عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 ذو القعدة 1439هـ/3-08-2018م, 10:43 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "في الصور" وهو القرن، وقرأ ابن عياض: "في الصور" بفتح الواو جمع صورة، وقوله تعالى: {فلا أنساب بينهم يومئذ}، اختلف المتأولون في صفة ارتفاع الأنساب -فقال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: هذا في النفخة الأولى، وذلك أن الناس بأجمعهم يموتون فلا يكون بينهم نسب في ذلك الوقت وهم أموات.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل يزيل ما في الآية من ذكر هول الحشر.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: إنما المعنى أنه عند النفخة الثانية وقيام الناس من القبور فهم حينئذ لهول المطلع قد اشتغل كل امرئ بنفسه، قد انقطعت بينهم الوسائل وزال انتفاع الأنساب، فلذلك نفاها، فالمعنى: فلا أنساب نافعة، وروي عن قتادة: أنه ليس أحد أبغض إلى الإنسان في ذلك اليوم ممن يعرف، لأنه يخاف أن يكون عنده مظلمة، وفي ذلك اليوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، ويفرح كل أحد يومئذ أن يكون له حق على ابنه وأبيه، وقد ورد بهذا حديث. وكذلك ارتفاع التساؤل لهذه الوجوه التي ذكرناها، ثم تأتي في القيامة مواطن يكون فيها السؤال والتعارف.
[المحرر الوجيز: 6/321]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل حسن، وهو مروي المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما). [المحرر الوجيز: 6/322]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وثقل الموازين هو بالحسنات، والثقل والخفة إنما يتعاقبان بأجرام يخترع الله تعالى فيها ذلك، وهي فيما روي براءات). [المحرر الوجيز: 6/322]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون}
جمع "الموازين" من حيث الموزون جمع وهي الأعمال، ومعنى الوزن: إقامة الحجة على الناس بالمحسوس على عادتهم وعرفهم، ووزن الكافر على أحد وجهين: إما أن يوضع كفره في كفة فلا يجد شيئا يعادله في الكفة الأخرى، وإما أن توضع أعماله من صلة رحم ووجه بر في كفة الحسنات ثم يوضع كفره في الكفة الأخرى فتخف أعماله). [المحرر الوجيز: 6/322]

تفسير قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "لفح النار": إصابتها بالوهج والإحراق، وقرأ أبو حيوة: "كلحون" بغير ألف، و"الكلح": انكشاف الشفتين عن الأسنان، وهذا يعتري الإنسان عند المباطشة عند الغضب، ويعتري الرؤوس عند النار، وقد شبه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ما في هذه الآية بما يعتري رؤوس الكباش إذا شيطت بالنار فإنها تكلح، ومنه كلوح الكلب والأسد، ويستعار للزمان والخطوب). [المحرر الوجيز: 6/322]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ألم تكن آياتي تتلى عليكم} قبله محذوف تقديره: يقال لهم،
[المحرر الوجيز: 6/322]
و "الآيات" هنا: القرآن). [المحرر الوجيز: 6/323]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأخبر عنهم تعالى أنهم إذا سمعوا هذا التقرير أذعنوا، وأقروا على أنفسهم، وسلموا بقولهم: {غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين}. وقرأ جمهور الناس: "شقوتنا" بكسر الشين دون ألف، وهي قراءة الحرميين، وقرأ الحمزة والكسائي: "شقاوتنا" بفتح الشين وألف بعد القاف، وهي قراءة ابن مسعود، وخير عاصم في الوجهين، وهما مصدران من شقي يشقى). [المحرر الوجيز: 6/323]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم تدرجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع، وذلك أنهم ذلوا؛ لأن الإقرار بالذنب اعتذار وتنصل). [المحرر الوجيز: 6/323]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فوقع جواب رغبتهم بحسب ما حتم الله تعالى من عذابهم بقوله تعالى: {اخسئوا فيها ولا تكلمون}، وجاء "ولا تكلمون" بلفظ نهي وهم لا يستطيعون الكلام على ما روي، فهذه مبالغة في المنع، ويقال: إن هذه الكلمة إذا سمعوها يئسوا.
وحكى الطبري حديثا طويلا في مقاولة تكون بين الكفار وبين مالك خازن النار، ثم بينهم وبين ربهم، وآخرها هذه الكلمة "اخسئوا فيها"، قال: فتنطبق عليهم جهنم، ويقع اليأس، ويبقون ينبح بعضهم في وجه بعض.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واختصرت ذلك الحديث لعدم صحته، لكن معناه صحيح، عافانا الله من ناره بمنه.
وقوله تعالى: "اخسئوا" زجر، وهو مستعمل في زجر الكلاب، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد: اخسأ فلن تعدو قدرك). [المحرر الوجيز: 6/323]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون}
قرأ هارون: "أنه كان" بفتح الألف، وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه، وروي أن في مصحف أبي بن كعب "أن كان"، وهذا كله متعاضد، وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "ولا تكلمون كان فريق" بغير "إنه"، وهذه تعضد كسر الألف من "إنه" لأنها استئناف، وهذه الهاء مبهمة ضمير الأمر، والكوفيون يسمونها المجهولة، وهي عبارة فاسدة. وهذه الآية كلها مما يقال للكفرة على جهة التوبيخ.
والفريق المشار إليه كل مستضعف من المؤمنين يتفق أن يكون حاله مع كفار في مثل هذه الحال، ونزلت الآية في كفار قريش مع صهيب وعمار وبلال رضي الله عنهم ونظرائهم، ثم هي عامة فيمن جرى مجراهم قديما وبقية الدهر). [المحرر الوجيز: 6/324]

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: "سخريا" بضم السين، وقرأ الباقون: "سخريا" بكسرها، فقالت طائفة هما بمعنى واحد، وذكر ذلك الطبري، وقال أبو زيد الأنصاري: إنهما بمعنى الهزء، وقال أبو عبيدة وغيره: إن ضم السين من السخرة والتخديم، وكسر السين من السخر وهو الاستهزاء، ومنه قول الأعشى:
إني أتاني حديث لا أسر به من علو لا كذب فيه ولا سخر
[المحرر الوجيز: 6/324]
قال أبو علي: قراءة كسر السين أوجه لأنه بمعنى الاستهزاء والكسر فيه أكثر، وهو أليق بالآية، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وكنتم منهم تضحكون}؟
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ألا ترى إلى إجماع القراء على ضم السين في قوله تعالى: {ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} لما تخلص الأمر للتخديم، قال يونس: إذا أريد التخديم فهو بضم السين لا غير، وإذا أريد الهزء فهو بالضم والكسر. وقرأ أصحاب عبد الله، والأعرج، وابن أبي إسحاق كل ما في القرآن بضم السين، وقرأ الحسن، وأبو عمرو كل ما في القرآن بالكسر إلا التي في الزخرف فإنهما ضما السين كما فعل الناس لأنها من التخديم، وأضاف الإنسان إلى الفريق من حيث كان بسببهم، والمعنى أن اشتغالهم بالهزء بهؤلاء أنساهم ما ينفعهم). [المحرر الوجيز: 6/325]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: "أنهم هم الفائزون" بفتح الألف، فـ "جزيتهم" عامل في "أن"، ويجوز أن يعمل في مفعول محذوف، ويكون التقدير: لأنهم. وقرأ حمزة، والكسائي، وخارجة عن نافع: "إنهم هم الفائزون" بكسر الألف، فالمفعول الثاني لـ "جزيت" مقدر، تقديره: الجنة أو الرضوان. و"الفائزون": المنتهون إلى غايتهم التي كانت أملهم. ومعنى الفوز: النجاة من هلكة إلى نعمة). [المحرر الوجيز: 6/325]

رد مع اقتباس