عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: "الحجر": الحرام، ممّا حرّموا الوصيلة، وتحريم ما حرّموا.
وكذلك قال مجاهدٌ، والضّحّاك، والسّدّي، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال قتادة: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} الآية: تحريمٌ كان عليهم من الشّياطين في أموالهم، وتغليظٌ وتشديدٌ، وكان ذلك من الشّياطين، ولم يكن من اللّه تعالى.
وقال ابن زيد بن أسلم: {حجرٌ} إنّما احتجزوها لآلهتهم.
وقال السّدّيّ: {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} يقولون: حرامٌ أن نطعم إلّا من شئنا.
وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزقٍ فجعلتم منه حرامًا وحلالا قل آللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون} [يونس: 59]، وكقوله تعالى: {ما جعل اللّه من بحيرةٍ ولا سائبةٍ ولا وصيلةٍ ولا حامٍ ولكنّ الّذين كفروا يفترون على اللّه الكذب وأكثرهم لا يعقلون} [المائدة: 103].
وقال السّدّيّ: أمّا {وأنعامٌ حرّمت ظهورها} فهي البحيرة والسّائبة والحام، وأمّا الأنعام الّتي لا يذكرون اسم اللّه عليها قال: إذا أولدوها، ولا إن نحروها.
وقال أبو بكر بن عيّاش، عن عاصم بن أبي النّجود قال لي أبو وائلٍ: تدري ما في قوله: {وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}؟ قلت: لا. قال: هي البحيرة، كانوا لا يحجّون عليها.
وقال مجاهدٌ: كان من إبلهم طائفةٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها [ولا] في شيءٍ من شأنها، لا إن ركبوا، ولا إن حلبوا، ولا إن حملوا، ولا إن سحبوا ولا إن عملوا شيئًا.
{افتراءً عليه} أي: على اللّه، وكذبًا منهم في إسنادهم ذلك إلى دين اللّه وشرعه؛ فإنّه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم {سيجزيهم بما كانوا يفترون} أي: عليه، ويسندون إليه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 345-346]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ (139)}
قال أبو إسحاق السّبيعيّ، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن ابن عبّاسٍ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ...} الآية، قال: اللّبن.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا...} الآية: فهو اللّبن، كانوا يحرّمونه على إناثهم، ويشربه ذكرانهم. وكانت الشّاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، وكان للرّجال دون النّساء. وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتةً فهم فيه شركاء. فنهى اللّه عن ذلك. وكذا قال السّدّي.
وقال الشّعبيّ: "البحيرة" لا يأكل من لبنها إلّا الرّجال، وإن مات منها شيءٌ أكله الرّجال والنّساء، وكذا قال عكرمة، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال مجاهدٌ في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا} قال: هي السّائبة والبحيرة.
وقال أبو العالية، ومجاهدٌ، وقتادة [في قولٍ] {سيجزيهم وصفهم} أي: قولهم الكذب في ذلك، يعني قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون * متاعٌ} الآية [النّحل: 116، 117].
إنّه {حكيمٌ} أي: في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، {عليمٌ} بأعمال عباده من خيرٍ وشرٍّ، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 346]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين (140)}
يقول تعالى: قد خسر الّذين فعلوا هذه الأفعال في الدّنيا والآخرة، أمّا في الدّنيا فخسروا أولادهم بقتلهم، وضيّقوا عليهم في أموالهم، فحرّموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، وأمّا في الآخرة فيصيرون إلى شرّ المنازل بكذبهم على اللّه وافترائهم، كما قال تعالى: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون. متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون} [يونس: 69، 70].
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمّد بن أيّوب، حدّثنا عبد الرّحمن بن المبارك، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثّلاثين والمائة من سورة الأنعام، {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}
وهكذا رواه البخاريّ منفردًا في كتاب "مناقب قريشٍ" من صحيحه، عن أبي النّعمان محمّد بن الفضل عارمٍ، عن أبي عوانة -واسمه الوضّاح بن عبد اللّه اليشكري -عن أبي بشرٍ -واسمه جعفر بن أبي وحشيّة بن إياسٍ، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 347]


رد مع اقتباس