عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:06 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار قال القنطار مائة رطل من ذهب أو ثمانون ألف درهم من ورق قال معمر وقال الكلبي القنطار ملء مسك ثور ذهبا). [تفسير عبد الرزاق: 1/123]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا عمر بن حوشب عن عطاء الخراساني قال سئل ابن عمر كم القنطار قال سبعون ألفا). [تفسير عبد الرزاق: 1/123]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ما دمت عليه قائما قال تقتضيه إياه). [تفسير عبد الرزاق: 1/123]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ليس علينا في الأمين سبيل قال ليس علينا في المشركين سبيل يعنون من ليس من أهل الكتاب). [تفسير عبد الرزاق: 1/123]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن صعصعة بن
[تفسير عبد الرزاق: 1/123]
معاوية أنه سأل ابن عباس فقال إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة قال ابن عباس فتقولون ماذا قالوا نقول ليس علينا بأس في ذلك قال هذا كما قال أهل الكتاب ليس علينا في الأمين سبيل إنهم إذا أدوا الجزية لم تحلل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/124]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطارٍ يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينارٍ لا يؤدّه إليك إلاّ ما دمت عليه قائمًا ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون}
وهذا الخبر من اللّه عزّ وجلّ أنّ من أهل الكتاب، وهم اليهود من بني إسرائيل أهل أمانةٍ يؤدّونها ولا يخونونها، ومنهم الخائن أمانته، الفاجر في يمينه المستحلّ.
فإن قال قائلٌ: وما وجه إخبار اللّه عزّ وجلّ بذلك نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد علمت أنّ النّاس لم يزالوا كذلك منهم المؤدّي أمانته والخائنها؟
قيل: إنّما أراد جلّ وعزّ بإخباره المؤمنين خبرهم على ما بيّنه في كتابه بهذه الآيات تحذيرهم أن يأتمنوهم على أموالهم، وتخويفهم الاغترار بهم، لاستحلال كثيرٍ منهم أموال المؤمنين.
فتأويل الكلام: ومن أهل الكتاب الّذي إن تأمنه يا محمّد على عظيمٍ من المال كثيرٍ يؤدّه إليك، ولا يخنك فيه؛ ومنهم الّذي إن تأمنه على دينارٍ يخنك فيه، فلا يؤدّه إليك إلاّ أن تلحّ عليه بالتّقاضي والمطالبة.
والباء في قوله: {بدينارٍ}، وعلى يتعاقبان في هذا الموضع، كما يقال: مررت به، ومررت عليه.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {إلاّ ما دمت عليه قائمًا} فقال بعضهم: إلاّ ما دمت له متقاضيًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إلاّ ما دمت عليه قائمًا} إلاّ ما طلبته واتّبعته.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إلاّ ما دمت عليه قائمًا} قال: تقتضيه إيّاه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إلاّ ما دمت عليه قائمًا} قال: مواكظا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا ما دمت عليه قائمًا على رأسه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {إلاّ ما دمت عليه قائمًا} يقول: يعترف بأمانته ما دمت قائمًا على رأسه، فإذا قمت ثمّ جئت تطلبه كافرك الّذي يؤدّي، والّذي يجحد
وأولى القولين بتأويل الآية قول من قال: معنى ذلك: إلاّ ما دمت عليه قائمًا بالمطالبة والاقتضاء، من قولهم: قام فلانٌ بحقّي على فلانٍ حتّى استخرجه لي، أي عمل في تخليصه، وسعى في استخراجه منه حتّى استخرجه؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما وصفهم باستحلالهم أموال الأمّيّين، وأنّ منهم من لا يقضي ما عليه إلاّ بالاقتضاء الشّديد والمطالبة، وليس القيام على رأس الّذي عليه الدّين، بموجبٍ له النّقلة عمّا هو عليه من استحلال ما هو له مستحلٌّ، ولكن قد يكون مع استحلاله الذّهاب بما عليه لربّ الحقّ إلى استخراجه السّبيل بالاقتضاء والمحاكمة والمخاصمة، فذلك الاقتضاء: هو قيام ربّ المال باستخراج حقّه ممّن هو عليه). [جامع البيان: 5/508-510]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: أنّ من استحلّ الخيانة من اليهود وجحود حقوق العربيّ الّتي هي له عليه، فلم يؤدّ ما ائتمنه العربيّ عليه إليه إلاّ ما دام له متقاضيًا مطالبًا، من أجل أنّه يقول: لا حرج علينا فيما أصبنا من أموال العرب، ولا إثم؛ لأنّهم على غير الحقّ، وأنّهم مشركون.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو قولنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} الآية، قالت اليهود: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيلٌ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} قال ليس علينا في المشركين سبيلٌ، يعنون: من ليس من أهل الكتاب.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} قال: يقال له: ما بالك لا تؤدّي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرجٌ في أموال العرب، قد أحلّها اللّه لنا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، لمّا نزلت: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطارٍ يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينارٍ لا يؤدّه إليك إلاّ ما دمت عليه قائمًا ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: كذب أعداء اللّه ما من شيءٍ كان في الجاهليّة إلاّ وهو تحت قدميّ، إلاّ الأمانة فإنّها مؤدّاةٌ إلى البرّ والفاجر
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشام بن عبيد اللّه، عن يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: لمّا قالت اليهود: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} يعنون أخذ أموالهم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ ذكر نحوه، إلاّ أنّه قال: إلاّ وهو تحت قدميّ هاتين، إلاّ الأمانة فإنّها مؤدّاةٌ ولم يزد على ذلك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} وذلك أنّ أهل الكتاب كانوا يقولون: ليس علينا جناحٌ فيما أصبنا من هؤلاء؛ لأنّهم أمّيّون، فذلك قوله: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} إلى آخر الآية وقال آخرون في ذلك ما:
- حدّثنا به القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} قال: بايع اليهود رجالٌ من المسلمين في الجاهليّة فلمّا أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم، فقالوا: ليس لكم علينا أمانةٌ، ولا قضاء لكم عندنا؛ لأنّكم تركتم دينكم الّذي كنتم عليه، وادّعوا أنّهم وجدوا ذلك في كتابهم فقال اللّه عزّ وجلّ: {ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صعصعة، قال: قلت لابن عبّاسٍ: إنّا نغزو أهل الكتاب، فنصيب من ثمارهم؟ قال: وتقولون كما قال أهل الكتاب: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ}؟.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن صعصعة، أنّ رجلاً سأل ابن عبّاسٍ فقال: إنّا نصيب في الغرف أو العذق الشّكّ من الحسن من أموال أهل الذّمّة الدّجاجة والشّاة، فقال ابن عبّاسٍ: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأسٌ قال: هذا كما قال أهل الكتاب: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ} إنّهم إذا أدّوا الجزية لم تحلّ لكم أموالهم إلاّ بطيب أنفسهم). [جامع البيان: 5/510-513]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ القائلين منهم ليس علينا في أموال الأمّيّين من العرب حرجٌ أن نختانهم إيّاه، يقولون بقيلهم: إنّ اللّه أحلّ لنا ذلك، فلا حرج علينا في خيانتهم إيّاه، وترك قضائهم الكذب على اللّه عامدين الإثم بقيل الكذب على اللّه أنّه أحلّ ذلك لهم، وذلك قوله عزّ وجلّ: {وهم يعلمون}.
- كما: حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: فيقول على اللّه الكذب وهو يعلم، يعني الّذي يقول منهم إذا قيل له: ما لك لا تؤدّي أمانتك؟: ليس علينا حرجٌ في أموال العرب، قد أحلّها اللّه لنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون} يعني ادّعاءهم أنّهم وجدوا في كتابهم قولهم: {ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ}). [جامع البيان: 5/513-514]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطارٍ يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينارٍ لا يؤدّه إليك إلّا ما دمت عليه قائمًا ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون (75)
قوله تعالى: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطارٍ يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينارٍ لا يؤدّه إليك
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطارٍ يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينارٍ لا يؤدّه إليك فقال: كانت تكون ديونٌ لأصحاب محمّدٍ إن أمسكناها، وهم أهل الكتاب أمروا أن يؤدّوا إلى كلّ مسلمٍ عهده.
- أخبرنا سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، الحمصيّ فيما كتب إليّ، ثنا بقيّة، عن زياد بن الهيثم، حدّثني مالك بن دينارٍ قال: إنّما سمّي الدّينار لأنّه دينٌ ونارٌ.
قال: معناه: إنّ من أخذه بحقّه فهو دينه، ومن أخذه بغير حقّه فله النّار.
وقد تقدّم تفسير القنطار في أوّل سورة آل عمران.
قوله تعالى إلّا ما دمت عليه قائما
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: إلا ما دمت عليه قائمًا مواظبًا. قال أبو محمّدٍ: وروي عن عطاءٍ مثل ذلك.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، عن معمرٍ، عن قتادة ما دمت عليه قائمًا قال: تقتضيه إيّاه.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن الرّبيع بن أنسٍ وقتادة أنّهما قالا: إلا ما طلبته واتّبعته.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ما دمت عليه قائمًا يقول: معترفٌ بأمانته ما دمت عليه قائمًا على رأسه، فإذا قمت ثمّ جئت تطلبه كافرك الّذي يؤدّي، والّذي يجحد
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن الضّحّاك، ثنا سويدٌ يعني: ابن عبد العزيز، ثنا عبد الملك بن النّعمان قال: سمعت نمير بن أوسٍ يقول إلا ما دمت عليه قال: البيّنة.
قوله تعالى: ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن صعصعة بن يزيد قال سألت ابن عبّاسٍ قلت: إنّا نسير في أرض أهل الذّمّة فنصيب منهم بغير ثمنٍ قال: فما تقولون؟ نقول لا بأس به. قال: أنتم تقولون كما قال أهل الكتاب: ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو الرّبيع الزّهرانيّ، ثنا يعقوب أنبأ جعفرٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: لمّا قال أهل الكتاب: ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ قال نبيّ اللّه: كذب أعداء اللّه ما من شيءٍ كان في الجاهليّة إلا وهو تحت قدميّ هاتين، إلا الأمانة فإنّها مؤدّاةٌ إلى البرّ والفاجر.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ذلك بأنّهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل قال: فيقول له المؤمن ما بالك لا تؤدّي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرجٌ في أموال العرب سبيلٌ، قد أحلّها اللّه لنا.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن الرّبيع بن أنسٍ قال: قالت اليهود: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيلٌ.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريحٍ في قوله: ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ قال: بايعهم ناسٌ من المسلمين في الجاهليّة فقالوا: ليس علينا أمانةٌ، ولا قضاء لكم عندنا لأنّكم تركتم دينكم الّذي كنتم عليه، وادعوا ذلك في كتابكم قال: ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة ليس علينا في الأمّيّين سبيلٌ قالوا: ليس علينا في المشركين سبيلٌ يعنون: من ليس من أهل الكتاب.
قوله تعالى: ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون فيقول: ليس علينا حرجٌ في أموال العرب سبيلٌ قد أحلّها اللّه لنا فيقول على اللّه الكذب وهو يعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/683-685]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إلا ما دمت عليه قائما قال يعني مواظبا). [تفسير مجاهد: 129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيتان 75 – 76
أخرح عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في قوله {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} قال: هذا من النصارى !
{ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك} قال: هذا من اليهود {إلا ما دمت عليه قائما} قال: إلا ما طلبته واتبعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك} قال: كانت تكون ديون لأصحاب محمد عليهم فقالوا: ليس علينا سبيل في أموال أصحاب محمد إن أمسكناها، وهم أهل الكتاب أمروا أن يؤدوا إلى كل مسلم عهده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: إنما سمي الدينار لأنه دين ونار قال: معناه أن من أخذه بحقه فهو دينه ومن أخذه بغير حقه فله النار.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الدرهم لم سمي درهما وعن الدينار لم سمي دينارا قال: أما الدرهم فكان يسمى دارهم وأما الدينار فضربته المجوس فسمي دينارا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {إلا ما دمت عليه قائما} قال: مواظبا
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {إلا ما دمت عليه قائما} يقول: يعترف بأمانته ما دمت عليه قائما على رأسه فإذا قمت ثم جئت تطلبه كافرك الذي يؤدي والذي يجحد.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} قال: قالت اليهود: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: يقال له ما بالك لا تؤدي أمانتك فيقول: ليس علينا حرج في أموال العرب قد أحلها الله لنا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت {ومن أهل الكتاب} إلى قوله {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن صعصة أنه سأل ابن عباس فقال: إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، قال ابن عباس: فتقولون ماذا قال: نقول ليس علينا في ذلك من بأس، قال: هذا كما قال أهل الكتاب {ليس علينا في الأميين سبيل} إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال: بايع اليهود رجال من المسلمين في الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم فقالوا: ليس علينا أمانة ولا قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم فقال الله {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}). [الدر المنثور: 3/628-631]

تفسير قوله تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بلى من أوفى بعهده واتّقى فإنّ اللّه يحبّ المتّقين}
وهذا إخبارٌ من اللّه عزّ وجلّ عمّا لمن أدّى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتّقاء اللّه ومراقبته عنده، فقال جلّ ثناؤه: ليس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون على اللّه من اليهود، من أنّه ليس عليهم في أموال الأمّيّين حرجٌ ولا إثمٌ، ثمّ قال بلى، ولكن من أوفى بعهده واتّقى، يعني ولكنّ الّذي أوفى بعهده، وذلك وصيّته إيّاهم، الّتي أوصاهم بها في التّوراة من الإيمان بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما جاءهم به، والهاء في قوله: {من أوفى بعهده} عائدةٌ على اسم اللّه في قوله: {ويقولون على اللّه الكذب} يقول: بلى من أوفى بعهد اللّه الّذي عاهده في كتابه، فآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وصدّق به، بما جاء به من اللّه من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها، وغير ذلك من أمر اللّه ونهيه، و{واتّقى} يقول: واتّقى ما نهاه اللّه عنه من الكفر به وسائر معاصيه الّتي حرّمها عليه، فاجتنب ذلك مراقبة وعيد اللّه، وخوف عقابه {فإنّ اللّه يحبّ المتّقين} يعني: فإنّ اللّه يحبّ الّذين يتّقونه فيخافون عقابه، ويحذرون عذابه، فيجتنبون ما نهاهم عنه، وحرّمه عليهم، ويطيعونه فيما أمرهم به
وقد روي عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقول: هو اتّقاء الشّرك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بلى من أوفى بعهده واتّقى} يقول: اتّقى الشّرك؛ {إنّ اللّه يحبّ المتّقين} يقول: الّذين يتّقون الشّرك
وقد بيّنّا اختلاف أهل التّأويل في ذلك، والصّواب من القول فيه بالأدلّة الدّالّة عليه فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته). [جامع البيان: 5/514-515]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (بلى من أوفى بعهده واتّقى فإنّ اللّه يحبّ المتّقين (76)
قوله تعالى: بلى من أوفى بعهده واتّقى
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: بلى من أوفى بعهده واتّقى قال:
أمروا أن يؤدّوا إلى كلّ مسلمٍ عهده.
قوله تعالى: فإنّ اللّه يحبّ المتّقين
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، ثنا أبو عقيلٍ عبد اللّه بن عقيلٍ، عن عبد اللّه بن يزيد، عن ربيع بن يزيد، وعطيّة بن قيسٍ، عن عطيّة السّعديّ وكان من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يكون الرّجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرًا لما به البأس.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن عمران الأصبهانيّ، ثنا إسحاق بن سليمان يعني الرّازيّ عن المغيرة بن مسلمٍ، عن ميمونٍ أبي حمزة قال: كنت جالسًا عند أبي وائلٍ، فدخل رجلٌ يقال له أبو عفيفٍ من أصحاب معاذٍ، فقال له شقيق بن سلمة: ألا تحدّثنا عن معاذ بن جبلٍ؟ قال: بلى، سمعته يقول: يحبس النّاس يوم القيامة في بقيعٍ واحدٍ فينادي منادٍ: أين المتّقون؟ فيقومون في كنف الرّحمن لا يحتجب اللّه منهم ولا يستتر. قلت: من المتّقون؟ قال: قومٌ اتّقوا الشّرك وعبادة الأوثان وأخلصوا للّه العبادة فيمرّون إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/685-686]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس {بلى من أوفى بعهده واتقى} يقول: اتقى الشرك {فإن الله يحب المتقين} يقول الذين يتقون الشرك). [الدر المنثور: 3/628-631]


رد مع اقتباس