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 03:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)).
هو من حديث أهل الشام عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قوله: ((دان نفسه)).
الدين يدخل في أشياء، فقوله ههنا: ((دان نفسه)).
يقول يعني: أذلها، أي استعبدها.
يقال: دنت القوم أدينهم: إذا فعلت ذلك بهم قال الأعشى يمدح قوما:

هو دان الرباب إذ كرهوا الديـ = ـن دراكا بغزوة وصيال
ثم دانت بعد الرباب وكانت = كعذاب عقوبة الأقوال
فقال: هو دان الرباب؛ يعني أذلها، ثم قال: دانت بعد الرباب، أي له وأطاعت:
والدين لله تعالى من هذا إنما هو طاعته والتعبد له.
والدين أيضا الحساب، قال الله تبارك وتعالى في الشهور:
{منها أربعة حرم ذلك الدين القيم}.
ولهذا قيل ليوم القيامة: يوم الدين، إنما هو يوم الحساب وأما قول القطامي:
رمت المقاتل من فؤادك بعدما = كانت نوار تدينك الأديانا
فهذا من الإذلال أيضا.
وقد يكون قوله: ((من دان نفسه)) أي حاسبها من الحساب.
والدين أيضا الجزاء، من ذلك قوله: {كما تدين تدان}،
والدين الحال. قال لي أعرابي: لو رأيتني على دين غير هذه، أي حال غير هذه). [غريب الحديث: 2/575-579]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (كتاب نافع إلى المحكمة من أهل البصرة

وكتب نافع إلى من بالبصرة من المحكمة:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد: فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. والله إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة، والدين واحد، ففيم المقام بين أظهر الكفار، ترون الظلم ليلاً ونهارًا، وقد ندبكم الله إلى الجهاد فقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}، ولم يجعل لكم في التخلف عذرًا في حال من الحال، فقال: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً}! وإنما عذر الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون ومن كانت إقامته لعلة، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين، فقال: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ فلا تغتروا ولا تطمئنوا إلى الدنيا، فإنها مرارة مكارة، لذتها نافذة، ونعمتها بائدة، حفت بالشهوات اغترارًا، وأظهرت حبرة. وأضمرت عبرة، فليس آكل منها أكلة تسره، ولا شارب شربة تؤنفه؛ إلا دنا بها درجة إلى أجله، وتباعد بها مسافة من أمله، وإنما جعلها الله دارًا لمن تزود منها إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، فلن يرضى بها حازم دارًا، ولا حليم بها قرارًا، فاتقوا الله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. والسلام على من اتبع الهدى). [الكامل: 3/1219-1220]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (يقال: هؤلاء وأولئك، للقليل، وهذه وتلك، للكثير، وهؤلاء النسوة، للقليل، وتلك، للكثير. وإنما ذكر القليل وأنث الكثير لأن القليل مثل الواحد والكثير مثل الجمع. يقال: هذا رجل وهؤلاء رجال. كذلك إذا قال: لإحدى عشرة خلت، ولاثنتي عشرة خلت، ولعشر خلون، فأنث الكثير وذكر القليل. وقرأ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فأنث الكثير وذكر القليل. وحدثنا أبو العباس قال: قال الكسائي: كنت أتعجب من العرب، تقول: لعشر مضين ولإحدى عشرة مضت). [مجالس ثعلب: 227]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والنسى على وجهين: النسى عرق في الرجل مقصور يكتب بالياء، والنساء التأخير ممدود يكتب بالألف. من ذلك ولا تبيعوه نساء ممدود). [المقصور والممدود: 20]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (عرفني نساها الله. أي أخر الله أجلها وأطال عمرها). [الأمثال: 68]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، هو النسيئة بالنسيئة مهموز.
حدثنيه زيد بن الحباب، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
ومنه قولهم: أنسأ الله فلانا أجله، ونسأ الله في أجله بغير ألف. قال وقال أبو عبيدة: يقال من الكالئ: تكلات كلاة: إذا استنسأت نسيئة. والنسيئة التأخير أيضا ومنه قوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} إنما هو تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر.
وقال الأموي في الكلأة مثله.
قال الأموي: يقال: بلغ الله بك أكلأ العمر يعني آخره وأبعده وهو من التأخير أيضا.
وقال الشاعر يذم رجلا:
وعينه كالكالئ الضمار
يعني بعينه حاضره وشاهده، يقول: فالحاضر من عطيته كالضمار وهو الغائب الذي لا يرتجى. الغائب الذي لا يرتجى. نسأ قال أبو عبيد: وقوله: النسيئة بالنسيئة، في وجوه كثيرة من البيع منها: أن يسلم الرجل إلى الرجل مائة درهم إلى سنة في كر من طعام فإذا انقضت السنة وحل الطعام عليه قال الذي عليه الطعام للدافع: ليس عندي طعام لكن بعني هذا الكر بمائتي درهم إلى شهر فهذه نسيئة انتقلت إلى نسيئة، وكل ما أشبه هذا.
ولو كان قبض الطعام منه ثم باعه منه أو من غيره بنسيئة لم يكن كالئا بكالئ
ومن الضمار قول عمر بن عبد العزيز في كتابه إلى ميمون بن مهران في الأموال التي كانت في بيت المال من المظالم أن يردها ولا يأخذ زكاتها:
فإنه كان مالا ضمارا يعني لا يرجى.
قال سمعت كثير بن هشام يحدث عن جعفر بن برقان عن ميمون قال أبو عبيد وقال الأعشى:
أرانا إذا أضمرتك البلا = د نجفى وتقطع منا الرحم).
[غريب الحديث: 1/140-142]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته:
((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)).
قال: حدثناه ابن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقال: إن بدء ذلك كان والله أعلم إن العرب كانت تحرم الشهور الأربعة وكان هذا مما تمسكت به من ملة إبراهيم عليه السلام وعلى نبينا فربما احتاجوا إلى تحليل المحرم للحرب تكون بينهم فيكرهون أن يستحلوه ويكرهون تأخير حربهم فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم. وهذا هو النسيء الذي قال الله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما} إلى آخر الآية.
وكان ذلك في كنانة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب.
والنسيء هو التأخير.
ومنه قيل: بعت الشيء نسيئة.
فكانوا يمكثون بذلك زمانا يحرمون صفر وهم يريدون به المحرم ويقولون: هذا أحد الصفرين.
وقد تأول بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صفر))، على هذا ثم يحتاجون أيضا إلى تأخير صفر إلى الشهر الذي بعده كحاجتهم إلى تأخير المحرم فيؤخرون تحريمه إلى ربيع ثم يمكثون بذلك ما شاء الله ثم يحتاجون إلى مثله ثم كذلك فكذلك يتدافع شهرا بعد شهر حتى استدار التحريم على السنة كلها، فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله تبارك وتعالى به، وذلك بعد دهر طويل فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقول: رجعت الأشهر الحرم إلى مواضعها وبطل النسيء.
وقد زعم بعض الناس أنهم كانوا يستحلون المحرم عاما فإذا كان من قابل
ردوه إلى تحريمه والتفسير الأول أحب إلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض))، وليس في التفسير الآخر استدارة.
وعلى هذا التفسير الذي فسرناه قد يكون قوله: {يحلونه عاما ويحرمونه عاما} مصدقا لأنهم إذا حرموا العام المحرم وفي قابل صفر ثم احتاجوا بعد ذلك إلى تحليل صفر أيضا أحلوه وحرموا الذي بعده. فهذا تأويل قوله في هذا التفسير: {يحلونه عاما ويحرمونه عاما}.
وفي هذا تفسير آخر يقال: إنه في الحج.
قال: حدثناه سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {ولا جدال في الحج} قال: قد استقر الحج في ذي الحجة لا جدال فيه، وفي غير حديث سفيان يروى عن معمر، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
قال: كانت العرب في الجاهلية يحجون عامين في ذي القعدة وعامين في ذي الحجة فلما كانت السنة التي حج فيها أبو بكر رضي الله عنه قبل حجة
النبي صلى الله عليه وسلم كان الحج في السنة الثانية في ذي القعدة، فلما كانت السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم في العام المقبل عاد الحج إلى ذي الحجة.
فذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقول: قد ثبت الحج في ذي الحجة). [غريب الحديث: 1/369-373]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


فتقضيني مواعد منسآت = وأقضي ما علي من النذور
ويروى (منسيات) من النسيان. ومنسأت: مؤخرات؛ النسيئة: التأخير من قول الله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر}؛ إنما هو تأخيرهم المحرم إلى صفر، ومنه: نسأ الله أجله أي أخره، ومنه: استنسأت الشيء: إذا اشتريته بتأخير). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 26]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "ولا أنسأتكم غضبي"، يقول: لم أؤخره عنكم، يقال: نسأ الله في أجلك، وأنسأ الله أجلك، والنّسيء من هذا، ومعناه تأخير شهر عن شهر، وكانت النّسأة من بني مدلج بن كنانة، فأنزل الله عز وجلّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} لأنهم كانوا يؤخرون الشهور، فيحرمون غير الحرام، ويحلّون غير الحلال، لما يقدّرونه من حروبهم وتصرّفهم، فاستوت الشهور لمّا جاء الإسلام، وأبان ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: "إن الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّموات والأرض"). [الكامل: 2/577]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (ويقال نسأت اللبن أنسؤه نسأ، وذلك أن تأخذ حليبًا فتصب عليه ماءٍ؛و الإسم النسيء غير مشدد، وقال أبو حاتم: الأسم النسيء وأنشد:
سقوني النسء ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور).
[مجالس ثعلب: 349]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (قال أبو إسماعيل بن القاسم البغدادي: قرأ أبو عمرو بن العلاء: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسأها}.
على معنى أو نؤخرها.
والعرب تقول: نسأ اللّه في أجلك، وأنسأ اللّه أجلك، أي أخر أجلك.
وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من سرّه النّساء في الأجل، والسعة في الرزق، فليصل رحمه والنساء: التأخير، يقال: بعته بنساء وبنسيئة، أي بتأخير، وأنسأته البيع.
وقال اللّه عز وجل: {إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر} [التوبة: 37] ، والمعنى فيه على ما.
حدّثني أبو بكر بن الأنباري، رحمه الله: أنهم كانوا إذا صدروا عن منى قام رجل من بني كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة، فقال: أنا الذي لا أعاب، ولا يرد لي قضاء، فيقولون له: أنسئنا شهرًا، أي أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفرٍ، وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا تمكنهم الإغارة فيها، لأن معاشهم كان من الإغارة، فيحل لهم المحرم ويحرم عليهم صفرا، فإذا كان في السنة المقبلة حرم عليهم المحرم وأحل لهم صفرا، فقال اللّه عز وجل: {إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر} [التوبة: 37] ، وقال الشاعر:
ألسنا الناسئين على معد = شهور الحل نجعلها حراما
وقال الآخر:

وكنا الناسئين على معد = شهورهم الحرام إلى الحليل
وقال الآخر:
نسئوا الشهور بها وكانوا أهلها = من قبلكم والعز لم يتحول).
[الأمالي: 1/4]

رد مع اقتباس