عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى منبّهًا على أنّه مطّلعٌ على الضّمائر والسّرائر: {وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنّه عليمٌ بذات الصّدور} أي: بما خطر في القلوب). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ألا يعلم من خلق}؟ أي: ألا يعلم الخالق. وقيل: معناه ألا يعلم اللّه مخلوقه؟ والأوّل أولى، لقوله: {وهو اللّطيف الخبير}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض وتذليله إيّاها لهم، بأن جعلها قارّةً ساكنةً لا تمتدّ ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال، وأنبع فيها من العيون، وسلك فيها من السّبل، وهيّأها فيها من المنافع ومواضع الزّروع والثّمار، فقال: {هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها} أي: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وتردّدوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتّجارات، واعلموا أنّ سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا، إلّا أن ييسّره اللّه لكم؛ ولهذا قال: {وكلوا من رزقه} فالسّعي في السّبب لا ينافي التّوكّل، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا حيوة، أخبرني بكر بن عمرٍو، أنّه سمع عبد اللّه بن هبيرة يقول: إنّه سمع أبا تميمٍ الجيشاني يقول: إنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: «لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله، لرزقكم كما يرزق الطّير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا».
رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه من حديث ابن هبيرة وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. فأثبت لها رواحًا وغدوًّا لطلب الرّزق، مع توكّلها على اللّه، عزّ وجلّ، وهو المسخّر المسيّر المسبّب. {وإليه النّشور} أي: المرجع يوم القيامة.قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وقتادة والسّدّيّ: {مناكبها} «أطرافها وفجاجها ونواحيها». وقال ابن عبّاسٍ وقتادة: {مناكبها} «الجبال».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن حكّامٍ الأزديّ، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبيرٍ، عن بشير بن كعبٍ: أنّه قرأ هذه الآية: {فامشوا في مناكبها} فقال لأمّ ولدٍ له: «إن علمت {مناكبها} فأنت عتيقةٌ». فقالت: هي الجبال. فسأل أبا الدّرداء فقال: «هي الجبال»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 179-180]

تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (16) أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا فستعلمون كيف نذير (17) ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير (18) أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن ما يمسكهنّ إلّا الرّحمن إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ (19) }
وهذا أيضًا من لطفه ورحمته بخلقه أنّه قادرٌ على تعذيبهم، بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معه غيره وهو مع هذا يحلم ويصفح، ويؤجّل ولا يعجّل، كما قال: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مسمًّى فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا} [فاطرٍ: 45].
وقال هاهنا: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور} أي: تذهب وتجيء وتضطرب، {أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا} أي: ريحًا فيها حصباء تدمغكم، كما قال: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البرّ أو يرسل عليكم حاصبًا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا} [الإسراء: 68]. وهكذا توعّدهم هاهنا بقوله: {فستعلمون كيف نذير} أي: كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلّف عنه وكذّب به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {ولقد كذّب الّذين من قبلهم} أي: من الأمم السّالفة والقرون الخالية، {فكيف كان نكير} أي: فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟ أي: عظيمًا شديدًا أليمًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {أولم يروا إلى الطّير فوقهم صافّاتٍ ويقبضن} أي: تارةً يصفّفن أجنحتهنّ في الهواء، وتارةً تجمع جناحًا وتنشر جناحًا {ما يمسكهنّ} أي: في الجوّ {إلا الرّحمن} أي: بما سخّر لهنّ من الهواء، من رحمته ولطفه، {إنّه بكلّ شيءٍ بصيرٌ} أي: بما يصلح كلّ شيءٍ من مخلوقاته. وهذه كقوله: {ألم يروا إلى الطّير مسخّراتٍ في جوّ السّماء ما يمسكهنّ إلا اللّه إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [النّحل: 79] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أم من هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن إن الكافرون إلا في غرورٍ (20) أم من هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوٍّ ونفورٍ (21) أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ (22) قل هو الّذي أنشأكم وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (23) قل هو الّذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (24) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (25) قل إنّما العلم عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ (26) فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدّعون (27)}
يقول تعالى للمشركين الّذين عبدوا غيره، يبتغون عندهم نصرًا ورزقًا، منكرًا عليهم فيما اعتقدوه، ومخبرا لهم أنّه لا يحصل لهم ما أمّلوه، فقال: {أمّن هذا الّذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرّحمن} أي: ليس لكم من دونه من وليٍّ ولا واقٍ، ولا ناصر لكم غيره؛ ولهذا قال: {إن الكافرون إلا في غرورٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 180-181]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أمّن هذا الّذي يرزقكم إن أمسك رزقه}؟! أي: من هذا الّذي إذا قطع اللّه رزقه عنكم يرزقكم بعده؟! أي: لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق، وينصر إلّا اللّه، عزّ وجلّ، وحده لا شريك له، أي: وهم يعلمون ذلك، ومع هذا يعبدون غيره؛ ولهذا قال: {بل لجّوا} أي: استمرّوا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم {في عتوٍّ ونفورٍ} أي: في معاندةً واستكبارًا ونفورًا على أدبارهم عن الحقّ، [أي] لا يسمعون له ولا يتّبعونه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 181]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويًّا على صراطٍ مستقيمٍ}؟: وهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبّا على وجهه، أي: يمشي منحنيًا لا مستويًا على وجهه، أي: لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب؟ بل تائهٌ حائرٌ ضالٌّ، أهذا أهدى {أمّن يمشي سويًّا} أي: منتصب القامة {على صراطٍ مستقيمٍ} أي: على طريقٍ واضحٍ بيّنٍ، وهو في نفسه مستقيمٌ، وطريقه مستقيمةٌ. هذا مثلهم في الدّنيا، وكذلك يكونون في الآخرة. فالمؤمن يحشر يمشي سويًّا على صراط مستقيم، مفض به إلى الجنّة الفيحاء، وأمّا الكافر فإنّه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنّم، {احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنّهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون}
قال الإمام أحمد، رحمه اللّه: حدّثنا ابن نمير، حدّثنا إسماعيل، عن نفيع قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قيل: يا رسول اللّه، كيف يحشر النّاس على وجوههم؟ فقال: «أليس الّذي أمشاهم على أرجلهم قادرًا على أن يمشيهم على وجوههم».
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصّحيحين من طريق [يونس بن محمّدٍ، عن شيبان، عن قتادة، عن أنسٍ، به نحوه]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 181-182]


رد مع اقتباس