عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالا سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون (57) والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون (58)}
لمّا ذكر تعالى أنّه خالق السموات والأرض، وأنّه المتصرّف الحاكم المدبّر المسخّر، وأرشد إلى دعائه؛ لأنّه على ما يشاء قادرٌ -نبّه تعالى على أنّه الرّزّاق، وأنّه يعيد الموتى يوم القيامة فقال: " وهو الّذي يرسل الرّياح نشرًا " أي: ناشرةً بين يدي السّحاب الحامل للمطر، ومنهم من قرأ {بشرًا} كقوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ}[الرّوم: 46]
وقوله: {بين يدي رحمته} أي: بين يدي المطر، كما قال: {وهو الّذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الوليّ الحميد}[الشّورى: 28] وقال: {فانظر إلى أثر رحمة اللّه كيف يحيي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الرّوم: 50]
وقوله: {حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالا} أي: حملت الرّياح سحابًا ثقالًا أي: من كثرة ما فيها من الماء، تكون ثقيلةً قريبةً من الأرض مدلهمّةً، كما قال زيد بن عمرو بن نفيلٍ، رحمه اللّه.
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ....... له المزن تحمل عذبا زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ....... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا

وقوله: {سقناه لبلدٍ ميّتٍ} أي: إلى أرضٍ ميّتةٍ، مجدبةٍ لا نبات فيها، كما قال تعالى: {وآيةٌ لهم الأرض الميتة أحييناها [وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون]} [يس: 33]؛ ولهذا قال: {فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى} أي: كما أحيينا هذه الأرض بعد موتها، كذلك نحيي الأجساد بعد صيرورتها رميمًا يوم القيامة، ينزّل اللّه، سبحانه وتعالى، ماءً من السّماء، فتمطر الأرض أربعين يومًا، فتنبت منه الأجساد في قبورها كما ينبت الحبّ في الأرض. وهذا المعنى كثيرٌ في القرآن، يضرب اللّه مثلًا للقيامة بإحياء الأرض بعد موتها؛ ولهذا قال: {لعلّكم تذكّرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 430]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه} أي: والأرض الطّيّبة يخرج نباتها سريعًا حسنًا، كما قال: {فتقبّلها ربّها بقبولٍ حسنٍ وأنبتها نباتًا حسنًا} [آل عمران:37]
{والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا} قال مجاهدٌ وغيره: كالسّباخ ونحوها.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في الآية: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر.
وقال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن العلاء، حدّثنا حمّاد بن أسامة عن بريد بن عبد اللّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكانت منها نقيّةٌ قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللّه بها النّاس، فشربوا وسقوا وزرعوا. وأصاب منها طائفةً أخرى، إنّما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت فذلك مثل من فقه في دين اللّه ونفعه ما بعثني اللّه به، فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا. ولم يقبل هدى اللّه الّذي أرسلت به».
رواه مسلمٌ والنّسائيّ من طرقٍ، عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 430-431]


رد مع اقتباس