عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 02:54 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ثناؤه: {ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم} أي: لا تكونوا كأهل الكتاب، يعني به اليهود والنصارى وكتابهم جميعا التوراة، وهم مختلفون، كل فرقة منهم - وإن اتفقت في باب النصرانية أو اليهودية - مختلفة أيضا، كالنصارى الذين هم نسطورية ويعقوبية وملكانية، فأمر اللّه بالاجتماع على كتابه، وأعلم أن التفرق فيه يخرج أهله إلى مثل ما خرج إليه أهل الكتاب في كفرهم، فأعلم الله أن لهم عذابا عظيما، فقال: {وأولئك لهم عذاب عظيم}.
ثم أخبر بوقت ذلك العذاب فقال: {يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}]). [معاني القرآن: 1/453]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ...}
لم يذكّر الفعل أحد من القرّاء كما قيل {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} وقوله: {لا يحلّ لك النساء من بعد} وإنما سهل التذكير في هذين لأن معهما جحدا، والمعنى فيه: لا يحلّ لك أحد من النساء، ولن ينال الله شيء من لحومها، فذهب بالتذكير إلى المعنى، والوجوه ليس ذلك فيها، ولو ذكّر فعل الوجوه كما تقول: قام القوم لجاز ذلك.
وقوله: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم} يقال: (أمّا) لا بدّ لها من الفاء جوابا فأين هي؟ فيقال: إنها كانت مع قولٍ مضمر، فلمّا سقط القول سقطت الفاء معه،
والمعنى - والله أعلم -:
فأمّا الذين اسودّت وجوههم فيقال: أكفرتم،
فسقطت الفاء مع (فيقال). والقول قد يضمر. ومنه في كتاب الله شيء كثير؛ من ذلك قوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا} وقوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} وفي قراءة عبد الله "ويقولان ربّنا"). [معاني القرآن: 1/228-229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأمّا الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم}: العرب تختصر لعلم المخاطب بما أريد به، فكأنه خرج مخرج قولك: فأما الذين كفروا فيقول لهم: أكفرتم، فحذف هذا واختصر الكلام، وقال الأسديّ:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها... بني شاب قرناها تصرّ وتحلب
أراد: بنى التي شاب قرناها، وقال النابغة الذيبانيّ:
كأنك من جمال بني أقيشٍ... يقعقع خلف رجليه بشنّ
بني أقيشٍ: حيٌّ من الجن، أراد: كأنك جمل يقعقع خلف الجمل بشنّ، فألقى الجمل، ففهم عنه ما أراد). [مجاز القرآن: 1/100-101]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
أما قوله: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} على "فيقال لهم أكفرتم".
مثل قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم} وهذا في القرآن كثير).
[معاني القرآن: 1/179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومن ذلك: حذف الكلمة والكلمتين.
كقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} والمعنى: فيقال لهم: أكفرتم؟). [تأويل مشكل القرآن: 216] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} أي: يثبت لهم العذاب ذلك اليوم، وابيضاضها إشراقها وإسفارها، قال الله عزّ وجلّ: (وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة} أسفرت واستبشرت لما تصير إليه من ثواب الله ورحمته، وتسود وجوه اسودادها لما تصير إليه من العذاب، قال اللّه: {ووجوه يومئذ عليها غبرة }
والكلام. تسود وتبيض بفتح التاء - الأصل " تسودد " و " تبيضض إلا أن الحرفين إذا اجتمعا وتحركا أدغم الأول في الثاني.
وكثير من العرب تكسر هذه التاء من تسود وتبيض والقراءة بالفتح والكسر قليل إلا أن كئيرا من العرب يكسر هذه التاء ليبيّن أنها من قولك أبيض وأسود فكأن الكسرة دليل على أنه كذلك في الماضي.
وقرأ بعضهم " تسواد وتبياض " وهو جيّد في العربية إلا أن المصحف ليست فيه ألف فأنا أكرهها لخلافه على أنه قد تحذف ألفات في القرآن نحو ألف إبراهيم وإسماعيل ونحو ألف الرحمن؛ ولكن الإجماع على إثبات هذه الألفات المحذوفة في الكتاب في اللفظ، وتبيض وتسود إجماع بغير ألف فلا ينبغي أن يقرأ بإثبات الألف.
وقوله جل وعلا: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم} تدل على: أن القراءة تسود، ومن قرأ بالألف تسواد وتبياض وجب أن يقرأ: فأما الذين اسوادت وجوههم.
وجواب أما محذوف مع القول.
المعنى فيقال لهم: {أكفرتم بعد إيمانكم}.
وحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه وهذا كثير في القرآن، كقوله عزّ وجلّ: (والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب * سلام عليكم}المعنى: يقولون {سلام عليكم}.
وكذلك قوله: {وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا} المعنى: يقولان ربّنا تقبّل منّا - هذه الألف لفظها لفظ الاستفهام ومعناها التقرير والتوبيخ.
وإنّما قيل لهم {أكفرتم بعد إيمانكم} لأنهم كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كانوا به مؤمنين قبل مبعثه.
وهذا خطاب لأهل الكتاب). [معاني القرآن: 1/453-455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}
ابيضاضها إشراقها كما قال تعالى: {وجوه يوم يومئذ مسفرة}
ثم قال تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
في الكلام محذوف، والمعنى: فأما الذين اسودت وجوههم فيقال لهم أكفرتم بعد إيمانكم.
وأجمع أهل العربية على: أنه لا بد من الفاء في جواب أما لأن المعنى في قولك أما زيد فمنطلق مهما يكن من شيء فزيد منطلق.
قال مجاهد في قوله تعالى: {أكفرتم بعد إيمانكم} بعد أخذ الميثاق.
ويدل على هذا قوله جل وعلا: {وإذ أخذ ربك من بني آدم} الآية
وقيل: هم اليهود بشروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم كفروا به من بعد مبعثه فقيل لهم أكفرتم بعد إيمانكم
وقيل: هو عام أي كفرتم بعد أن كنتم صغارا تجري عليكم أحكام المؤمنين). [معاني القرآن: 1/456-458]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومن الاستعارة: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يعني: جنّته، سمّاها رحمة، لأن دخولهم إيّاها كان برحمته.
ومثله قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ} {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 145-146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعلا: {وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون}
{ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون} أي: في الثواب - الذي أصارهم اللّه إليه برحمة - خالدون.
أعلم أنّه إنما يدخل الجنة برحمته وإن اجتهد المجتهد في طاعة اللّه لأن نعم اللّه عزّ وجلّ دون الجنة لا يكافئها اجتهاد الآدميين.
وقال {ففي رحمة اللّه} وهو يريد ثواب رحمة اللّه كما فال: {واسأل القرية} المعنى: أهل القرية، كما تقول العرب بنو فلان يطؤهم الطريق، المعنى: يطؤهم مارة الطريق.
وذكر {فيها} ثانية على جهة التوكيد). [معاني القرآن: 1/455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون}معنى: ففي رحمة الله هم فيها خالدون ففي ثواب رحمة الله). [معاني القرآن: 1/458]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {تلك آيات اللّه...}
يريد: هذه آيات الله. وقد فسّر شأنها في أوّل البقرة). [معاني القرآن: 1/229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحقّ} أي: عجائب الله، {نتلوها}: نقصّها). [مجاز القرآن: 1/101]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وما اللّه يريد ظلما للعالمين} أي: تلك التي قد جرى ذكرها حجج اللّه وعلاماته {نتلوها عليك}أي: نعرفك إياها {وما اللّه يريد ظلما للعالمين} أي: من أعلم اللّه أنه يعذبه فباستحقاق يعذبه). [معاني القرآن: 1/455]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور}
قال عز وجل: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور} فثنى الاسم وأظهره، وهذا مثل "أمّا زيدٌ فقد ذهب زيدٌ". قال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيءٌ = نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأظهر في موضع الإضمار). [معاني القرآن: 1/179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور}
{وإلى اللّه ترجع الأمور}.
ولو كانت " وإليه ترجع الأمور " لكان حسنا ولكن إعادة اسم الله أفخم وأوكد، والعرب إذا جرى ذكر شيء مفخم أعادوا لفظه مظهرا غير مضمر، أنشد النحويون قول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأعادوا ذكر الموت لفخامة في نفوسهم). [معاني القرآن: 1/455-456]

رد مع اقتباس