عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:36 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فانتبذت به مكانا قصيا قال متنحيا). [تفسير عبد الرزاق: 2/6]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن رجل عمن سمع ابن عباس يقول في مريم يقول ليس إلا أن حملته ثم وضعت). [تفسير عبد الرزاق: 2/7]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن جريج عن عبد اللّه بن عثمان عن ابن عبّاسٍ قال: ما كان حملها يعني مريم إلّا أن حملت ثم وضعت [الآية: 22]). [تفسير الثوري: 182]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فحملته فانتبذت به مكانًا قصيًّا (22) فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا}.
وفي هذا الكلام متروكٌ ترك ذكره استغناءً بدلالة ما ذكر منه عنه {فنفخنا فيه من روحنا} بغلامٍ {فحملته فانتبذت به مكانًا قصيًّا} وبذلك جاء تأويل أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سهلٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد بن معقل بن أخي وهب بن منبّهٍ، قال: سمعت وهبًا، قال: لمّا أرسل اللّه جبريل إلى مريم تمثّل لها بشرًا سويًّا فقالت له: {إنّي أعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيًّا} ثمّ نفخ في جيب درعها حتّى وصلت النّفخة إلى الرّحم فاشتملت.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، قال: لمّا قال ذلك، يعني لمّا قال جبريل {قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّنٌ}.. الآية استسلمت لأمر اللّه، فنفخ في جيبها ثمّ انصرف عنها.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: فخرجت عليها جلبابها لمّا قال جبريل ذلك لها، فأخذ جبريل بكمّيها، فنفخ في جيب درعها، وكان مشقوقًا من قدّامها، فدخلت النّفخة صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زكريّا ليلةً تزورها، فلمّا فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريّا: يا مريم أشعرت أنّي حبلى، قالت مريم: أشعرت أيضًا أنّي حبلى، قالت امرأة زكريّا: إنّي وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك، فذلك قوله {مصدّقًا بكلمةٍ من اللّه}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: يقولون: إنّه إنّما نفخ في جيب درعها وكمّها.
وقوله: {فانتبذت به مكانًا قصيًّا} يقول: فاعتزلت بالّذي حملته، وهو عيسى، وتنحّت به عن النّاس {مكانًا قصيًّا} يقول: مكانًا نائيًا قاصيًا عن النّاس، يقال: هو بمكانٍ قاصٍ، وقصيٍّ بمعنًى واحدٍ، كما قال الرّاجز:
لتقعدنّ مقعد القصيّ = منّي ذي القاذورة المقليّ
يقال منه: قصا المكان يقصو قصّوا: إذا تباعد، وأقصيت الشّيء: إذا أبعدته وأخّرته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فانتبذت به مكانًا قصيًّا} قال: مكانًا نائيًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {مكانًا قصيًّا} قال: قاصيًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا بلغ أن تضع، مريم، خرجت إلى جانب المحراب الشّرقيّ منه فأتت أقصاه). [جامع البيان: 15/490-492]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مكانا قصيا قال يعني قاصيا). [تفسير مجاهد: 385]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت: إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال: ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر، قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله، قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته). [الدر المنثور: 10/40-41] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت: إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال: ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر، قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله، قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته). [الدر المنثور: 10/40-41] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حاتم وأبو نعيم عن مجاهد رضي الله عنه قال: قالت مريم: كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر وأنا أسمع). [الدر المنثور: 10/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حين حملت وضعت). [الدر المنثور: 10/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال: بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات ووضعته من يومها). [الدر المنثور: 10/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس قال: وضعت مريم لثمانية أشهر ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى). [الدر المنثور: 10/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن زيد العمى قال: ولد عيسى يوما عاشوراء). [الدر المنثور: 10/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال: كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله: (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال: فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله: {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال: جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل: اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها، قالوا: يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال: لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال: رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال: أمرا عظيما: {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها: قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك: ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال: واختلف الناس فيه). [الدر المنثور: 10/46-48] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {مكانا قصيا} قال نائيا). [الدر المنثور: 10/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {مكانا قصيا} قال: قاصيا وفي قوله: {فأجاءها المخاض} قال: ألجأها). [الدر المنثور: 10/51]

تفسير قوله تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) )


قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وكنت نسيا منسيا قال تقول لا أعرف ولا يدري من أنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/6]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن رجلٍ عن مجاهدٍ في قوله: {فأجأها المخاض} قال ألجأها أنه المخاض [الآية: 23] ). [تفسير الثوري: 182]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن جابرٍ عن مجاهدٍ في قوله: {إلى جذع النخلة} قال: كانت عجوة [الآية: 23].سفيان الثوري عن جابرٍ عن مجاهدٍ في قوله: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال: يا ليتني كنت حيضةً ملقاة على عقبي أمي.سفيان الثوري عن أبي سنانٍ عن سعيد بن جبير مثله). [تفسير الثوري:182-183]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة} يقول تعالى ذكره: فجاء بها المخاض إلى جذع، ثمّ قيل: لمّا أسقطت الباء منه أجاءها، كما يقال: أتيتك بزيدٍ، فإذا حذفت الباء قيل آتيتك زيدًا، كما قال جلّ ثناؤه: {آتوني زبر الحديد} والمعنى: ائتوني بزبر الحديد، ولكنّ الألف مدّت لمّا حذفت الباء، وكما قالوا: خرجت به وأخرجته، وذهبت به وأذهبته.
وإنّما هو أفعل من المجيء، كما يقال: جاء هو، وأجأته أنا: أي جئت به، ومثلٌ من أمثال العرب: شرّ ما أجاءني إلى مخّةٍ عرقوبٌ " وأشاءنى ويقال: شرّ ما يجيئك ويشيئك إلى ذلك، ومنه قول زهيرٍ:
وجارٍ سار معتمدًا إليكم = أجاءته المخافة والرّجاء
يعني: جاء به، وألجأه إلينا وأشاءك: من لغة تميمٍ، وأجاءك من لغة أهل العالية، وإنّما تأوّل من تأوّل ذلك بمعنى: ألجأها، لأنّ المخاض لمّا جاء بها إلى جذع النّخلة، كان قد ألجأها إليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فأجاءها المخاض} قال: المخاض ألجأها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: ألجأها المخاض.
قال ابن جريجٍ: وقال ابن عبّاسٍ: ألجأها المخاض إلى جذع النّخلة.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة} يقول: ألجأها المخاض إلى جذع النّخلة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة} قال: اضطرّها إلى جذع النّخلة.
واختلفوا في أيّ المكان الّذي انتبذت مريم بعيسى لوضعه، وأجاءها إليه المخاض، فقال بعضهم: كان ذلك في أدانى أرض مصر، وآخر: أرض الشّام، وذلك أنّها هربت من قومها لمّا حملت، فتوجّهت نحو مصر هاربةً منهم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن سهلٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ، يقول: لمّا اشتملت مريم على الحمل، كان معها ذو قرابةٌ لها، يقال له يوسف النّجّار، وكانا منطلقين إلى المسجد الّذي عند جبل صهيون، وكان ذلك المسجد يومئذٍ من أعظم مساجدهم، فكانت مريم ويوسف يخدمان في ذلك المسجد، في ذلك الزّمان، وكان لخدمته فضلٌ عظيمٌ، فرغبا في ذلك، فكانا يليان معالجته بأنفسهما، وتجميره وكناسته وطهوره، وكلّ عملٍ يعمل فيه، وكان لا يعمل من أهل زمانهما أحدٌ أشدّ اجتهادًا وعبادةً منهما، فكان أوّل من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف، فلمّا رأى الّذي بها استعظمه، وعظم عليه، وفظع به، فلم يدر على ماذا يضع أمرها، فإذا أراد يوسف أن يتّهمها ذكر صلاحها وبراءتها، وأنّها لم تغب عنه ساعةً قطّ، وإذا أراد أن يبرّئها، رأى الّذي ظهر عليها، فلمّا اشتدّ عليه ذلك كلّمها، فكان أوّل كلامه إيّاها أن قال لها: إنّه قد حدث في نفسي من أمرك أمرٌ قد خشيته، وقد حرصت على أن أميته وأكتمه في نفسي، فغلبني ذلك، فرأيت الكلام فيه أشفى لصدري، قالت: فقل قولاً جميلاً، قال: ما كنت لأقول لك إلاّ ذلك، فحدّثيني، هل ينبت زرعٌ بغير بذرٍ؟ قالت: نعم، قال: فهل تنبت شجرةٌ من غير غيثٍ يصيبها؟ قالت: نعم، قال: فهل يكون ولدٌ من غير ذكرٍ؟ قالت: نعم، قالت: ألم تعلم أنّ اللّه تبارك وتعالى أنبت الزّرع يوم خلقه من غير بذرٍ، والبذر يومئذٍ إنّما صار من الزّرع الّذي أنبته اللّه من غير بذرٍ، أولم تعلم أنّ اللّه بقدرته أنبت الشّجر بغير غيثٍ، وأنّه جعل بتلك القدرة الغيث حياةً للشّجر بعد ما خلق كلّ واحدٍ منهما وحده، أو تقول: لن يقدر اللّه على أن ينبت الشّجر حتّى استعان عليه بالماء، ولولا ذلك لم يقدر على إنباته؟ قال يوسف لها: لا أقول هذا، ولكنّي أعلم أنّ اللّه تبارك وتعالى بقدرته على ما يشاء يقول لذلك كن فيكون، قالت مريم: أولم تعلم أنّ اللّه تبارك وتعالى خلق آدم وامرأته من غير أنثى ولا ذكرٍ؟ قال: بلى، فلمّا قالت له ذلك، وقع في نفسه أنّ الّذي بها شيءٌ من اللّه تبارك وتعالى، وأنّه لا يسعه أن يسألها عنه، وذلك لما رأى من كتمانها لذلك ثمّ تولّى يوسف خدمة المسجد، وكفاها كلّ عملٍ كانت تعمل فيه، وذلك لمّا رأى من رقّة جسمها، واصفرار لونها، وكلف وجهها، ونتوّ بطنها، وضعف قوّتها، ودأب نظرها، ولم تكن مريم قبل ذلك كذلك، فلمّا دنا نفاسها أوحى اللّه إليها أن اخرجي من أرض قومك، فإنّهم إن ظفروا بك عيّروك، وقتلوا ولدك، فأفضت ذلك إلى أختها، وأختها حينئذٍ حبلى، وقد بشّرت بيحيى، فلمّا التقيا وجدت أمّ يحيى ما في بطنها خرّ لوجهه ساجدًا معترفًا بعيسى، فاحتملها يوسف إلى أرض مصر على حمارٍ له ليس بينها حين ركبت الحمار وبين الأكاف شيءٌ، فانطلق يوسف بها حتّى إذا كان متاخمًا لأرض مصر في منقطع بلاد قومها، أدرك مريم النّفاس، ألجأها إلى آريّ حمارٍ، يعني مذود الحمار، وأصل نخلةٍ، وذلك في زمانٍ بردًا أو حرًّا " الشّكّ من أبي جعفرٍ " فاشتدّ على مريم المخاض، فلمّا وجدت منه شدّةً التجأت إلى النّخلة فاحتضنتها واحتوشتها الملائكة، قاموا صفوفًا محدّقين بها.
وقد روي عن وهب بن منبّهٍ قولٌ آخر غير هذا، وذلك ما؛
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: لمّا حضر ولادها، يعني مريم، ووجدت ما تجد المرأة من الطّلق، خرجت من المدينة مغرّبةً من إيلياء، حتّى تدركها الولادة إلى قريةٍ من إيلياء على ستّة أميالٍ يقال لها بيت لحمٍ، فأجاءها المخاض إلى أصل نخلةٍ إليها مذود بقرةٍ تحتها ربيعٌ من الماء، فوضعته عندها.
وقال آخرون: بل خرجت لمّا حضر وضعها ما في بطنها إلى جانب المحراب الشّرقيّ منه، فأتت أقصاه فألجأها المخاض إلى جذع النّخلة، وذلك قول السّدّيّ، وقد ذكرت الرّواية به قبل.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني المغيرة بن عثمان، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: ما هي إلاّ أن حملت فوضعت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: وأخبرني المغيرة بن عثمان بن عبد اللّه أنّه سمع ابن عبّاسٍ يقول: ليس إلاّ أن حملت فولدت.
وقوله: {يا ليتني متّ قبل هذا} ذكر أنّها قالت ذلك في حال الطّلق استحياءً من النّاس، كما؛
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قالت وهي تطلق من الحبل استحياءً من النّاس: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا}.
وقوله: {وكنت نسيًا منسيًّا} تقول: يا ليتني متّ قبل هذا الكرب الّذي أنا فيه، والحزن بولادتي المولود من غير بعلٍ، وكنت نسيًا منسيًّا: شيئًا نسي فترك طلبه كخرق الحيض الّتي إذا ألقيت وطرحت لم تطلب ولم تذكر، وكذلك كلّ شيءٍ نسي وترك ولم يطلب فهو نسيٌ. ونسيٌ بفتح النّون وكسرها لغتان معروفتان من لغات العرب بمعنًى واحدٍ، مثل الوتر والوتر، والجسر والجسر، وبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ عندنا، وبالكسر قرأت عامّة قرّاء الحجاز والمدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة، وبالفتح قرأه أهل الكوفة، ومنه قول الشّاعر:
كأنّ لها في الأرض نسيًا تقصّه = إذا ما غدت وإن تحدّثك تبلت
ويعني بقوله: تقصّه: تطلبه؛ لأنّها كانت نسيته حتّى ضاع، ثمّ ذكرته فطلبته، ويعني بقوله: تبلت: تحسن وتصدق، ولو وجّه النّسي إلى المصدر من النّسيان كان صوابًا، وذلك أنّ العرب فيما ذكر عنها تقول: نسيته نسيانًا ونسيًا، كما قال بعضهم من طاعة الرّبّ وعصي الشّيطان، يعني وعصيان، وكما تقول أتيته إتيانًا وأتيًا، كما قال الشّاعر:
أتي الفواحش فيهم معروفةٌ = ويرون فعل المكرمات حراما
وقوله {منسيًّا} مفعولٌ من نسيت الشّيء كأنّها قالت: ليتني كنت الشّيء الّذي ألقي، فترك ونسي.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا} لم أخلق ولم أك شيئًا.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وكنت نسيًا منسيًّا} يقول: نسيًا: نسي ذكري، ومنسيًّا: تقول: نسي أثري، فلا يرى لي أثرٌ ولا عينٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكنت نسيًّا منسيًّا} أي شيئًا لا يعرف ولا يذكر.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله {وكنت نسيًا منسيًّا} قال: لا أعرف ولا يدرى من أنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، {نسيًا منسيًّا} قال: هو السّقط.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا} لم أكن في الأشيئًا قطّ). [جامع البيان: 15/492-500]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فأجاءها المخاض يقول ألجأها). [تفسير مجاهد: 385]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت: إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال: ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر، قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله، قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته). [الدر المنثور: 10/40-41] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذ هي برجل معها {فتمثل لها بشرا} ففزعت وقال: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها - وكان مشقوقا من قدامها - فدخلت النفخة صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى، قالت مريم: اشعرت أيضا أني حبلى فقالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك، فذاك قوله: {مصدقا بكلمة من الله} فولدت امرأة زكريا يحيى، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا} الآية {فناداها} جبريل {من تحتها ألا تحزني} فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل: إن مريم ولدت فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم فقال: {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآيات، فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه). [الدر المنثور: 10/41-42] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال: كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله: (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال: فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله: {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال: جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل: اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها، قالوا: يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال: لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال: رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال: أمرا عظيما: {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها: قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك: ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال: واختلف الناس فيه). [الدر المنثور: 10/46-48] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {مكانا قصيا} قال: قاصيا وفي قوله: {فأجاءها المخاض} قال: ألجأها). [الدر المنثور: 10/51] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {فأجاءها المخاض} قال: ألجأها قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول:
إذا شددنا شدة صادقة * فأجأناكم إلى سفح الجبل). [الدر المنثور: 10/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فأجاءها المخاض} قال: اضطرها). [الدر المنثور: 10/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فأجاءها المخاض} قال فأداها). [الدر المنثور: 10/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} قال: كان جذعا يابسا). [الدر المنثور: 10/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد من طريق هلال بن خباب عن أبي عبيد الله {فأجاءها المخاض إلى جذع} نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم فحركته فإذا هو نخلة). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قدامة قال: أنبت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال: لم أخلق ولم أك شيئا). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة ملقاة). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن نوف البكالي عن الضحاك في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال حيضة ملقاة). [الدر المنثور: 10/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال: تقول لا أعرف ولا أدري من أنا). [الدر المنثور: 10/52-53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله: {وكنت نسيا منسيا} قال: هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب). [الدر المنثور: 10/53]

تفسير قوله تعالى: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) )


قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلم بن خالدٍ، عن سعيد بن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا}، قال: الماء الّذي كان تحتها). [الجامع في علوم القرآن: 1/20]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فناداها من تحتها قال الملك وقال الحسن من تحتها هو ابنها). [تفسير عبد الرزاق: 2/6]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى قد جعل ربك تحتك سريا قال هو الجدول يعني النهر الصغير). [تفسير عبد الرزاق: 2/6]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب في قوله تعالى تحتك سريا قال هو الجدول النهر الصغير). [تفسير عبد الرزاق: 6-2/7]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: {فناداها من تحتها} قالوا: هو عيسى [الآية: 24]. سفيان الثوري عن جويبرٍ عن الضّحّاك قال: هو جبريل). [تفسير الثوري: 183]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن البراء بن عازبٍ في قول الله {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: الجدول الصغير [الآية: 24]). [تفسير الثوري: 184-183]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك تحتك سريًّا (24) وهزّي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والعراق {فناداها من تحتها} بمعنى: فناداها جبرائيل من بين يديها على اختلافٍ منهم في تأويله، فمن متأوّلٍ منهم إذا قرأه {من تحتها} كذلك، ومن متأوّلٍ منهم أنّه عيسى، وأنّه ناداها من تحتها بعد ما ولدته. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل الكوفة والبصرة: ( فناداها من تحتها ) بفتح التّاءين من تحت، بمعنى: فناداها الّذي تحتها، على أنّ الّذي تحتها عيسى، وأنّه الّذي نادى أمّه.
ذكر من قال: الّذي ناداها من تحتها الملك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أن ابن عبّاسٍ، قرأ: {فناداها من تحتها} يعني: جبرائيل.
- وحدّثني عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: أخبرنا عبثرٌ، قال: حدّثنا حصينٌ، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ، قال: الّذي ناداها الملك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أنّه قرأ: فخاطبها من تحتها.
قال أبو جعفر: والصواب: {من}، ولكن كذا قال ابن بشار: {من} هنا.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أنّه قرأ: فخاطبها من تحتها.
- حدّثنا الرّفاعيّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أنّه قرأها كذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {فناداها من تحتها} قال: جبرائيل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فناداها من تحتها} أي من تحت النّخلة، الملك.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فناداها} جبريل {من تحتها ألاّ تحزني}.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {فناداها من تحتها} قال: الملك.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله {فناداها من تحتها} يعني: جبرائيل كان أسفل منها.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {فناداها من تحتها} قال: ناداها جبرائيل ولم يتكلّم عيسى حتّى أتت بها قومها.
ذكر من قال: الذي ناداها عيسى صلّى اللّه عليه وسلّم:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فناداها من تحتها} قال: عيسى ابن مريم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، {فناداها من تحتها} ابنها.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: قال الحسن: هو ابنها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ، {فناداها} عيسى {من تحتها ألاّ تحزني}.
- حدّثني أبو حميدٍ أحمد بن المغيرة الحمصيّ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن مهاجرٍ، عن ثابت بن عجلان، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله {فناداها من تحتها} قال عيسى: أما تسمع اللّه يقول: {فأشارت إليه}
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {فناداها من تحتها} قال: عيسى ناداها: {أن لا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريًّا}.
- حدّثت عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: الّذي خاطبها هو الّذي حملته في جوفها ودخل من فيها.
وأولى القولين في ذلك عندنا قول من قال: الّذي ناداها ابنها عيسى، وذلك أنّه من كناية ذكره أقرب منه من ذكر جبرائيل، فردّه على الّذي هو أقرب إليه أولى من ردّه على الّذي هو أبعد منه، ألا ترى في سياق قوله {فحملته فانتبذت به مكانًا قصيًّا} يعني به: فحملت عيسى فانتبذت به، ثمّ قيل: فناداها نسقًا على ذلك من ذكر عيسى والخبر عنه، ولعلّةٍ أخرى، وهي قوله: {فأشارت إليه} ولم تشر إليه إن شاء اللّه إلاّ وقد علمت أنّه ناطقٌ في حاله تلك، وللّذي كانت قد عرفت ووثقت به منه بمخاطبته إيّاها بقوله لها: {أن لا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريًّا} وما أخبر اللّه عنه أنّه قال لها أشارت للقوم إليه، ولو كان ذلك قولاً من جبرائيل، لكان خليقًا أن يكون في ظاهر الخبر، مبيّنًا أنّ عيسى سينطق ويحتجّ عنها للقوم، وأمرٌ منه لها بأن تشير إليه للقوم إذا سألوها عن حالها وحاله.
فإذا كان ذلك هو الصّواب من التّأويل الّذي بيّنّا، فبيّنٌ أنّ كلتا القراءتين أعنّي {من تحتها} بالكسر، " ومن تحتها " بالفتح صوابٌ. وذلك أنّه إذا قرئ بالكسر كان في قوله {فناداها} ذكرٌ من عيسى: وإذا قرئ ( من تحتها ) بالفتح كان الفعل لمن وهو عيسى. فتأويل الكلام إذن: فناداها المولود من تحتها ألاّ تحزني يا أمّه {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فناداها من تحتها ألاّ تحزني} قالت: وكيف لا أحزن وأنت معي، لا ذات زوجٍ فأقول من زوجٍ، ولا مملوكةٌ فأقول من سيّد، أيّ شيءٍ عذري عند النّاس {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا} فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام.
اختلف أهل التّأويل في المعني بالسّريّ في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به: النّهر الصّغير
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: الجدول.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: الجدول.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} وهو نهر عيسى.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} وهو نهر عيسى.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: السّريّ: النّهر الّذي كان تحت مريم حين ولدته كان يجري يسمّى سريًّا.
- حدّثني أبو حصينٍ، قال: حدّثنا عبثرٌ، قال: حدّثنا حصينٌ، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ، قال في هذه الآية: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: السّريّ: نهرٌ يشرب منه.
- حدّثنا يعقوب وأبو كريبٍ، قالا: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن عمرو بن ميمونٍ، في قوله: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: هو الجدول.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {سريًّا} قال: نهرٌ بالسّريانيّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
قال ابن جريجٍ: نهرٌ إلى جنبها
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، في قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: كان سريًّا فقال حميد بن عبد الرّحمن: إنّ السّريّ: الجدول، فقال: غلبتنا عليك الأمراء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} قال: هو الجدول، النّهر الصّغير، وهو بالنّبطيّة: سّريّا.
- حدّثني أبو حميدٍ الحمصيّ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن مهاجرٍ، عن ثابت بن عجلان قال: سألت سعيد بن جبيرٍ، عن السّريّ، قال: نهرٌ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: النّهر الصّغير.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، أنّه قال: هو النّهر الصّغير: يعني الجدول، يعني قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، قال: جدولٌ صغيرٌ بالسّريانيّة.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {تحتك سريًّا} الجدول الصّغير من الأنهار.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} والسّريّ: هو الجدول، تسمّيه أهل الحجاز.
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله {سريًّا} قال: هو الجدولٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم وعن وهب بن منبّهٍ، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} يعني ربيع الماء.
- حدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} والسّريّ: هو النّهر.
وقال آخرون: بل عنى به عيسى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} والسّريّ: يعنى عيسى نفسه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} يعني نفسه، قال: وأيّ شيءٍ أسرى منه، قال: والّذين يقولون: السّريّ: هو النّهر ليس كذلك النّهر، لو كان النّهر لكان إنّما يكون إلى جنبها، ولا يكون النّهر تحتها.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قيل من قال: عنى به الجدول، وذلك أنّه أعلمها ما قد أعطاها اللّه من الماء الّذي جعله عندها، وقال لها {وهزّي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا فكلي} من هذا الرّطب {واشربي} من هذا الماء {وقرّي عينًا} بولدك، والسّريّ معروفٌ من كلام العرب أنّه النّهر الصّغير، ومنه قول لبيدٍ بن ربيعه:
فتوسّطا عرض السّريّ وصدّعا = مسجورةً متجاورًا قلاّمها
ويروى: فبيتا مسجورةً، ويروى أيضًا: فغادرا). [جامع البيان: 15/500-510]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فناداها من تحتها يعني عيسى بن مريم). [تفسير مجاهد: 385]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل قد جعل ربك تحتك سريا قال السري النهر الصغير بالسريانية). [تفسير مجاهد: 385]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمداني عن البراء بن عازب قال السري هو الجدول وهو النهر الصغير). [تفسير مجاهد: 386]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس المحبوبيّ، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ في قوله عزّ وجلّ: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24] قال: «هو الجدول النّهر الصّغير» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/405]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24].
- عن البراء بن عازبٍ «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قوله - تعالى -: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24] قال: " النّهر».
رواه الطّبرانيّ في الصّغير، وفيه معاوية بن يحيى الصّدفيّ وهو ضعيفٌ.
- وعن ابن عمر قال: سمعت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقول: " «إنّ السّريّ الّذي قال اللّه - عزّ وجلّ - لمريم: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24]
نهرٌ أخرجه اللّه تشرب منه» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى بن عبد اللّه البابلتّيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/54-55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت: إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال: ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر، قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله، قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته). [الدر المنثور: 10/40-41] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل عليها ليغتالها فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} قالت: {أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا} قال: {كذلك قال ربك} فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول: {أنى يكون لي غلام} وتغفلها جبريل فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت: إن خرجت نحو المغرب فالقوم يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به فلم تر إلا جذع النخلة فقال: أستتر بهذا الجذع من الناس، وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه، وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره، فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها غلام قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال: ههنا حدث الأمر فمال إليهم فقال: أي شيء هذا الذي حدث فكلمته الملائكة فقالوا: نبي ولد بغير ذكر، قال: أما والله لأضلن به أكثر العالمين، أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا: هو ابن الله، قال: وناداها ملك من تحتها {قد جعل ربك تحتك سريا} قال إبليس: ما حملت أنثى إلا بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم به حين وضعته). [الدر المنثور: 10/40-41] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذ هي برجل معها {فتمثل لها بشرا} ففزعت وقال: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها - وكان مشقوقا من قدامها - فدخلت النفخة صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى، قالت مريم: اشعرت أيضا أني حبلى فقالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك، فذاك قوله: {مصدقا بكلمة من الله} فولدت امرأة زكريا يحيى، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا} الآية {فناداها} جبريل {من تحتها ألا تحزني} فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل: إن مريم ولدت فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم فقال: {إني عبد الله آتاني الكتاب} الآيات، فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه). [الدر المنثور: 10/41-42] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واذكر في الكتاب مريم} يقول: قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكانا شرقيا} قال: كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة ويبشرها بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها {حجابا} يعني جبلا فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشرا} في صورة الآدميين {سويا} يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه فلما نظرت إليه قائما بين يديها، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد استزه فمن ثم قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} يعني إن كنت تخاف الله، قال جبريل: وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} يعني لله مطيعا من غير بشر، {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجا {ولم أك بغيا} أي مومسة، قال جبريل: {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو علي هين} يعني خلقه من غير بشر، {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول الله، {وكان أمرا مقضيا} يعني كائنا أن يكون من غير بشر، فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن فذلك قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} والسري الجدول، وحمل الجذع من ساعته {رطبا جنيا} فناداها من تحتها جبريل {وهزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله: {تساقط عليك رطبا جنيا} يعني طريا بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عينا} بولدك، فقال: فكيف بي إذا سألوني من أين هذا،، قال لها جبريل: {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحدا} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} يعني صمتا في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسيا} في أمره، حتى يكون هو الذي يعبر عني وعن نفسه، قال: ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال: لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها مع زكريا، فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل: إني رأيتها في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته فانطلقوا إليه فذلك قول الله: {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس: لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله: {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} يعني عظيما {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} يعني زانية، فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح {فأشارت إليه} تقول لهم: أن كلموه فإنه سيخبركم {إني نذرت للرحمن صوما} أن لا أكلمكم في أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه وكان عبرة لهم فقال: {إني عبد الله} فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال: إني أشهد أنك عبد الله ورسوله، لتصديق قول الله: {مصدقا بكلمة من الله} فقال عيسى: {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} إليكم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما توجه {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبرا بوالدتي} فلا أعقها، قال ابن عباس حين قال: {وبرا بوالدتي} قال: زكريا: الله أكبر فأخذه فضمه إلى صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جبارا شقيا} يعني متعظما سفاكا للدم، {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقول الله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس). [الدر المنثور: 10/42-45] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال: كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله: (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال: فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله: {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال: جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل: اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها، قالوا: يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال: لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال: رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال: أمرا عظيما: {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها: قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك: ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال: واختلف الناس فيه). [الدر المنثور: 10/46-48] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علقمة أنه قرأ فخاطبها من تحتها). [الدر المنثور: 10/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فناداها من تحتها} قال: جبريل ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال الذي ناداها هو جبريل.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله). [الدر المنثور: 10/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء {فناداها من تحتها} قال: ملك). [الدر المنثور: 10/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أسفل الوادي). [الدر المنثور: 10/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فناداها من تحتها} قال: عيسى). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن {فناداها من تحتها} قال: هو عيسى، واخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها: هو الذي حملته في جوفها دخل من فيها). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن زر بن حبيش أنه قرأ {فناداها من تحتها} ). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {فناداها من تحتها} أي الملك من تحت النخلة). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: من قرأ من تحتها فهو جبريل ومن قرأ من تحتها فهو عيسى). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال: قرأ عاصم بن أبي النجود {فناداها من تحتها} بالنصب قال: وقال عاصم: من قرأ بالنصب فهو عيسى ومن قرأها بالخفض فهو جبريل). [الدر المنثور: 10/54]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {جعل ربك تحتك سريا} قال: نبيا وهو عيسى). [الدر المنثور: 10/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن جرير بن حازم قال: سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: فقلت له: سمعت قتادة يقول: الجدول، قال: فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري). [الدر المنثور: 10/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} يريد نفسه أي سرى أسرى منه قيل فالذين يقولون السري البحر قال: ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها). [الدر المنثور: 10/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وابن النجار عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن السري الذي قال الله لمريم: {قد جعل ربك تحتك سريا} نهر أخرجه الله لها لتشرب منه). [الدر المنثور: 10/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الصغير، وابن مردويه عن البراء بن عازب عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: النهر). [الدر المنثور: 10/55]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن البراء في قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: هو الجدول وهو النهر الصغير). [الدر المنثور: 10/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: نهر عيسى). [الدر المنثور: 10/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عثمان بن محصن قال: سئل ابن عباس عن قوله: {سريا} قال: الجدول، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
سلم تر الدالي منه أزورا * إذا يعج في السري هرهرا). [الدر المنثور: 10/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {تحتك سريا} قال: السري النهر الصغير وهو الجدول، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول الشاعر:
سهل الخليقة ماجد ذو نائل * مثل السري تمده الأنهار). [الدر المنثور: 10/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله: {سريا} قال: الجدول.
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله). [الدر المنثور: 10/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن الحميري {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: إن كان لسريا وإن كان لكريما فقال حميد: يا أبا سعيد إنه الجدول فقال له: لم تزل تعجبنا مجالستك ولكن غلبتنا عليك الأمراء). [الدر المنثور: 10/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: السري الماء). [الدر المنثور: 10/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {سريا} قال: نهرا بالسريانية). [الدر المنثور: 10/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {سريا} قال نهرا بالقبطية). [الدر المنثور: 10/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن حسين في قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: تلاها الحسن فقال: كان والله {سريا} يعني عيسى عليه السلام فقال له خالد بن صفوان: يا أبا سعيد إن العرب تسمي الجدول السري فقال: صدقت). [الدر المنثور: 10/57-58]

تفسير قوله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) )


قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا قيس قال أنا عاصم عن شقيق قال لو علم الله للنفساء خيرا من الرطب أمر به). [تفسير عبد الرزاق: 2/7]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن حصين عن عمرو بن ميمون قال إني لأحسب أفضل الطعام للنفساء التمر). [تفسير عبد الرزاق: 2/7]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا قيس عن الأعمش أنه كان يقرأ {تساقط عليك} يشد تساقط ويقرؤها بالتاء). [تفسير عبد الرزاق: 2/7]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وهزّي إليك بجذع النّخلة} ذكر أنّ الجذع كان جذعًا يابسًا، وأمرها أن تهزّه، وذلك في أيّام الشّتاء، وهزّها إيّاه كان تحريكه، كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهزّي إليك بجذع النّخلة} قال: حرّكيها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وهزّي إليك بجذع النّخلة} قال: كان جذعًا يابسًا، فقال لها: هزّيه {تساقط عليك رطبًا جنيًّا}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نهيكٍ، يقول: كانت نخلةً يابسةً.
- حدّثني محمّد بن سهل بن عسكرٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ، يقول في قوله: {وهزّي إليك بجذع النّخلة} فكان الرّطب يتساقط عليها وذلك في الشّتاء.
- حدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وهزّي إليك بجذع النّخلة} وكان جذعًا منها مقطوعًا فهزّته، فإذا هو نخلةٌ، وأجري لها في المحراب نهرٌ، فتساقطت النّخلة رطبًا جنيًّا فقال لها: {كلي واشربي وقرّي عينًا}.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهزّي إليك بالنّخلة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال: قال مجاهدٌ {وهزّي إليك بجذع النّخلة} قال: النّخلة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن عيسى بن ميمونٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {وهزّي إليك بجذع النّخلة} قال: العجوة.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن عمرو بن ميمونٍ، أنّه تلا هذه الآية: {وهزّي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا} قال: فقال عمرٌو: ما من شيءٍ خيرٌ للنّفساء من التّمر والرّطب.
وأدخلت الباء في قوله: {وهزّي إليك بجذع النّخلة} كما يقال: زوّجتك فلانة، وزوّجتك بفلانة، وكما قال {تنبت بالدّهن} بمعنى: تنبت الدّهن. وإنّما تفعل العرب بذلك، لأنّ الأفعال يكنّى عنها بالباء، فيقال إذا كنّيت عن ضربت عمرًا: فعلت به، وكذلك كلّ فعلٍ، فلذلك تدخل الباء في الأفعال وتخرج، فيكون دخولها وخروجها بمعنًى، فمعنى الكلام: وهزّي إليك جذع النّخلة، وقد كان لو أنّ المفسّرين كانوا فسّروه كذلك: وهزّي إليك رطبًا بجذع النّخلة، بمعنى: على جذع النّخلة، وجهًا صحيحًا، ولكن لست أحفظ عن أحدٍ أنّه فسّره كذلك. ومن الشّاهد على دخول الباء في موضع دخولها وخروجها منه سواءٌ قول الشّاعر:
بوادٍ يمانٍ ينبت السّدر صدره = وأسفله بالمرخ والشّبهان
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {تساقط} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة والكوفة: ( تسّاقط ) بالتّاء من تسّاقط وتشديد السّين، بمعنى: تتساقط عليك النّخلة رطبًا جنيًّا، ثمّ تدغم إحدى التّاءين في الأخرى فتشدّد، وكأنّ الّذين قرءوا ذلك كذلك وجّهوا معنى الكلام إلى: وهزّي إليك بجذع النّخلة تسّاقط النّخلة عليك رطبًا جنيًّا.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة: ( تساقط ) بالتّاء وتخفيف السّين، ووجّهوا معنى الكلام، إلى مثل ما وجّه إليه مشدّدوها، غير أنّهم خالفوهم في القراءة
وروي عن البراء بن عازبٍ أنّه قرأ ذلك: ( يسّاقط ) بالياء.
- حدّثني بذلك، أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا يزيد، عن جرير بن حازمٍ، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازبٍ، يقرؤه كذلك.
وكأنّه وجّه معنى الكلام إلى: وهزّي إليك بجذع النّخلة يتساقط الجذع عليك رطبًا جنيًّا.
وروي عن أبي نهيكٍ أنّه كان يقرؤه: " تسقط " بضمّ التّاء وإسقاط الألف.
- حدّثنا بذلك ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبي نهيكٍ، يقرؤه كذلك.
وكأنّه وجّه معنى الكلام إلى: تسقط النّخلة عليك رطبًا جنيًّا.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ هذه القراءات الثّلاث، أعني {تساقط} بالتّاء وتشديد السّين، وبالتّاء وتخفيف السّين، وبالياء وتشديد السّين، قراءاتٌ متقاربات المعاني، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهنّ قرّاء أهل معرفةٍ بالقرآن، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب فيه، وذلك أنّ الجذع إذا تساقط رطبًا، وهو ثابتٌ غير مقطوعٍ، فقد تساقطت النّخلة رطبًا، وإذا تساقطت النّخلة رطبًا، فقد تساقطت النّخلة بأجمعها، جذعها وغير جذعها، وذلك أنّ النّخلة ما دامت قائمةً على أصلها، فإنّما هي جذعٌ وجريدٌ وسعفٌ، فإذا قطعت صارت جذعًا، فالجذع الّذي أمرت مريم بهزّه لم يذكر أحدٌ نعلمه أنّه كان جذعًا مقطوعًا غير السّدّيّ، وقد زعم أنّه عاد بهزّها إيّاه نخلةً، فقد صار معناه ومعنى من قال: كان المتساقط عليها رطبًا نخلةً واحدًا، فبيّنه بذلك صحّة ما قلنا فيه.
وقوله: {جنيًّا} يعني به: مجنيًّا، وإنّما كان أصله مفعولاً فصرف إلى فعيلٍ، والمجنيّ: المأخوذ طريًّا، وكلّ ما أخذ من ثمره، أو بقلةٍ من موضعه بطراته فقد اجتني، ولذلك قيل: فلانٌ يجتني الكمأة، ومنه قول ابن أخت جذيمة:
هذا جناي وخياره فيه = إذ كلّ جانٍ يده إلى فيه). [جامع البيان: 15/510-514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واذكر في الكتاب مريم} يقول: قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكانا شرقيا} قال: كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة ويبشرها بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها {حجابا} يعني جبلا فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشرا} في صورة الآدميين {سويا} يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه فلما نظرت إليه قائما بين يديها، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد استزه فمن ثم قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} يعني إن كنت تخاف الله، قال جبريل: وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} يعني لله مطيعا من غير بشر، {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجا {ولم أك بغيا} أي مومسة، قال جبريل: {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو علي هين} يعني خلقه من غير بشر، {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول الله، {وكان أمرا مقضيا} يعني كائنا أن يكون من غير بشر، فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن فذلك قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} والسري الجدول، وحمل الجذع من ساعته {رطبا جنيا} فناداها من تحتها جبريل {وهزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله: {تساقط عليك رطبا جنيا} يعني طريا بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عينا} بولدك، فقال: فكيف بي إذا سألوني من أين هذا،، قال لها جبريل: {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحدا} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} يعني صمتا في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسيا} في أمره، حتى يكون هو الذي يعبر عني وعن نفسه، قال: ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال: لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها مع زكريا، فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل: إني رأيتها في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته فانطلقوا إليه فذلك قول الله: {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس: لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله: {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} يعني عظيما {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} يعني زانية، فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح {فأشارت إليه} تقول لهم: أن كلموه فإنه سيخبركم {إني نذرت للرحمن صوما} أن لا أكلمكم في أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه وكان عبرة لهم فقال: {إني عبد الله} فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال: إني أشهد أنك عبد الله ورسوله، لتصديق قول الله: {مصدقا بكلمة من الله} فقال عيسى: {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} إليكم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما توجه {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبرا بوالدتي} فلا أعقها، قال ابن عباس حين قال: {وبرا بوالدتي} قال: زكريا: الله أكبر فأخذه فضمه إلى صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جبارا شقيا} يعني متعظما سفاكا للدم، {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقول الله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس). [الدر المنثور: 10/42-45] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال: كانت مريم عليها السلام فتاة بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب (قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه) (آل عمران آية 38 - 39) إلى قوله: (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا) (آل عمران آية 42) {سويا} صحيحا، {فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم} كتب لهم {أن سبحوا بكرة وعشيا} قال: فبينما هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} إلى قوله: {وكان أمرا مقضيا} فنفخ في جيبها جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد، وأخذها {المخاض إلى جذع النخلة} فتساندت إلى النخلة قالت: {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} قال: حيضة من حيضة {فناداها من تحتها} قال: جبريل من أقصى الوادي {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} قال: جدولا {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فلما قال لها جبريل: اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها، قالوا: يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا قال: لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قال: رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} قال: أمرا عظيما: {فأشارت إليه} أن كلموه فعجبوا منها: قالوا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} {قال إني عبد الله آتاني الكتاب} والمهد حجرها فلما قالوا ذلك: ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} قال: واختلف الناس فيه). [الدر المنثور: 10/46-48] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 25.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وهزي إليك بجذع النخلة} قال: حركيها). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد {وهزي إليك بجذع النخلة} قال: كانت عجوة). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن البراء أنه قرأ يساقط عليك بالياء). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ يساقط عليك بالياء يعني الجذع). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مسروق أنه قرأ {تساقط عليك رطبا جنيا} بالتاء). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {تساقط} مثقلة بالتاء). [الدر المنثور: 10/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن طلحة الإيابي أنه قرأ {تساقط عليك رطبا} مثقلة). [الدر المنثور: 10/58-59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ تسقط عليك رطبا). [الدر المنثور: 10/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {رطبا جنيا} قال: طريا). [الدر المنثور: 10/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس في قوله: {تساقط عليك رطبا جنيا} قال: بغباره.
وأخرج ابن الأنباري والخطيب عن أبي حباب مثله). [الدر المنثور: 10/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق قال: انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس فأنبت الله له رأسا وأنبت فيه رطبا وبسرا ومدببا وموزا فلما هزت النخلة سقط عليها من جميع ما فيها). [الدر المنثور: 10/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي قدام قال: أنبتت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة عند الولادة). [الدر المنثور: 10/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي والعقيلي، وابن عدي، وابن مردويه، وابن عساكر، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها، وقال صلى الله عليه وسلم: أطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران). [الدر المنثور: 10/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مماذا خلقت النخلة قال: خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم عليه السلام). [الدر المنثور: 10/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر: خرج ولدها ولدا حليما فإنه كان طعام مريم حيث ولدت عيسى ولو علم الله طعاما هو خير لها من التمر لأطعمها إياه). [الدر المنثور: 10/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن شقيق قال: لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به). [الدر المنثور: 10/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون قال ليس للنفساء خير من الرطب أو التمر وقال: إن الله قال: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} ). [الدر المنثور: 10/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم قال: ليس للنفساء عندي دواء مثل الرطب ولا للمريض مثل العسل). [الدر المنثور: 10/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب أن رسلا أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير تخرج مثل أذان الحمير ثم تشقق عن مثل اللؤلؤ الأبيض ثم تصير مثل الزمرد الأخضر ثم تصير مثل الياقوت الأحمر ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر فإن لم تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة فكتب إليه عمر أن رسلك قد صدقتك هذه الشجرة عندنا: وهي التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى). [الدر المنثور: 10/61-62]

تفسير قوله تعالى: (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إني نذرت للرحمن صوما قال في بعض الحروف صمتا وإنك لا تشاء أن تلقى امرأة جاهلة تقول نذرت كما نذرت مريم ألا تكلم يوما إلى الليل وإنما جعل الله تلك آية لمريم وابنها ولا يحل لأحد أن ينذر صمتا يوما إلى الليل وأما قوله صوما فإنها صامت من الطعام والشراب والكلام). [تفسير عبد الرزاق: 2/7]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن جريج عن عبد اللّه بن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأها: (صومًا) قال صمتا [الآية: 26]. سفيان الثوري عن التّيميّ عن أنس بن مالكٍ أنّه قرأها (صومًا صمتًا)). [تفسير الثوري: 184]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكلي واشربي وقرّي عينًا فإمّا ترينّ من البشر أحدًا فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيًّا}.
يقول تعالى ذكره: فكلي من الرّطب الّذي تساقط عليك، واشربي من ماء السّريّ الّذي جعله ربّك تحتك، ولا تخشي جوعًا ولا عطشًا {وقرّي عينًا} يقول: وطيبي نفسًا وافرحي بولادتك إيّاي ولا تحزني. ونصبت العين لأنّها هي الموصوفة بالقرار. وإنّما معنى الكلام: ولتقرر عينك بولدك، ثمّ حوّل الفعل عن العين إلى المرأة صاحبة العين، فنصبت العين إذ كان الفعل لها في الأصل على التّفسير، نظير ما فعل بقوله: {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفسًا} وإنّما هو: فإن طابت أنفسهنّ لكم. وقوله: {وضاق بهم ذرعًا} ومنه قوله: " يسّاقط عليك رطبًا جنيًّا " إنّما هو يسّاقط عليك رطب الجذع، فحوّل الفعل إلى الجذع، في قراءة من قرأه بالياء. وفي قراءة من قرأه: {تسّاقط} بالتّاء، معناه: تسّاقط عليك رطب النّخلة، ثمّ حوّل الفعل إلى النّخلة.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وقرّي}. فأمّا أهل المدينة فقرءوه: {وقرّي} بفتح القاف على لغة من قال: قررت بالمكان أقرّ به، وقررت به عينًا، أقرّ به قرورًا، وهي لغة قريشٍ فيما ذكر لي وعليها القراءة. وأمّا أهل نجدٍ فإنّها تقول قررت به عينًا أقرّ به قرارًا وقررت بالمكان أقرّ به، فالقراءة على لغتهم: " وقرّي عينًا " بكسر القاف، والقراءة عندنا على لغة قريشٍ بفتح القاف.
وقوله: {فإمّا ترينّ من البشر أحدًا} يقول: فإن رأيت من بني آدم أحدًا يكلّمك أو يسألك عن شيءٍ من أمرك وأمر ولدك وسبب ولادتكه {فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا} يقول: فقولي له: إنّي أوجبت على نفسي للّه صمتًا ألاّ أكلّم أحدًا من بني آدم اليوم {فلن أكلّم اليوم إنسيًا} وبنحو الّذي قلنا في معنى الصّوم، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول في هذه الآية {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} صمتًا.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني المغيرة بن عثمان، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} قال: صمتًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} قال: يعني بالصّوم: الصّمت.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سليمان التّيميّ، قال: سمعت أنسًا، قرأ: " إنّي نذرت للرّحمن صومًا وصمتًا ".
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} أمّا قوله: {صومًا} فإنّها صامت من الطّعام والشّراب والكلام.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {نذرت للرّحمن صومًا} يعنى صمتاً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فى قوله: {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} قال: كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطّعام، إلاّ من ذكر اللّه، فقال ذلك لها كذلك، فقالت: إنّي أصوم من الكلام كما أصوم من الطّعام، إلاّ من ذكر اللّه، فلمّا كلّموها أشارت إليه، فقالوا: {كيف نكلّم من كان في المهد صبيًّا} فأجابهم فقال: {إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب} حتّى بلغ {ذلك عيسى ابن مريم قول الحقّ الّذي فيه يمترون}.
واختلفوا في السّبب الّذي من أجله أمرها بالصّوم عن كلام البشر، فقال بعضهم: أمرها بذلك لأنّه لم يكن لها حجّةٌ عند النّاس ظاهرةٌ، وذلك أنّها جاءت وهي أيّمٌ بولدٍ بالكفّ عن الكلام ليكفيها فأمرت الكلام ولدها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هارون بن إسحاق، قال: حدّثنا مصعب بن المقدام، قال: حدّثنا إسرائيل، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن حارثة، قال: كنت عند ابن مسعودٍ، فجاء رجلان فسلّم أحدهما ولم يسلّم الآخر، فقال: ما شأنك؟ فقال أصحابه: حلف أن لا يكلّم النّاس اليوم، فقال عبد اللّه: كلّم النّاس وسلّم عليهم، فإنّ تلك امرأةٌ علمت أنّ أحدًا لا يصدّقها أنّها حملت من غير زوجٍ، يعني بذلك مريم عليها السّلام.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ لمّا قال عيسى لمريم {لا تحزني} قالت: وكيف لا أحزن وأنت معي، لا ذات زوجٍ ولا مملوكةٌ، أيّ شيءٍ عذري عند النّاس {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا} فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام {فإمّا تريّنّ من البشر أحدًا فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيًا} قال: هذا كلّه كلام عيسى لأمّه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ، {فإمّا تريّنّ من البشر أحدًا فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيًّا} فإنّي سأكفيك الكلام.
وقال آخرون: إنّما كان ذلك آيةً لمريم وابنها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إنّي نذرت للرّحمن صومًا} قال في بعض الحروف: صمتًا وإنّك لا تشأ أن تلقى امرأةً جاهلةً تقول: نذرت كما نذرت مريم ألاّ تكلّم يومًا إلى اللّيل، وإنّما جعل اللّه تلك آيةً لمريم ولابنها، ولا يحلّ لأحدٍ أن ينذر صمت يومٍ إلى اللّيل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، فقرأ: {فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا} وكانت تقرأ في الحرف الأوّل صمتًا، وإنّما كانت آيةً بعثها اللّه لمريم وابنها.
وقال آخرون: بل كانت صائمةً في ذلك اليوم، والصّائم في ذلك الزّمان كان يصوم عن الطّعام والشّراب وكلام النّاس، فأذن لمريم في قدر هذا الكلام ذلك اليوم وهي صائمةٌ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فإمّا تريّنّ من البشر أحدًا} يكلّمك {فقولي إنّي نذرت للرّحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيًّا} فكان من صام في ذلك الزّمان لم يتكلّم حتّى يمسي، فقال لها: لا تزيدي على هذا). [جامع البيان: 15/515-520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واذكر في الكتاب مريم} يقول: قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب {إذ انتبذت} يعني خرجت {من أهلها مكانا شرقيا} قال: كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق {فاتخذت من دونهم حجابا} وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة ويبشرها بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها {حجابا} يعني جبلا فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس {فأرسلنا إليها روحنا} يعني جبريل {فتمثل لها بشرا} في صورة الآدميين {سويا} يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه فلما نظرت إليه قائما بين يديها، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد استزه فمن ثم قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} يعني إن كنت تخاف الله، قال جبريل: وتبسم {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} يعني لله مطيعا من غير بشر، {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} يعني زوجا {ولم أك بغيا} أي مومسة، قال جبريل: {كذلك} يعني هكذا {قال ربك هو علي هين} يعني خلقه من غير بشر، {ولنجعله آية للناس} يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول الله، {وكان أمرا مقضيا} يعني كائنا أن يكون من غير بشر، فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن فذلك قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا} والسري الجدول، وحمل الجذع من ساعته {رطبا جنيا} فناداها من تحتها جبريل {وهزي إليك بجذع النخلة} لم يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله: {تساقط عليك رطبا جنيا} يعني طريا بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الجدول {وقري عينا} بولدك، فقال: فكيف بي إذا سألوني من أين هذا،، قال لها جبريل: {فإما ترين} يعني فإذا رأيت {من البشر أحدا} فأعنتك في أمرك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} يعني صمتا في أمر عيسى {فلن أكلم اليوم إنسيا} في أمره، حتى يكون هو الذي يعبر عني وعن نفسه، قال: ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال: لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها مع زكريا، فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل: إني رأيتها في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته فانطلقوا إليه فذلك قول الله: {فأتت به قومها تحمله} قال ابن عباس: لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله: {فأتت به قومها تحمله} أي لا تخاف ريبة ولا تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} يعني عظيما {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} يعني زانية، فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح {فأشارت إليه} تقول لهم: أن كلموه فإنه سيخبركم {إني نذرت للرحمن صوما} أن لا أكلمكم في أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه وكان عبرة لهم فقال: {إني عبد الله} فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال: إني أشهد أنك عبد الله ورسوله، لتصديق قول الله: {مصدقا بكلمة من الله} فقال عيسى: {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} إليكم {وجعلني مباركا أين ما كنت} قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما توجه {وأوصاني بالصلاة والزكاة} يعني وأمرني {وبرا بوالدتي} فلا أعقها، قال ابن عباس حين قال: {وبرا بوالدتي} قال: زكريا: الله أكبر فأخذه فضمه إلى صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر {ولم يجعلني جبارا شقيا} يعني متعظما سفاكا للدم، {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقول الله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ مبلغ الناس). [الدر المنثور: 10/42-45] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 26
أخرج ابن مردويه، وابن المنذر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {إني نذرت للرحمن صوما} قال: صمتا.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي مثله). [الدر المنثور: 10/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا). [الدر المنثور: 10/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا وقال: ليس إلا أن حملت فوضعت). [الدر المنثور: 10/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {إني نذرت للرحمن صوما} قال: كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام إلا من ذكر الله). [الدر المنثور: 10/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن حارثة بن مضرب قال: كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ثم جلسا، فقال القوم: ما لصاحبك لم يسلم قال: إنه نذر صوما لا يكلم اليوم إنسيا، فقال عبد الله: بئس ما قلت إنما كانت تلك المرأة فقالت ذلك ليكون عذرا لها إذا سئلت - وكانوا ينكرون أن يكون ولد من غير زوج إلا زنا - فتكلم وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر فإنه خير لك). [الدر المنثور: 10/63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال: في قراءة أبي بن كعب {إني نذرت للرحمن صوما} صمتا). [الدر المنثور: 10/63]


رد مع اقتباس