عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 08:59 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{يريد اللّه ليبيّن لكم...}
وقال في موضع آخر
{والله يريد أن يتوب عليكم}، والعرب تجعل اللام التي على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت، فتقول: أردت أن تذهب، وأردت لتذهب، وأمرتك أن تقوم، وأمرتك لتقوم؛ قال الله تبارك وتعالى: {وأمرنا لنسلم لربّ العالمين}، وقال في موضع آخر {قل إني أمرت أن أكون أوّل من أسلم}.

وقال {يريدون ليطفئوا} و{أن يطفئوا} وإنما صلحت اللام في موضع أن في (أمرتك) وأردت لأنهما يطلبان المستقبل ولا يصلحان مع الماضي؛ ألا ترى أنك تقول: أمرتك أن تقوم، ولا يصلح أمرتك أن قمت، فلما رأوا (أن) في غير هذين تكون للماضي والمستقبل استوثقوا لمعنى الاستقبال بكي وباللام التي في معنى كي، وربما جمعوا بين ثلاثهن؛ أنشدني أبو ثروان:
أردت لكيما لا ترى لي عثرةً * ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل
فجمع (بين اللام وبين كي).

وقال الله تبارك وتعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}.
وقال الآخر في الجمع بينهن:
أردت لكيما أن تطير بقربتي * فتتركها شنّا ببيداء بلقع
وإنما جمعوا بينهنّ لاتفاقهنّ في المعنى واختلاف لفظهن؛ كما قال رؤبة:
* بغير لا عصفٍ ولا اصطراف *
وربما جمعوا بين: ما ولا وإن التي على معنى الجحد؛ أنشدني الكسائي في بعض البيوت: (لا ما إن رأيت مثلك) فجمع بين ثلاثة أحرف.
وربما جعلت العرب: اللام مكان (أن) فيما أشبه (أردت وأمرت) مما يطلب المستقبل؛ أنشدني الأنفيّ من بني أنف الناقة من بني سعد:
ألم تسأل الأنفيّ يوم يسوقني * ويزعم أني مبطل القول كاذبه
أحاول إعناتي بما قال أم رجا * ليضحك مني أو ليضحك صاحبه
والكلام: رجا أن يضحك مني، ولا يجوز: ظننت لتقوم، وذلك أنّ (أن) التي تدخل مع الظنّ تكون مع الماضي من الفعل، فتقول: أظنّ (أن قد) قام زيد، ومع المستقبل، فتقول: أظنّ أن سيقوم زيد، ومع الأسماء فتقول: أظنّ أنك قائم، فلم تجعل اللام في موضعها ولا كي في موضعها إذ لم تطلب المستقبل وحده، وكلما رأيت (أن) تصلح مع المستقبل والماضي فلا تدخلنّ عليها كي ولا اللام). [معاني القرآن: 1/261-263]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سنن الّذين من قبلكم} أي: سبل الذين من قبلكم). [مجاز القرآن: 1/124]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{يريد اللّه ليبيّن لكم ويهديكم سنن الّذين من قبلكم ويتوب عليكم واللّه عليمٌ حكيمٌ}
قال:
{يريد اللّه ليبيّن لكم ويهديكم} يقول: "وليهديكم}" ومعناه: يريد كذا وكذا ليبين لكم، وإن شئت أوصلت الفعل باللام إلى "أن" المضمرة بعد اللام نحو {إن كنتم للرّؤيا تعبرون} وكما قال: {وأمرت لأعدل بينكم} فكسر اللام، أي: أمرت من أجل ذلك). [معاني القرآن: 1/198-199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{يريد اللّه ليبيّن لكم ويهديكم سنن الّذين من قبلكم ويتوب عليكم واللّه عليم حكيم}
قال الكوفيون: معنى اللام معنى أن، وأردت، وأمرت، تطلبان المستقبل، لا يجوز أن تقول: أردت أن قصت، ولا أمرت أن قمت، ولم يقولوا لم لا يجوز ذلك، وهذا غلط أن تكون لام الجر تقوم مقام " أن " وتؤدي معناها، لأن ما كان في معنى أن دخلت عليه اللام.
تقول: جئتك لكي تفعل كذا وكذا، وجئت لكي تفعل كذا وكذا، وكذلك اللام في قوله: {يريد اللّه ليبيّن لكم} كاللّام في كي.

المعنى: أراده اللّه عزّ وجلّ للتبيين لكم.

أنشد أهل اللغة:
أردت لكيما لا ترى لي عبرة... ومن ذا الذي يعطي الكمال فيكمل
وأنشدنا محمد بن يزيد المبرد:
أردت لكيما يعلم الناس أنها... سراويل قيسر والوفود شهود
فأدخل هذه اللام على " كي "، ولو كانت بمعنى أن لم تدخل اللام عليها، وكذلك أردت لأن تقوم، وأمرت لأن أكون مطيعا.
وهذا كقوله تعالى:
{إن كنتم للرّؤيا تعبرون} أي: إن كنتم عبارتكم للرؤيا، وكذلك قوله - عزّ وجلّ - أيضا: {للّذين هم لربّهم يرهبون} أي: الذين هم رهبتهم لربّهم.
وقوله:
{ويهديكم سنن الّذين من قبلكم} أي: يدلكم على طاعته كما دل الأنبياء والذين اتبعوهم من قبلكم.
ومعنى {سنن الّذين من قبلكم}، أي: طرق الذين من قبلكم، وقد بيّنّا ذلك فيما سلف من الكتاب). [معاني القرآن: 2/42-43]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ويهديكم سنن الذين من قبلكم} أي: طرق الأنبياء والصالحين قبلكم لتتبعوها). [معاني القرآن: 2/68]


تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{واللّه يريد أن يتوب عليكم ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات أن تميلوا ميلا عظيما} أي: يدلكم بطاعته على ما يكون سببا لتوبتكم التي يغفر لكم بها ما سلف من ذنوبكم.
{ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات أن تميلوا ميلا عظيما} أي: أن تعدلوا عن القصد). [معاني القرآن: 2/43-44]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} أي: يريدون أن تعدلوا عن القصد والحق). [معاني القرآن: 2/69]

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يريد الله أن يخفّف عنكم} إيجاب). [مجاز القرآن: 1/124]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{يريد اللّه أن يخفّف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}
{وخلق الإنسان ضعيفا} أي: يستميله هواه). [معاني القرآن: 2/44]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} قال طاووس: خلق ضعيفا في أمر النساء خاصة.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ {وخلق الإنسان ضعيفا} أي: خلق الله الإنسان ضعيفا). [معاني القرآن: 2/69]


رد مع اقتباس