عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 07:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (22) إلى الآية (27) ]
{لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}

قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}

قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إمّا يبلغانّ عندك الكبر (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/91]
قرأ حمزة والكسائي (إمّا يبلغانّ عندك) على اثنين، وقرأ الباقون (إمّا يبلغنّ عندك الكبر) على واحد، فالنون مشددة في القراءتين).
قال أبو منصور: من قرأ (إمّا يبلغانّ عندك الكبر) فإنه تثنية يبلغنّ؛ لأن الأبوين قد ذكرا قبله، فصار الفعل على عددهما، ثم قال أحدهما أوكلاهما على استئناف.
ومن قرأ (إما يبلغنّ) جعله فعلاً لأحدهما فكرر عليه (كلاهما) ). [معاني القراءات وعللها: 2/92]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا تقل لهما أفٍّ (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/90]
قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب (فلا تقل لهما أفّ) - بفتح الفاء، مثل: مدّ - وقرأ نافع وحفص (أفٍّ) منونا، وكذلك قرآ في الأنبياء والأحقاف.
وقرأ الباقون (أفّ) خفضا غير منون.
قال أبو منصور: هذه الوجوه التي قرئ بها كلها جائزة فصيحة، ولا اختلاف بين النحويين في جوازها وصحتها.
وأخبر المنذري بإسناده عن الفراء: في (أف) ست لغات: أفًّا، وأفٍّ، وأفٌّ، وأفّ وأفّ، وأفّ.
فمن قرأ (أفّ) فهو مثل: مدّ.
ومن قرأ (أفٍّ) فهو مثل: صدٍّ ورمحٍ. ومن قرأ (أفّ) فهو مثل: مدّ وغضّ في الأمر.
وقال أبو طالب: قال الأصمعي: الأف: وسخ الأذن - والتّف: وسخ الأظفار، فكان ذلك يقال عند الشيء الذي يستقذر، ثم كثر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يتأذى به.
قال: وقال غيره: (أفّ) معناه - قلة لك و(تفّ) - إتباع، مأخوذ من الأتف، وهو: الشيء القليل). [معاني القراءات وعللها: 2/91]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {ولا تقل لهما أف} [23].
قرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الفاء.
وقرأ نافع وحفص عن عاصم بالكسر مع التنوين.
وقرأ الباقون: «أف» بغير تنوين. وهذه كلمة يكني بها عن الكلام القبيح وما يتأفف منه، لأن التف: وسخ الظفر: والأف: وسخ الأذن، وقد جرى مجرى الأصوات فزال الإعراب عنه كقوله (صه) معناه: اسكت، و(مه) معناه: كف، و(هيهات هيهات) معناه: بعيد بعيد، فإذا نونت أردت النكرة سكوتا وكفًا وقبحًا. وإذا لم تنون أردت المعرفة.
فإن قيل: لم جاء حركة الفاء بالضم والفتح والكسر؟.
فقل: لأن حركتها ليست حركة إعراب، وإنما هي لالتقاء الساكنين فيفتح لخفة الفتحة ويضم؛ لأنه يتبع الضم الضم، ويسكر لأن حكم الساكنين إ ذا التقيا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/367]
أن يكسر أحدهما، ومثل مد ومد ومد وينشد هاذ البيت على ثلاثة أوجه:
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
غُضَّ، وغُضُّ وغُضِّ. وفي «أف» سبع لغات: أف وأف وأف، وأفًا وأف وأف، وأفي ممال وزاد ابن الانباري: أف مخففة.
وحدثنا علي بن مهروية قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد أنه قال: لو علم الله تعالى لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من «أف» لأتى بها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/368]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر} [23].
قرأ حمزة والكسائي {يبلغن عندك} على الاثنين لذكر الوالدين.
فإن قال قائل فبم ترفع {أحدهما أو كلاهما}؟
ففي ذلك ثلاثة أوجه:
يكون بدلاً من الضمير {يبلغن}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/368]
- ويجوز أن ترفعه بفعل محذوف تقديره: يبلغان عندك الكبر يبلغ أحدهما أو كلاهما.
- ويكون رفعًا على السؤال والتفسير كقوله: {وأسروا النجوى الذين ظلموا}.
وقرأ الباقون: {يبلغن} لأن الفعل إذا تقدم لم يثن ولم يجمع ولا ضمير فيه فيرتفع {أحدهما} بفعله وهو {يبلغن} وينسق {أو كلاهما} على {أحدهما} هذا بين.
فإن سأل سائل: فقال: هل أباح الله أن يقال لهما «أف» قبل أن يبلغا الكبر؟
فالجواب في ذلك: أن الله تعالى قد أوجب على الود لجماعة الوالدين الطاعة في كل حال، وحظر عليه أذاهما، وإنما خص الكبر؛ لأن وقت كبر الوالدين مما يضطر الولد إلى الخدمة إذ كانا محتاجين إليه عند الكبر، والعرب تضرب مثلاً للبار بأبويه فيقولون: «فلان أبر من النسر» وذلك أن النسر إذا كبر ولم ينهض للطيران جاء الفرخ فزقه كما كان أبواه يزقانه، وهذا كقوله: {يكلم الناس في المهد وكهلا}.
إن قال قائل: ما الأعجوبة في {وكهلا} في كلامه وكل الناس يتكلمون إذا اكتهلوا؟
فالجواب في ذلك أن الله تعالى جعل كلام عيسى صلى الله عليه وسلم وهو في المهد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/369]
صبيًا أعجوبة، وخبر أنه يعيش حتى يكتهل فيتكلم بعد الطفولة، ونحوه قوله: {والأمر يومئذ لله}. وقد علمنا أن الأمر له في الدنيا كما له في الآخرة وإنما خص يوم القيامة، لأن الله تعالى قد ملك الدنيا وزينتها أقواما جعلهم ملوكا وخلفاء، وذلك اليوم لا ملك سواه، ألم تسمع قوله: {لمن الملك اليوم} ثم أجاب بنفسه فقال: {لله الواحد القهار} وهذا بين واضح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/370]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الفاء وكسرها من قوله: فلا تقل لهما أف والتنوين [23].
فقرأ ابن كثير، وابن عامر (أفّ ولا) بفتح الفاء.
وقرأ نافع: أف ولا بالتنوين، وكذلك في الأنبياء [67] والأحقاف [17] حفص عن عاصم مثله.
وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي (أفّ) خفضا بغير تنوين.
قول ابن كثير: (أفّ ولا) الفاء فيه مبني على الفتح، لأنه وإن كان في الأصل مصدرا في قولهم: أفة وتفة، يراد بها: نتنا وذفرا، قد سمّي الفعل به فبني، وهذا في البناء على الفتح كقولهم: «سرعان ذي إهالة» كما صار اسما لسرع، وكذلك أفّ، لما كان اسما لأتكره وأتفجّر ونحو ذلك، ومثل سرعان قولهم: وشكان ذلك، وأنشد أبو زيد:
لو شكان لو غنيتم وشمتم... بإخوانكم والعزّ لم يتجمّع
ومثل ذلك قولهم: رويد، في أنه سمّي به الفعل فبني ولم يلحق
[الحجة للقراء السبعة: 5/94]
التنوين، إلا أن هذا في الأمر والنهي، وأفّ في الخبر. وقال:
رويد عليّا جدّ ما ثدي أمّهم... إلينا ولكن بغضهم متماين
وقول نافع: أف ولا فإنه في البناء على الكسر مع التنوين مثل (أفّ) في البناء على الفتح، إلا أنه بدخول التنوين دل على التنكير مثل إيه، وصه، ومثله قولهم: فداء لك، فبنوه على الكسر وإن كان في الأصل مصدرا، كما كان أفة في الأصل كذلك، ومن قال: أفّ، ولم ينون جعله معرفة فلم ينوّن، كما أن من قال: صه وغاق فلم ينوّن أراد به المعرفة، فإن قلت: ما موضع أفّ في هذه اللغات بعد القول، هل يكون موضعه نصبا كما ينتصب المفرد بعده، أو كما تكون الجمل؛ فالقول إن موضعه موضع الجمل، كما أنك لو قلت: رويد، لكان موضعه موضع الجمل، وكذلك لو قلت: فدا.
قال أبو الحسن: وقول الذين قالوا: أفّ أكثر وأجود، ولو جاء أفّ لك، وأفّا لك، لاحتمل أمرين: أحدهما أن يكون الذي صار اسما للفعل، لحقه التنوين لعلامة التنكير. والآخر: أن يكون نصبا معربا، وكذلك الضم، فإن لم يكن معه لك كان ضعيفا، ألا ترى أنك لا تقول: ويل حتى توصل به: لك، فيكون في موضع الخبر). [الحجة للقراء السبعة: 5/95]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التوحيد والتثنية من قوله عز وجل: إما يبلغن عندك [الإسراء/ 23].
فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم وابن عامر: (إمّا يبلغن عندك) على واحد. وقرأ حمزة والكسائي: (يبلغان).
قال أبو علي: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما) مرتفع بالفعل وقوله: أو كلاهما معطوف عليه. والذكر الذي عاد من قوله (أحدهما) يغني عن إثبات علامة الضمير في (يبلغان) فلا وجه لمن قال: إن الوجه ثبات الألف لتقديم ذكر الوالدين. ووجه ذلك أنه على الشيء الذي يذكر على وجه التوكيد، ولو لم يذكر لم يقع بترك ذكره إخلال نحو قوله: أموات غير أحياء [النحل/ 21] وقوله: غير أحياء توكيد، لأن قوله أموات قد دلّ عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/96]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي السمال: [أُفُّ] مضمومة غير منونة، وقرأ: [أُفَ] خفيفة -ابن عباس. قال هارون النحوي: ويقرأ: [أَفٌّ]، ولو قرئت [أَفًّا] لكان جائزا، ولكن ليس في الكتاب ألف.
قال أبو الفتح: فيها ثماني لغات: أُفِّ، وأُفٍّ، وأُفَّ، وأُفًّا، وأُفُّ، وأُفٌّ، وأُفى, ممال. وهي التي يقول لها العامة: أُفِّي، بالياء. وأُفْ خفيفة ساكنة.
وأما [أُفَ] خفيفة مفتوحة فقياسها قياس ربَ خفيفة مفتوحة، وكان قياسها إذا خففت أن يسكن آخرها؛ لأنه لم يلتق فيها ساكنان فتحرك، لكنهم بقَّوا الحركة مع التخفيف أمارة ودلالة على أنها قد كانت مثقلة مفتوحة، كما قال: لا أكلمك حِيرِي دهر، فأسكن الياء في موضع النصب في غير ضرورة شعر، لأنه أراد التشديد في حيري دهر، فكما أنه لو أدغم الياء الأولى في الثانية لم تكن إلا ساكنة فكذلك إذا حذف الثانية تخفيفا أقر الأولى على سكونها دلالة وتنبيها على إرادة الإدغام الذي لابد معه من سكون الأولى.
هذا هنا كذاك ثمة، وقد مر بنا مما أريد غير ظاهره، فجعل كأنه هو المراد به -كثير نحو من عشرة أشياء، وفي هذا مع ما نحن عليه من الإنجاز وتنكب الإكثار كاف بإذن الله). [المحتسب: 2/18]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقضى ربك ألا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ}
قرأ حمزة والكسائيّ (إمّا يبلغان) على الاثنين وحجتهما أن الوالدين تقدم ذكرهما في قوله تعالى {وبالوالدين إحسانا} فأخرجا الفعل على عددهما مثنى فإن قيل فبم يرتفع {أحدهما أو كلاهما} قيل في ذلك وجهان أحدهما أن يكون بدلا من الضّمير في يبلغان والوجه الآخر أن يرفعه بفعل مجدد تقديره إمّا يبلغان عندك الكبر يبلغه أحدهما أو كلاهما
وقرأ الباقون {إمّا يبلغن} على واحد وحجتهم أن الفعل إذا تقدم لم يثن ولم يجمع ويرتفع {أحدهما} بفعله وهو {يبلغن}
قرأ ابن كثير وابن عامر {أفٍّ} بفتح الفاء وقرأ نافع وحفص أفٍّ بالتّنوين وقرأ الباقون {أفٍّ} خفضا بغير تنوين
قال أبو عبيد من خفض بغير تنوين قال إنّما يحتاج إلى تنوين في الأصوات النّاقصة الّتي على حرفين مثل مه وصه لأنّها قلت فتمموها بالنّون وأف على ثلاثة أحرف قالوا فما حاجتنا إلى التّنوين ولكنّا إنّما خفضنا لئلّا نجمع بين ساكنين ومن قرأ أفٍّ بالفتح فهو
[حجة القراءات: 399]
مبنيّ على الفتح وإنّما بني على الفتح لالتقاء الساكنين والفتح مع التّضعيف حسن لخفة الفتحة وثقل التّضعيف ومن نون {أفٍّ} فإنّه في البناء على الكسر مع التّنوين مثل البناء على الفتح إلّا أنه بدخول التّنوين دلّ على التنكير مثل صه ومه
وقال الزّجاج {أفٍّ} غير متمكن بمنزلة الأصوات فإذا لم ينون فهو معرفة وإذا نون فهو نكرة بمنزلة غاق وعاق في الصّوت وهذه الكلمة يكني بها عن الكلام القبيح لأن الأف وسخ الأظفار والتف الشّيء الحقير). [حجة القراءات: 400]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {إما يبلغن عندك} قرأه حمزة والكسائي بألف ونون مكسورة مشددة، بعد الألف وقرأ الباقون بنون مشددة مفتوحة، من غير ألف قبلها.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/43]
وحجة من قرأ بألف أنه ثنى الفعل، لتقدم ذكر الوالدين، وأعاد الضمير في أحدهما على طريق التأكيد، كما قال: {أموات غير أحياء} «النحل 21»، ويجوز أن يكون وقعت التثنية في هذا الفعل على لغة من رأى ذلك من العرب يثنون الفعل، وهو متقدم، كما ثبتت علامة التأنيث في الفعل، وهو متقدم ويجوز أن يكون وقعت التثنية في «يبلغن» لتقدم ذكر الوالدين ثم أبدل أحدهما أو كلاهما من الضمير في «يبلغن».
5- وحجة من قرأ بغير ألف أنه لما رأى الفعل متقدمًا قد رفع أحدهما أو كلاهما وحده على الأصول في تقدم الفعل، واستغنى بلفظ التثنية عن تثنية لفظ الفعل، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/44]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {فلا تقل لهما أف} قرأ نافع وحفص بكسر الفاء والتنوين، وقرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الفاء، من غير تنوين، وقرأ الباقون بكسر الفاء، من غير تنوين وهي لغات كلها، وأصل {أف} المصدر من قوله: أفه وتفه، أي: تتنا ودفرا، وهو اسم سمي به الفعل، فنبي على فتح أو على كسر أو على ضم، منون وغير منون، ذلك جائز فيه لأن فيه لغات مشهورة، فمن نونه قدَّر فيه التنكير، ومن لم ينونه قدر فيه التعريف، ومعناه: لا يقع منك لهما تكره وتطجر، وموضع {أف} نصب بالقول، كما تقول: لا تقل لهما شتما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/44]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {إِمَّا يَبْلُغَانِّ} [آية/ 23] بالألف، مكسورة النون:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه فعلٌ مثنى دخل عليه نون التأكيد الثقيلة، فكسرت كما كسرت نون التثنية، والألف في {يَبْلُغَانِّ} ضمير الوالدين اللذين تقدم ذكرهما، و{أَحَدُهُمَا} بدل من الضمير، وقوله {كِلاهُما} عطف على {أَحَدُهُمَا}.
والفائدة في هذا البدل والعطف عليه الإبانة عن أن هذا الحكم وهو نفي التأفيف يثبت لأحدهما على الانفراد، وليس يتوقف إلى بلوغهما جميعًا الكبر.
وقرأ الباقون {يَبْلُغَنَّ} بغير ألف على الوحدة، والنون مفتوحةٌ، ولم يختلفوا في تشديد النون.
والوجه أنه فعلٌ لفاعلٍ مفردٍ هو {أحدُهُما} وليس للوالدين، فلهذا وحَّد الضمير، والنون فيه للتأكيد دخلت على فعل الواحد، فلهذا فُتحت). [الموضح: 753]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفَّ} [آية/ 23] بالفتح غير منونٍ:
قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه مبني على الفتح، بُني لأنه اسمٌ للفعل، ومعناه أتكره وأتضجّر، وفُتح للخفة، كما قالوا رويد وشتان.
وقرأ نافعٌ و-ص- عن عاصم {أُفٍّ} بالكسر والتنوين.
والوجه أنه مبني على الكسر؛ لأنه الأصل في التقاء الساكنين، وألحقوا به التنوين ليدل على التنكير نحو: إيهٍ وصهٍ إذا أرادوا بهما التنكير.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم ياش- {أُفِّ} بالكسر من غير تنوين. وكذلك اختلافهم في سورة الأنبياء.
والوجه في كسر {أُفِّ} بغير تنوين، أنه مبنيٌّ على الأصل في حركة التقاء الساكنين، ولم يُنون؛ لأنهم جعلوه معرفةً، كما قالوا غاق وصه إذا أرادوا التعريف). [الموضح: 754]

قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وعروة بن الزبير في جماعة غيرهما: [جَنَاحَ الذِّلِّ].
قال أبو الفتح: الذِّلِّ في الدابة: ضد الصعوبة، والذُّلِّ للإنسان، وهو ضد العز. وكأنهم اختاروا للفصل بينهما الضمة للإنسان والكسرة للدابة؛ لأن ما يلحق الإنسان أكبر قدرا مما يحلق الدابة، واختاروا الضمة لقوتها للإنسان، والكسرة لضعفها للدابة. ولا تستنكر مثل هذا ولا تنبُ عنه؛ فإنه من عَرَفَ أَنِسَ، ومن جَهِلَ استوحش. وقد مر من هذا ما لا يحصى كثرة.
[المحتسب: 2/18]
من ذلك قولهم: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني، فاختاروا البناء للفعل على فَعَل فيما كان لحاسة الذوق؛ لتظهر فيه الواو، وعلى فَعِل في حَلِي يحلَى لتظهر الياء والألف، وهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو؛ لأن [لو كان حس لكان أشبه] حصة الناظر أضعف من حس الذوق بالفم. وقالوا أيضا: جُمامُ المكوك دقيقا وجِمام القدح ماء؛ وذلك لأن الماء لا يصح أن يعلو على رأس القدح كما يعلو الدقيق ونحوه على رأس المكوك؛ فجعلوا الضمة لقوتها فيما يكثر حجمه، والكسرة لضعفها فيما يقل بل يعدم ارتفاعه.
وقالوا: النضح بالحاء غير معجمة للماء السخيف يخف أثره، وقالوا: النضخ بالخاء لما يقوَى أثره فيبُل الثوب ونحوه بللا ظاهرا؛ وذلك لأن الخاء أوفى صوتا من الحاء. ألا ترى إلى غلظ الخاء ورقة الحاء؟ وقد ثبت في كتاب الخصائص من هذا الضرب ونحوه وما جرى مجراه وأحاط به شيء كثير. وقد قال شاعرنا:
وكم من عائبٍ قولا صحيحا ... وآفته من الفهمِ السقيم
ولكن تأخذُ الأذهانُ منه ... على قدرِ القرائحِ والعلومِ). [المحتسب: 2/19]

قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)}

قوله تعالى: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)}

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس