عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25 محرم 1439هـ/15-10-2017م, 09:17 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

أفعال الله صادرة عن كماله وأسماؤه الحسنى تقتضي آثارها وتستلزمها

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (
[الثالثَ عشرَ]: (أنَّ الربَّ سُبحانَهُ وتعالى لهُ الأسماءُ الْحُسْنَى، وأسماؤُهُ مُتضمِّنَةٌ لصفاتِ كمالِهِ، وأفعالُهُ ناشئةٌ عنْ صِفاتِهِ، فإنَّهُ سُبحانَهُ لم يَسْتَفِدْ كمالاً بأفعالِهِ، بلْ لهُ الكمالُ التامُّ المطلَقُ، وفِعَالُهُ عنْ كَمَالِهِ، والمخلوقُ كَمَالُهُ عَنْ فِعَالِهِ؛ فإنَّهُ فَعَلَ فَكَمُلَ بِفِعْلِهِ، وأسماؤُهُ الْحُسنى تَقتضِي آثارَها، وتَستلزِمُها استلزامَ المقتضِي الموجِبِ لموجَبِهِ ومُقتضاهُ، فلا بُدَّ مِنْ ظهورِ آثارِها في الوُجودِ، فإنَّ مِنْ أسمائِهِ الخلاَّقَ المقتضِيَ لوُجودِ الخلْقِ، ومِنْ أسمائِهِ الرزَّاقَ المقتضِيَ لوُجودِ الرزْقِ والمرزوقِ، وكذلكَ الغَفَّارُ والتوَّابُ والحكيمُ والعَفُوُّ، وكذلكَ الرحمنُ الرحيمُ، وكذلكَ الحَكَمُ العَدْلُ إلى سائرِ الأسماءِ، ومنها الحكيمُ المستلزِمُ لظهورِ حِكْمَتِهِ في الوُجودِ، والوجودُ مُتَضَمِّنٌ لخلْقِهِ وأَمْرِهِ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)}[الأعراف: 54]. فَخَلْقُهُ وأَمْرُهُ صَدَرَا عنْ حِكمتِهِ وعِلْمِهِ، وحِكمتُهُ وعِلْمُهُ اقْتَضَيَا ظُهورَ خَلْقِهِ وأَمْرِهِ، فمَصدَرُ الخلْقِ والأمْرِ عنْ هذينِ المتضَمِّنَيْنِ لهاتينِ الصفتينِ؛ ولهذا يَقْرِنُ سبحانَهُ بينَهما عندَ ذِكْرِ إنـزالِ كتابِهِ، وعندَ ذِكْرِ مُلْكِهِ ورُبوبيَّتِهِ؛ إذ هما مَصْدَرُ الخلْقِ والأمْرِ، ولَمَّا كانَ سُبحانَهُ كاملاً في جميعِ أوصافِهِ، ومِنْ أجَلِّها حِكمتُهُ كانتْ عامَّةَ التعلُّقِ بكلِّ مقدورٍ، كما أنَّ عِلْمَهُ عامُّ التَّعَلُّقِ بكلِّ معلومٍ، ومَشيئتَهُ عامَّةُ التعَلُّقِ بكلِّ موجودٍ، وسَمْعَهُ وبَصرَهُ عامُّ التعلُّقِ بكلِّ مسموعٍ ومَرْئِيٍّ، فهذا مِنْ لوازمِ صِفاتِهِ فلا بُدَّ أنْ تكونَ حِكمتُهُ عامَّةَ التَّعَلُّقِ بكلِّ ما خَلَقَهُ وقَدَّرَهُ وأَمَرَ بهِ ونَهَى عنهُ، وهذا أَمْرٌ ذاتِيٌّ للصفةِ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ وانفكاكُهُ عنها، كما يَمتنِعُ تَخَلُّفُ الصفةِ نفسِها وانفكاكُها عنه) ([39]).
([والمقصودُ] أنَّ أفعالَ الربِّ تبارَكَ وتعالى صادرةٌ عنْ أسمائِهِ وصفاتِهِ، وأسماءَ المخلوقينَ صادرةٌ عنْ أفعالِهم.
فالربُّ تَبَارَكَ وتعالى فِعالُهُ عنْ كمالِهِ، والمخلوقُ كمالُهُ عنْ فِعالِهِ، فاشتُقَّتْ لهُ الأسماءُ بعدَ أنْ كَمُلَ بالفعْلِ. فالربُّ لم يَزَلْ كامِلاً فحَصَلَتْ أَفعالُهُ عنْ كمالِهِ؛ لأنَّهُ كاملٌ بذاتِهِ وصفاتِهِ، فأفعالُهُ صادرةٌ عنْ كمالِهِ، كَمُلَ فَفَعَلَ، والمخلوقُ فَعَلَ فَكَمُلَ الكمالَ اللائقَ به)([40]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]

([39]) الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (1563-1565).
([40]) بَدائِعُ الفَوائِدِ (1/ 162-163).

رد مع اقتباس