عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعةً من النّهار يتعارفون بينهم قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين (45)}
يقول تعالى مذكّرًا للنّاس قيام السّاعة وحشرهم من أجداثهم إلى عرصات القيامة: كأنّهم يوم يوافونها لم يلبثوا في الدّنيا {إلا ساعةً من النّهار} كما قال تعالى: {كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيّةً أو ضحاها} [النّازعات: 46]، وقال تعالى: {يوم ينفخ في الصّور ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقًا * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرًا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقةً إن لبثتم إلا يومًا} [طه: 102 -104]، وقال تعالى: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون * وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون} [الرّوم: 55، 56].
وهذا كلّه دليلٌ على استقصار الحياة الدّنيا في الدّار الآخرة كما قال: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ فاسأل العادّين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنّكم كنتم تعلمون} [المؤمنون: 112، 114].
وقوله: {يتعارفون بينهم} أي: يعرف الأبناء الآباء والقرابات بعضهم لبعض، كما كانوا في الدّنيا، ولكن كلٌّ مشغولٌ بنفسه {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101]، وقال تعالى: {ولا يسأل حميمٌ حميمًا * يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه وصاحبته وأخيه * وفصيلته الّتي تؤويه * ومن في الأرض جميعًا ثمّ ينجيه * كلا} [المعارج: 10، 15].
وقوله: {قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين} كقوله تعالى: {ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين} [المرسلات: 15]. لأنّهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين. فهذه هي الخسارة العظيمة، ولا خسارة أعظم من خسارة من فرّق بينه وبين أحبّته يوم الحسرة والنّدامة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 271-272]

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم أو نتوفّينّك فإلينا مرجعهم ثمّ اللّه شهيدٌ على ما يفعلون (46) ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (47)}
يقول تعالى مخاطبًا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم} أي: ننتقم منهم في حياتك لتقرّ عينك منهم، {أو نتوفّينّك فإلينا مرجعهم} أي: مصيرهم ومتقلبهم، واللّه شهيدٌ على أفعالهم بعدك.
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثنا عقبة بن مكرمٍ، حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، حدّثنا داود بن الجارود، عن أبي الطّفيل عن حذيفة بن أسيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "عرضت عليّ أمّتي البارحة لدى هذه الحجرة، أوّلها وآخرها. فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، عرض عليك من خلق، فكيف من لم يخلق؟ فقال: "صوّروا لي في الطّين، حتّى إنّي لأعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه".
ورواه عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عقبة بن مكرمٍ، عن يونس بن بكير، عن زياد بن المنذر، عن أبي الطّفيل، عن حذيفة بن أسيدٍ، به نحوه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 272]

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47)}

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم} قال مجاهدٌ: يعني يوم القيامة.
{قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} كما قال تعالى: {وأشرقت الأرض بنور ربّها ووضع الكتاب وجيء بالنّبيّين والشّهداء وقضي بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون} [الزّمر: 69]، فكلّ أمّةٍ تعرض على اللّه بحضرة رسولها، وكتاب أعمالها من خيرٍ وشرٍّ موضوعٌ شاهدٌ عليهم، وحفظتهم من الملائكة شهودٌ أيضًا أمّةً بعد أمّةٍ. وهذه الأمّة الشّريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق، إلّا أنّها أوّل الأمم يوم القيامة يفصل بينهم، ويقضى لهم، كما جاء في الصّحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: "نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة، المقضيّ لهم قبل الخلائق" فأمّته إنّما حازت قصب السّبق لشرف رسولها، صلوات اللّه وسلامه عليه [دائمًا] إلى يوم الدّين).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 272-273]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48) قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا إلا ما شاء اللّه لكلّ أمّةٍ أجلٌ إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون (49) قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتًا أو نهارًا ماذا يستعجل منه المجرمون (50) أثمّ إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون (51) ثمّ قيل للّذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون (52)}
يقول تعالى مخبرًا عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذاب وسؤالهم عن وقته قبل التّعيّن، ممّا لا فائدة فيه لهم كما قال تعالى: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ} [الشّورى: 18] أي: كائنةٌ لا محالة وواقعةٌ، وإن لم يعلموا وقتها عينًا، ولهذا أرشد رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم إلى جوابهم فقال: {قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا إلا ما شاء اللّه} أي: لا أقول إلّا ما علّمني، ولا أقدر على شيءٍ ممّا استأثر به إلّا أن يطلعني عليه، فأنا عبده ورسوله إليكم، وقد أخبرتكم بمجيء السّاعة وأنّها كائنةٌ، ولم يطلعني على وقتها، [ولكن] {لكلّ أمّةٍ أجلٌ} أي: لكلّ قرنٍ مدّة من العمر مقدّرة فإذا انقضى أجلهم {فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون} كما قال تعالى: {ولن يؤخّر اللّه نفسًا إذا جاء أجلها} [المنافقون: 11]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 273]


رد مع اقتباس