عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:50 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الم (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم}.
قال أبو جعفرٍ: قد بيّنّا فيما مضى قبل معنى قوله: {الم} وذكرنا ما فيه من أقوال أهل التّأويل، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 18/446]

تفسير قوله تعالى: (غُلِبَتِ الرُّومُ (2) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ):
(وأخبرني معاوية بن صالحٍ عن مرثد بن سميٍّ الخولانيّ عن أبي الدّرداء قال: سيأتي قومٌ يقرؤون هذه الآية: الم، غَلَبَتِ الرّوم، وإنّما هي: {الم (1) غُلِبَتَ الرّوم}). [الجامع في علوم القرآن: 3/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى {الم (1) غلبت الروم} قال كانت فارس قد غلبت الروم في أدنى الأرض وهي الجزيرة وهي أقرب أرض الروم إلى فارس وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/101]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، حدّثنا سفيان، حدّثنا منصورٌ، والأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، قال: بينما رجلٌ يحدّث في كندة، فقال: يجيء دخانٌ يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، يأخذ المؤمن كهيئة الزّكام، ففزعنا، فأتيت ابن مسعودٍ، وكان متّكئًا فغضب فجلس، فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل اللّه أعلم، فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم، فإنّ اللّه قال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86] ، وإنّ قريشًا أبطئوا عن الإسلام، فدعا عليهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «اللّهمّ أعنّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف» فأخذتهم سنةٌ حتّى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرّجل ما بين السّماء والأرض، كهيئة الدّخان، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمّد جئت تأمرنا بصلة الرّحم، وإنّ قومك قد هلكوا فادع اللّه، فقرأ: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} [الدخان: 10] إلى قوله: {عائدون} [الدخان: 15] أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثمّ عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى} [الدخان: 16] : يوم بدرٍ ولزامًا: يوم بدرٍ {الم (1) غلبت الرّوم} [الروم: 2] إلى {سيغلبون} [الروم: 3] : والرّوم قد مضى). [صحيح البخاري: 6/114]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ثمّ ذكر المصنّف حديث بن مسعودٍ في دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على قريشٍ بالسّنين وسؤالهم له الدّعاء برفع القحط وقد تقدّم شرح ذلك في الاستسقاء ويأتي ما يتعلّق بالّذي وقع في صدر الحديث من الدّخان في تفسير سورة الدّخان إن شاء اللّه تعالى وقوله
- إنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم أي أنّ تمييز المعلوم من المجهول نوعٌ من العلم وهذا مناسبٌ لما اشتهر من أنّ لا أدري نصف العلم ولأنّ القول فيما لا يعلم قسمٌ من التّكلّف). [فتح الباري: 8/512]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والروم إثنان: الأول: من ولد يافث بن نوح عليه السّلام، وهو رومي بن لنطي بن يونان بن يافث، الثّاني: الّذي رجع إليهم الملك من ولد رومي بن لنطي من ولد عيص بن إسحاق عليه السّلام، غلبوا على اليونانيين فبطل ذكر الأوّلين وغلب هؤلاء على الملك). [عمدة القاري: 19/109]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (حدثنا محمّد بن كثير حدثنا سفيان حدثنا منصور والأعمش عن أبي الضّحى عن مسروق قال بينما رجل يحدث في كندة فقال يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزّكام ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئا فغضب فجلس فقال من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم فإن الله قال لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين وإن قريشًا أبطؤا عن الإسلام فدعا عليهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اللّهمّ أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة حتّى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل ما بين السّماء والأرض كهيئة الدّخان فجاءه أبو سفيان فقال يا محمّد جئت تأمرنا بصلة الرّحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله فقرأ {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخان مبين} إلى قوله {عائدون} أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثمّ عادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى {يوم نبطش البطشة الكبرى} يوم بدر ولزاما يوم بدر) هذا الحديث بعين هذا الإسناد قد مر في كتاب الاستسقاء في باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط ولكن في متنهما بعض تفاوت بالزّيادة والنّقصان وسفيان هو الثّوريّ ومنصور هو ابن المعتمر والأعمش هو سليمان وأبو الضّحى مسلم بن صبيح الكوفي العطّار ومسروق هو ابن الأجدع روى الحديث عن عبد الله بن مسعود وقد مر الكلام فيه هناك قوله " في كندة " بكسر الكاف وسكون النّون قال الكرماني موضع بالكوفة قلت يحتمل أن يكون حديث الرجل بين قوم هم من كندة القبيلة قوله " فأتيت ابن مسعود فيه حذف " أي فأتيت ابن مسعود وأخبرته بخبر الرجل وكانت متكئا فغضب من ذلك فجلس قوله " فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم " وقال الكرماني كيف يكون لا أعلم من العلم قلت تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وهو المناسب لما قيل لا أدري نصف العلم وأما مناسبة الآية فلأن القول فيما لا يعلم قسم من التّكلّف قوله " سنة بفتح السّين " أي قحط قوله البطشة الكبرى إلى آخره أريد بالبطشة القتل يوم بدر وباللزام الأسر فيه أيضا -). [عمدة القاري: 19/110-111]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، حدّثنا سفيان حدّثنا منصورٌ، والأعمش عن أبي الضّحى عن مسروقٍ قال: بينما رجلٌ يحدّث في كندة، فقال: يجيء دخانٌ يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزّكام، ففزعنا. فأتيت ابن مسعودٍ وكان متّكئًا، فغضب فجلس فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: اللّه أعلم، فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم فإنّ اللّه قال: لنبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} وإنّ قريشًا أبطؤوا عن الإسلام، فدعا عليهم النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: «اللّهمّ أعنّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف»، فأخذتهم سنةٌ حتّى هلكوا فيها وأكلوا الميتة، والعظام، ويرى الرّجل ما بين السّماء والأرض كهيئة الدّخان، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمّد، جئت تأمرنا بصلة الرّحم، وإنّ قومك قد هلكوا، فادع اللّه. فقرأ {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} -إلى قوله- {عائدون} [الدخان: 10] أفيكشف عنهم عذاب الآخرة، إذا جاء ثمّ عادوا إلى كفرهم. فذلك قوله تعالى {يوم نبطش البطشة الكبرى} [الدخان: 16] يوم بدرٍ {ولزامًا} يوم بدرٍ {الم * غلبت الرّوم} -إلى- {سيغلبون} والرّوم قد مضى.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري ولأبي ذر عن سفيان قال: (حدّثنا منصور) هو ابن المعتمر (والأعمش) هو سليمان كلاهما (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: بينما) بميم (رجل) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمه (يحدث فيك كندة) بكسر الكاف وسكون النون (فقال: يجيء دخان) بتخفيف المعجمة (يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم يأخذ المؤمن كهيئة الزكام) بنصب المؤمن على المفعولية (ففزعنا) بكسر الزاي وسكون العين المهملة من الفزع (فأتيت ابن مسعود) عبد الله فأخبرته بالذي قاله الرجل (وكان متكئًا فغضب) لذلك (فجلس فقال: من علم فليقل) ما يعلمه إذا سئل (ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم) لأن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وليس المراد أن عدم العلم يكون علمًا ولأبي ذر الله أعلم بدل قوله لا أعلم وللأصيلي بدلها لا علم لي به (فإن الله) تعالى (قال لنبيه -صلّى اللّه عليه وسلّم- {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}) [ص: 86] والقول فيما لا يعلم قسم من التكلف وفيه تعريض بالرجل القائل يجيء دخان الخ وإنكار عليه ثم بين قصة الدخان فقال (وإن قريشًا أبطؤوا عن الإسلام) أي تأخروا عنه (فدعا عليهم النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال): (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف) الصديق عليه الصلاة والسلام التي أخبر الله عنها في التنزيل بقوله ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد، وسقط: اللهم لأبي ذر (فأخذتهم سنة) بفتح السين قحط وهم بمكة (حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان) من ضعف بصره بسبب الجوع (فجاءه) عليه الصلاة والسلام (أبو سفيان) صخر بن حرب بمكة أو المدينة (فقال: يا محمد جئت تأمرنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر تأمر بحذف ضمير النصب (بصلة الرحم وإن قومك) ذوي رحمك (قد هلكوا) من الجدب والجوع بدعائك عليهم (فادع الله) لهم بأن يكشف عنهم فإن كشف آمنوا (فقرأ) عليه الصلاة والسلام ({فارتقب}) أي انتظر ({يوم تأتي السماء بدخان مبين}) أي بين واضح يراه كل أحد -إلى قوله- ({عائدون}) [الدخان: 15] أي إلى الكفر أو إلى العذاب قال ابن مسعود (أفيكشف) بهمزة الاستفهام وضم الياء مبنيًا للمفعول (عنهم عذاب الآخرة إذا جاء) وللأصيلي فتكشف بمثناة فوقية مفتوحة وفتح الكاف وتشديد المعجمة عنهم العذاب أي رفع القحط بدعاء النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-، كشفًا قليلًا أو زمانًا قليلًا (ثم عادوا إلى كفرهم) غب الكشف (فذلك قوله تعالى: {بوم نبطش البطشة الكبرى}) [الدخان: 16] (يوم بدر) ظرف يريد القتل فيه وهذا الذي قاله ابن مسعود وافقه عليه جماعة كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي والضحاك وعطية العوفي واختاره ابن جرير لكن أخرج ابن أبي حاتم عن الحارث عن علي بن أبي طالب قال: لم تمض آية الدخان بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينقدّ.
وأخرج أيضًا عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت قلت لم؟ قال قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت. قال الحافظ ابن كثير: وإسناده صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ووافقه عليه جماعة من الصحابة والتابعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان مما فيه دلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة وهو ظاهر قوله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}) أي بين واضح وعلى ما فسر به ابن مسعود إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد وكذا قوله: {يغشى الناس} [الدخان: 11] أي يعمهم ولو كان خيالًا يخص مشركي مكة لما قيل يغشى الناس وأما قوله: {إنّا كاشفو العذاب} [الدخان: 15] أي: ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدنيا لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب كقوله تعالى: {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضرٍّ للجّوا} [المؤمنون: 75] ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وقال آخرون لم يمض الدخان بعد بل هو من أمارات الساعة.
وفي حديث حذيفة بن أسيد الغفاري عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى والدجال وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" انفرد بإخراجه مسلم.
({ولزامًا}) هو الأسر (يوم بدر) أيضًا.
({الم * غلبت الروم}) أي غلبت فارس الروم ({إلى سيغلبون}) أي الروم سيغلبون فارس، وهذا علم من أعلام نبوّة نبينا -صلّى اللّه عليه وسلّم- لما فيه من الإخبار بالغيب (والروم قد مضى) أي غلبهم لفارس فإنه قد وقع يوم الحديبية وفي آخر سورة الدخان قال عبد الله يعني ابن مسعود خمس قد مضين اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان وسقط لأبي ذر قوله: {الم * غلبت الروم} الخ.
وهذا الحديث قد سبق في باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط من كتاب الاستسقاء، ويأتي بقية مباحثه في سورة الدخان إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته). [إرشاد الساري: 7/286-287]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (والروم قد مضى) ساقط من نسخة بل لا فائدة لذكره هنا اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/64]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ ظهرت الرّوم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت: {الم غلبت الرّوم}، إلى قوله: {يفرح المؤمنون بنصر اللّه} قال: ففرح المؤمنون بظهور الرّوم على فارس.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، كذا قرأ نصر بن عليٍّ {غلبت الرّوم} ). [سنن الترمذي: 5/196]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا الحسين بن حريثٍ، قال: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قول الله تعالى: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: غلبت وغلبت، كان المشركون يحبّون أن يظهر أهل فارس على الرّوم لأنّهم وإيّاهم أهل أوثانٍ، وكان المسلمون يحبّون أن يظهر الرّوم على فارس لأنّهم أهل كتابٍ، فذكروه لأبي بكرٍ فذكره أبو بكرٍ لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أما إنّهم سيغلبون، فذكره أبو بكرٍ لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: ألا جعلته إلى دون، قال: أراه العشر، قال سعيدٌ: والبضع ما دون العشر، قال: ثمّ ظهرت الرّوم بعد. قال: فذلك قوله تعالى: {الم (1) غلبت الرّوم}، إلى قوله: {يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء} قال سفيان: سمعت أنّهم ظهروا عليهم يوم بدرٍ.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، إنّما نعرفه من حديث سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة). [سنن الترمذي: 5/196-197]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا شعيب بن يوسف، عن يحيى، عن فطرٍ، قال: أخبرني مسلمٌ، عن مسروقٍ، قال: سمعت عبد الله، يقول: " قد مضين: البطشة، واللّزام، والرّوم، والدّخان، والقمر "
- أخبرنا الحسين بن حريثٍ، أخبرنا معاوية بن عمرٍو، عن أبي إسحاق، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {الم (1) غلبت الرّوم} [الروم: 2] قال: " غلبت، وغلبت، كان المشركون يحبّون أن تظهر فارس على الرّوم، وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الرّوم على فارس لأنّهم أهل كتابٍ، فذكروا لأبي بكرٍ، فذكر أبو بكرٍ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أما إنّهم سيغلبون»، فذكره أبو بكرٍ رضي الله عنه، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلًا، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين). [السنن الكبرى للنسائي: 10/211-212]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} اختلفت القرّاء في قراءته؛ فقرأته عامة قرّاء الأمصار: {غلبت الرّوم} بضمّ الغين، بمعنى أن فارس غلبت الروم.
وروي عن ابن عمر، وأبي سعيدٍ في ذلك ما:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن الحسن الجفريّ، عن سليطٍ، قال: سمعت ابن عمر يقرأ: (الم (1) غلبت الرّوم) فقيل له: يا أبا عبد الرّحمن، على أيّ شيءٍ غلبوا؟ قال: على ريف الشّام.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا الّذي لا يجوز غيره {الم (1) غلبت الرّوم} بضمّ الغين؛ لإجماع الحجّة من القرّاء عليه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: غلبت فارس الرّوم). [جامع البيان: 18/446-447]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ينصر} اللّه تعالى ذكره {من يشاء} من خلقه، على من يشاء، وهو نصرة المؤمنين على المشركين ببدرٍ، {وهو العزيز} يقول: والله الشّديد في انتقامه من أعدائه، لا يمنعه من ذلك مانعٌ، ولا يحول بينه وبينه حائلٌ، {الرّحيم} بمن تاب من خلقه، وراجع طاعته أن يعذّبه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن أسعد، أبو سعيدٍ الثّعلبيّ الّذي يقال له أبو سعيدٍ من أهل طرسوس، قال: حدّثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان المسلمون يحبّون أن تغلب الرّوم أهل الكتاب، وكان المشركون يحبّون أن يغلب أهل فارسٍ، لأنّهم أهل الأوثان، قال: فذكروا ذلك لأبي بكرٍ، فذكره أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: وأما إنّهم سيهزمون، قال: فذكر ذلك أبو بكرٍ للمشركين، قال: فقالوا: أفنجعل بيننا وبينكم أجلاً، فإن غلبوا كان لك كذا وكذا، وإن غلبنا كان لنا كذا وكذا، قال: فجعلوا بينهم وبينه أجلاً خمس سنين، قال: فمضت فلم يغلبوا؛ قال: فذكر ذلك أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: وأفلا جعلته دون العشر. قال سعيدٌ: والبضع ما دون العشر، قال: فغلب الرّوم، ثمّ غلبت، قال: فذلك قوله: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قال: البضع: ما دون العشر. {للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}. قال سفيان: فبلغني أنّهم غلبوا يوم بدرٍ.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: حدّثنا موسى بن هارون البرديّ، قال: حدّثنا معن بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن، عن ابن شهابٍ، عن عبيد اللّه، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت: {الم غلبت الرّوم في أدنى الأرض}، ناحب أبو بكرٍ قريشًا، ثمّ أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: إنّي قد ناحبتهم، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: هلاّ احتطت، فإنّ البضع ما بين الثّلاثة إلى التّسع. قال الجمحيّ: المناحبة: المراهنة، وذلك قبل أن يكون تحريم ذلك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}، قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والرّوم، وكانت فارس قد غلبتهم، ثمّ غلبت الرّوم بعد ذلك، ولقي نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مشركي العرب، يوم التقت الرّوم وفارس، فنصر اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم، ففرح المؤمنون بنصر اللّه إيّاهم، ونصر أهل الكتاب على العجم. قال عطيّة: فسألت أبا سعيدٍ الخدريّ عن ذلك، فقال: التقينا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومشركي العرب، والتقت الرّوم وفارس، فنصرنا اللّه على مشركي العرب، ونصر اللّه أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصر اللّه إيّانا على المشركين، وفرحنا بنصر اللّه أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون} غلبتهم فارس، ثمّ غلبت الرّوم.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه: خمسٌ قد مضين: الدّخان، واللّزام، والبطشة، والقمر، والرّوم.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: قد مضى {الم (1) غلبت الرّوم}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {أكثر النّاس لا يعلمون} قال: ذكر غلبة فارس إيّاهم، وإدالة الرّوم على فارس، وفرح المؤمنون بنصر الرّوم أهل الكتاب على فارس من أهل الأوثان.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنّى حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن عكرمة، أنّ الرّوم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، قالوا: وأدنى الأرض يومئذٍ أذرعات، بها التقوا، فهزمت الرّوم قبل ذلك والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه وهم بمكّة، فشقّ ذلك عليهم وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يكره أن يظهر الأمّيّون من المجوس على أهل الكتاب من الرّوم، ففرح الكفّار بمكّة وشمتوا، فلقوا أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: إنّكم أهل الكتاب، والنّصارى أهل كتابٍ، ونحن أمّيّون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنّكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم، فأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه} الأيات، فخرج أبو بكرٍ الصّدّيق إلى الكفّار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا، ولا يقرّنّ اللّه أعينكم، فواللّه ليظهرنّ الرّوم على فارس، أخبرنا بذلك نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم، فقام إليه أبيّ بن خلفٍ فقال: كذبت يا أبا فضيلٍ، فقال له أبو بكرٍ: أنت أكذب يا عدوّ اللّه، فقال: أناحبك عشر قلائص منّي، وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الرّوم على فارس غرمت، وإن ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين، ثمّ جاء أبو بكرٍ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره، فقال: وما هكذا ذكرت، إنّما البضع ما بين الثّلاث إلى التّسع، فزايده في الخطر، ومادّه في الأجل، فخرج أبو بكرٍ فلقي أبيًّا، فقال: لعلّك ندمت، فقال: لا، فقال: أزايدك في الخطر، وأمادّك في الأجل، فاجعلها مائة قلوصٍ لمائة قلوصٍ إلى تسع سنين، قال: قد فعلت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، قال: كانت في فارس امرأةٌ لا تلد إلاّ الملوك الأبطال، فدعاها كسرى فقال: إنّي أريد أن أبعث إلى الرّوم جيشًا وأستعمل عليهم رجلاً من بنيك، فأشيري عليّ أيّهم أستعمل، فقالت: هذا فلانٌ، وهو أروغ من ثعلبٍ، وأحذر من صقر، وهذا فرخان، وهو أنفذ من سنانٍ، وهذا شهربراز، وهو أحلم من كذا، فاستعمل أيّهم شئت، قال: إنّي قد استعملت الحليم، فاستعمل شهربراز، فسار إلى الرّوم بأهل فارس، وظهر عليهم، فقتلهم، وخرّب مدائنهم، وقطع زيتونهم. قال أبو بكرٍ: فحدّثت بهذا الحديث عطاءً الخراسانيّ، فقال: أما رأيت بلاد الشّام؟ قلت: لا، قال: أما إنّك لو رأيتها، لرأيت المدائن الّتي خربت، والزّيتون الّذي قطع، فأتيت الشّام بعد ذلك فرأيته.
- قال عطاءٌ الخراسانيّ: حدّثني يحيى بن يعمر: أنّ قيصر بعث رجلاً يدعى قطمة بجيشٍ من الرّوم، وبعث كسرى شهربراز، فالتقيا بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشّام إليكم، فلقيت فارس الرّوم، فغلبتهم فارس، ففرح بذلك كفّار قريشٍ، وكرهه المسلمون، فأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض}، ثمّ ذكر مثل حديث عكرمة، وزاد: فلم يزل شهربراز يطؤهم، ويخرّب مدائنهم حتّى بلغ الخليج، ثمّ مات كسرى، فبلغهم موته، فانهزم شهربراز وأصحابه، وأديلت عليهم الرّوم عند ذلك، فأتبعوهم يقتلونهم، قال: وقال عكرمة في حديثه: لمّا ظهرت فارس على الرّوم جلس فرخان يشرب، فقال لأصحابه: لقد رأيت كأنّي جالسٌ على سرير كسرى، فبلغت كسرى، فكتب إلى شهربراز: إذا أتاك كتابي فابعث إليّ برأس فرخان، فكتب إليه: أيّها الملك، إنّك لن تجد مثل فرخان، إنّ له نكايةً وصوتًا في العدوّ، فلا تفعل. فكتب إليه: إنّ في رجال فارس خلفًا منه، فعجّل إليّ برأسه. فراجعه، فغضب كسرى؛ فلم يجبه، وبعث بريدًا إلى أهل فارس: إنّي قد نزعت عنكم شهربراز، واستعملت عليكم فرخان؛ ثمّ دفع إلى البريد صحيفةً صغيرةً: إذا ولي فرخان الملك، وانقاد له أخوه، فأعطه هذه؛ فلمّا قرأ شهربراز الكتاب، قال: سمعًا وطاعةً، ونزل عن سريره، وجلس فرخان، ودفع الصّحيفة إليه، قال: ائتوني بشهربراز، فقدّمه ليضرب عنقه، قال: لا تعجل حتّى أكتب وصيّتي، قال: نعم، فدعا بالعسفط، فأعطاه ثلاث صحائف، وقال: كلّ هذا راجعت فيك كسرى، وأنت أردت أن تقتلني بكتابٍ واحدٍ، فردّ الملك، وكتب شهربراز إلى قيصر ملك الرّوم: إنّ لي إليك حاجةً لا يحملها البريد، ولا تبلغها الصّحف، فالقني، ولا تلقني إلاّ في خمسين روميًّا، فإنّي ألقاك في خمسين فارسيًّا؛ فأقبل قيصر في خمس مائة ألف روميٍّ، وجعل يضع العيون بين يديه في الطّريق، وخاف أن يكون قد مكر به، حتّى أتاه عيونه أن ليس معه إلاّ خمسون رجلاً، ثمّ بسط لهما، والتقيا في قبّة ديباجٍ ضربت لهما، مع كلّ واحدٍ منهما سكّينٌ، فدعيا ترجمانًا بينهما، فقال شهربراز: إنّ الّذين خرّبوا مدائنك أنا وأخي، بكيدنا وشجاعتنا، وإنّ كسرى حسدنا، فأراد أن أقتل أخي، فأبيت، ثمّ أمر أخي أن يقتلني، فقد خلعناه جميعًا، فنحن نقاتله معك، فقال: قد أصبتما، ثمّ أشار أحدهما إلى صاحبه أنّ السّرّ بين اثنين، فإذا جاوز اثنين فشا. قال: أجل، فقتلا التّرجمان جميعًا بسكّينيهما، فأهلك اللّه كسرى، وجاء الخبر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الحديبية، ففرح ومن معه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {الم (1) غلبت الرّوم} قال: غلبتهم فارس على أدنى الشّام {وهم من بعد غلبهم سيغلبون}، قال: لمّا أنزل اللّه هؤلاء الآيات عبد المسلمون ربّهم، وعلموا أنّ الرّوم سيظهرون على فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجّلوا بينهم خمس سنين، فولي قمار المسلمين أبو بكرٍ، وولي قمار المشركين أبيّ بن خلفٍ، وذلك قبل أن ينهى عن القمار، فحلّ الأجل، ولم يظهر الرّوم على فارس، وسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب النّبيّ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: لم يكونوا أحقّاء أن يؤجّلوا دون العشر؛ فإنّ البضع ما بين العشرة إلى العشر، وزايدوهم في القمار، ومادّوهم في الأجل، ففعلوا ذلك، فأظهر اللّه الرّوم على فارس عند رأس البضع سنين من قمارهم الأوّل، وكان ذلك مرجعه من الحديبية، ففرح المسلمون بصلحهم الّذي كان، وبظهور أهل الكتاب على المجوس، وكان ذلك ممّا شدّد اللّه به الإسلام، وهو قوله {ويومئذٍ يفرح المؤمنون. بنصر اللّه}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، في قوله {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله {ويومئذٍ يفرح المؤمنون} قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر النّاس بمكّة أنّ الرّوم ستغلب. قال: فنزل القرآن بذلك، قال: وكان المسلمون يحبّون ظهور الرّوم على فارس، لأنّهم أهل الكتاب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامرٍ، عن عبد اللّه، قال: كانت فارس ظاهرةٌ على الرّوم، وكان المشركون يحبّون أن تظهر فارس على الرّوم، وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الرّوم على فارسٍ، لأنّهم أهل كتاب، وهم أقرب إلى دينهم: فلمّا نزلت {الم (1) غلبت الرّوم} إلى {في بضع سنين} قالوا: يا أبا بكرٍ: إنّ صاحبك يقول: إنّ الرّوم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صدق، قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائصٍ، إلى سبع سنين، فمضت السّبع، ولم يكن شيءٌ، ففرح المشركون بذلك، وشقّ على المسلمين، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: فقال: ما بضع سنين عندكم؟ قالوا: دون العشر، قال: اذهب فزايدهم وازدد سنتين قال: فما مضت السّنتان، حتّى جاءت الرّكبان بظهور الرّوم على فارس، ففرح المسلمون بذلك، وأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الأعمش، وفطرٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه قال: مضت الرّوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: أدنى الأرض: الشّام {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قال: كانت فارس قد غلبت الرّوم، ثمّ أديل الرّوم على فارس، وذكر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ الرّوم ستغلب فارس، فقال المشركون: هذا ممّا يتخرّص محمّدٌ، فقال أبو بكرٍ: تناحبونني؟ والمناحبة: المجاعلة، قالوا: نعم، فناحبهم أبو بكرٍ، فجعل السّنين أربعًا أو خمسًا، ثمّ جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ البضع فيما بين الثّلاثة إلى التّسع، فارجع إلى القوم، فزد في المناحبة، فرجع إليهم. قالوا: فناحبهم وزاد. قال: فغلبت الرّوم فارس، فذلك قول اللّه: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون. بنصر اللّه ينصر من يشاء}: يوم أديلت الرّوم على فارس.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {الم (1) غلبت الرّوم} قال: غلبت وغلبت.
وأمّا الّذين قرؤوا ذلك: {غلبت الرّوم} بفتح الغين، فإنّهم قالوا: نزلت هذه الآية خبرًا من اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن غلبة الرّوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان يعني الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم ظهر الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت (الم (1) غلبت الرّوم) على فارس.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ غلبت الرّوم على فارس، ففرح المسلمون بذلك، فأنزل اللّه (الم (1) غلبت الرّوم) إلى آخر الآية.
- حدّثنا يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ، ظهرت الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، لأنّهم أهل كتابٍ، فأنزل اللّه {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: كانوا قد غلبوا قبل ذلك، ثمّ قرأ حتّى بلغ {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}.
وقوله: {في أدنى الأرض} قد ذكرت قول بعضهم فيما تقدّم قبل، وأذكر قول من لم يذكر قوله.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {في أدنى الأرض} يقول: في طرف الشّام.
ومعنى قوله: {أدنى} أقرب، وهو أفعل من الدّنوّ، والقرب. وإنّما معناه: في أدنى الأرض من فارس، فترك ذكر فارس استغناءً بدلالة ما ظهر من قوله: {في أدنى الأرض} عليه منه.
وقوله: {وهم من بعد غلبهم} يقول: والرّوم من بعد غلبة فارس إيّاهم سيغلبون فارس.
وقوله: {من بعد غلبهم} مصدرٌ من قول القائل: غلبته غلبةً، فحذفت الهاء من الغلبة، وقيل: من بعد غلبهم، ولم يقل: من بعد غلبتهم للإضافة، كما حذفت من قوله: {وإقام الصّلاة} للإضافة. وإنّما الكلام: وإقامة الصّلاة.
وأمّا قوله: {سيغلبون} فإنّ القرّاء أجمعين على فتح الياء فيها، والواجب على قراءة من قرأ: (الم غلبت الرّوم) بفتح الغين، أن يقرأ قوله: (سيغلبون) بضمّ الياء، فيكون معناه: وهم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون، حتّى يصحّ معنى الكلام، وإلاّ لم يكن للكلام كبير معنًى إن فتحت الياء، لأنّ الخبر عمّا قد كان يصير إلى الخبر عن أنّه سيكون، وذلك إفساد أحد الخبرين بالآخر). [جامع البيان: 18/447-460]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال ذكر غلبة فارس الروم وإدالة الروم على فارس وفرح المؤمنين بنصر الله أهل الكتاب على أهل الأوثان قال والبضع ما بين الثلاث إلى العشر). [تفسير مجاهد: 499]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن الخليل الأصبهانيّ أبو عبد اللّه، ثنا موسى بن إسحاق القاضي، حدّثني أبي، ثنا معن بن عيسى، ثنا معاوية بن أبي صالحٍ، عن مرثد بن سميٍّ الخولانيّ، قال: سمعت أبا الدّرداء رضي اللّه عنه، يقول: " سيجيء قومٌ يقرءون: {الم (1) غلبت الرّوم} [الروم: 2] ، وإنّما هي غلبت «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/444]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا الحسين بن الفضل البجليّ، ثنا معاوية بن عمرو بن المهلّب الأزديّ، ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: كان المسلمون يحبّون أن تظهر الرّوم على فارس لأنّهم أهل الكتاب، وكان المشركون يحبّون أن تظهر فارس على الرّوم لأنّهم أهل أوثانٍ فذكر ذلك المسلمون لأبي بكرٍ رضي اللّه عنه، فذكر ذلك أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أما إنّهم سيهزمون» فذكر أبو بكرٍ لهم ذلك فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلًا، فإن ظهروا كان لك كذا وكذا، وإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، فجعل بينهم أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «ألا جعلته، أراه» قال: دون العشرة. قال: فظهرت الرّوم بعد ذلك، فذلك قوله تعالى {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون} [الروم: 2] قال: فغلبت الرّوم، ثمّ غلبت بعد للّه الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر اللّه " قال سفيان: وسمعت أنّهم ظهروا يوم بدرٍ «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/445]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: لما كان يوم بدرٍ ظهرت الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون} [الروم: 1- 4] قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. أخرجه الترمذي.
وقال: هكذا قال نصر بن عليٍّ: {غلبت}.
[شرح الغريب]
(بضع) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع من العدد). [جامع الأصول: 2/298-299] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: غلبت وغلبت، قال: كان المشركون يحبّون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإيّاهم أهل الأوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتابٍ، فذكروه لأبي بكرٍ، فذكره أبو بكرٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما إنهم سيغلبون، فذكره أبو بكرٍ لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا جعلته إلى دون العشر؟ - قال سعيد بن جبير: والبضع، ما دون العشر - قال: ثم ظهرت الروم بعد فذلك قوله: {الم (1) غلبت الرّوم - إلى قوله - ويومئذ يفرح المؤمنون (3) بنصر الله} قال سفيان: سمعت أنّهم ظهروا عليهم يوم بدرٍ.
وفي رواية: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ في مناحبةٍ {الم (1) غلبت الرّوم}: ألاّ أخفضت يا أبا بكرٍ؟ فإنّ البضع، ما بين ثلاث إلى تسعٍ. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(الأوثان) الأصنام.
(مناحبة) المناحبة: المراهنة). [جامع الأصول: 2/300-301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: غلبت، وغلبت قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل بينهم أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلا جعلته أراه قال: دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله {الم (1) غلبت الروم} فغلبت ثم غلبت بعد، يقول الله {لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} قال سفيان: سمعت أنهم قد ظهروا عليهم يوم بدر). [الدر المنثور: 11/573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان فارس ظاهرين على الروم وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم، فلما نزلت {الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قالوا: يا أبا بكر إن صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صدق قالوا: هل لك إلى أن نقامرك فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين فمضى السبع سنين ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بضع سنين قال: فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح المؤمنون بذلك وأنزل الله {الم (1) غلبت الروم} إلى قوله {وعد الله لا يخلف الله وعده} ). [الدر المنثور: 11/574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما أنزلت {الم (1) غلبت الروم} قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك، يزعم أن الروم تغلب فارس قال: صدق صاحبي، قالوا: هل لك أن نخاطرك فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الأجل قبل أن يبلغ الروم فارس فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فساءه وكرهه وقال لأبي بكر ما دعاك إلى هذا قال: تصديقا لله ورسوله فقال: تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين، فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال: هل لكم في العود فان العود أحمد قالوا: نعم، ثم لم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فقمر أبو بكر فجاء به أبو بكر يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا السحت تصدق به). [الدر المنثور: 11/574-575]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي سعيد قال: كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت {الم (1) غلبت الروم} قرأها بالنصب إلى قوله {يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس قال الترمذي: هكذا قرأ {غلبت} ). [الدر المنثور: 11/578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والروم وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك والتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على العجم، قال عطية: وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك عن ذلك فقال: التقينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس فنصرنا على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين وفرحنا بنصر أهل الكتاب على المجوس فذلك قوله {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} ). [الدر المنثور: 11/578-579]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة {الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض} قال: غلبتهم أهل فارس على أدنى أرضك الشام، {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص وأجلوا بينهم خمس سنين فولي قمار المسلمين أبو بكر وولي قمار المشركين أبي بن خلف - وذلك قبل أن ينهى عن القمار - فجاء الأجل ولم تظهر الروم على فارس فسأل المشركون قمارهم فذكر ذلك أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ألم تكونوا أحقاء أن تؤجلوا أجلا دون العشر فان البضع ما بين الثلاث إلى العشر فزايدوهم وما دوهم في الأجل فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول فكان ذلك مرجعهم من الحديبية وكان مما شد الله به الإسلام فهو قوله {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} ). [الدر المنثور: 11/579-580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن الزبير الكلابي قال: رأيت غلبة فارس الروم ثم رأيت غلبة الروم فارس ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم وظهورهم على الشام والعراق، كل ذلك في خمس عشرة سنة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سيجيء أقوام يقرأون: {غلبت الروم} وإنما هي {غلبت} ). [الدر المنثور: 11/580-581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل رضي الله عنه عن قول الله {الم (1) غلبت الروم} أو {غلبت} فقال: اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم {الم (1) غلبت الروم} ). [الدر المنثور: 11/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس، وفي قوله {في أدنى الأرض} قال: في طرف الأرض: الشام). [الدر المنثور: 11/581]

تفسير قوله تعالى: (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة وعن رجل عن الشعبي قالا لما نزلت وهم من بعد غلبهم سيغلبون فبلغنا أن المسلمين والمشركين حيث تخاطروا بينهم قبل أن ينزل تحريم القمار فضربوا بينهم أجلا فجاء ذلك الأجل ولم يكن ذلك قال فذكروا ذلك للنبي فقال لو ضربتم أجلا آخر فإن البضع يكون بين الثلاث إلى التسع والعشر فزادوهم في الخطر ومدوا لهم في الأجل قال فظهروا في تسع سنين ففرح المؤمنون يومئذ بالقمار الذي أصابوا من المشركين بنصر الله ينصر من يشاء وكانوا يحبون أن يظهر أهل الكتاب على المجوس وكان ذلك تشديدا للإسلام.
قال معمر وكان مجاهد وقتادة يقولان قد مضى). [تفسير عبد الرزاق: 2/101]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق أن ابن مسعود قال قد مضت آية الروم وقد مضى فسوف يكون لزاما واللزام القتل يوم بدر وقال وقد مضت البطشة الكبرى يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/101-102]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({في أدنى الأرض} من أرض الشّام إلى أرض فارس {وهم من بعد غلبهم} يقول: والرّوم من بعد غلبة فارس إيّاهم {سيغلبون} فارس). [جامع البيان: 18/447]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ينصر} اللّه تعالى ذكره {من يشاء} من خلقه، على من يشاء، وهو نصرة المؤمنين على المشركين ببدرٍ، {وهو العزيز} يقول: والله الشّديد في انتقامه من أعدائه، لا يمنعه من ذلك مانعٌ، ولا يحول بينه وبينه حائلٌ، {الرّحيم} بمن تاب من خلقه، وراجع طاعته أن يعذّبه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن أسعد، أبو سعيدٍ الثّعلبيّ الّذي يقال له أبو سعيدٍ من أهل طرسوس، قال: حدّثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان المسلمون يحبّون أن تغلب الرّوم أهل الكتاب، وكان المشركون يحبّون أن يغلب أهل فارسٍ، لأنّهم أهل الأوثان، قال: فذكروا ذلك لأبي بكرٍ، فذكره أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: وأما إنّهم سيهزمون، قال: فذكر ذلك أبو بكرٍ للمشركين، قال: فقالوا: أفنجعل بيننا وبينكم أجلاً، فإن غلبوا كان لك كذا وكذا، وإن غلبنا كان لنا كذا وكذا، قال: فجعلوا بينهم وبينه أجلاً خمس سنين، قال: فمضت فلم يغلبوا؛ قال: فذكر ذلك أبو بكرٍ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: وأفلا جعلته دون العشر. قال سعيدٌ: والبضع ما دون العشر، قال: فغلب الرّوم، ثمّ غلبت، قال: فذلك قوله: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قال: البضع: ما دون العشر. {للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}. قال سفيان: فبلغني أنّهم غلبوا يوم بدرٍ.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: حدّثنا موسى بن هارون البرديّ، قال: حدّثنا معن بن عيسى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن، عن ابن شهابٍ، عن عبيد اللّه، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت: {الم غلبت الرّوم في أدنى الأرض}، ناحب أبو بكرٍ قريشًا، ثمّ أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: إنّي قد ناحبتهم، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: هلاّ احتطت، فإنّ البضع ما بين الثّلاثة إلى التّسع. قال الجمحيّ: المناحبة: المراهنة، وذلك قبل أن يكون تحريم ذلك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}، قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والرّوم، وكانت فارس قد غلبتهم، ثمّ غلبت الرّوم بعد ذلك، ولقي نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مشركي العرب، يوم التقت الرّوم وفارس، فنصر اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم، ففرح المؤمنون بنصر اللّه إيّاهم، ونصر أهل الكتاب على العجم. قال عطيّة: فسألت أبا سعيدٍ الخدريّ عن ذلك، فقال: التقينا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومشركي العرب، والتقت الرّوم وفارس، فنصرنا اللّه على مشركي العرب، ونصر اللّه أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصر اللّه إيّانا على المشركين، وفرحنا بنصر اللّه أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون} غلبتهم فارس، ثمّ غلبت الرّوم.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه: خمسٌ قد مضين: الدّخان، واللّزام، والبطشة، والقمر، والرّوم.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: قد مضى {الم (1) غلبت الرّوم}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {أكثر النّاس لا يعلمون} قال: ذكر غلبة فارس إيّاهم، وإدالة الرّوم على فارس، وفرح المؤمنون بنصر الرّوم أهل الكتاب على فارس من أهل الأوثان.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنّى حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن عكرمة، أنّ الرّوم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، قالوا: وأدنى الأرض يومئذٍ أذرعات، بها التقوا، فهزمت الرّوم قبل ذلك والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه وهم بمكّة، فشقّ ذلك عليهم وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يكره أن يظهر الأمّيّون من المجوس على أهل الكتاب من الرّوم، ففرح الكفّار بمكّة وشمتوا، فلقوا أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: إنّكم أهل الكتاب، والنّصارى أهل كتابٍ، ونحن أمّيّون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنّكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم، فأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه} الأيات، فخرج أبو بكرٍ الصّدّيق إلى الكفّار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا، ولا يقرّنّ اللّه أعينكم، فواللّه ليظهرنّ الرّوم على فارس، أخبرنا بذلك نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم، فقام إليه أبيّ بن خلفٍ فقال: كذبت يا أبا فضيلٍ، فقال له أبو بكرٍ: أنت أكذب يا عدوّ اللّه، فقال: أناحبك عشر قلائص منّي، وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الرّوم على فارس غرمت، وإن ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين، ثمّ جاء أبو بكرٍ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره، فقال: وما هكذا ذكرت، إنّما البضع ما بين الثّلاث إلى التّسع، فزايده في الخطر، ومادّه في الأجل، فخرج أبو بكرٍ فلقي أبيًّا، فقال: لعلّك ندمت، فقال: لا، فقال: أزايدك في الخطر، وأمادّك في الأجل، فاجعلها مائة قلوصٍ لمائة قلوصٍ إلى تسع سنين، قال: قد فعلت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، قال: كانت في فارس امرأةٌ لا تلد إلاّ الملوك الأبطال، فدعاها كسرى فقال: إنّي أريد أن أبعث إلى الرّوم جيشًا وأستعمل عليهم رجلاً من بنيك، فأشيري عليّ أيّهم أستعمل، فقالت: هذا فلانٌ، وهو أروغ من ثعلبٍ، وأحذر من صقر، وهذا فرخان، وهو أنفذ من سنانٍ، وهذا شهربراز، وهو أحلم من كذا، فاستعمل أيّهم شئت، قال: إنّي قد استعملت الحليم، فاستعمل شهربراز، فسار إلى الرّوم بأهل فارس، وظهر عليهم، فقتلهم، وخرّب مدائنهم، وقطع زيتونهم. قال أبو بكرٍ: فحدّثت بهذا الحديث عطاءً الخراسانيّ، فقال: أما رأيت بلاد الشّام؟ قلت: لا، قال: أما إنّك لو رأيتها، لرأيت المدائن الّتي خربت، والزّيتون الّذي قطع، فأتيت الشّام بعد ذلك فرأيته.
- قال عطاءٌ الخراسانيّ: حدّثني يحيى بن يعمر: أنّ قيصر بعث رجلاً يدعى قطمة بجيشٍ من الرّوم، وبعث كسرى شهربراز، فالتقيا بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشّام إليكم، فلقيت فارس الرّوم، فغلبتهم فارس، ففرح بذلك كفّار قريشٍ، وكرهه المسلمون، فأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض}، ثمّ ذكر مثل حديث عكرمة، وزاد: فلم يزل شهربراز يطؤهم، ويخرّب مدائنهم حتّى بلغ الخليج، ثمّ مات كسرى، فبلغهم موته، فانهزم شهربراز وأصحابه، وأديلت عليهم الرّوم عند ذلك، فأتبعوهم يقتلونهم، قال: وقال عكرمة في حديثه: لمّا ظهرت فارس على الرّوم جلس فرخان يشرب، فقال لأصحابه: لقد رأيت كأنّي جالسٌ على سرير كسرى، فبلغت كسرى، فكتب إلى شهربراز: إذا أتاك كتابي فابعث إليّ برأس فرخان، فكتب إليه: أيّها الملك، إنّك لن تجد مثل فرخان، إنّ له نكايةً وصوتًا في العدوّ، فلا تفعل. فكتب إليه: إنّ في رجال فارس خلفًا منه، فعجّل إليّ برأسه. فراجعه، فغضب كسرى؛ فلم يجبه، وبعث بريدًا إلى أهل فارس: إنّي قد نزعت عنكم شهربراز، واستعملت عليكم فرخان؛ ثمّ دفع إلى البريد صحيفةً صغيرةً: إذا ولي فرخان الملك، وانقاد له أخوه، فأعطه هذه؛ فلمّا قرأ شهربراز الكتاب، قال: سمعًا وطاعةً، ونزل عن سريره، وجلس فرخان، ودفع الصّحيفة إليه، قال: ائتوني بشهربراز، فقدّمه ليضرب عنقه، قال: لا تعجل حتّى أكتب وصيّتي، قال: نعم، فدعا بالعسفط، فأعطاه ثلاث صحائف، وقال: كلّ هذا راجعت فيك كسرى، وأنت أردت أن تقتلني بكتابٍ واحدٍ، فردّ الملك، وكتب شهربراز إلى قيصر ملك الرّوم: إنّ لي إليك حاجةً لا يحملها البريد، ولا تبلغها الصّحف، فالقني، ولا تلقني إلاّ في خمسين روميًّا، فإنّي ألقاك في خمسين فارسيًّا؛ فأقبل قيصر في خمس مائة ألف روميٍّ، وجعل يضع العيون بين يديه في الطّريق، وخاف أن يكون قد مكر به، حتّى أتاه عيونه أن ليس معه إلاّ خمسون رجلاً، ثمّ بسط لهما، والتقيا في قبّة ديباجٍ ضربت لهما، مع كلّ واحدٍ منهما سكّينٌ، فدعيا ترجمانًا بينهما، فقال شهربراز: إنّ الّذين خرّبوا مدائنك أنا وأخي، بكيدنا وشجاعتنا، وإنّ كسرى حسدنا، فأراد أن أقتل أخي، فأبيت، ثمّ أمر أخي أن يقتلني، فقد خلعناه جميعًا، فنحن نقاتله معك، فقال: قد أصبتما، ثمّ أشار أحدهما إلى صاحبه أنّ السّرّ بين اثنين، فإذا جاوز اثنين فشا. قال: أجل، فقتلا التّرجمان جميعًا بسكّينيهما، فأهلك اللّه كسرى، وجاء الخبر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الحديبية، ففرح ومن معه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {الم (1) غلبت الرّوم} قال: غلبتهم فارس على أدنى الشّام {وهم من بعد غلبهم سيغلبون}، قال: لمّا أنزل اللّه هؤلاء الآيات عبد المسلمون ربّهم، وعلموا أنّ الرّوم سيظهرون على فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجّلوا بينهم خمس سنين، فولي قمار المسلمين أبو بكرٍ، وولي قمار المشركين أبيّ بن خلفٍ، وذلك قبل أن ينهى عن القمار، فحلّ الأجل، ولم يظهر الرّوم على فارس، وسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب النّبيّ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: لم يكونوا أحقّاء أن يؤجّلوا دون العشر؛ فإنّ البضع ما بين العشرة إلى العشر، وزايدوهم في القمار، ومادّوهم في الأجل، ففعلوا ذلك، فأظهر اللّه الرّوم على فارس عند رأس البضع سنين من قمارهم الأوّل، وكان ذلك مرجعه من الحديبية، ففرح المسلمون بصلحهم الّذي كان، وبظهور أهل الكتاب على المجوس، وكان ذلك ممّا شدّد اللّه به الإسلام، وهو قوله {ويومئذٍ يفرح المؤمنون. بنصر اللّه}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، في قوله {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون} قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر النّاس بمكّة أنّ الرّوم ستغلب. قال: فنزل القرآن بذلك، قال: وكان المسلمون يحبّون ظهور الرّوم على فارس، لأنّهم أهل الكتاب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامرٍ، عن عبد اللّه، قال: كانت فارس ظاهرةٌ على الرّوم، وكان المشركون يحبّون أن تظهر فارس على الرّوم، وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الرّوم على فارسٍ، لأنّهم أهل كتاب، وهم أقرب إلى دينهم: فلمّا نزلت {الم (1) غلبت الرّوم} إلى {في بضع سنين} قالوا: يا أبا بكرٍ: إنّ صاحبك يقول: إنّ الرّوم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صدق، قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائصٍ، إلى سبع سنين، فمضت السّبع، ولم يكن شيءٌ، ففرح المشركون بذلك، وشقّ على المسلمين، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: فقال: ما بضع سنين عندكم؟ قالوا: دون العشر، قال: اذهب فزايدهم وازدد سنتين قال: فما مضت السّنتان، حتّى جاءت الرّكبان بظهور الرّوم على فارس، ففرح المسلمون بذلك، وأنزل اللّه: {الم (1) غلبت الرّوم} إلى قوله: {وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الأعمش، وفطرٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه قال: مضت الرّوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: أدنى الأرض: الشّام {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قال: كانت فارس قد غلبت الرّوم، ثمّ أديل الرّوم على فارس، وذكر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ الرّوم ستغلب فارس، فقال المشركون: هذا ممّا يتخرّص محمّدٌ، فقال أبو بكرٍ: تناحبونني؟ والمناحبة: المجاعلة، قالوا: نعم، فناحبهم أبو بكرٍ، فجعل السّنين أربعًا أو خمسًا، ثمّ جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ البضع فيما بين الثّلاثة إلى التّسع، فارجع إلى القوم، فزد في المناحبة، فرجع إليهم. قالوا: فناحبهم وزاد. قال: فغلبت الرّوم فارس، فذلك قول اللّه: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه ينصر من يشاء}: يوم أديلت الرّوم على فارس.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {الم (1) غلبت الرّوم} قال: غلبت وغلبت.
وأمّا الّذين قرؤوا ذلك: {غلبت الرّوم} بفتح الغين، فإنّهم قالوا: نزلت هذه الآية خبرًا من اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن غلبة الرّوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان يعني الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم ظهر الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت (الم (1) غلبت الرّوم) على فارس.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ غلبت الرّوم على فارس، ففرح المسلمون بذلك، فأنزل اللّه (الم (1) غلبت الرّوم) إلى آخر الآية.
- حدّثنا يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ، ظهرت الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، لأنّهم أهل كتابٍ، فأنزل اللّه {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: كانوا قد غلبوا قبل ذلك، ثمّ قرأ حتّى بلغ {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه}.
وقوله: {في أدنى الأرض} قد ذكرت قول بعضهم فيما تقدّم قبل، وأذكر قول من لم يذكر قوله.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {في أدنى الأرض} يقول: في طرف الشّام.
ومعنى قوله: {أدنى} أقرب، وهو أفعل من الدّنوّ، والقرب. وإنّما معناه: في أدنى الأرض من فارس، فترك ذكر فارس استغناءً بدلالة ما ظهر من قوله: {في أدنى الأرض} عليه منه.
وقوله: {وهم من بعد غلبهم} يقول: والرّوم من بعد غلبة فارس إيّاهم سيغلبون فارس.
وقوله: {من بعد غلبهم} مصدرٌ من قول القائل: غلبته غلبةً، فحذفت الهاء من الغلبة، وقيل: من بعد غلبهم، ولم يقل: من بعد غلبتهم للإضافة، كما حذفت من قوله: {وإقام الصّلاة} للإضافة. وإنّما الكلام: وإقامة الصّلاة.
وأمّا قوله: {سيغلبون} فإنّ القرّاء أجمعين على فتح الياء فيها، والواجب على قراءة من قرأ: (الم غلبت الرّوم) بفتح الغين، أن يقرأ قوله: (سيغلبون) بضمّ الياء، فيكون معناه: وهم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون، حتّى يصحّ معنى الكلام، وإلاّ لم يكن للكلام كبير معنًى إن فتحت الياء، لأنّ الخبر عمّا قد كان يصير إلى الخبر عن أنّه سيكون، وذلك إفساد أحد الخبرين بالآخر). [جامع البيان: 18/447-460] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، ثنا المؤمّل - هو ابن إسماعيل -، ثنا إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: لمّا نزلت: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} الآية، لقي ناسٌ أبا بكرٍ رضي الله عنه فقالوا: ألا ترى إلى صاحبك يزعم أنّ الرّوم ستغلب فارس، قال رضي الله عنه: [صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: فهل نبايعك على ذلك؟ قال: نعم، قال أبو بكرٍ رضي الله عنه]: فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ما أردت إلى هذا؟ فقال: يا رسول اللّه ما فعلته إلّا تصديقًا للّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال: فتعرّض لهم، وأعظم لهم الخطر، واجعله إلى بضع سنين، فإنّه إن تمضي السّنون حتّى تظهر الرّوم على فارس. قال: فمرّ بهم أبو بكرٍ رضي الله عنه، قال: فهل لكم في العود؟ فإنّ العود أحمد. قالوا: نعم. فبايعوه، وأعظموا الخطر.
فلم تمض السّنون حتّى ظهرت الرّوم على فارس، فأخذ رضي الله عنه الخطر وأتى به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " هذا للنّجائب "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/104-105] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس، وفي قوله {في أدنى الأرض} قال: في طرف الأرض: الشام). [الدر المنثور: 11/581] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض قال: وأدنى الأرض يومئذ أذرعات، بها التقوا فهزمت الروم فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم بمكة فشق ذلك عليهم وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم وفرح الكفار بمكة وشمتوا فلقوا أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنكم أهل الكتاب وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فأنزل الله {الم (1) غلبت الروم}.
فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى الكفار فقال: فرحتم بظهور اخوانكم على اخواننا فلا تفرحوا ولا يقرن الله عينكم فوالله لتظهرن الروم على فارس أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم فقام إليه أبي بن خلف فقال: كذبت، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أنت أكذب يا عدو الله، قال: انا أحبك عشر قلائص مني وعشر فلائص منك فان ظهرت الروم على فارس غرمت وان ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين فجاء أبو بكر رضي الله عنه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال ما هكذا ذكرت انما البضع من الثلاث إلى التسع فزايده في الخطر وماده في الأجل فخرج أبو بكر رضي الله عنه فلقي أبيا فقال: لعلك ندمت قال: لا، قال: تعال أزايدك في الخطر وأمادك في الاجل فاجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين قال: قد فعلت). [الدر المنثور: 11/582-583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سليط قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ {الم (1) غلبت الروم} قيل له: يا أبا عبد الرحمن على أي شيء غلبوا قال: على ريف الشام). [الدر المنثور: 11/583]

تفسير قوله تعالى: (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة وعن رجل عن الشعبي قالا لما نزلت وهم من بعد غلبهم سيغلبون فبلغنا أن المسلمين والمشركين حيث تخاطروا بينهم قبل أن ينزل تحريم القمار فضربوا بينهم أجلا فجاء ذلك الأجل ولم يكن ذلك قال فذكروا ذلك للنبي فقال لو ضربتم أجلا آخر فإن البضع يكون بين الثلاث إلى التسع والعشر فزادوهم في الخطر ومدوا لهم في الأجل قال فظهروا في تسع سنين ففرح المؤمنون يومئذ بالقمار الذي أصابوا من المشركين بنصر الله ينصر من يشاء وكانوا يحبون أن يظهر أهل الكتاب على المجوس وكان ذلك تشديدا للإسلام). [تفسير عبد الرزاق: 2/101] (م)
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أبو موسى محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن خالدٍ ابن عثمة، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الرّحمن الجمحيّ، قال: حدّثنا ابن شهابٍ الزّهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأبي بكرٍ في مناحبة {الم (1) غلبت الرّوم} ألا احتطت يا أبا بكرٍ، فإنّ البضع ما بين الثّلاث إلى تسعٍ.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديث الزّهريّ، عن عبيد الله، عن ابن عبّاسٍ). [سنن الترمذي: 5/195]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ ظهرت الرّوم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت: {الم غلبت الرّوم}، إلى قوله: {يفرح المؤمنون بنصر اللّه} قال: ففرح المؤمنون بظهور الرّوم على فارس.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، كذا قرأ نصر بن عليٍّ {غلبت الرّوم} ). [سنن الترمذي: 5/196] (م)
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويسٍ قال: حدّثني ابن أبي الزّناد، عن أبي الزّناد، عن عروة بن الزّبير، عن نيار بن مكرمٍ الأسلميّ، قال: لمّا نزلت {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للرّوم، وكان المسلمون يحبّون ظهور الرّوم عليهم لأنّهم وإيّاهم أهل كتابٍ، وفي ذلك قول الله تعالى: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم} فكانت قريشٌ تحبّ ظهور فارس لأنّهم وإيّاهم ليسوا بأهل كتابٍ ولا إيمانٍ ببعثٍ، فلمّا أنزل اللّه تعالى هذه الآية، خرج أبو بكرٍ الصّدّيق يصيح في نواحي مكّة {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قال ناسٌ من قريشٍ لأبي بكرٍ: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبك أنّ الرّوم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك، قال: بلى، وذلك قبل تحريم الرّهان، فارتهن أبو بكرٍ والمشركون وتواضعوا الرّهان، وقالوا لأبي بكرٍ: كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسمّ بيننا وبينك وسطًا تنتهي إليه، قال: فسمّوا بينهم ستّ سنين، قال: فمضت السّتّ سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكرٍ، فلمّا دخلت السّنة السّابعة ظهرت الرّوم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكرٍ تسمية ستّ سنين، لأنّ اللّه تعالى قال في بضع سنين، قال: وأسلم عند ذلك ناسٌ كثيرٌ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث نيار بن مكرمٍ، لا نعرفه إلاّ من حديث عبد الرّحمن بن أبي الزّناد). [سنن الترمذي: 5/197-198]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {في بضع سنين للّه الأمر من قبل} غلبتهم فارس {ومن بعد} غلبتهم إيّاها، يقضي في خلقه ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويظهر من شاء منهم على من أحبّ إظهاره عليه {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه} يقول: ويوم يغلب الرّوم فارس يفرح المؤمنون بالله ورسوله بنصر الله إيّاهم على المشركين، ونصرة الرّوم على فارس). [جامع البيان: 18/447]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {في بضع سنين} قد ذكرنا اختلاف أهل التّأويل في معنى (البضع) فيما مضى، وأتينا على الصّحيح من أقوالهم، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- وقد حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا خلاّد بن أسلم الصّفّار، عن عبد اللّه بن عيسى، عن عبد الرّحمن بن الحارث، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: قلت له: ما البضع؟ قال: زعم أهل الكتاب أنّه تسعٌ أو سبعٌ.
وأمّا قوله: {للّه الأمر من قبل ومن بعد} فإنّ القاسم:
- حدّثنا قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {للّه الأمر} دولة فارس على الرّوم ومن بعد دولة الرّوم على فارس). [جامع البيان: 18/460]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه ينصر من يشاء} فقد ذكرنا الرّواية في تأويله قبل، وبيّنا معناه). [جامع البيان: 18/460]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: لما كان يوم بدرٍ ظهرت الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون} [الروم: 1- 4] قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. أخرجه الترمذي.
وقال: هكذا قال نصر بن عليٍّ: {غلبت}.
[شرح الغريب]
(بضع) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع من العدد). [جامع الأصول: 2/298-299] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) نيار بن مكرم الأسلمي - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبّون ظهور الروم عليهم، لأنهم وإيّاهم أهل كتابٍ، وفي ذلك قول الله: {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم} [الروم: 4 -5] وكانت قريشٌ تحبّ ظهور فارس، لأنهم وإيّاهم ليسوا بأهل كتابٍ، ولا إيمانٍ ببعثٍ، فلما أنزل الله هذه الآية، خرج أبو بكرٍ الصّدّيق يصيح في نواحي مكة: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قال ناسٌ من قريشٍ لأبي بكرٍ: فذلك بيننا وبينك، زعم صاحبك أنّ الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى، - وذلك قبل تحريم الرّهان - فارتهن أبو بكرٍ والمشركون، وتواضعوا الرّهان، وقالوا لأبي بكرٍ، كم تجعل البضع: ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسمّ بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه، قال: فسمّوا بينهم ستّ سنين، قال: فمضت السّتّ سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكرٍ، فلما دخلت السّنة السابعة، ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكرٍ تسمية ستّ سنين، قال: لأنّ الله قال: {في بضع سنين} قال: وأسلم عند ذلك ناسٌ كثير. أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/299-300]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} قال: غلبت وغلبت، قال: كان المشركون يحبّون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإيّاهم أهل الأوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتابٍ، فذكروه لأبي بكرٍ، فذكره أبو بكرٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما إنهم سيغلبون، فذكره أبو بكرٍ لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا جعلته إلى دون العشر؟ - قال سعيد بن جبير: والبضع، ما دون العشر - قال: ثم ظهرت الروم بعد فذلك قوله: {الم (1) غلبت الرّوم - إلى قوله - ويومئذ يفرح المؤمنون (3) بنصر الله} قال سفيان: سمعت أنّهم ظهروا عليهم يوم بدرٍ.
وفي رواية: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ في مناحبةٍ {الم (1) غلبت الرّوم}: ألاّ أخفضت يا أبا بكرٍ؟ فإنّ البضع، ما بين ثلاث إلى تسعٍ. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(الأوثان) الأصنام.
(مناحبة) المناحبة: المراهنة). [جامع الأصول: 2/300-301] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {في بضع سنين} [الروم: 4].
- عن ابن عبّاسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " البضع ما بين السّبع إلى العشرة ". قلت: له عند التّرمذيّ " البضع ما دون العشرة ".
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن عبد العزيز اللّيثيّ قال سعيد بن منصورٍ: كان مالكٌ يرضاه وكان ثقةً. قلت: وقد ضعّفه الجمهور.
- وعن نيار بن مكرمٍ قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «البضع ما بين الثّلاث إلى التّسع» ". قلت: له عند التّرمذيّ حديثٌ غير هذا.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه إبراهيم بن عبد اللّه بن خالدٍ المصّيصيّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/89]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، ثنا المؤمّل، ثنا إسرائيل، ثنا أبو إسحاق، عن البراء- رضي اللّه عنه- قال: "لمّا نزلت: (الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) قال: لقي ناسٌ أبا بكرٍ- رضي اللّه عنه- فقالوا: ألا ترى إلى صاحبك يزعم أنّ الرّوم ستغلب فارس. قال: صدق. قال: فهل نبايعك على ذلك؟ قال: نعم. قال أبو بكرٍ: فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ما أردت إلى هذا. فقال: يا رسول اللّه، ما فعلته إلّا تصديقًا للّه ورسوله. قال: فتعرّض لهم وأعظم لهم الخطر واجعله إلى بضع سنين؟ فإنّه لن تمضي السّنون حتّى تظهر الرّوم على فارس. قال: فمرّ بهم أبو بكرٍ فقال: هل لكم في العود" فإنّ العود أحمد؟ قالوا. نعم. فبايعوه وأعظموا الخطر، فلم تمض السّنون حتّى ظهرت الرّوم على فارس، فأخذ الخطر وأتى به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: هذا النجائب".
قلت: له شاهدٌ من حديث نيّار بن مكرّمٍ، رواه التّرمذيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/252]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، ثنا المؤمّل - هو ابن إسماعيل -، ثنا إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: لمّا نزلت: {الم (1) غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض} الآية، لقي ناسٌ أبا بكرٍ رضي الله عنه فقالوا: ألا ترى إلى صاحبك يزعم أنّ الرّوم ستغلب فارس، قال رضي الله عنه: [صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: فهل نبايعك على ذلك؟ قال: نعم، قال أبو بكرٍ رضي الله عنه]: فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ما أردت إلى هذا؟ فقال: يا رسول اللّه ما فعلته إلّا تصديقًا للّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال: فتعرّض لهم، وأعظم لهم الخطر، واجعله إلى بضع سنين، فإنّه إن تمضي السّنون حتّى تظهر الرّوم على فارس. قال: فمرّ بهم أبو بكرٍ رضي الله عنه، قال: فهل لكم في العود؟ فإنّ العود أحمد. قالوا: نعم. فبايعوه، وأعظموا الخطر.
فلم تمض السّنون حتّى ظهرت الرّوم على فارس، فأخذ رضي الله عنه الخطر وأتى به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " هذا للنّجائب "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/104-105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: غلبت، وغلبت قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل بينهم أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلا جعلته أراه قال: دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله {الم (1) غلبت الروم} فغلبت ثم غلبت بعد، يقول الله {لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} قال سفيان: سمعت أنهم قد ظهروا عليهم يوم بدر). [الدر المنثور: 11/573] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان فارس ظاهرين على الروم وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم، فلما نزلت {الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} قالوا: يا أبا بكر إن صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صدق قالوا: هل لك إلى أن نقامرك فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين فمضى السبع سنين ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بضع سنين قال: فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح المؤمنون بذلك وأنزل الله {الم (1) غلبت الروم} إلى قوله {وعد الله لا يخلف الله وعده} ). [الدر المنثور: 11/574] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما أنزلت {الم (1) غلبت الروم} قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك، يزعم أن الروم تغلب فارس قال: صدق صاحبي، قالوا: هل لك أن نخاطرك فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الأجل قبل أن يبلغ الروم فارس فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فساءه وكرهه وقال لأبي بكر ما دعاك إلى هذا قال: تصديقا لله ورسوله فقال: تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين، فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال: هل لكم في العود فان العود أحمد قالوا: نعم، ثم لم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فقمر أبو بكر فجاء به أبو بكر يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا السحت تصدق به). [الدر المنثور: 11/574-575] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وصححه والدار قطني في الأفراد والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب الإيمان عن يسار بن مكرم السلمي قال: لما نزلت {الم (1) غلبت الروم}، كانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين الروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهما وإياهم أهل كتاب وفي ذلك يقول الله {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا أهل كتاب ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة {الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين} فقال ناس من قريش لأبي بكر: ذاك بيننا وبينكم يزعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذاك قال: بلى - وذلك قبل تحريم الرهان - فارتهن أبو بكر رضي الله عنه المشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر: لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه قال: فسموا بينهم ست سنين فمضت الست قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر رضي الله عنه فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر رضي الله عنه بتسميته ست سنين قال: لأن الله قال {في بضع سنين} فأسلم عند ذلك ناس كثير). [الدر المنثور: 11/575-576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه: لما نزلت {الم (1) غلبت الروم} ألا يغالب البضع دون العشر). [الدر المنثور: 11/577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن أبي حاتم وة والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة يقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم وسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله {الم (1) غلبت الروم} قال ابن شهابك فاخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: انه لما نزلت هاتان الآيتان فأمر أبو بكر بعض المشركين - قبل أن يحرم القمار - على شيء إن لم تغلب الروم فارس في بضع سنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فكل ما دون العشر بضع فكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب). [الدر المنثور: 11/577-578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي سعيد قال: كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت {الم (1) غلبت الروم} قرأها بالنصب إلى قوله {يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس قال الترمذي: هكذا قرأ {غلبت} ). [الدر المنثور: 11/578] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة {الم (1) غلبت الروم (2) في أدنى الأرض} قال: غلبتهم أهل فارس على أدنى أرضك الشام، {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص وأجلوا بينهم خمس سنين فولي قمار المسلمين أبو بكر وولي قمار المشركين أبي بن خلف - وذلك قبل أن ينهى عن القمار - فجاء الأجل ولم تظهر الروم على فارس فسأل المشركون قمارهم فذكر ذلك أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ألم تكونوا أحقاء أن تؤجلوا أجلا دون العشر فان البضع ما بين الثلاث إلى العشر فزايدوهم وما دوهم في الأجل فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول فكان ذلك مرجعهم من الحديبية وكان مما شد الله به الإسلام فهو قوله {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} ). [الدر المنثور: 11/579-580] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البضع ما بين السبع إلى العشرة). [الدر المنثور: 11/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن نيار بن مكرم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البضع: ما بين الثلاث إلى التسع). [الدر المنثور: 11/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق إبراهيم بن سعد عن أبي الحويرث رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {بضع سنين} ما بين خمس إلى سبع). [الدر المنثور: 11/581-582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال البضع سبع سنين). [الدر المنثور: 11/582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {الم (1) غلبت الروم} إلى قوله {أكثر الناس لا يعلمون} قال: ذكر غلبة فارس إياهم وإدالة الروم على فارس وفرح المؤمنون بنصر الله أهل الكتاب على فارس من أهل الأوثان). [الدر المنثور: 11/582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {لله الأمر من قبل} دولة فارس على الروم {ومن بعد} دولة الروم على فارس). [الدر المنثور: 11/583-584]

تفسير قوله تعالى: (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {في بضع سنين للّه الأمر من قبل} غلبتهم فارس {ومن بعد} غلبتهم إيّاها، يقضي في خلقه ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويظهر من شاء منهم على من أحبّ إظهاره عليه {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه} يقول: ويوم يغلب الرّوم فارس يفرح المؤمنون بالله ورسوله بنصر الله إيّاهم على المشركين، ونصرة الرّوم على فارس). [جامع البيان: 18/447] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر اللّه ينصر من يشاء} فقد ذكرنا الرّواية في تأويله قبل، وبيّنا معناه). [جامع البيان: 18/460] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله {الم (1) غلبت الروم} قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والروم وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك والتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على العجم، قال عطية: وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك عن ذلك فقال: التقينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس فنصرنا على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين وفرحنا بنصر أهل الكتاب على المجوس فذلك قوله {ويومئذ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله} ). [الدر المنثور: 11/578-579] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: {وعد اللّه} جلّ ثناؤه، وعد أنّ الرّوم ستغلب فارس من بعد غلبة فارس لهم. ونصب {وعد اللّه} على المصدر من قوله {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} لأنّ ذلك وعدٌ من اللّه لهم أنّهم سيغلبون، فكأنّه قال: وعد اللّه ذلك المؤمنين وعدًا. {لا يخلف اللّه وعده} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه يفي بوعده للمؤمنين أنّ الرّوم سيغلبون فارس، لا يخلّفهم وعده ذلك، لأنّه ليس في مواعيده خلفٌ {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} يقول: ولكنّ أكثر قريشٍ الّذين يكذبون بأنّ اللّه منجز وعده المؤمنين، من أنّ الرّوم تغلب فارس، لا يعلمون أنّ ذلك كذلك، وأنّه لا يجوز أن يكون في وعد اللّه إخلافٌ). [جامع البيان: 18/460]

تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا قال يعلمون تجارتها وحرفتها وبيعها وهم عن الآخرة هم غافلون). [تفسير عبد الرزاق: 2/102]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا أو هم عن الآخرة هم غافلون) قال: اليهود والنّصارى والمشركون يعلمون ما يرفق بهم وينفعهم في معايشهم في الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون [الآية: 7].
سفيان [الثوري] عن أبيه عن عكرمة مثله). [تفسير الثوري: 237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}.
يقول تعالى ذكره: يعلم هؤلاء المكذّبون بحقيقة خبر اللّه أنّ الرّوم ستغلب فارس {ظاهرًا} من أمر حياتهم الدّنيا، وتدبير معايشهم فيها، وما يصلحهم، وهم عن أمر آخرتهم، وما لهم فيه النّجاة من عقاب اللّه هنالك غافلون، لا يفكّرون فيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك: قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة يحيى بن واضحٍ الأنصاريّ، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، قال: حدّثنا يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} يعني معايشهم؛ متى يحصدون، ومتى يغرسون.
- حدّثني أحمد بن الوليد الرّمليّ، قال حدّثنا: عمرو بن عثمان بن عمر، عن عاصم بن عليٍّ، قال: حدّثنا أبو تميلة، قال: حدّثنا ابن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: متى يزرعون، متى يغرسون.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثني شرقيّ، عن عكرمة، في قوله {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: هو السّراج أو نحوه.
- حدّثنا أبو هريرة محمّد بن فراسٍ الضّبعيّ، قال: حدّثنا أبو قتيبة، قال: حدّثنا شعبة، عن شرقيٍّ، عن عكرمة، في قوله: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: السّرّاجون.
- حدّثنا أحمد بن الوليد الرّمليّ، قال: حدّثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن شرقيٍّ، عن عكرمة، في قوله: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: الخرّازون، والسّرّاجون.
- حدّثنا بشر بن آدم، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: معايشهم وما يصلحهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم مثله.
- حدّثني بشر بن آدم، قال: حدّثنا الضّحّاك بن مخلدٍ، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، وعن منصورٍ، عن إبراهيم، {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: معايشهم.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} يعني الكفّار، يعرفون عمران الدّنيا، وهم في أمر الدّين جهّالٌ.
- حدّثني ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: معايشهم، وما يصلحهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا}: من حرفتها وتصرّفها وبغيتها، {وهم عن الآخرة هم غافلون}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الحسن، قال: يعلمون متى زرعهم، ومتى حصادهم.
- قال: حدّثنا حفص بن راشدٍ الهلاليّ، عن شعبة، عن شرقيٍّ، عن عكرمة {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قال: السّرّاج ونحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: صرفها في معيشتها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون}.
وقال آخرون في ذلك ما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} قالا: تسترق الشّياطين السّمع، فيسمعون الكلمة الّتي قد نزلت، ينبغي لها أن تكون في الأرض، قال: ويرمون بالشّهب، فلا ينجو أن يحترق، أو يصيبه شرّ منه، قال: فيسقط فلا يعود أبدًا؛ قال: ويرمي بذلك الّذي سمع إلى أوليائه من الإنس، قال: فيحملون عليه ألف كذبةٍ، قال: فما رأيت النّاس يقولون: يكون كذا وكذا، قال. فيجيء الصّحيح منه كما يقولون، الّذي سمعوه في السّماء، وبقيّته من الكذب الّذي يخوضون فيه). [جامع البيان: 18/460-463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون * أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون * أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون * الله يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون * ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} يعني معايشهم، متى يغرسون ومتى يزرعون ومتى يحصدون). [الدر المنثور: 11/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} يعرفون عمران الدنيا، وهم في امر الآخرة جهال). [الدر المنثور: 11/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} قال: يعلمون تجارتها وحرفتها وبيعها). [الدر المنثور: 11/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} قال: معايشهم وما يصلحهم). [الدر المنثور: 11/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: ليبلغ من حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنة وما يحسن يصلي). [الدر المنثور: 11/585]


رد مع اقتباس