عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:08 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أعلمهم أن من اتبع هداه وآمن به فإنه لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، وأن من أعرض عن ذكر الله وكفر به فإن له معيشة ضنكا، و"الضنك": النكد الشاق من العيش في المنازل أو في مواطن الحرب ونحوها، ومنه قول عنترة:
... ... ... ... ... .... وإن نزلوا يوما بضنك أنزل
يوصف به الواحد والجمع والمؤنث، وقرأت فرقة: "ضنكى"، أتبعت بالصفة لفظة "المعيشة". واختلف الناس في المعيشة الضنك، متى هو الوقت الذي هي فيه، فقالت فرقة: هي الدنيا، ومعنى ذلك عندهم أن الكافر وإن كان متسع الحال والمال
[المحرر الوجيز: 6/141]
فمعه من الحرص والأمل والتعذيب بأمور الدنيا والرغبة واتساع صفاء العيش بذلك ما يصير معيشته ضنكا، وقالت فرقة: هي ضنك بأكل الحرام، وقالت فرقة: بل العيشة الضنك هي في البرزخ، وهو أن يرى مقعده من النار غدوا ورواحا، وبالجملة عذاب القبر على ما روي فيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وحمل هذه الفرقة على هذا التأويل أن لفظ الآية يقتضي أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة بقوله: {ونحشره يوم القيامة أعمى}، وبقوله تعالى: {ولعذاب الآخرة أشد وأبقى}. وقالت فرقة: بل المعيشة الضنك في الآخرة، وهي عذابهم في جهنم وأكلهم الزقوم وغيره، وذكر الله تعالى ذلك من وعيد لهم، ثم أخبر عن حالة أخرى هي أيضا في يوم القيامة وهي حشرهم عميا، ثم يجيء قوله: {ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} معنى هذا الذي ذكرناه من المعيشة الضنك والعمى ونحوه هو عذابه في الآخرة، وهو أشد وأبقى من كل ما يقع عليه الظن والتخيل، فكأنه ذكر نوعا من عذاب الآخرة ثم ذكر أن عذاب الآخرة أشد وأبقى.
وقرأت فرقة: "ونحشره" بالنون، وقرأت فرقة: "ويحشره"، وقرأت فرقة: "ونحشره" بسكون الراء، وقرأت فرقة: "أعمى" بفتح الألف، وقرأت فرقة: "أعمى" بالإمالة، وقالت فرقة: العمى هنا هو عمى البصيرة عن الحجة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولو كان هذا لم يحس الكافر بذلك، لأنه مات أعمى البصيرة ويحشر كذلك، وقالت فرقة: العمى عمى البصر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو الأوجه، مع أن عمى البصيرة حاصل في الوجهين، وأما قوله تعالى: {ونحشر المجرمين يومئذ زرقا} فمن رآه "في العين" فلا بد أن يتأولها مع هذا إما أنها في طائفتين وإما في موطنين). [المحرر الوجيز: 6/142]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كذلك أتتك آياتنا}، "ذلك" إشارة إلى العمى الذي حل به، أي مثل هذا في الدنيا أن أتتك آياتنا فنسيتها، و"النسيان" في هذه الآية بمعنى الترك، ولا مدخل
[المحرر الوجيز: 6/142]
للذهول في هذا الموضع، و"تنسى" بمعنى: تترك في العذاب، وروي أن هذه الآية نزلت في القرشي). [المحرر الوجيز: 6/143]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى}
المعنى: وكما وصفنا من أليم الأفعال نجزي المسرفين المتعدين الكفار بالله عز وجل. وقوله سبحانه: {ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} إن كانت معيشة الضنك في الدنيا أو في البرزخ فجاء هذا وعيدا بعذاب الآخرة بعد وعيد، وإن كانت المعيشة "الضنك" في الآخرة فأكد الوعيد بعينه هذا القول الذي جعل به عذاب الآخرة فوق كل عذاب يتخيله الإنسان أو يقع في الدنيا). [المحرر الوجيز: 6/143]

رد مع اقتباس