عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّا أرسلنا الشّياطين على الكافرين تؤزّهم أزًّا} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: تغويهم إغواءً.
وقال العوفيّ عنه: تحرّضهم على محمّدٍ وأصحابه.
وقال مجاهدٌ: تشليهم إشلاءً.
وقال قتادة: تزعجهم إزعاجًا إلى معاصي اللّه.
وقال سفيان الثّوريّ: تغريهم إغراءً وتستعجلهم استعجالًا.
وقال السّدّيّ: تطغيهم طغيانًا.
وقال عبد الرّحمن بن زيدٍ: هذا كقوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ} [الزّخرف: 36]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 262]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فلا تعجل عليهم إنّما نعدّ لهم عدًّا} أي: لا تعجل يا محمّد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم، {إنّما نعدّ لهم عدًّا} أي: إنّما نؤخّرهم لأجلٍ معدودٍ مضبوطٍ، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب اللّه ونكاله، {ولا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظّالمون إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم: 42]، {فمهّل الكافرين أمهلهم رويدًا} [الطّارق: 17] {إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا} [آل عمران: 178]، {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ} [لقمان: 24]، {قل تمتّعوا فإنّ مصيركم إلى النّار} [إبراهيم: 30].
قال السّدّيّ: {إنّما نعدّ لهم عدًّا} السّنين، والشّهور، والأيّام، والسّاعات.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {إنّما نعدّ لهم عدًّا} قال: نعدّ أنفاسهم في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 262]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا (85) ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا (86) لا يملكون الشّفاعة إلا من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا (87)}.
يخبر تعالى عن أوليائه المتّقين، الّذين خافوه في الدّار الدّنيا واتّبعوا رسله وصدّقوهم فيما أخبروهم، وأطاعوهم فيما أمروهم به، وانتهوا عمّا عنه زجروهم: أنّه يحشرهم يوم القيامة وفدًا إليه. والوفد: هم القادمون ركبانًا، ومنه الوفود وركوبهم على نجائب من نورٍ، من مراكب الدّار الآخرة، وهم قادمون على خير موفودٍ إليه، إلى دار كرامته ورضوانه. وأمّا المجرمون المكذّبون للرّسل المخالفون لهم، فإنّهم يساقون عنفًا إلى النّار، {وردًا} عطاشًا، قاله [عطاءٌ]، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ. وهاهنا يقال: {أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} [مريم: 73].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا ابن خالدٍ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ، عن ابن مرزوقٍ: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} قال: يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورةٍ رآها، وأطيبها ريحًا، فيقول: من أنت؟ فيقول: أما تعرفني؟ فيقول: لا إلّا أنّ اللّه قد طيّب ريحك وحسّن وجهك. فيقول: أنا عملك الصّالح، وهكذا كنت في الدّنيا، حسن العمل طيّبه، فطالما ركبتك في الدّنيا، فهلمّ اركبني، فيركبه. فذلك قوله: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا}.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} قال: ركبانًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني ابن المثنّى، حدّثنا ابن مهديٍّ، عن شعبة، عن إسماعيل، عن رجلٍ، عن أبي هريرة: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} قال: على الإبل.
وقال ابن جريج: على النّجائب.
وقال الثّوريّ: على الإبل النّوق.
وقال قتادة: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} قال: إلى الجنّة.
وقال عبد اللّه بن الإمام أحمد في مسند أبيه: حدّثنا سويد بن سعيدٍ، أخبرنا عليّ بن مسهر، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، حدّثنا النّعمان بن سعدٍ قال: كنّا جلوسًا عند عليٍّ، رضي اللّه عنه، فقرأ هذه الآية: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} قال: لا واللّه ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوقٍ لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهبٍ، فيركبون عليها حتّى يضربوا أبواب الجنّة.
وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ، من حديث عبد الرّحمن بن إسحاق المدنيّ، به. وزاد: "عليها رحائل الذّهب، وأزمّتها الزّبرجد" والباقي مثله.
وروى ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديثًا غريبًا جدًّا مرفوعًا، عن عليٍّ فقال:
حدّثنا أبي، حدّثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل النّهديّ، حدّثنا مسلمة بن جعفرٍ البجلي، سمعت أبا معاذٍ البصريّ قال: إنّ عليًّا كان ذات يومٍ عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ هذه الآية: {يوم نحشر المتّقين إلى الرّحمن وفدًا} فقال: ما أظنّ الوفد إلّا الرّكب يا رسول اللّه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده إنّهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون -أو: يؤتون-بنوقٍ بيضٍ لها أجنحةٌ، وعليها رحال الذّهب، شرك نعالهم نورٌ يتلألأ كلّ خطوةٍ منها مدّ البصر، فينتهون إلى شجرةٍ ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما، فتغسل ما في بطونهم من دنسٍ، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدًا، وتجري عليهم نضرة النّعيم، فينتهون أو: فيأتون باب الجنّة، فإذا حلقةٌ من ياقوتةٍ حمراء على صفائح الذّهب، فيضربون بالحلقة على الصّفيحة فيسمع لها طنينٌ يا عليّ، فيبلغ كلّ حوراء أنّ زوجها قد أقبل، فتبعث قيّمها فيفتح له، فإذا رآه خرّ له -قال مسلمة أراه قال: ساجدًا-فيقول: ارفع رأسك، فإنّما أنا قيّمك، وكّلت بأمرك. فيتبعه ويقفو أثره، فتستخفّ الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حتّى تعتنقه، ثمّ تقول: أنت -حبّي، وأنا حبّك، وأنا الخالدة الّتي لا أموت، وأنا النّاعمة الّتي لا أبأس، وأنا الرّاضية الّتي لا أسخط، وأنا المقيمة الّتي لا أظعن. فيدخل بيتًا من أسّه إلى سقفه مائة ألف ذراعٍ، بناؤه على جندل اللّؤلؤ طرائق: أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقةٌ تشاكل صاحبتها. وفي البيت سبعون سريرًا، على كلّ سريرٍ سبعون حشيّةً، على كلّ حشيّةٍ سبعون زوجةً، على كلّ زوجةٍ سبعون حلّةً، يرى مخّ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلةٍ من لياليكم هذه. الأنهار من تحتهم تطّرد، أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ -قال: صافٍ لا كدر فيه -وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه، لم يخرج من ضروع الماشية، وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين، لم يعتصرها الرّجال بأقدامهم وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى لم يخرج من بطون النّحل، فيستحلي الثّمار، فإن شاء أكل قائمًا، وإن شاء قاعدًا، وإن شاء متّكئًا، ثمّ تلا {ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا} [الإنسان: 14]، فيشتهي الطّعام، فيأتيه طيرٌ أبيض، وربّما قال: أخضر فترفع أجنحتها، فيأكل من جنوبها أيّ الألوان شاء، ثمّ تطير فتذهب، فيدخل الملك فيقول: سلامٌ عليكم: {تلك الجنّة الّتي أورثتموها بما كنتم تعملون} [الزّخرف: 72] ولو أنّ شعرةً من شعر الحوراء وقعت لأهل الأرض، لأضاءت الشّمس معها سوادٌ في نورٍ".
هكذا وقع في هذه الرّواية مرفوعًا، وقد روّيناه في المقدّمات من كلام عليٍّ، رضي اللّه عنه، بنحوه، وهو أشبه بالصّحّة، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 262-264]

تفسير قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنّم وردًا} أي: عطاشًا.
{لا يملكون الشّفاعة} أي: ليس لهم من يشفع لهم، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعضٍ، كما قال تعالى مخبرًا عنهم: {فما لنا من شافعين * ولا صديقٍ حميمٍ} [الشعراء: 100، 101]
وقوله: {إلا من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا}: هذا استثناءٌ منقطعٌ، بمعنى: لكن من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا، وهو شهادة أن لا إله إلّا اللّه، والقيام بحقّها.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {إلا من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} قال: العهد: شهادة أن لا إله إلّا اللّه، ويبرأ إلى اللّه من الحول والقوّة، ولا يرجو إلّا اللّه، عزّ وجلّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عثمان بن خالدٍ الواسطيّ، حدّثنا محمّد بن الحسن الواسطيّ، عن المسعوديّ، عن عون بن عبد اللّه، عن أبي فاختة، عن الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ-هذه الآية: {إلا من اتّخذ عند الرّحمن عهدًا} ثمّ قال: اتّخذوا عند اللّه عهدًا، فإنّ اللّه يقول يوم القيامة: "من كان له عند اللّه عهدٌ فليقم" قالوا: يا أبا عبد الرّحمن، فعلمنا. قال: قولوا: اللّهمّ، فاطر السّماوات والأرض، عالم الغيب والشّهادة، فإنّي أعهد إليك في هذه الحياة الدّنيا أنّك إن تكلني إلى عملٍ تقرّبني من الشّرّ وتباعدني من الخير، وإنّي لا أثق إلّا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدًا تؤدّيه إليّ يوم القيامة، إنّك لا تخلف الميعاد.
قال المسعوديّ: فحدّثني زكريّا، عن القاسم بن عبد الرّحمن، أخبرنا ابن مسعودٍ: وكان يلحق بهنّ: خائفًا مستجيرًا مستغفرًا، راهبًا راغبًا إليك.
ثمّ رواه من وجهٍ آخر، عن المسعوديّ، بنحوه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 264-265]

رد مع اقتباس