الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 04:11 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قول الله تعالى: {وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَٰفِرِينَ(191)}


قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال: (وعن قوله جل وعز: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم} فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يقاتلهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوا فيه بقتال
وقال في آية أخرى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} كان القتال فيه كبيرا كما قال الله عز وجل فنسخ هاتين الآيتين في براءة {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} وقال عز وجل: {وقاتلوا المشركين كافة يعني بالكافة جميعا كما يقاتلونكم كافة} وقال: {والأشهر الحرم} قال كان عهد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش أربعة أشهر بعد يوم النحر كانت تلك بقية مدتهم ومن لا عهد له لانسلاخ في المحرم فأمر الله جل وعز لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا مضى الأجل أن يقاتلهم في الحل والحرم وعند البيت حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/31-38]

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: {ولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه... } منسوخة وناسخها قوله تعالى: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم})[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 19-30]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الثّالثة عشرةقال جلّ وعزّ {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين} [البقرة: 191] هذه الآية من أصعب ما في النّاسخ والمنسوخ فزعم جماعةٌ من العلماء أنّها غير منسوخةٍ واحتجّوا بها وبأشياء من السّنن وزعم جماعةٌ أنّها منسوخةٌ واحتجّوا بآياتٍ غيرها وبأحاديث من السّنن
فممّن قال: إنّها غير منسوخةٍ مجاهدٌ روى عنه ابن أبي نجيحٍ أنّه قال:

«فإن قاتلوكم في الحرم فاقتلوهم لا يحلّ لأحدٍ أن يقاتل أحدًا في الحرم إلّا أن يقاتله فإن عدا عليك فقاتلك فقاتله» وهذا قول طاوسٍ.
والاحتجاج لهما بظاهر الآية ومن الحديث
بما حدّثناه أحمد بن شعيبٍ، قال: أخبرنا محمّد بن رافعٍ، قال: حدّثنا
يحيى بن آدم، قال: حدّثنا مفضّلٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يوم فتح مكّة: «إنّ هذا البلد حرامٌ حرّمه اللّه جلّ وعزّ لم يحلّ فيه القتال لأحدٍ قبلي وأحلّ لي ساعةً وهو حرامٌ بحرمة اللّه جلّ وعزّ»
وأمّا من قال: إنّها منسوخةٌ فمنهم قتادة
كما قرئ على عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام، عن أبي الأزهر، قال: حدّثنا روحٌ، عن سعيدٍ، عن قتادة، {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه} [البقرة: 191] " فكان هذا كذا حتّى نسخ فأنزل اللّه جلّ وعزّ {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ} [البقرة: 193] أي شركٌ {ويكون الدّين للّه} [البقرة: 193] أي لا إله إلّا اللّه عليها قاتل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وإليها دعا {فإن انتهوا فلا عدوان إلّا على الظّالمين} [البقرة: 193] من أبى أن يقول: لا إله إلّا اللّه، أن يقاتل حتّى يقول لا إله إلّا اللّه "
قال أبو جعفرٍ: وأكثر أهل النّظر على هذا القول؛ إنّ الآية منسوخةٌ وإنّ المشركين يقاتلون في الحرم وغيره بالقرآن والسّنّة قال جلّ وعزّ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] وبراءة نزلت بعد سورة البقرة بسنين وقال جلّ وعزّ {وقاتلوا المشركين كافّةً كما يقاتلونكم كافّةً} [التوبة: 36] وأمّا السّنّة:
فحدّثنا أحمد بن شعيبٍ، قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدّثنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن أنسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم دخل مكّة وعليه المغفر فقيل له: إنّ ابن خطلٍ متعلّقٌ بأستار الكعبة فقال: «اقتلوه»
وقرئ على محمّد بن جعفر بن أعين، عن الحسن بن بشر بن سلمٍ الكوفيّ، قال: حدّثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنسٍ، قال: " أمّن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أهل مكّة يوم الفتح إلّا أربعةً من النّاس: عبد العزّى بن خطلٍ، ومقيس بن صبابة الكنانيّ، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرحٍ، وأم سارة، فأمّا ابن خطلٍ فقتل وهو متعلّقٌ بأستار الكعبة " وذكر الحديث
وقرأ أكثر الكوفيّين {ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم فاقتلوهم}
وهذه قراءةٌ بيّنة البعد وقد زعم قومٌ أنّه لا يجوز القراءة بها؛ لأنّ اللّه جلّ وعزّ لم يفرض على أحدٍ من المسلمين أن لا يقتل المشركين حتّى يقتلوا المسلمين
وقال الأعمش: " العرب تقول: قتلناهم أي قتلنا منهم "
قال أبو جعفرٍ: فهذا أيضًا المطالبة فيه قائمةٌ غير أنّه قد قرأ به جماعةٌ واللّه جلّ وعزّ أعلم بمخرج قراءتهم
وقد تنازع العلماء أيضًا في الآية الرّابعة عشرة
). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 1/454-630]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الخامسة عشرة قوله تعالى {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّىيقاتلوكم فيه} صارت هذه الآية منسوخة بآية السّيف). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 31-59]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه}:
قال قتادة: هذا منسوخٌ بقوله: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ} [البقرة: 193، الأنفال: 39]، أي: شرك وبقوله: {قاتلوا المشركين كافّةً} [التوبة: 36].
وقد قال إسماعيل بن أويس: إن قوله: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام} الآية ناسخٌ لقوله: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} [النساء: 91] في النساء، قال: ثم نسخها الله بقوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]، فصارت الآية ناسخةً ومنسوخةً، وهو قليل النّظير.
وقال مجاهد: الآية محكمةٌ غير ناسخةٍ ولا منسوخةٍ، لكنّها مخصوصةٌ في النهي عن القتال في الحرم، ولا يحلّ القتال في الحرم إلاّ أن يقاتلوك، وهو قول طاووس.
والبيّن الظاهر في الآية أنها منسوخةٌ. وهو قول أكثر العلماء؛ لأن قتال
المشركين فرضٌ لازمٌ في كل موضعٍ كانوا فيه، بقوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وبراءة نزلت بعد البقرة بمدة طويلة.
).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:123- 200]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (الآية السّابعة عشرة: قوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه}.
اختلف العلماء هل هذه الآية منسوخةٌ أو محكمةٌ على قولين:
أحدهما: أنّها منسوخةٌ واختلفوا في ناسخها على ثلاثة أقواله:
أحدها: أنّه قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فأمر بقتلهم في الحلّ والحرم قاله قتادة.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل البقّال، قال: أبنا ابن بشران قال: أبنا إسحق الكاذي، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا عبد الوهّاب عن همّامٍ عن قتادة {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه}، فأمر أن لا يبدؤوا بقتالٍ، ثمّ قال: {قل قتالٌ فيه كبيرٌ} ثمّ نسخت الآيتان في براءةٍ فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
قال أحمد: وحدّثنا حسينٌ عن شيبان عن قتادة {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام}. قال: كانوا لا يقاتلون فيه حتّى يقاتلوهم ثمّ نسخ ذلك
فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فأمر اللّه بقتالهم في الحلّ والحرم وعلى كلّ حالٍ.
والثّاني: قوله تعالى: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ} قاله الربيع ابن أنسٍ وابن زيدٍ.
والثّالث: قوله تعالى: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} قاله مقاتلٌ.
والقول الثّاني: أنّها محكمةٌ وأنّه لا يجوز أن يقاتل أحدٌ في المسجد الحرام حتّى يقاتل، وهذا قول مجاهدٍ والمحقّقين ويدلّ عليه ما روي في الصّحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال:
في مكّة ((أنّها لا تحلّ لأحدٍ من بعدي، وإنّما أحلّت لي ساعةً من نهارٍ)) وفي الصّحيحين من حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ((إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السّماوات والأرض أنّه لم يحلّ القتال فيه لأحدٍ قبلي ولا يحلّ إلا ساعةً من نهارٍ)).
وقد ادّعى بعض من لا علم له أنّ هذه الآية نسخت بحديث أنسٍ رضي اللّه عنه (أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دخل مكّة وعلى رأسه المغفر فأمر بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة).
وهذا باطلٌ من وجهين:
أحدهما: أنّ القرآن لا ينسخ إلا القرآن، ولو أجزنا نسخه بالسّنّة لاحتجنا إلى أن نعتبر في نقل ذلك النّاسخ ما اعتبرنا في نقل المنسوخ، وطريق الرّواية لا يثبت ثبوت القرآن.
والثّاني: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد بيّن أنّه إنّما خصّ بالإباحة في ساعةٍ من نهارٍ، والتّخصيص ليس بنسخٍ، لأنّ النّسخ ما رفع الحكم على الدّوام
كما كان ثبوت حكم المنسوخ على الدّوام.
فالحديث دالٌّ على التّخصيص لا على النّسخ، ثمّ إنّما يكون النّسخ مع تضادّ اجتماع النّاسخ والمنسوخ، وقد أمكن الجمع بين ما ادّعوه ناسخًا ومنسوخًا وصحّ العمل بهما فيكون قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقوله: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ} في غير الحرم بدليل قوله: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه} وكذلك قوله: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} أي: في غير الحرم بدليل قوله عقب ذلك {وأخرجوهم من حيث أخرجوكم}. ولو جاز قتلهم في الحرم لم يحتج إلى ذكر الإخراج، فقد بان ممّا أوضحنا إحكام الآية وانتفى النسخ عنها.
). [نواسخ القرآن:125- 236]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الرابعة عشرة: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه} ذهب قوم إلى أن هذا منسوخ بآية السيف والصحيح أنه محكم وأنه لا يجوز أن يقال أحل في المسجد الحرام حتى يقاتلوا فإنما أحل القتال لرسول الله ساعة من نهار وكان ذلك تخصيصا له لا على وجه النسخ.). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 14-21]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقوله عز وجل: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه} الآية [البقرة: 191] قال قتادة: هي منسوخة بقوله عز وجل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} الآية [البقرة: 193] أي: شرك، وبقوله: {وقاتلوا المشركين كافة} الآية [التوبة: 36].
وقيل: إنها ناسخة لقوله عز وجل: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} الآية [البقرة: 191] ثم نسخت بقوله عز وجل: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [البقرة: 193]، فصارت – أعني آية البقرة ناسخة لآية النساء منسوخة بآية التوبة، وهذا معدوم النظير.
وقيل: ليست آية البقرة بناسخة ولا منسوخة، وإنما هي مخصوصة بالنهي عن القتال في الحرم، ولا يحل القتال فيه إلا لمن قاتل، قال ذلك مجاهد وطاووس.
وأكثر العلماء على وجوب قتال المشركين أينما كانوا بآية التوبة، والتوبة نزلت بعد البقرة بمدة متطاولة.
). [جمال القراء: 1/249-271]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس