عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 09:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 55]

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ". ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
= فتستريح النفس من زفراتها
فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لّعلّي أبلغ الأسباب}
وقال:
{يا هامان ابن لي} : بعضهم يضم النون , كأنه اتبعها ضمة النون التي في {هامان} , كما قالوا "منتنٌ" فكسروا الميم للكسرة التي في التاء , وبينها حرف ساكن فلم يحل, وكذلك لم يحل الباء في قوله: {ابن لي}).[معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل: لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب؛ لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ). [تأويل مشكل القرآن: 464] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلّي أبلغ الأسباب (36)}: والصرح القصر، وكل بناء عظيم فهو صرح.
{لعلّي أبلغ الأسباب} : جاء في التفسير : أبواب السماء، , والأسباب في اللغة ما اتصل بالشيء.
وكذلك يقال : للحبل سبب؛ لأنه يوصل بالأشياء.
وجاء في التفسير: أيضا طرق السّماوات.
فالمعنى - واللّه أعلم, لعلي أبلغ إلى الذي يؤديني إلى السّماوات).
[معاني القرآن: 4/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا}
أي: قصرا , وكل بناء عظيم صرح .
{لعلي أبلغ الأسباب}, قال قتادة : أي: الأبواب .
والسبب في اللغة : ما يؤدي إلى الشيء , فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات).
[معاني القرآن: 6/224]

تفسير قوله تعالى: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ", ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
=فتستريح النفس من زفراتها
, فنصب على الجواب بلعلّ).
[معاني القرآن: 3/9] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في تباب} : في هلكة). [مجاز القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{لعلّي أبلغ الأسباب (36) أسباب السّماوات} : أي: أبوابها.
{في تبابٍ} : أي : بطلان, وكذلك: الخسران, ومنه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ، وقوله: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} ).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أسباب السّماوات فأطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه كاذبا وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبيل وما كيد فرعون إلّا في تباب (37)}
ويقرأ :
{فأطلع} : بالرفع والنصب.
{وإنّي لأظنّه كاذبا} : هذا قول فرعون، يقول : وإن كنت زعمت أني أطلع إلى إله موسى، فأنا قلت هذا على دعوى موسى لا على أني على يقين من ذلك.
فيروى : أن هامان طبخ الآجر , لبناء الصرح, وأن أول من طبخ الآجر هامان.
{وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله} : موضع الكاف نصب المعنى {زيّن لفرعون سوء عمله}: مثل ما وصفنا.
{وصدّ عن السّبيل} : أي صدّ عن السّبيل المستقيم, أي: المستقيمة , بكفره.
{وما كيد فرعون إلّا في تباب} : إلا في خسران، يقال: تبّت يداه أي خسرتا). [معاني القرآن: 4/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}
ويقرأ :
{وصد عن السبيل } , وهو اختيار أبي عبيد.
وروي , عن ابن أبي إسحاق :
{وصد عن السبيل } .
قالوا أبو جعفر : وأحسنها
{ وصد عن السبيل } , كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} .
وقول أبي عبيد في اختياره : ليس بشيء؛ لأن من قرأه بالضم, فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم: وصده الشيطان عن السبيل , كما قال: وزين لهم الشيطان أعمالهم , فصدهم عن السبيل المستقيمة .
ثم قال جلا وعز:
{وما كيد فرعون إلا في تباب}
قال مجاهد , وقتادة: أي في خسار
قال أبو جعفر من هذا قوله جل وعز:
{تبت يدا أبي لهب}
وقوله:
{وما زادوهم غير تتبيب} ).[معاني القرآن: 6/224-226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فِي تَبَابٍ}: أي: بطلان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَابٍ}: هلاك.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وقال الّذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد (38)}
يعني : سبيل القصد إلى اللّه عزّ وجلّ، وأخرجكم عن سبيل فرعون, فأهدكم جزم جواب للأمر.
المعنى : إن تتبعوني أهدكم.).
[معاني القرآن: 4/375]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يرزقون فيها بغير حسابٍ}: أي : بغير تقدير.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} , قال قتادة : يعني : شركا.). [معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة}
قال مجاهد : إلى الإيمان بالله عز وجل.).
[معاني القرآن: 6/226]

تفسير قوله تعالى: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) )
تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (لا جَرَمَ) قالَ الفرَّاء: هي بمنزلةِ لا بُدَّ ولا مَحَالةَ، ثمَّ كَثُرَت في الكلام حتى صارت بمنزلة حقًّا.
وأصلها من جَرَمْتُ: أي كَسَبْتُ.
وقال في قول الشاعر:
ولقد طعنتُ أبا عيينةَ طعنةً = جَرَمَتْ فَزَارَةُ بعدَها أَن يَغْضَبُوا
أي: كَسَبْتُهُمُ الغَضَبَ أَبَدًا.
قال: وليس قول من قال: (حُقَّ لِفَزَارَةَ الغَضَبُ) بِشيء.
ويقال: فلان جَارِمُ أَهْلِهِ، أَي كاسبُهُم وَجَرِيمَتُهُم.
ولا أحسبُ الذَّنبَ سُمِّيَ جُرْمًا إِلاَّ مِن هَذَا: لأَنَّهُ كَسْبٌ واقترِافٌ). [تأويل مشكل القرآن: 550-551] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({لا جرم أنّما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدّنيا ولا في الآخرة وأنّ مردّنا إلى اللّه وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار (43)}
يعني: أنه ليس له استجابة دعوة في الدنيا , ولا في الآخرة.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله:
{لا جرم}، فقال: لا جرم ردّ لكلام. والمعنى وجب أن لهم النّار، وحق أن لهم النار.
وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
المعنى: كسبتهم الغضب، وأحقّتهم بالغضب.
فمعنى
{لا جرم أنّما تدعونني إليه}: لقد وجب أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة , أي: وجب بطلان دعوته.
{وأنّ مردّنا إلى اللّه} : وجب مردنا إلى اللّه، وكذلك {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} ). [معاني القرآن: 4/375-376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة}
قال مجاهد : يعني: الأوثان.
قال أبو جعفر : قال الخليل: معنى :
{لا جرم}: حقا, وقد جرم الشيء, أي: حق , وأنشد:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
قال أبو جعفر: فأما دخول لا على جرم, فلتدل على أنه جواب لكلام , وأنه ليس مستأنفا.
فالمعنى : وجب بطلان ما تدعونني إليه , أي: ليس له استجابة دعوة تنفع.
وقوله:
{وأن المسرفين هم أصحاب النار}
قال عبد الله بن مسعود :
(هم السفاكون للدماء) , وكذلك قال عطاء ومجاهد). [معاني القرآن: 6/226-228]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب}
وقال:
{وحاق بآل فرعون سوء العذاب}, {النّار} , فإن شئت جعلت {النار} بدلا من {سوء العذاب} , ورفعتها على {حاق} , وإن شئت جعلتها تفسيرا , ورفعتها على الابتداء ؛ كأنك تقول: "هي النار" , وإن شئت جررت على أن تجعل {النار} بدلا من {العذاب} , كأنك أردت: "سوء النار"). [معاني القرآن: 4/3-4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حاق بهم}: نزل بهم). [غريب القرآن وتفسيره: 327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فوقاه الله سيئات ما مكروا}
قال قتادة : كان رجلا من القبط , فنجاه الله مع بني إسرائيل.).
[معاني القرآن: 6/228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَاقَ بهم}: حل بهم , ونزل.). [العمدة في غريب القرآن: 263]

تفسير قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {النّار يعرضون عليها...}.
رفعت
{النار} بما عاد من ذكرها في عليها، ولو رفعتها بما رفعت به {سوء العذاب} كان صوابا، ولو نصبت على أنها وقعت بين راجع من ذكرها، وبين كلام يتصل بما قبلها كان صوابا، ومثله: {قل أفأنبّئكم بشرٍّ من ذلكم النار وعدها}.
وقوله:
{غدوًّا وعشيًّا...}.: ليس في الآخرة غدو ولا عشي، ولكنه مقادير عشيات الدنيا وغدوها.
وقوله:
{و يوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون...}.
همز الألف يحيى بن وثاب , وأهل الحجاز، وخففها عاصم , والحسن فقرأ :
{ويوم تقوم السّاعة ادخلوا آل فرعون} , ونصب ها هنا آل فرعون على النداء: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب، وفي المسألة الأولى توقّع عليهم "أدخلوا"). [معاني القرآن: 3/9-10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({النّار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}
وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وفيه ضمير "يقال لهم ادخلوا يا آل فرعون" .
وقال بعضهم: {أدخلوا} فقطع , وجعله من "أدخل يدخل", وقال:
{غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة} , فإنما هو مصدر كما تقول: "آتيه ظلاماً" تجعله ظرفا , وهو مصدر جعل ظرفا , ولو قلت "موعدك غدرةٌ" , "موعدك ظلامٌ" , فرفعته كما تقول: "موعدك يوم الجمعة" لم يحسن ؛ لأن هذه المصادر , وما أشبهها من نحو "سحر" لا تجعل إلا ظرفا , والظرف كله ليس بمتمكن.
وقال:
{أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} , وقال: {إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار} , فيجوز أن يكون آل فرعون أدخلوا مع المنافقين في الدّرك الأسفل , وهو أشد العذاب.
وأمّا قوله:
{فإنّي أعذّبه عذاباً لاّ أعذّبه أحداً مّن العالمين} : فقوله: لا أعذّبه أحداً من عالم أهل زمانه.).[معاني القرآن: 4/4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، فإنه لم يرد أن ذلك يكون في الآخرة، وإنما أراد أنهم يعرضون عليها بعد مماتهم في القبور.
وهذا شاهد من كتاب الله لعذاب القبر، يدلّك على ذلك قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهم في البرزخ يعرضون على النار غدوّا وعشيّا، وفي القيامة يدخلون أشد العذاب). [تأويل مشكل القرآن: 83]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {سوء العذاب (45) النّار يعرضون عليها غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب (46)}
{النّار} بدل من قوله : {سوء العذاب}, وجائز أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير سوء العذاب، كان قائلا قال: ما هو؟ فكان الجواب هو:
{النّار يعرضون عليها}: فإن قال قائل: كيف يعرضون عليها , وهم من أهل النار؟
فجاء في التفسير : أن أرواحهم في أجواف طير سود , تعرض على النار بالغداة والعشى إلى يوم القيامة.
, ألا ترى أن بعده :
{ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}, ويقرأ ادخلوا على معنى الأمر لهم بالدخول، كأنّه : ويوم تقوم الساعة , يقول: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب.
وقرئت
{أدخلوا} على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم أشدّ العذاب). [معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}
يقال: كيف يعرضون عليها غدوا وعشيا , وهم من أهلها ؟.
فالجواب عن هذا : ما قاله عبد الله بن مسعود, قال:
(أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تعرض كل يوم على النار مرتين , يقال هذه داركم).
وروى شعبة , عن يعلى بن عطاء قال : سمعت ميمون بن ميسرة يقول: كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : (
أصبحنا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , وإذا أمسى نادى : (أمسينا والحمد لله , وعرض آل فرعون على النار) , فلا يسمع أبا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار .
وقال مجاهد في قوله تعالى:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , قال: من أيام الدنيا .
قال الفراء : ليس في القيامة غدو , ولا عشي , ولكن مقدار ذلك .
قال أبو جعفر : التفسير على خلاف ما قال الفراء, وذلك أن التفسير على أن : هذا العرض إنما هو في أيام الدنيا , والمعنى أيضا بين ؛ أنه على ذلك لأنه قال جل وعز:
{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} , ثم دل على أن هذا قبل يوم القيامة بقوله: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} : فدل على أن الأول بمنزلة عذاب القبر). [معاني القرآن: 6/228-230]

تفسير قوله تعالى:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) })
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإذ يتحاجّون في النّار فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مّغنون عنّا نصيباً مّن النّار}
وقال:
{كنّا لكم تبعاً}, لأن "التبع" يكون واحداً , وجماعةً , ويجمع فيقال "أتباع".). [معاني القرآن: 4/4]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا كلٌّ فيها...}.
رفعت (كلّ) بفيها، ولم تجعله نعتا لإنّا، ولو نصبته على ذلك، وجعلت خبر إنا فيها ، ومثله:
{قل إنّ الأمر كلّه للّه} , ترفع {كلّه لله}، وتنصبها على هذا التفسير). [معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال الّذين استكبروا إنّا كلٌّ فيها إنّ اللّه قد حكم بين العباد}
وقال:
{إنّا كلٌّ فيها} : فجعل {كلٌّ} اسماً مبتدأً , كما تقول: "إنّا كلّنا فيها"). [معاني القرآن: 4/5]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لخزنة جهنّم }: خازن وخزنة : مثل ظالم وظلمة , وفاعل وفعله). [مجاز القرآن: 2/194]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ويوم يقوم الأشهاد...}.
قرأت القراء بالياء يعني: يقوم بالتذكير، ولو قرأ قارئ: ويوم تقوم كان صوبا؛ لأن الأشهاد جمع، والجمع من المذكر يؤنث فعله , ويذكر إذا تقدم, العرب تقول: ذهبت الرجال، وذهب الرجال).
[معاني القرآن: 3/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد}
وقال:
{ويوم يقوم الأشهاد}{تقوم} : كلٌّ جائز , وكذلك كل جماعة مذكّر أو مؤنّث من الإنس , فالتذكير والتأنيث في فعله جائز). [معاني القرآن: 4/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويوم يقوم الأشهاد}: الملائكة الذين يكتبون إعمال بني آدم.). [تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد (51)}
{ويوم يقوم الأشهاد} : أي: الملائكة، وأحدهم شاهد، مثل صاحب , وأصحاب.).[معاني القرآن: 4/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويوم يقوم الأشهاد}
قال معمر , عن قتادة: الملائكة.
قال أبو جعفر :
واحدهم شاهد , كما يقال: صاحب وأصحاب , ويجوز أن يكون جمع شهيد ؛ كشريف وأشراف). [معاني القرآن: 6/230]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) }
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}: قال: معناه: عليهم اللعنة، وعليهم سوء الدار.). [ياقوتة الصراط: 451]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ واستغفر لذنبك وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار}
وقال:
{وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار} , يريد "في الإبكار" , وقد تقول: "بالدار زيدٌ" , تريد : "زيدٌ في الدّار".). [معاني القرآن: 4/5]


رد مع اقتباس