عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:25 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (100) إلى الآية (105) ]

{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) }

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)}

قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)}

قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)}

قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الياء وإسقاطها في الوصل والوقف من قوله عز وجل: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه [هود/ 105].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائيّ: يوم يأتي بياء في الوصل، ويحذفونها في الوقف. غير ابن كثير فإنه كان يقف بالياء ويصل بالياء فيما أحسب.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة بغير ياء في وصل ولا وقف.
قال أبو علي: اعلم أن فاعل يأتي في قوله: يوم يأتي لا تكلم نفس لا يخلو من أن يكون اليوم الذي أضيف إلى يأتي، أو اليوم المتقدم ذكره، فلا يجوز أن يكون فاعله ضمير اليوم
[الحجة للقراء السبعة: 4/373]
الذي أضيف إلى يأتي، وذلك أنك لو قلت: أزيدا يوم يوافقك توافقه؛ لم يجز، لأنه لا يجوز أن تضيف يوم إلى يوافقك، لأن اليوم هو الفاعل، فلا يجوز أن يضاف إلى فعل نفسه، ألا ترى أنك لا تقول: جئتك يوم يسرّك، وذلك أنك إذا قلت: جئتك يوم يخرج زيد، فإنّما المعنى: يوم خروج زيد، فإنما تضيف المصدر إلى الفاعل فإذا قال: يوم يسرّك، فمعناه يوم سروره إياك، فإنّما حدّ هذا أن يكون اليوم معرّفا بفعل مسند إلى فاعل معرّف بذلك الفاعل، فإذا كان الفعل مضافا إلى اليوم فكأنك إنما عرّفت اليوم بنفسه، لأن الفعل يعرفه الفاعل، واليوم مضاف إلى الفعل المعرف باليوم، فصار هذا نظير قولك: هذا يوم حرّه ويوم برده، والهاء لليوم، وليس هذا مثل: سيّد قومه، وهذا مولى أخيه، فتضيفه إلى ما هو مضاف إليه، لأن أخاه وقومه وما أشبه ذلك شيء معروف، يقصد إليه، وقولك: يوم سروره زيدا، ويوم يسرّك، إنما هو مضاف إلى فعل، وإنما يقوم الفعل بفاعله، ليس أن الفعل شيء منفصل يقصد إليه في نفسه، وواحد أمّه، وعبد بطنه مضافان إلى الأم والبطن، وكلّ واحد منهما ظاهر يقوم بنفسه،
وكذلك لا يجوز أن تضيف الظرف إلى جملة معرفة بضميره، وإن كانت ابتداء وخبرا، لا يجوز أن تقول: آتيك يوم ضحوته باردة، ولا: ليلة أولها مطير. فإن نوّنت في هذا وفي الأول حتى يخرج من حدّ الإضافة جاز فقلت:
أتيتك يوما بكرته حارّة، وأتيتك يوما يسرّك ويوما يوافقك. وهذا
[الحجة للقراء السبعة: 4/374]
قول أبي عثمان، فإذا لم يجز أن يكون قوله: يوم* في قوله:
يوم يأتي لا تكلم مضافا إلى يأتي* وفيه ضميره، ثبت أن في يأتي* ضمير اليوم المتقدم ذكره في قوله: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود* وما نؤخره أي: ما نؤخّر أحداثه إلا لأجل معدود* يوم يأتي هذا اليوم الذي تقدّم ذكره لا تكلم نفس، فاليوم في قوله: يوم يأتي* يراد به الحين والبرهة، وليس على وضح النهار.
فأما قوله: لا تكلم نفس إلا بإذنه فإنه يحتمل ضربين، يجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في يأتي*، ويحتمل أن يكون صفة لليوم المضاف إلى يأتي* لأن اليوم في يوم يأتي مضاف إلى الفعل، والفعل نكرة، فإذا كان كذلك لم يمتنع أن يوصف به اليوم كما توصف النكرات بالجمل من الفعل والفاعل، والمعنى: لا تكلّم فيه نفس، فحذف فيه، أو حذف الحرف، وأوصل الفعل إلى المفعول به، ثم حذف الضمير من الفعل الذي هو صفة كما يحذف من الصّلة، ومثل ذلك قولهم: الناس رجلان: رجل أكرمت، ورجل أهنت. فإذا جعلته حالا من الضمير الذي في يأت، وجب أن تقدّر فيه أيضا ضميرا يرجع إلى ذي الحال، وتقديره: يوم يأتي لا تكلّم نفس، أي:
غير متكلّم فيه نفس، فيكون الضمير المقدّر المحذوف يرجع إلى الضمير الذي في يأتي* لأنّ الحال لا بدّ فيه من ذكر يعود إلى ذي الحال متى كانت جملة، كما لا بد من ذلك في الصفة، ومن قدّره حالا كان أجدر بأن تحذف الياء من يأتي لأنه كلام مستقلّ، فيشبه من أجل ذلك الفواصل، وإن لم يكن
[الحجة للقراء السبعة: 4/375]
فاصلة، كما أنّ حذف الياء من قوله: ذلك ما كنا نبغ [الكهف/ 64]، لما كان كلاما تامّا فأشبه الفاصلة، فحسن الحذف له، كما يحسن الحذف من الفواصل، وإن جعلته صفة لم يمتنع ذلك معها أيضا، لأن الصفة قد يستغني عنها الموصوف، كما أن الحال كذلك، إلا أنّ من الصفات ما لا يحسن أن يحذف منه، فذلك أشبه بغير الكلام التام.
فأما إثبات الياء وإسقاطها في الوصل والوقف، فمن أثبتها في الوصل فهو القياس البيّن، لأنّه لا شيء هاهنا يوجب حذف الياء إذا وصل، فأمّا حذفها في الوقف إذا قال: يوم يأت فلأنها، وإن لم تكن في فاصلة، أمكن أن تشبّهها بالفاصلة، ومن الحجة في حذفها في الوقف أن هذه الياء تشبه الحركات المحذوفة في الوصل، بدلالة أنهم قد حذفوها كما حذفوا الحركة، فكما أن الحركة تحذف في الوقف، فكذلك ما أشبهها من هذه الحروف، فكان في حكمها.
فإن قلت: فقد حذفوا الألف في نحو: لم يخش، كما حذفوا الياء من: لم يرم، فهلّا حذفت الألف، قيل: إنّ الألف قد حذفت كما حذفت الياء، وإن كان حذفهم لها أقلّ منه في الياء لاستخفافهم لها، وذلك في قولهم: أصاب الناس جهد، ولو تر ما أهل مكة، وقولهم: حاش لله [يوسف/ 31 - 51] وقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/376]
ورهط ابن المعلّ فحذفها في الوقف للقافية كما حذفت الياء.
وأمّا وقف ابن كثير بالياء فهو حسن، لأنها أكثر من الحركة في الصوت، فلا ينبغي إذا حذفت الحركة للوقف أن تحذف الياء له، كما لا تحذف سائر الحروف. ويقوّي ترك الحذف للياء في الوقف أن الكلام لم يتمّ في قوله: يوم يأت، ويدلّ على أنها تنزّل عندهم منزلة سائر الحروف تقديرهم إياه في نحو:
ألم يأتيك، والأنباء تنمي وفي نحو قوله:
هجوت زبّان ثم جئت معتذرا... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وتحريكهم لها في الشعر نحو:
[الحجة للقراء السبعة: 4/377]
لا بارك الله في الغواني هل..
وقال:
فيوما يوافيني الهوى غير ماضي وأمّا حذف عاصم لها في الوصل والوقف فلأنه جعلها في الوصل والوقف بمنزلة ما استعمل محذوفا مما لم يكن ينبغي في القياس أن يحذف نحو: لم يك، ولا أدر، فلما حذفوا هذا ونحوه في الوصل والوقف، فكذلك حذفوا الياء من يأت فيهما). [الحجة للقراء السبعة: 4/378]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم يأت لا تكلم نفس إلّا بإذنه}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائيّ {يوم يأتي} بالياء في الوصل وأثبتها ابن كثير في الوقف أيضا وحجتهم أنّها مثبتة في المصحف
[حجة القراءات: 348]
وقرأ الباقون بحذف الياء قال الخليل إن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسر إلّا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال والأجود في النّحو إثبات الياء). [حجة القراءات: 349]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {يَوْمَ يَأْتِي} [آية/ 105] بالياء:
قرأها يعقوب بالياء في الوصل والوقف.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأنه لا موجب ههنا لحذف الياء؛ لأنه لام الفعل.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي {يَأْتِي} بالياء في الوصل، فأما في الوقف فإن ابن كثير يقف بالياء مثل يعقوب، وأبو عمرو ونافع (والكسائي يقفون) بغير ياء.
ولم يُثبت ابن عامر وعاصم وحمزة (الياء) في الحالين.
والوجه في إثبات الياء في الوصل وحذفها في الوقف، فهو إن إثباتها أصلٌ، والوقف في موضع تغيير، فأُجري في الوصل على الأصل وفي الوقف على الحذف لما ذكرنا؛ ولأن حرف العلة يشبه الحركة، فكما تُحذف الحركة في الوقف فكذلك حُذفت هذه الياء في الوقف تشبيهًا لها بالحركة؛ ولأنه وإن لم يكن فاصلة فإنه يشبه الفاصلة.
ووجه حذف الياء في الحالين أنها جُعلت مشبهة بما استُعمل محذوفًا ولم يكن حقه الحذف نحو لم يك، ولا أدر، ولو تر أهل مكة). [الموضح: 657]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس