عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:28 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{يا أيّها الّذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبيّنوا...}
(فتثبّتوا - قراءة عبد الله بن مسعود وأصحابه، وكذلك التي في الحجرات، ويقرأ أن: فتثبّتوا) وهما متقاربتان في المعنى، تقول للرجل: لا تعجل بإقامة حتى تتبين وتتثبت.
وقوله:
{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمناً} ذكروا أنه رجل سلّم على بعض سرايا المسلمين، فظنّوا أنه عائذ بالإسلام وليس بمسلم فقتل.

وقرأه العامة: السلم.
والسلم: الاستسلام والإعطاء بيده). [معاني القرآن: 1/283]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{يا أيّها الّذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبيّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدّنيا فعند اللّه مغانم كثيرةٌ كذلك كنتم مّن قبل فمنّ اللّه عليكم فتبيّنوا إنّ اللّه كان بما تعملون خبيراً}
قال: {إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبيّنوا} وقال بعضهم {فتثبّتوا} وكلّ صواب لأنك تقول "تبيّن حال القوم" و"تثبّت"، و"لا تقدم حتّى تتبيّن" و"حتّى تتثبّت"). [معاني القرآن: 1/209]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الإسلام: هو الدخول في السّلم، أي: في الانقياد والمتابعة.

قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أي: انقاد لكم وتابعكم.

والاستسلام مثله، يقال: سلّم فلان لأمرك واستسلم وأسلم، أي: دخل في السّلم.

كما تقول: أشتى الرجل: إذا دخل في الشتاء، وأربع: دخل في الربيع، وأقحط: دخل في القحط.

فمن الإسلام: متابعة وانقياد باللّسان دون القلب.

ومنه قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي: أنقذنا من خوف السيف.

وكذلك قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} أي: انقاد له وأقرّ به المؤمن والكافر.

ومن الإسلام: متابعة وانقياد باللسان والقلب، ومنه قوله حكاية عن إبراهيم: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أي: انقدت لله بلساني وعقدي.
والوجه زيادة، كما قال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، يريد: إلا هو، وقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}، أي: لله. قال زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية:

أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
أي: انقادت له المزن). [تأويل مشكل القرآن:479-480] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (والضرب: المسير، قال الله تعالى: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وقال تعالى: {وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ}). [تأويل مشكل القرآن: 497]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{يا أيّها الّذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبيّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدّنيا فعند اللّه مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ اللّه عليكم فتبيّنوا إنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا}
و(فتثبّتوا) بالثاء والتاء.
ومعنى {ضربتم}: سرتم في الأرض وغزوتم.

وقوله:
{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمنا}.
قرئت السلام بالألف، وقرئت السّلم. فأما السلام: فيجوز أن يكون من التسليم، ويجوز أن يكون بمعنى: السّلم، وهو: الاستسلام، وإلقاء المقادة إلى إرادة المسلمين.

ويروى في التفسير: أن سبب هذا أن رجلا انحاز وأظهر الإسلام فقتله رجل من المسلمين وأخذ سلبه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن حق من ألقى السلم أن يتبين أمره.
ومن قرأ (فتثبتوا) فحقه أن يتثبّت في أمره، وأعلم الله - جلّ وعزّ – أن كل من أسلم ممن كان كافرا فبمنزلة الذي تعوذ بالإسلام، فقال عزّ وجلّ:
{كذلك كنتم من قبل فمنّ اللّه عليكم} أي: منّ عليكم بالإسلام، وبأن قبل ذلك منكم على ما أظهرتم ثم كرر الأمر بالتبيين فقال عزّ وجلّ: {فتبيّنوا إنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا} ). [معاني القرآن: 2/91-92]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وتقرأ (فتثبتوا).

قال أبو عبيد: وإحداهما قريبة من الأخرى.
وقال غيره: قد يتثبت ولا يتبين، فالاختيار: فتبينوا.
ومعنى {ضربتم}: سافرتم). [معاني القرآن: 2/166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا}
وقرأ ابن عباس
{لمن ألقى إليكم السلام} فمن قرأ (السلم) فمعناه: عنده الانقياد والاستسلام.

ومن قرأ (السلام) فتحتمل قراءته معنيين:
أحدهما: أن يكون بمعنى السلم.
والآخر: أن يكون من التسليم.
وروى عطاء وعكرمة عن ابن عباس أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا براع فقال: السلام عليكم، فقالوا: إنما تعوذ، فقتلوه وأتوا بغنمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا}
قال ابن عباس:
يعني الغنيمة.

وروي عن أبي جعفر أنه قرأ (مؤمنا) بفتح الميم الثانية من أمنته إذا أجرته فهو مؤمن). [معاني القرآن: 2/166-168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم} قال سعيد بن جبير: أي كذلك كنتم تخفون إيمانكم {فمن الله عليكم} أي فمن الله عليكم بالغزو وإظهار الدين .
واختار أبو عبيد القاسم بن سلام: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام}، وخالفه أهل النظر فقالوا: "السلم ههنا" أشبه لأنه بمعنى الانقياد والتسلم كما قال جل وعز: {فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء}). [معاني القرآن: 2/168-169]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {عرض الحياة الدنيا} أي: متاع الحياة الدنيا).
[ياقوتة الصراط: 201]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{لاّ يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر...}
يرفع
{غير} لتكون كالنعت للقاعدين؛ كما قال: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب} وكما قال {أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} وقد ذكر أن {غير} نزلت بعد أن ذكر فضل المجاهد على القاعد، فكان الوجه فيه الاستثناء والنصب، إلا أنّ اقتران {غير} بالقاعدين يكاد يوجب الرفع؛ لأن الاستثناء ينبغي أن يكون بعد التمام، فتقول في الكلام: لا يستوي المحسنون والمسيئون إلا فلانا وفلانا، وقد يكون نصبا على أنه حال كما قال: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلّي الصيد} ولو قرئت خفضا لكان وجها: تجعل من صفة المؤمنين).
[معاني القرآن: 1/283-284]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غير أولى الضّرر}: مصدر، ويقال ضرير بين الضرر). [مجاز القرآن: 1/138]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{لاّ يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم فضّل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجةً وكلاًّ وعد اللّه الحسنى وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً}
قال:
{لاّ يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر} مرفوعة لأنك جعلته من صفة القاعدين. وإن جررته فعلى "المؤمنين"، وإن شئت: نصبته إذا أخرجته من أول الكلام فجعلته استثناء وبها نقرأ. وبلغنا أنها أنزلت من بعد قوله: {لاّ يستوي القاعدون} ولم تنزل معها، وإنما هي استثناء عنى بها قوما لم يقدروا على الخروج ثم قال: {والمجاهدون} يعطفه على القاعدين لأن المعنى {لاّ يستوي القاعدون} {والمجاهدون}.

وقال: {وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً} {درجاتٍ مّنه} يقول فعل ذلك درجات منه.
وقال: {أجراً عظيماً} لأنه قال: "فضّلهم" فقد أخبر أنه آجرهم فقال على ذلك المعنى كقولك: "أما واللّه لأضربنك إيجاعاً شديداً" لأنّ معناه: لأوجعنّك). [معاني القرآن: 1/210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({أولي الضرر}: الزمانة والعلة). [غريب القرآن وتفسيره: 123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({غير أولي الضّرر} أي: الزّمانة، يقال: ضرير بيّن الضّرر). [تفسير غريب القرآن: 134]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد الله ابن أمّ مكتوم فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها، ثم قال: اكتب:
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل:
{وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي.

وكذلك معنى قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} شيئا بعد شيء، فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل الله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}
يريد: إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك. ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.

قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان). [تأويل مشكل القرآن:237-238]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم فضّل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلّا وعد اللّه الحسنى وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما}
قرئت
{غير أولي الضّرر} بالرفع و {غير} بالنصب، فأما الرفع فمن جهتين:
إحداهما: أن يكون " غير " صفة للقاعدين، وإن كان أصلها أن تكون صفة للنكرة، المعنى: لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولى الضرر، أي: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون وإن كانوا كلهم مؤمنين.

ويجوز أن يكون: " غير " رفعا على جهة الاستثناء.
المعنى: لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلّا أولو الضرر، فإنهم يساوون المجاهدين، لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضرر، والضرر أن يكون ضريرا أو أعمى أو زمنا أو مريضا.
ويروى أن ابن أم مكتوم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:: أعل جهاد؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(({انفروا خفافا وثقالا}، فإما أن تكون من الخفاف أو من الثقال)) فأنزل اللّه: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}
وقوله جلّ وعزّ:
{فضّل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلّا وعد اللّه الحسنى} أي: وعد الجنّة.
{وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما}
ويجوز أن يكون
{غير أولي الضرر}: نصبا على الاستثناء من {القاعدين المعنى: لا يستوي القاعدون إلّا أولي الضرر.
على أصل الاستثناء النّصب.
ويجوز أن يكون :" غير " منصوبا على الحال، المعنى: لا يستوي القاعدون في حال صحتهم والمجاهدون.

كما تقول: جاءني زيد غير مريض، أي: جاءني زيد صحيحا.

ويجوز: جرّ " غير " على الصفة للمؤمنين، أي: لا يستوي القاعدون من المؤمنين الأصحاء والمجاهدون.
أما الرفع والنصب فالقراءة بهما كثيرة.
والجرّ وجه جيد إلا أن أهل الأمصار لم يقرأوا به وإن كان وجها.
لأن القراءة سنة متبعة). [معاني القرآن: 2/92-93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال ابن عباس: لا يستوي القاعدون عن بدر والخارجون إليها). [معاني القرآن: 2/169]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {غير أولي الضرر} الضرر: الزمانة

وتقرأ
{غير} رفعا ونصبا، قال أبو إسحاق: ويجوز الخفض.
فمن رفع، فالمعنى: لا يستوي القاعدون غير أولي الضرر، أي: لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر، والمعنى: لا يستوي القاعدون الأصحاء.

ومن قرأ غير نصبا فهو
يحتمل معنيين:
أحدهما: الاستثناء ويكون المعنى إلا أولي الضرر فإنهم
يستوون مع المجاهدين.
والمعنى الآخر: أن يكون غير في موضع الحال، أي: لا يستوي القاعدون أصحاء والمعنى على النصب لأنه روى زيد بن ثابت والبراء بن عازب أنه لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قام ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله أنا ضرير، فنزلت: {غير أولي الضرر}، فألحقت بها هذا معنى الحديث ومن قرأ بالخفض، فالمعنى عنده: من المؤمنين الذين هم غير أولي الضرر، أي: من المؤمنين الأصحاء). [معاني القرآن: 2/170-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وكلا وعد الله الحسنى} المجاهدين وأولي الضرر وعد الله الحسنى

قال أهل التفسير: يعني بالحسنى الجنة). [معاني القرآن: 2/171-172]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين} الذين ليس لهم ضرر {أجرا عظيما} درجات، منه وروي عن ابن محيريز أنه قال تلك سبعون درجة ما بين الدرجتين حضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة).
[معاني القرآن: 2/172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الضَّرَرِ}: العلة). [العمدة في غريب القرآن: 114]


تفسير قوله تعالى: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:
{درجات منه ومغفرة ورحمة وكان اللّه غفورا رحيما}
{درجات} في موضع نصب بدلا من قوله..{ أجرا عظيما} وهو مفسّر للآخر.
المعنى: فضّل اللّه المجاهدين درجات ومغفرة ورحمة.

وجائز أن يكون: منصوبا على التوكيد لـ
{أجرا عظيما} لأن الأجر العظيم هو رفع الدرجات من اللّه جلّ وعزّ والمغفرة والرحمة، كما تقول لك على ألف درهم، لأن قولك على ألف درهم هو اعتراف فكأنك قلت أعرفها عرفا، وكأنه قيل: غفر اللّه لهم مغفرة، وأجرهم أجرا عظيما، لأن قوله {أجرا عظيما} فيه معنى غفر ورحم وفضّل.
ويجوز: الرفع في قوله
{درجات منه ومغفرة ورحمة}، ولو قيل: {درجات منه ومغفرة ورحمة}
كان جائز جائزا على إضمار تلك درجات منه ومغفرة كما قال جل ثناؤه:
{لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ} أي: ذلك بلاغ). [معاني القرآن: 2/93-94]


رد مع اقتباس