عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11 جمادى الآخرة 1434هـ/21-04-2013م, 05:01 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ...}.
وفي قراءة عبد الله: لا تخافون مكان آمنين، "{محلّقين رءوسكم ومقصّرين}"، ولو قيل: محلقون ومقصرون أي بعضكم محلقون وبعضكم مقصرون لكان صوابا [كما] قال الشاعر:
* وغودر البقل ملوي ومحصود *). [معاني القرآن: 3/68]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}
رأى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في منامه كأنّه وأصحابه - رحمهم اللّه - يدخلون مكة محلّقين ومقصّرين، فصدق اللّه رسوله الرؤيا فدخلوا على ما رأى.
وكانوا قد استبطأوا الدخول.
ومعنى {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} يخرج على وجهين:
أحدهما إن أمركم الله به.
ويجوز وهو حسن أن يكون " {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} " - جرى على ما أمر الله به في كل ما يفعل متوقعا، فقال: ({ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا (23) إلّا أن يشاء اللّه}) ). [معاني القرآن: 5/28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [آية: 27]
قال مجاهد رأى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه قد دخل مكة هو وأصحابهمحلقين
وقال قتادة هي رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية كأنهم دخلوا مكة محلقين رؤوسهم ومقصرين فاستبطأوا الرؤيا ثم دخلوا بعد ذلك
فأما قوله تعالى: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ } ففيه أقوال:
أ-منها إن المعنى إن شئت دخلتم آمنين
ب- وقيل هو حكاية لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم
ج- وقيل خوطب العباد على ما يجب أن يقولوه كما قال تعالى: { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }
د- وقيل الاستثناء لمن مات منهم أو قتل

وقوله جل وعز: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [آية: 27]
قال مجاهد رجعوا من الحديبية ثم فتح الله عليهم خيبر). [معاني القرآن: 6/511-513]

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ...}.
يقال: لا تذهب الدنيا حتى يغلب الإسلام على أهل كل دين، أو يؤدوا إليهم الجزية، فذلك قوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} ). [معاني القرآن: 3/68]

تفسير قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا...}. في الصلاة.
وقوله: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ...}. وهي الصفرة من السهر بالليل.
وقوله: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ...}.
وفي الإنجيل: أيضاً كمثلهم في القرآن، ويقال: ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه، وشطؤه: السنبل تنبت الحبة عشراً وثمانياً وسبعاً، فيقوى بعضه ببعض، فذلك قوله: {فَآَزَرَهُ} فأعانه وقواه؛ فاستغلظ {ذَلِكَ }فاستوى، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق، وهو مثل ضربه الله عز وجل للنبي صلى الله عليه إذ خرج وحده ثم قوّاه بأصحابه، كما قوّى الحبة بما نبت منها.
آزرت، أؤازره، مؤازرة: قوّيته، وعاونته، وهي المؤازرة). [معاني القرآن: 3/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} " والعرب قد تبدأ بالشيء ثم تجيء ما يكون قبله بعده قال لبيد:
فوضعت رحلي والقراب ونمرقى... ومكانهن الكور والنّسعان
" {أَخْرَجَ شَطْأَهُ }" أخرج فراخه يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرخ.
" {فَآَزَرَهُ }" ساواه، صار مثل الأم. " فاستغلظ " غلظ.
" {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} " الساق حاملة الشجرة). [مجاز القرآن: 2/218]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }
وقال: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ} يريد "أفعله" من "الإزارة"). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({سيماهم}: علامتهم.
[غريب القرآن وتفسيره: 341]
29- {في وجوههم}: الخشوع والتواضع.
29- {أخرج شطأه}: ما في جوانبه من فراخه، يقال قد أشطأ الزرع فهو مشطئ أي مفرخ.
29- {فآزره}: ساواه على سوقه. واحدها ساق وهي حاملة الشجرة). [غريب القرآن وتفسيره: 342]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} أي صفتهم.
ثم استأنف، فقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}.
قال أبو عبيدة: «شطء الزرع: فراخه وصغاره، يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ، إذا أفرخ».
قال الفراء: «شطئه: السّنبل تنبت الحبة عشرا وسبعا وثمانيا».
{فَآَزَرَهُ} أي أعانه وقواه، {فَاسْتَغْلَظَ} أي غلظ، { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}: جمع «ساق». [مثل دور ودار]. ومنه يقال: «قام كذا على سوقه وعلى السوق»، لا يراد به السوق: التي يباع فيها ويشتري. إنما يراد: انه قد تناهي وبلغ الغاية، كما أن الزرع إذا قام على السوق. فقد استحكم.
وهذا مثل ضربه اللّه للنبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -:(( إذ خرج وحده، فأيده بأصحابه، كما قوّى الطاقة من الزرع بما نبت منها، حتى كثرت وغلظت واستحكمت)). [تفسير غريب القرآن:413-414]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20] فإنما يريد بالكفار هاهنا: الزّرّاع، واحدهم كافر.
وإنما سمّي كافرا لأنه إذا ألقى البذر في الأرض كَفَره، أي غطّاه، وكل شيء، غطّيته فقد كَفَرته، ومنه قيل: (تَكَفَّرَ فلان في السّلاح): إذا تغطّى.
ومنه قيل للّيل كافر، لأنه يستر بظلمته كل شيء.
ومنه قول الشاعر:
يعلو طريقة متنها متواترا = في ليلة كفر النّجوم غمامها
أي غطاها. وهذا مثل قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29]). [تأويل مشكل القرآن: 75-76] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} [الفتح: 29] أي ذلك وصفهم، لأنه لم يضرب لهم مثلا في أوّل الكلام، فيقول: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} وإنما وصفهم وحلّاهم، ثم قال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي وصفهم). [تأويل مشكل القرآن: 83] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: ({مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}
وصفهم الله بأن بعضهم متحنّن على بعض، وأن عليهم السكينة والوقار، وبعضهم يخلص المودة لبعض، وهم أشداء على الكفار.
أشداء جمع شديد، والأصل أشدداء، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدالين تحركتا فأدغمت الأولى في الثانية، ومثل هذا قوله: ({من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين}).
وقوله: ({سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}).
أي في وجوههم علامة السجود، وهي علامة الخاشعين للّه المصلّين.
وقيل يبعثون يوم القيامة غرّا محجّلين من أثر الطهور، وهذا يجعله اللّه لهم يوم القيامة علامة وهي السيماء يبين بها فضلهم على غيرهم.
وقوله: ({ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}).
أي ذلك صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في التوراة، ثم أعلم أنّ صفتهم في الإنجيل أيضا.
({كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}).
معنى {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أخرج نباته.
{فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ}، أي فآزر الصغار الكبار حتى استوى بعضه مع بعض {عَلَى سُوقِهِ} جمع ساق.
وقوله: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} .
{الزُّرَّاعَ} محمد عليه السلام والدّعاة إلى الإسلام وهم أصحابه.
وقوله: ({وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}).
{مِنْهُمْ} فيه قولان:
أن تكون " منهم " ههنا تخليصا للجنس من غيره كما تقول: أنفق نفقتك من الدراهم لا من الدنانير.
المعنى اجعل نفقتك من هذا الجنس، وكما قال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ }، لا يريد أن بعضها - رجس وبعضها غير رجس.
ولكن المعنى اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.
فالمعنى وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين أجرا عظيما وفضّلهم الله على غيرهم لسابقتهم وعظّم أجرهم.
والوجه الثاني أن يكون المعنى وعد الله الذين أقاموا منهم على الإيمان والعمل الصالح مغفرة وأجرا عظيما). [معاني القرآن: 5/28-30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [آية: 29]
قال سعيد بن جبير ذلك اثر الطهور وثرى الأرض
وقال عكرمة هو أثر التراب [معاني القرآن: 6/513]
قال ابن وهب أخبرني مالك في قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } قال هو ما يتعلق بالجهة من تراب الأرض فهذا قول
وقال مجاهد إنما هو الخشوع والتواضع وليس للمنافق هذا
وقال الحسن بياض يكون في الوجه يوم القيامة
وقال عطية موضع الجبهة يوم القيامة أشد بياضا من سائر الوجه
وقال الضحاك هذا يوم القيامة تبدو صلاتهم على [معاني القرآن: 6/514]
وجوههم وقال شمر بن عطية هو تهيج الوجه وصفرته من سهر الليل
وقال قتادة نعتوا بالصلاة أي يعرفون بالصلاة
ثم قال جل وعز: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [آية: 29]
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثلهم يعني نعتهم في التوراة والإنجيل أي مكتوب فيهما
وقال قتادة فيما تقدم مثلهم في التوراة ولهم مثل آخر في الإنجيل وهو كزرع أخرج شطأه
قال الضحاك هما مثلان فالأول في التوراة والثاني في الإنجيل
وقال مجاهد هما مثل واحد والتمام على قول مجاهد {فِي الْإِنْجِيلِ} [معاني القرآن: 6/515]
ثم قال جل وعز: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [آية: 29]
كزرع أي هم كزرع أخرج شطأه روى حميد عن أنس قال نباته فروخه
قال أبو عبيدة يقال أشطأ الزرع إذا خرجت فراخه
قال الفراء الحبة تخرج العشر والسبع والثماني من السنبل [معاني القرآن: 6/516]
ثم قال تعالى: {فَآَزَرَهُ}
قال مجاهد أي شدده وأعانه
وقال الضحاك هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا
ثم قال جل وعز: {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [آية: 29]
جمع ساق يعجب الزراع تمثيل ليغيظ بهم الكفار قال قتادة أي ليغيظ محمد وأصحابه الكفار [معاني القرآن: 6/517]
ثم قال جل وعز: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [آية: 29]
يجوز أن تكون من ههنا لبيان الجنس كما قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}
ويجوز أن تكون للتبعيض أي وعد الله الذين ثبتوا على الإيمان منهم مغفرة وأجرا عظيما). [معاني القرآن: 6/518]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (آخر السورة والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد رسوله وعلى آله وصحبه وسلم). [معاني القرآن: 6/518]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( ({تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}) أي: في حالين ليس في حال واحدة، أي: ركعا وسجدا. (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) وتم الكلام، ثم استأنف، وقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} فوصفهم. {شَطْأَهُ} أي: فرخه، وجمعه: أشطأء.
{فَآَزَرَهُ} أي: فساواه في طوله. {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} أي: تم في طوله، و{سُوقِهِ} هاهنا: أصوله.
{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} أي: الزارعين). [ياقوتة الصراط:472-474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَطْأَهُ}: فراخه وصغاره ، وقيل شطأه زيادته لأن الحبة تنبت عشر سنابل
{فَآَزَرَهُ}: أي أعانه
{سُوقِهِ}: جمع ساق أي تناهى واستتم وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج وحده فأيده الله بأصحابه حتى تقوى أمره كما قويت الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى كثرت وغلظت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سِيمَاهُمْ}: علامتهم
{شَطْأَهُ}: ما نبت في أصوله
{فَآَزَرَهُ}: قواه
{سُوقِهِ}: جمع ساق). [العمدة في غريب القرآن: 277]

رد مع اقتباس