عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 24 ذو الحجة 1431هـ/30-11-2010م, 12:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من92 إلى 101]

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93) قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92)}
تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {سمعنا وعصينا...} معناه: سمعنا قولك, وعصينا أمرك). [معاني القرآن: 1/61]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم...} فإنه أراد: حبّ العجل، ومثل هذا مما تحذفه العرب كثيرٌ؛ قال الله: {واسأل القرية التي كنّا فيها والعير التي أقبلنا فيها}, والمعنى: سل أهل القرية وأهل العير؛ وأنشدني المفضّل:
حسبت بغام راحلتي عناقاً= وما هي ويب غيرك بالعناق
ومعناه: بغام عناق؛ ومثله من كتاب الله: {ولكنّ البرّ من آمن باللّه}, معناه -والله أعلم-: ولكنّ البرّ برّ من فعل هذه الأفاعيل التي وصف الله. والعرب قد تقول: إذا سرّك أن تنظر إلى السّخاء فانظر إلى هرم أو إلى حاتم, وأنشدني بعضهم:
يقولون جاهد يا جميل بغزوةٍ = وإنّ جهاداً طيّءٌ وقتالها
يجزئ ذكر الاسم من فعله إذا كان معروفا بسخاء, أو شجاعة, وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 1/61-62]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وأشربوا في قلوبهم العجل}: سقوه حتى غلب عليهم؛ مجازه مجاز المختصر؛
{أشربوا في قلوبهم العجل}: حبّ العجل، وفي القرآن: {وسل القرية} مجازها: أهل القرية، وقال النابغة الذبياني:
كأنك من جمال بنى أقيشٍ= يقعقع خلف رجليه بشنّ
أقيش: حي من الجن، أضمر جملاً يقعقع خلف رجليه بشن، وقال الأسديّ:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها= بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب
أضمر "التي" شاب قرناها؛
وقال أبو أسلم: وأوتى بطعام قبل طعام، فقال: الذي قبل أطيب). [مجاز القرآن: 1/47-48]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} أي: حبّ العجل). [تفسير غريب القرآن: 58]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطّور خذوا ما آتيناكم بقوّة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} قد بيّنّاه فيما مضى.
وقوله عزّ وجلّ: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} معناه: سقوا حبّ العجل، فحذف "حب" وأقيم "العجل" مقامه.
كما قال الشاعر:
وكيف تواصل من أصبحت= خلالته كأبي مرحب
أي: كخلالته أبي مرحب، وكما قال:
وشر المنايا ميّت بين أهله= كهلك الفتى قد أسلم الحيّ حاضره
المعنى: وشر المنايا منيّة ميت....
وقوله عزّ وجلّ {بكفرهم} أي: فعل الله ذلك بهم مجازاة لهم على الكفر، كما قال: {بل طبع اللّه عليها بكفرهم}.
وقوله: {بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} قد فسرناه، أي: ما كنتم مؤمنين، فبئس الإيمان يأمركم بالكفر).[معاني القرآن: 1/175-176]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): ({الطور}: الجبل). [ياقوتة الصراط: 174]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (و{سمعنا}: قولك، {وعصينا}: أمرك). [ياقوتة الصراط: 176]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وأشربوا في قلوبهم العجل} أي: سقوه حتى غلب عليهم حبه، يريد: حب العجل).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 31]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَأُشْرِبُوا}: غلب عليهم). [العمدة في غريب القرآن: 80]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل إن كانت لكم الدّار الآخرة عند اللّه خالصةً مّن دون النّاس فتمنّوا الموت...}
يقول: إن كان الأمر على ما تقولون من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهودياً, أو نصرانيًا, {فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} فأبوا، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يقوله أحد إلا غصّ بريقه)),
ثم إنه وصفهم, فقال: {ولتجدنّهم أحرص النّاس على حياةٍ ومن الّذين أشركوا}, معناه- والله أعلم-: وأحرص من الذين أشركوا على الحياة, ومثله أن تقول: هذا أسخى النّاس, ومن هرم؛ لأن التأويل للأوّل هو أسخى من الناس, ومن هرم؛
ثمّ إنه وصف المجوس فقال: {يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنةٍ}, وذلك أن تحيتهم فيما بينهم: (زه هزار سال), فهذا تفسيره: عش ألف سنة.
وأما قوله: {قل من كان عدوّاً لّجبريل فإنّه نزّله...} يعني: القرآن، {على قلبك}: هذا أمرٌ أمر الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال: قل لهم لما قالوا عدوّنا جبريل, وأخبره الله بذلك، فقال: {قل من كان عدوّاً لّجبريل فإنّه نزّله على قلبك} يعني: قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فلو كان في هذا الموضع "على قلبي" وهو يعني محمداً صلى الله عليه وسلم لكان صواباً, ومثله في الكلام: لا تقل للقوم إن الخير عندي، وعندك؛ أمّا "عندك" فجاز؛ لأنه كالخطاب، وأمّا "عندي" فهو قول المتكلم بعينه, يأتي هذا من تأويل قوله: "ستغلبون" , و"سيغلبون" بالتاء والياء). [معاني القرآن: 1/62-63]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل إن كانت لكم الدّار الآخرة عند اللّه خالصة من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} قيل لهم هذا لأنهم قالوا: {لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى}, وقالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه}, فقيل لهم: إن كنتم عند أنفسكم صادقين فيما تدّعون, فتمنوا الموت، فإن من كان لا يشك في أنه صائر إلى الجنة، فالجنة عنده آثر من الدنيا، فإن كنتم صادقين, فتمنوا الأثرة والفضل.
وللنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين في هذه الآية أعظم حجة, وأظهر آية, وأدلة على الإسلام، وعلى صحة تثبيت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال لهم: تمنّوا الموت وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبداً, فلم يتمنّه منهم واحد؛ لأنهم لو تمنوه لماتوا من ساعتهم، فالدليل على علمهم بأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم حق؛ أنهم كفوا عن التمني, ولم يقدم واحد منهم عليه, فيكون إقدامه دفعاً لقوله: {ولن يتمنوه أبداً}, أو يعيش بعد التمني, فيكون قد ردّ ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم, فالحمد للّه الذي أوضح الحق وبيّنه، وقمع الباطل وأزهقه). [معاني القرآن: 1/176-177]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولن يتمنّوه أبدا بما قدّمت أيديهم واللّه عليم بالظّالمين} يعني: ما قدمت من كفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كفروا, وهم يعلمون أنه حق, وأنهم إن تمنوه ماتوا، ودليل ذلك إمساكهم عن تمنيه,
وقوله عزّ وجلّ {واللّه عليم بالظّالمين}: اللّه عزّ وجلّ عليم بالظالمين وغير الظالمين، وإنما الفائدة ههنا إنّه عليم بمجازاتهم, وهذا جرى في كلام الناس المستعمل بينهم إذا أقبل الرجل على رجل قد أتى إليه منكرا، قال: أنا أعرفك، وأنا بصير بك، تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به، وأستعمله معك.
فالمعنى: إنه عليم بهم, وبصير بما يعملون، أي: يجازيهم عليه بالقتل في الدنيا, أو بالذلّة والمسكنة وأداء الجزية، ونصب {لن} كما تنصب (أن), وقد شرحنا نصبها فيما مضى, وذكرنا ما قاله النحويون فيه.
ونصب {أبداً} لأنه ظرف من الزمان، المعنى: لن يتمنوه في طول عمرهم إلى موتهم، وكذلك قولك: لا أكلمك أبدا، المعنى: لا أكلمك ما عشت.
ومعنى {بما قدمت أيديهم} أي: بما تقدمه أيديهم, ويصلح أن يكون: بالذي قدمته أيديهم). [معاني القرآن: 1/177]

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بمزحزحه}: بمبعده). [مجاز القرآن: 1/48]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولتجدنّهم أحرص النّاس على حياةٍ ومن الّذين أشركوا يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنةٍ وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر واللّه بصيرٌ بما يعملون}
قوله: {وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر} فهو نحو "ما زيدٌ بمزحزحه أن يعمّر", و"ما زيدٌ بضارّه أن يقوم، فـ"أن يعمّر" في موضع رفع, وقد حسنت الباء كما تقول: "ما عبد الله بملازمه زيدٌ".
{قل من كان عدوّاً لّجبريل فإنّه نزّله على قلبك بإذن اللّه مصدّقاً لّما بين يديه وهدًى وبشرى للمؤمنين}
قوله: {من كان عدوّاً لّجبريل} ومن العرب من يقول (لجبرئيل) فيهمزون ولا يهمزون، وكذلك "إسرائيل" منهم من يهمز, ومنهم من لا يهمز، ويقولون "ميكائيل" فيهمزون, ولا يهمزون , ويقولون: {ميكال} كما قالوا: {جبريل}, وقال بعضهم: "جَبْرَئِل", ولا أعلم وجهه إلا أني قد سمعت "إسراءل", وقال بعضهم :"آسراييل" فأمال الراء, قال أبو الحسن: في "جِبْرِيل" ست لغات:
جبرآييل, وجَبْرَئيل, وجَبْرَئل, وجَبرِيل، وجِبْرِيل، وجَبْراءِل، جَبْرَاعِيل, وجَبرعيل, جَبرعِل: فَعْلِيل فِعْليل, جَبْرَاعِل). [معاني القرآن: 1/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بمزحزحه}: بمبعده). [غريب القرآن وتفسيره: 77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولتجدنّهم أحرص النّاس على حياةٍ} يعني: اليهود.
{ومن الّذين أشركوا} يعني: المجوس, وشركهم: أنهم قالوا: بإلهين: النور والظلمة.
{يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنةٍ} أراد معنى قولهم لملوكهم في تحيتهم: «عش ألف سنة وألف نوروز».
{وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر} أي: بمباعده من العذاب طول عمره، لأن عمره ينقضي, وإن طال، ويصير إلى عذاب اللّه). [تفسير غريب القرآن: 58]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولتجدنّهم أحرص النّاس على حياة ومن الّذين أشركوا يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر واللّه بصير بما يعملون} يعني به علماء اليهود هؤلاء،
المعنى: أنك تجدهم في حال دعائهم إلى تمنى الموت, أحرص الناس على حياة.
ومعنى {لتجدنّهم}: لتعلمنّهم.
ومعنى {ومن الّذين أشركوا} أي: ولتجدنهم أحرص من الذين أشركوا، وهذا نهاية في التمثيل, و"الذين أشركوا" هم المجوس، ومن لا يؤمن بالبعث.
وقوله عزّ وجلّ: {يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنة} ذكرت الألف؛ لأنها نهاية ما كانت المجوس تدعو به لملوكها، كان الملك يحيّا بأن يقال: عش ألف نيروز وألف مهرجان.
يقول: فهؤلاء الذين يزعمون أن لهم الجنة، وأنّ نعيم الجنة له الفضل لا يتمنون الموت, وهم أحرص ممّن لا يؤمن بالبعث، وكذلك يجب أن يكون هؤلاء؛ لأنهم كفّار بالنبي صلى الله عليه وسلم, و هو عندهم حق، فيعلمون أنهم صائرون إلى النار لا محالة، فهم أحرص لهذه العلة، ولأنهم يعلمون أنهم لو تمنوا الموت لماتوا، لأنهم علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حق, لولا ذلك لما أمسكوا عن التمني، لأن التمني من واحد منهم كان يثبت قولهم.
وإنما بالغنا في شرح هذه الآيات؛ لأنها نهاية في الاحتجاج في تثبيت أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله عزّ وجلّ: {وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر} هذا كناية عن {أحدهم} الذي جرى ذكره، كأنه قال: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره،
ويصلح أن تكون "هو" كناية عما جرى ذكره من طول العمر، فيكون: وما تعميره بمزحزحه من العذاب، ثم جعل أن يعمر مبنياً عن "هو" كأنّه قال: ذلك الذي ليس بمزحزحه أن يعمر.
وقد قال قوم: إن (هو) لمجهول,
وهذا عند قوم لا يصلح في "ما" إذا جاء في خبرها الباء مع الجملة، لا يجيز البصريون: "ما هو قائماً زيد" يريدون: ما الأمر قائما زيد، و"لا كان هو قائما زيد"، يريدون: ما الأمر قائما زيد؛ و"لا كان هو قائما زيد"، يريدون: كان الأمر قائما زيد، وكذلك لا يجيزون "ما هو بقائم زيد"، يريدون: ما الأمر.
وقوله عزّ وجلّ: {واللّه بصير بما يعملون} شرحه تقدم في الآية التي قبل هذه.
وتقول في "يود": وددت الرجل أَودة وُدًّا أو وِدادًا ومودة وودادة،
وحكى الكسائي: ودَدْتُ الرجل,
والذي يعرفه جميع الناس وددته، ولم يحك إلا ما سمع إلا أنه سمع ممن لا يجب أن يؤخذ بلغته، لأن الإجماع على تصحيح أودّ، وأودّ لا يكون ماضيه وددت, فالإجماع يبطل وددت, أعني الإجماع في قولهم أود). [معاني القرآن: 1/178-179]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لو يعمر ألف سنة} وذلك من شدة حبهم للحياة، فاليهود أحرص على الحياة من هؤلاء المذكورين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 31]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُزَحْزِحِهِ}: بمبعده). [العمدة في غريب القرآن: 80]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مصدّقاً لما بين يديه} أي: لما كان قبله). [مجاز القرآن: 1/48]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مصدقا لما بين يديه} أي: لما كان قبله). [غريب القرآن وتفسيره: 77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قل من كان عدوًّا لجبريل} من اليهود, وكانوا قالوا: لا نتبع محمداً, وجبريل يأتيه، لأنّه يأتي بالعذاب, {فإنّه نزّله} يعني: فإن جبريل نزل القرآن {على قلبك}). [تفسير غريب القرآن: 59]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل من كان عدوّا لجبريل فإنه نزّله على قلبك بإذن اللّه مصدّقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين (97)}
"جبريل" في اسمه لغات قرئ ببعضها, ومنها ما لم يقرأ به، فأجود اللغات "جَبرئيل" بفتح الجيم، والهمز، لأن الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب الصور ((جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره))، هذا الذي ضبطه أصحاب الحديث، ويقال: "جبريل" بفتح الجيم وكسرها, ويقال أيضا "جبرألّ" بحذف الياء, وإثبات الهمزة, وتشديد اللام, ويقال: "جبرين" بالنون، وهذا لا يجوز في القرآن، أعني: إثبات النون؛ لأنه خلاف المصحف, قال الشاعر:
شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة= الدهر إلا جبرئيل أمامها
وهذا البيت على لفظ ما في الحديث, وما عليه كثير من القراء.
وقد جاء في الشعر "جبريل", قال الشاعر:
وجبريل رسول الله فينا= وروح القدس ليس له كفاء
وإنما جرى ذكر هذا؛ لأن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: جبريل عدونا, فلو أتاك ميكائيل، لقبلنا منك، فقال اللّه عزّ وجلّ: {قل من كان عدوّا لجبريل فإنه نزّله على قلبك بإذن اللّه مصدّقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين (97)}
ونصب {مصدقًا}على الحال). [معاني القرآن: 1/180]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَيْنَ يَدَيْهِ}: ما كان قبله). [العمدة في غريب القرآن: 80]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({من كان عدوّاً للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ اللّه عدوٌّ لّلكافرين}
قال: {من كان عدوّاً للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ اللّه عدوٌّ لّلكافرين} فأظهر الاسم, وقد ذكره في أول الكلام, قال الشاعر:
ليت الغراب غداة ينعب دائباً = كان الغراب مقطّع الأوداج). [معاني القرآن: 1/107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {من كان عدوّا للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ اللّه عدوّ للكافرين (98)}
"ميكائيل" فيه لغات، ميكائيل , وميكال, وقد قرئ بهما جميعاً, وميكَأْل بهمزة بغير ياء, وهذه أسماء أعجمية دفعت إلى العرب, فلفظت بها بألفاظ مختلفة, أعني: جبريل، وميكائيل, و"إسرائيل" فيه لغات أيضا: إسراييل, وإسرال، وإسرايل, وإبراهيم, وإبراهم، وأبرهم, وإبراهام، والقرآن إنما أتى بإبراهيم فقط, وعليه القراءة, وأكثر ما أرويه من القراءة في كتابنا هذا, فهو عن أبي عبيد ممّا رواه إسماعيل بن إسحاق, عن أبي عبد الرحمن, عن أبي عبيد). [معاني القرآن: 1/180-181]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أنزلنا إليك آيات بيّنات وما يكفر بها إلّا الفاسقون} يعني: الآيات التي جرى ذكرها مما قد بيّنّاه، و"الآية" في اللغة: العلامة.
و{بينات}: واضحات، و"قد" إنما تدخل في الكلام لقوم لا يتوقعون الخبر، واللام في {لقد} لام قسم.
وقوله عزّ وجلّ: {وما يكفر بها إلا الفاسقون} يعني: الذين قد خرجوا عن القصد، وقد بيّنّا أن قول العرب "فسقت الرطبة": خرجت عن قشرتها). [معاني القرآن: 1/181]

تفسير قوله تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({أوكلّما عاهدوا عهداً نّبذه فريقٌ مّنهم بل أكثرهم لا يؤمنون}
قال: {أوكلّما عاهدوا عهداً} فهذه واو تجعل مع حرف الاستفهام, وهي مثل الفاء التي في قوله: {أفكلّما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم}, فهذا في القرآن والكلام كثير، وهما زائدتان في هذا الوجه, وهي مثل الفاء التي في قولك: "أفا الله لتصنعنّ كذا وكذا", وقولك للرجل: "أفلا تقوم", وإن شئت جعلت الفاء والواو ههنا حرف عطف). [معاني القرآن: 1/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({نبذه فريق}: تركه فريق). [غريب القرآن وتفسيره: 77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({نبذه فريقٌ منهم}: تركه, ولم يعمل به). [تفسير غريب القرآن: 59]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أوكلّما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون}
معنى {نبذه}: رفضه, ورمى به. قال الشاعر:
نظرت إلى عنوانه فنبذته= كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا
ونصب {أوكلما عاهدوا} على الظرف.
وهذه الواو في {أوكلما} تدخل عليها ألف الاستفهام، لأن الاستفهام مستأنف، والألف أمّ حروف الاستفهام, وهذه الواو تدخل على هل فتقول: وهل زيد عاقل؟، لأن معنى ألف الاستفهام موجود في "هل"، فكأن التقدير: أو هل، إلا أن ألف الاستفهام و"هل" لا يجتمعان لإغناء "هل" عن الألف). [معاني القرآن: 1/181-182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نبذه}: تركه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 31]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ("نَبَذَ": ترك). [العمدة في غريب القرآن: 80]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({نبذ فريقٌ} أي: بعض؛ "نبذه": تركه،
وقال أبو الأسود الدّؤليّ: قال أبو عبيدة: أخذ من الدألان، واختار الدّؤلى:
نظرت إلى عنوانه فنبذته= كنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا). [مجاز القرآن: 1/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا جاءهم رسول من عند اللّه مصدّق لما معهم نبذ فريق من الّذين أوتوا الكتاب كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون} يعني به: النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذي جاء به مصدّق التوراة والإنجيل،
{ولمّا} يقع بها الشيء لوقوع غيره {مصدّق} رفع صفة لرسول؛ لأنهما نكرتان.
ولو نصب كان جائزاً؛ لأن {رسول} قد وصف بقوله {من عند اللّه}, فلذلك صار النصب يحسن،
وموضع "ما" في {مصدّق لما معهم} جر بلام الإضافة، و "مع" صلة لها، والناصب لـ"مع" الاستقرار, المعنى: لما استقر معهم.
وقوله عزّ وجلّ: {نبذ فريق من الّذين أوتوا الكتاب كتاب اللّه وراء ظهورهم}
{الّذين أوتوا الكتاب} يعني به: اليهود، و"الكتاب" هنا: التوراة, و{كتاب اللّه وراء ظهورهم} فيه قولان:
جائز أن يكون: القرآن,
وجائز أن يكون: التوراة؛ لأن الذين كفروا بالنبي قد نبذوا التوراة.
وقوله عزّ وجلّ: {كأنّهم لا يعلمون} أعلم أنهم علماء بكتابهم، وأنهم رفضوه على علم به، وعداوة للنبي صلّى اللّه عليه وسلم, وأعلم أنّهم نبذوا كتاب اللّه). [معاني القرآن: 1/182]


رد مع اقتباس