عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فأمليت للّذين كفروا ثمّ أخذتهم فكيف كان عقاب (32)}
يقول تعالى مسلّيًا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم في تكذيب من كذّبه من قومه: {ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك} أي: فلك فيهم أسوةٌ، {فأمليت للّذين كفروا} أي: أنظرتهم وأجّلتهم، {ثمّ أخذتهم} أخذةً رابيةً، فكيف بلغك ما صنعت بهم وعاقبتهم؟ كما قال تعالى: {وكأيّن من قريةٍ أمليت لها وهي ظالمةٌ ثمّ أخذتها وإليّ المصير} [الحج: 48]
وفي الصحيحين: "إنّ اللّه ليملي للظّالم حتّى إذا أخذه لم يفلته"، ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إنّ أخذه أليمٌ شديدٌ} [هودٍ: 102] ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 462-463]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت وجعلوا للّه شركاء قل سمّوهم أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهرٍ من القول بل زيّن للّذين كفروا مكرهم وصدّوا عن السّبيل ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ (33)}
يقول تعالى: {أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت} أي: حفيظٌ عليمٌ رقيبٌ على كلّ نفسٍ منفوسةٍ، يعلم ما يعمل العاملون من خيرٍ وشرٍّ، ولا يخفى عليه خافيةٌ، {وما تكون في شأنٍ وما تتلو منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلا كنّا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه} [يونس: 61] وقال تعالى: {وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها} [الأنعام: 59] وقال {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ:6] وقال {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} [الرّعد: 10] وقال {يعلم السّرّ وأخفى} [طه: 7] وقال {وهو معكم أين ما كنتم واللّه بما تعملون بصيرٌ} [الحديد [4] أفمن هو هكذا كالأصنام الّتي يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، ولا تملك نفعًا لأنفسها ولا لعابديها، ولا كشف ضرٍّ عنها ولا عن عابديها؟ وحذف هذا الجواب اكتفاءً بدلالة السّياق عليه، وهو قوله: {وجعلوا للّه شركاء} أي: عبدوها معه، من أصنامٍ وأندادٍ وأوثانٍ.
{قل سمّوهم} أي: أعلمونا بهم، واكشفوا عنهم حتّى يعرفوا، فإنّهم لا حقيقة لهم؛ ولهذا قال: {أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض} أي: لا وجود له؛ لأنّه لو كان له وجودٌ في الأرض لعلمها؛ لأنّه لا تخفى عليه خافيةٌ.
{أم بظاهرٍ من القول} قال مجاهدٌ: بظنٍّ من القول.
وقال الضّحّاك وقتادة: بباطلٍ من القول.
أي إنّما عبدتم هذه الأصنام بظنٍّ منكم أنّها تنفع وتضرّ، وسمّيتموها آلهةً، {إن هي إلا أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّه بها من سلطانٍ إن يتّبعون إلا الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى} [النّجم: 23].
{بل زيّن للّذين كفروا مكرهم} قال مجاهدٌ: قولهم، أي: ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء اللّيل وأطراف النّهار، كما قال تعالى: {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحقّ عليهم القول في أممٍ قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين} [فصّلت: 25].
"وصدّوا عن السّبيل": من قرأها بفتح الصّاد، معناه: أنّهم لمّا زيّن لهم ما فيه وأنّه حقٌّ، دعوا إليه وصدّوا النّاس عن اتّباع طريق الرّسل. ومن قرأها {وصدّوا} أي: بما زيّن لهم من صحّة ما هم عليه، صدّوا به عن سبيل اللّه؛ ولهذا قال: {ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ} كما قال {ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئًا} [المائدة: 41] وقال {إن تحرص على هداهم فإنّ اللّه لا يهدي من يضلّ وما لهم من ناصرين} [النّحل: 37] ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 463-464]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لهم عذابٌ في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أشقّ وما لهم من اللّه من واقٍ (34) مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائمٌ وظلّها تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار (35)}
ذكر تعالى عقاب الكفّار وثواب الأبرار: فقال بعد، إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشّرك: {لهم عذابٌ في الحياة الدّنيا} أي: بأيدي المؤمنين قتلًا وأسرًا، {ولعذاب الآخرة} أي: المدّخر [لهم] مع هذا الخزي في الدّنيا، " أشقّ " أي: من هذا بكثيرٍ، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم للمتلاعنين: "إنّ عذاب الدّنيا أهون من عذاب الآخرة" وهو كما قال، صلوات اللّه وسلامه عليه، فإنّ عذاب الدّنيا له انقضاءٌ، وذاك دائمٌ أبدًا في نارٍ هي بالنّسبة إلى هذه سبعون ضعفًا، ووثاقٌ لا يتصوّر كثافته وشدّته، كما قال تعالى: {فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحدٌ ولا يوثق وثاقه أحدٌ} [الفجر: 25، 26] وقال تعالى: {بل كذّبوا بالسّاعة وأعتدنا لمن كذّب بالسّاعة سعيرًا إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين دعوا هنالك ثبورًا لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا قل أذلك خيرٌ أم جنّة الخلد الّتي وعد المتّقون كانت لهم جزاءً ومصيرًا} [الفرقان: 11 -15].
ولهذا قرن هذا بهذا؛ فقال: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون}).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 464]

رد مع اقتباس