عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 08:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 23 إلى 35]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والسلطان: الحجّة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} أي حجة.
وقال: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي: حجّة في كتاب الله وقال: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} أي حجّة.
وقال: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}، أي: حجة وعذر). [تأويل مشكل القرآن: 504] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين (23)} : أي: بعلاماتنا التي تدلّ على صحة نبوته، من العصا , وإخراج يده بيضاء من غير سوء , وأشباه ذلك.
{وسلطان مبين}:أي: حجة ظاهرة.). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين} : بآياتنا , أي: بالعلامات التي تدل على رسالته نحو العصا, وما أشبهها , وسلطان مبين , أي: وحجة مبينة). [معاني القرآن: 6/213-214]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب (24)} : هذه الأسماءفي موضع خفض إلّا أنها فتحت ؛ لأنها لا تنصرف ؛ لأنها معرفة , وهي أعجمية.
{فقالوا ساحر كذّاب} : المعنى : فقالوا: هو ساحر كذاب، جعلوا أمر الآيات التي يعجز عنها المخلوقون سحرا.). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم أعلم جل وعز: أنهم ردوا الآيات التي يعجز عنها المخلوقون , بأن قالوا : ساحر كذاب {فقالوا ساحر كذاب} ). [معاني القرآن: 6/214]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جاءهم بالحقّ من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الّذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلّا في ضلال (25)}
وإنه كان قيل لفرعون: إن ملكه يزول بسبب غلام يولد، فقيل: افعلوا هذا حتى لا ينجو المولود.
{وما كيد الكافرين إلا في ضلال}: أي : يذهب باطلا، ويحيق الله به ما يريد.). [معاني القرآن: 4/370-371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم}
روى معمر , عن قتادة قال: (هذا بعد القتل الأول).).
[معاني القرآن: 6/214]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو أن يظهر في الأرض الفساد...}.
رفع (الفساد) الأعمش، وعاصم جعلا له الفعل. وأهل المدينة والسلمي قرءوا:
{وأن يظهر في الأرض الفساد} , نصبوا الفساد، وجعلوا يظهر لموسى. وأهل المدينة يلقون الألف الأولى يقولون: وأن يظهر، وكذلك هي في مصاحفهم. وفي مصاحف أهل العراق: "أو أن يظهر" .
المعنى أنه قال: إني أخاف التبديل على دينكم، أو أن يتسامع الناس به ، فيصدقوه , فيكون فيه فساد على دينكم.).
[معاني القرآن: 3/7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (26)}
{أو أن يظهر في الأرض الفساد} : على هذا مصاحف أهل العراق، وفي مصحف أهل الحجاز: {وأن يظهر} بغير ألف، ويجوز وأن يظهر، ومعنى أو وقوع أحد الشيئين , فالمعنى على (أو) : أن فرعون قال: إني أخاف أن يبدل دينكم , أو يفسد، فجعل طاعة الله تعالى هي الفساد، فيكون المعنى إني أخاف أن يبطل دينكم ألبتّة، فإن لم يبطله , أوقع فيه الفساد.
ومن قرأ " وأن " , فيكون المعنى: أخاف إبطال دينكم والفساد معه.).
[معاني القرآن: 4/371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ومعنى: {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد}
قال أبو جعفر : أخاف أن يكون أحد الأمرين , إما أن يذهب دينكم البتة , وإما أن يستميل , فيفسد عليكم ويحاربكم .
ويقرأ:
{وأن يظهر في الأرض الفساد } , أي: أخاف الأمرين جميعا). [معاني القرآن: 6/214-215]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقال فرعون ذروني أقتل موسى}, قال: لم يسألهم من باب الأمر والنهي، ولكن من باب المشورة، أي: أشيروا علي.).[ياقوتة الصراط: 450]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الّذي يعدكم إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرف كذّاب (28)}
جاء في التفسير : أن هذا الرجل أعني مؤمن آل فرعون، كان أن يسمى: سمعان، وقيل: كان اسمه حبيبا، ويكون
{من آل فرعون} : صفة للرجل، ويكون {يكتم إيمانه} معه محذوف، ويكون المعنى يكتم إيمانه منهم، ويكون يكتم من صفة رجل، فيكون المعنى: وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون.
{أتقتلون رجلا أن يقول ربّي اللّه} : المعنى لأن يقول ربي اللّه.
{وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم}: أي: بما يدل على صدقه من آيات النبوة {وإن يك كاذبا فعليه كذبه} , أي: فلا يضركم.
{وإن يك صادقا يصبكم بعض الّذي يعدكم} : وهذا من لطيف المسائل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وعد وعدا وقع الوعد بأسره، لم يقع بعضه، فالسؤال في هذا من أين جاز أن يقول: بعض الذي يعدكم؟، وحق اللفظ كل الذي يعدكم , فهذا باب من النظر يذهب فيه المناظر إلى الزام الحجة بأيسر ما في الأمر، , وليس في هذا نفي إصابة الكل ومثل هذا قول الشاعر:
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزّلل
إنما ذكر البعض ليوجب له الكل، لا أن البعض هو الكل ولكن للقائل إذا قال أقل ما يكون للمتأني إدراك بعض الحاجة، وأقل ما يكون للمستعجل الزلل، فقد أبان فضل المتأني على المستعجل بما لا يقدر الخصم أن يدفعه.
وكان مؤمن آل فرعون قال لهم: أقل ما يكون في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وفي بعض ذلك هلاككم، فهذا تأويله , واللّه أعلم).
[معاني القرآن: 4/371-372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه}
يجوز أن يكون المعنى : وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون على التقديم والتأخير
ويجوز أن يكون المعنى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه :
{ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } أي: لأن يقول , وإن يك كاذبا فعليه كذبه , أي : لا يضركم منه شيء.
وقوله جل وعز:
{وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم}: هذه آية مشكلة ؛ لأن كل ما وعد به نبي كان فهذا موضع كل , ففيها أجوبة:
-منها أن بعضا بمعنى كل , وهذا مذهب أبي عبيدة وأنشد:
=أو يرتبط بعض النفوس حمامها
وهذا قول مرغوب عنه ؛ لأن فيه بطلان البيان .
-قال أبو إسحاق : في هذا إلزام الحجة للمناظر , أن يقال: أرأيت إن أصابك بعض ما أعدك , أليس فيه هلاكك؟ , فالمعنى : إن لم يصبكم إلا بعض ما وعدكم موسى , هلكتم , قال ومثله قول الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزلل
أي : أقل أحوال المتأني أن يدرك بعض حاجته .
-وقيل: ليس في قوله:
{يصبكم بعض الذي يعدكم} : نفي للكل.
-وقيل: الأنبياء صلى الله عليهم يدعون على قومهم , فيقولون :اللهم اخسف بهم , اللهم أهلكهم في أنواع من الدعاء , فيصيبهم بعض ذلك .
-وفي الآية جواب خامس , وهو: أن موسى وعدهم بعذاب الدنيا معجلا إن كفروا , وبعذاب الآخرة , وإنما يلحقهم في الدنيا ما وعدهم به فيها , وعذاب الآخرة مؤخر , فعلى هذا يصيبهم بعض الذي يعدهم .
ثم قال جل وعز:
{إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب}
أي : كافر
وقال قتادة :أي: (أسرف على نفسه بالشرك)
وقال السدي : (وهو صاحب الدم).).
[معاني القرآن: 6/216-218]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({يصبكم بعض الذي يعدكم}
قال ثعلب: وعدهم شيئين من العذاب: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، فقال: يصبكم هذا العذاب في الدنيا، وهو بعض الوعيدين.).
[ياقوتة الصراط: 450]

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدة بالعذاب، قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} أي عذابنا.
وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} وقال: {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} أي: يمنعنا من عذاب الله). [تأويل مشكل القرآن: 505] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس اللّه إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلّا ما أرى وما أهديكم إلّا سبيل الرّشاد (29)}
هذه حكاية قول مؤمن آل فرعون, أعلمهم اللّه أن لهم الملك في حال ظهورهم على جميع الناس).
[معاني القرآن: 4/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}
روي , عن معاذ بن جبل أنه قرأ:
{سبيل الرشاد} بتشديد الشين , وقال: (سبيل الله جل وعز)
قال أبو جعفر : وهذا عند أكثر أهل اللغة العربية لحن ؛ لأنها إنما يقال : أرشد يرشد, ولا يكون فعال من أفعل , إنما يكون من الثلاثي , وإن أردت التكثير من الرباعي قلت مفعال .
قال أبو جعفر: يجوز أن يكون رشاد بمعنى يرشد , لا على أنه مشتق منه , ولكن كما يقال: لأل من اللؤلؤ , فهو بمعناه , وليس جاريا عليه , ويجوز أن يكون رشاد من : رشد , يرشد , أي: صاحب رشاد كما قال:
=كليني لهم يا أميمة ناصب)[معاني القرآن: 6/219]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ثم أعلمهم أن بأس اللّه لا يدفعه داف, ع ولا ينصر منه ناصر فقال: {فمن ينصرنا من بأس اللّه إن جاءنا}
{وقال الّذي آمن يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب (30)}:أي: مثل يوم حزب حزب، والأحزاب ههنا : قوم نوح , وعاد , وثمود , ومن أهلك بعدهم وقبلهم). [معاني القرآن: 4/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب}
قال قتادة : هم قوم نوح , وعاد , وثمود.).
[معاني القرآن: 6/219]

تفسير قوله تعالى: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى: {مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم وما اللّه يريد ظلما للعباد (31)}
مثل عادة، وجاء في التفسير مثل : حال قوم نوح، أي أخاف عليكم أن تقيموا على كفركم, فينزل بكم ما نزل بالأمم السالفة المكذبة رسلهم).
[معاني القرآن: 4/373]

تفسير قوله تعالى: {و َيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {[و] يا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد...}.
قرأها العوام على التناد بالتخفيف، وأثبت الحسن وحده فيه الياء، وهي من تنادى القوم...
- وحدثني حبان , عن الأجلح , عن الضحاك بن مزاحم أنه قال:
(تنزل الملائكة من السموات، فتحيط بأقطار الأرض، ويجاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم، فندّوا في الأرض كما تند الإبل، فلا يتوجهون قطراً إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا، وذلك قوله: {يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض} , وذلك قوله: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا، وجيء يومئذٍ بجهنّم} وذلك قوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً}).
قال الأجلح: وقرأها الضحاك:
{التنادّ} مشددة الدال.
قال حبان: وكذلك فسّرها الكلبي , عن أبي صالح , عن ابن عباس...
ومن قرأها
{التناد} خفيفة : أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة، وأصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم).[معاني القرآن: 3/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يوم التّناد} :أي : يوم يتنادي الناس: ينادي بعضهم بعضا.
ومن قرأ: التّناد بالتشديد، فهو من «ند يند»: إذا مضي على وجهه , يقال: ندت الإبل، إذا شردت وذهبت).
[تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد (32)}
{التّناد}:بكسر الدال , وقرأ الحسن :يوم التنادي, بإثبات الياء , وأكثر القراءة: التناد، وقرأ ابن عباس يوم التنادّ , بتشديد الدال، والأصل التنادي , وإثبات الياء الوجه، وحذفها حسن جميل ؛ لأن الكسرة تدل عليها الياء , وهو رأس آية، وأواخر هذه الآيات على الدال.
ومعنى : يوم التنادي: يوم ينادي
{أصحاب الجنّة أصحاب النّار أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا} , وينادي {أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء}.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون " يوم الئناد ": يوم يدعي كل أناس بإمامهم.
ومن قرأ يوم التنادّ , بتشديد الدال، فهو من قولهم ندّ فلان, وندّ البعير إذا هرب على وجهه، ومما يدل على هذا قوله:
{يوم تولّون مدبرين}, وقوله :{يوم يفرّ المرء من أخيه (34) وأمّه وأبيه (35)}
وجاء في التفسير : أنهم يؤمر بهم إلى النار فيفرون , ولا يعصمهم من النار).
[معاني القرآن: 4/373]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}
وقرأ الضحاك : يوم التناد , بتشديد الدال
قال أهل العربية : هذا لحن , لأنه من: ند يند , إذا مر على وجهه هاربا , كما قال الشاعر:
وبرك هجود قد أثارت مخافتي = نواديها أسعى بعضب مجرد
قال : ولا معنى لهذا في القيامة.
قال أبو جعفر: هذا غلط , والقراءة به حسنة .
روى صفوان بن عمرو , عن عبد الله بن خالد قال :
(يظهر للناس يوم القيامة عنق من نار , فيولون هاربين منها حتى تحيط بهم , فإذا أحاطت بهم , قالوا أين المفر ؟, ثم أخذوا في البكاء حتى تنفد الدموع , فيكون دما , ثم تشخص أبصار الكفار , فذلك قوله تعالى: {مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم}
ويروي : أنه إذا أمر بهم إلى النار , ولوا هاربين منها, ولو لم يكن في الاحتجاج بالقراءة إلا قوله تعالى: {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم}لكفى) .
فأما معنى التخفيف , فقال قتادة في قوله:
{إني أخاف عليكم يوم التناد} , قال : يوم ينادى كل قوم بأعمالهم , وينادي أهل الجنة أهل النار
وقال عبد الله بن خالد :
(إذا حشر الناس يوم القيامة نادى بعضهم بعضا حتى يظهر لهم عنق من النار فيولون هاربين).).[معاني القرآن: 6/220-222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَوْمَ التَّنَادِ}: ينادي بعضهم بعضاً , ومن شدد الدال فهو من : ند البعير شرق , ومضى لوجهه, وتصديق هذه القراءة: {يوم يفر المرء من أخيه} ..الآية).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ما لكم من الله من عاصم}
قال قتادة: (أي : من ناصر)).
[معاني القرآن: 6/222]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات فما زلتم في شكّ ممّا جاءكم به حتّى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب (34)}
أي : الآيات المعجزات.
{حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا}: أي: أقمتم على كفركم , وظننتم أنه لا يجدد عليكم إيجاب الحجة.
{كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب}:أي: مثل ذلك الضلال يضل اللّه من هو مسرف مرتاب.
{مسرف}:ههنا كافر، و {مرتاب} :شاكّ في أمر اللّه وأنبيائه). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات}
أي : من قبل موسى بالبينات , أي: بالآيات المعجزات .
{فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا}
أي : ظننتم أن الحجة لا تقام عليكم بعده , كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب , أي: مثل هذا الضلال, يضل الله من هو مسرف مرتاب).
[معاني القرآن: 6/222]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كبر مقتاً عند اللّه...}.
أي: كبر ذلك الجدال مقتا، ومثله:
{كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} :أضمرت في كبرت قولهم: {اتّخذ اللّه ولداً} , ومن رفع الكلمة , لم يضمر، وقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة :{كبرت كلمةٌ تخرج}.
وقوله:
{على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ...}.
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهي في قراءة عبد الله
{كذلك يطبع اللّه على قلب كلّ متكبر جبار}: فهذا شاهدٌ لمن أضاف، والمعنى في تقدم القلب , وتأخره واحد ,والله أعلم.
قال: سمعت بعض العرب يرجّل شعره يوم كل جمعة، يريد: كل يوم جمعة، والمعنى واحد).
[معاني القرآن: 3/8-9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ}
وقال:
{على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ} , فمن نون جعل "المتكبّر الجبار" من صفته , ومن لم ينون أضاف "القلب" إلى المتكبر). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار (35)}
(الذين) في موضع نصب على الرد على " من " , أي: كذلك اللّه يضل الذين يجادلون في آيات اللّه بغير حجة أتتهم.
ويجوز أن يكون موضع (الذين) رفعا على معنى :
{من هو مسرف مرتاب }:هم الذين يجادلون.
وقوله عزّ وجلّ:
{كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا} :أي: كبر جدالهم مقتا عند الله , وعند الذين آمنوا.
{كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار} : ويقرأ على كل قلب متكبّر، والأول الوجه؛ لأن المتكبر هو الإنسان, وقد يجوز أن تقول: قلب متكبّر، أي صاحبه متكبّر). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم}
على البدل من
{من} , ومعنى :{كبر مقتا }: كبر الجدال مقتا .
ثم قال جل وعز:
{كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار}
وفي قراء عبد الله بن مسعود :
{على قلب كل متكبر جبار} : ومعنى هذه القراءة كمعنى الأولى , كما يقال: أنا أكلم فلانا يوم كل جمعة , وكل يوم جمعة
فأما التنوين , فإنه يقال: قلب متكبر , أي : صاحبه متكبر.).
[معاني القرآن: 6/224]


رد مع اقتباس