عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 02:32 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {جعلكم مستخلفين} [الحديد: 7] : «معمّرين فيه»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ جعلكم مستخلفين معمّرين فيه سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وقال الفرّاء مستخلفين فيه يريد مملّكين فيه وهو رزقه وعطيّته). [فتح الباري: 8/628]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
قال جعلكم مستخلفين فيه معمرين من الظّلمات إلى النّور من الضلال إلى الهدى ومنافع للنّاس جنّة وسلاح مولاكم أولى بكم لئلّا يعلم أهل الكتاب ليعلم أهل الكتاب
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 7 الحديد {مستخلفين فيه} قال معمرين بالرزق). [تغليق التعليق: 4/336]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: جعلكم مستخلفين فيه معمّرين فيه
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه} (الحديد: 7) أي: معمرين فيه، ولم يثبت هذا لأبي ذر، وعن الفراء مستخلفين فيه أي: مملكين فيه). [عمدة القاري: 19/221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال) ولأبي ذر وقال (مجاهد): فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({وجعلكم مستخلفين}) [الحديد: 7] أي (معمرين فيه) بتشديد الميم المفتوحة). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: آمنوا باللّه أيّها النّاس، فأقرّوا بوحدانيّته وبرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فصدّقوه فيما جاءكم به من عند اللّه واتّبعوه، وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه، يقول جلّ ثناؤه: وأنفقوا ممّا خوّلكم اللّه من المال الّذي أورثكم عمّن كان قبلكم، فجعلكم خلفاءهم فيه في سبيل اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {مستخلفين فيه}. قال: المعمّرين فيه بالرّزق.
وقوله: {فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا}. يقول: فالّذين آمنوا باللّه ورسوله منكم أيّها النّاس وأنفقوا ممّا خوّلهم اللّه عمّن كان قبلهم ورزقهم من المال في سبيل اللّه {لهم أجرٌ كبيرٌ}. يقول: لهم ثوابٌ عظيمٌ). [جامع البيان: 22/389]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه يعني معمرين فيه بالرزق). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربّكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: وما لكم لا تؤمنون باللّه، وما شأنكم أيّها النّاس لا تقرّون بوحدانيّة اللّه، ورسوله محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعوكم إلى الإقرار بوحدانيّته، وقد أتاكم من الحجج على حقيقة ذلك ما قطع عذركم، وأزال الشّكّ من قلوبكم، وقد أخذ ميثاقكم، قيل: عني بذلك؛ وقد أخذ منكم ربّكم ميثاقكم في صلب آدم، بأنّ اللّه ربّكم لا إله لكم سواه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الحجاز والعراق غير أبي عمرٍو {وقد أخذ ميثاقكم}. بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق، بمعنى: وقد أخذ ربّكم ميثاقكم وقرأ ذلك أبو عمرٍو: (وقد أخذ ميثاقكم) بضمّ الألف ورفع الميثاق، على وجه ما لم يسمّ فاعله.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءتين إليّ في ذلك لكثرة القراءة بذلك، وقلّة القرّاء بالقراءة الأخرى.
وقوله: {إن كنتم مؤمنين}. يقول: إن كنتم تريدون أن تؤمنوا باللّه يومًا من الأيّام، فالآن أحرى الأوقات، أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرّسول وإعلامه، ودعائه إيّاكم إلى ما قد تقرّرت صحّته عندكم بالإعلام والأدلّة والميثاق المأخوذ عليكم). [جامع البيان: 22/389-390]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقد أخذ ميثاقكم قال يعني في ظهر آدم عليه السلام). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262] (م)

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({من الظّلمات إلى النّور} [الحديد: 9] : «من الضّلالة إلى الهدى»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله من الظّلمات إلى النّور من الضّلالة إلى الهدى سقط هذا أيضًا لأبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ أيضًا). [فتح الباري: 8/628]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله 9 الحديد {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} قال من الضّلالة إلى الهدى). [تغليق التعليق: 4/336]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (من الظّلمات إلى النّور: من الضّلالة إلى الهدي
أشار به إلى قوله تعالى: {هو الّذي ينزل على عبده آيات بيّنات ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} (الحديد: 9) وسقط هذا أيضا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19/221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({من الظلمات إلى النور}) [الحديد: 9] أي (من الضلالة إلى الهدى) وصله الفريابي أيضًا وسقط من قوله: جعلكم إلى هنا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي ينزّل على عبده آياتٍ بيّناتٍ ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: اللّه الّذي ينزّل على عبده محمّدٍ {آياتٍ بيّناتٍ} يعني مفصّلاتٍ {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور}. يقول جلّ ثناؤه: ليخرجكم أيّها النّاس من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن الضّلالة إلى الهدى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من الظّلمات إلى النّور}. قال: من الضّلالة إلى الهدى.
وقوله: {وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ}. يقول تعالى ذكره: وإنّ اللّه بإنزاله على عبده ما أنزل عليه من الآيات البيّنات لهدايتكم، وتبصيركم الرّشاد، لذو رأفةٍ بكم ورحمةٍ، فمن رأفته ورحمته بكم لكم فعل ذلك). [جامع البيان: 22/391]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ليخرجكم من الظلمات إلى النور قال يعني من الضلالة إلى الهدى). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال زيد في هذه الآية: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}، قال: فتح مكة). [الجامع في علوم القرآن: 1/62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى من قبل الفتح فتح مكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لكم ألاّ تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّموات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: وما لكم أيّها النّاس لا تنفقوا ممّا رزقكم اللّه في سبيل اللّه، وإلى اللّه صائرٌ أموالكم إن لم تنفقوها في حياتكم في سبيل اللّه، لأنّ له ميراث السّماوات والأرض، وإنّما حثّهم جلّ ثناؤه بذلك على حظّهم، فقال لهم: أنفقوا أموالكم في سبيل اللّه، ليكون ذلكم لكم ذخرًا عند اللّه من قبل أن تموتوا، فلا تقدروا على ذلك، وتصير الأموال ميراثًا لمن له السّماوات والأرض.
وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: لا يستوي منكم أيّها النّاس من آمن قبل فتح مكّة وهاجر
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} قال: آمن فأنفق، يقول: هاجر، ليس من هاجر ليس كمن لم يهاجر.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. يقول: من آمن.
- قال: حدّثنا مهران، عن سفيان قال: يقول غير ذلك.
وقال آخرون: عني بالفتح فتح مكّة، وبالنّفقة: النّفقة في جهاد المشركين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: كان قتالان، أحدهما أفضل من الآخر، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كانت النّفقة والقتال من قبل الفتح فتح مكّة أفضل من النّفقة والقتال بعد ذلك.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {من قبل الفتح}. قال: فتح مكّة.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ قال: قال زيد بن أسلم في هذه الآية {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. قال: فتح مكّة.
وقال آخرون: عني بالفتح في هذا الموضع: صلح الحديبية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسحاق بن شاهين قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، يقول تعالى ذكره: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. الآية.
- حدّثني حميد بن مسعدة قال: حدّثنا بشر بن المفضّل قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية، قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. قال: فتح الحديبية قال: وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية.
- حدّثني ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الوهّاب قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية وأنزلت {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. إلى {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. فقالوا: يا رسول اللّه فتحٌ هو؟ قال: نعم عظيمٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، ثمّ تلا هنا الآية {لا يستوي منكم}. الآية.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الحديبية: يوشك أن يأتي قومٌ تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، قلنا: من هم يا رسول اللّه، أقريشٌ هم؟ قال: لا، ولكن أهل اليمن أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا، فقلنا: هم خيرٌ منّا يا رسول اللّه؟ فقال: لو كان لأحدهم جبلٌ من ذهبٍ فأنفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه، ألا إنّ هذا فصل ما بيننا وبين النّاس، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} الآية، إلى قوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
- حدّثني ابن البرقيّ قال: حدّثنا ابن أبي مريم قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: أخبرني زيد بن أسلم، عن أبي سعيدٍ التّمّار، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يوشك أن يأتي قومٌ تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، فقلنا: من هم يا رسول اللّه، أقريشٌ؟ قال: لا، هم أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا، وأشار بيده إلى اليمن، فقال: هم أهل اليمن، ألا إنّ الإيمان يمان، والحكمة يمانيةٌ فقلنا: يا رسول اللّه هم خيرٌ منّا؟ قال: والّذي نفسي بيده لو كان لأحدكم جبل ذهبٍ ينفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه، ثمّ جمع أصابعه، ومدّ خنصره وقال: ألا إنّ هذا فصل ما بيننا وبين النّاس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى}.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي أن يقال: معنى ذلك لا يستوي منكم أيّها النّاس من أنفق في سبيل اللّه من قبل فتح الحديبية للّذي ذكرنا من الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، الّذي روّيناه عن أبي سعيدٍ الخدريّ عنه وقاتل المشركين بمن أنفق بعد ذلك، وقاتل وترك ذكر من أنفق بعد ذلك، وقاتل استغناءً بدلالة الكلام الّذي ذكر عليه من ذكره.
{أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}. يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين أنفقوا في سبيل اللّه من قبل فتح الحديبية، وقاتلوا المشركين أعظم درجةً في الجنّة عند اللّه من الّذين أنفقوا من بعد ذلك وقاتلوا.
وقوله: {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. يقول تعالى ذكره: وكلّ هؤلاء الّذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وعد اللّه الجنّة بإنفاقهم في سبيله، وقتالهم أعداءه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {من الّذين أنفقوا}: وآمنوا، {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: الجنّة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: الجنّة.
وقوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. يقول تعالى ذكره: واللّه بما تعملون من النّفقة في سبيل اللّه، وقتال أعدائه، وغير ذلك من أعمالكم الّتي تعملون، خبيرٌ لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم على جميع ذلك يوم القيامة). [جامع البيان: 22/391-396]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يستوي منكم من أنفق قال يقول ليس من أنفق وهاجر كمن لم ينفق ولم يهاجر). [تفسير مجاهد: 2/656]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وكلا وعد الله الحسنى يعني الحسنة والحسنى وهي الجنة). [تفسير مجاهد: 2/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} يقول: من أسلم {وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} يعني أسلموا يقول ليس من هاجر كمن لم يهاجر {وكلا وعد الله الحسنى} قال: الجنة). [الدر المنثور: 14/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} الآية قال: كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر وانت نفقتان أحدهما أفضل من الأخرى قال: كانت النفقة والقتال قبل الفتح فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك {وكلا وعد الله الحسنى} قال: الجنة). [الدر المنثور: 14/262-263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} قال أبو الدحداح: والله لأنفقن اليوم نفقة أدرك بها من قبلي ولا يسبقني بها أحد بعدي فقال: اللهم كل شيء يملكه أبو الدحداح فإن نصفه لله حتى بلغ فرد نعله ثم قال: وهذا). [الدر المنثور: 14/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتيكم قوم من ههنا وأشار بيده إلى اليمن تحقرون أعمالكم عند أعمالهم قالوا: فنحن خير أم هم قال: بل أنتم فلو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحدكم ولا نصيفه فصلت هذه الآية بيننا وبين الناس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}). [الدر المنثور: 14/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية إذا كان بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قلنا: من هم يا رسول الله أقريش قال: لا ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} الآية). [الدر المنثور: 14/263-264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم). [الدر المنثور: 14/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنحن خير أم من بعدنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنفق أحدهم أحدا ذهبا ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه). [الدر المنثور: 14/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن بي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه). [الدر المنثور: 14/264-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره). [الدر المنثور: 14/265]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغني أن الله لما أنزل: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}، قال: المنافقون، استقرض الغني من الفقير، إنما يستقرض الفقير من الغني، فأنزل الله: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء}). [الجامع في علوم القرآن: 2/91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ}.
يقول تعالى ذكره: من هذا الّذي ينفق في سبيل اللّه في الدّنيا محتسبًا في نفقته مبتغيًا ما عند اللّه، وذلك هو القرض الحسن.
وقوله: {فيضاعفه له}. يقول: فيضاعف له ربّه قرضه ذلك الّذي أقرضه، بإنفاقه في سبيله، فيجعل له بالواحدة سبعمائةٍ.
وكان بعض نحويّي البصرة يقول في قوله: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا}. فهو كقول العرب: لي عندك قرض صدقٍ، وقرض سوءٍ إذا فعل به خيرًا؛ وأنشد ذلك بيتًا للشّنفرى:
سنجزي سلامان بن مفرج قرضها = بما قدّمت أيديهم فأزلّت.
{وله أجرٌ كريمٌ} يقول: وله ثوابٌ وجزاءٌ كريمٌ، يعني بذلك الأجر: الجنّة، وقد ذكرنا الرّواية عن أهل التّأويل في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 22/396-397]


رد مع اقتباس