عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 08:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إذا الشّمس كوّرت * وإذا النّجوم انكدرت * وإذا الجبال سيّرت * وإذا العشار عطّلت * وإذا الوحوش حشرت * وإذا البحار سجّرت * وإذا النّفوس زوّجت * وإذا الموؤودة سئلت * بأيّ ذنبٍ قتلت * وإذا الصّحف نشرت * وإذا السّماء كشطت * وإذا الجحيم سعّرت * وإذا الجنّة أزلفت * علمت نفسٌ مّا أحضرت}.
هذه كلّها أوصاف يوم القيامة.
و(تكوير الشمس) هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء اللّه تعالى، كما يدار كور العمامة، وعبّر المفسرون عن ذلك بعباراتٍ؛ فمنهم من قال: ذهب نورها. ومنهم من قال: رمي بها. قاله الرّبيع بن خثيمٍ، وغير ذلك ممّا هو أشياء تابعةٌ لتكويرها). [المحرر الوجيز: 8/ 544]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(انكدار النجوم) هو انقضاضها وهبوطها من مواضعها، ومنه قول الراجز:
أبصر خربان فضاءٍ فانكدر ....... تقضّي البازي إذا البازي كسر
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: {انكدرت}: تغيّرت. من قولهم: ماءٌ كدرٌ. أي: متغيّر اللون). [المحرر الوجيز: 8/ 544-545]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(تسيير الجبال) قيل: هو نسفها، وإنما ذلك في صدر هول يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 8/ 545]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{العشار}: جمع عشراء، وهي الناقة التي قد مرّ لحملها عشرة أشهرٍ، وهي أنفس ما عند العرب، وتهمّمهم بها عظيمٌ؛ للرغبة في نسلها، فإنما تعطّل عند شدة الأهوال.
وقرأ مضر عن اليزيديّ: (عطلت) بتخفّف الطاء). [المحرر الوجيز: 8/ 545]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(حشر الوحوش) هو جمعها. واختلف الناس في هذا الجمع، ما هو؟ فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: هو حشرها بالموت؛ لأنّها لا تبعث يوم القيامة، ولا يحضر القيامة غير الثّقلين.
وقال قتادة وجماعةٌ: حشرت للجمع يوم القيامة، ويقتصّ للجمّاء من القرناء. فجعلوا ألفاظ الحديث حقيقةً لا مجازاً؛ مثالاً في العدل.
وقال أبيّ ابن كعبٍ: حشرت في الدنيا في أوّل هول يوم القيامة؛ فإنها تفرّ في الأرض، وتجتمع إلى بني آدم؛ تأنّساً بهم.
وقرأ الحسن: (حشّرت) بشدّ الشين على المبالغة). [المحرر الوجيز: 8/ 545]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(تسجير البحار) قال قتادة، والضّحّاك: معناه: فرّغت من مائها وذهبت حيث شاء اللّه تعالى.
وقال الحسن: يبست. وقال الرّبيع بن خيثمٍ: معناه: ملئت وفاضت وفجّرت من أعاليها.
وقال أبيّ بن كعبٍ، وسفيان، ووهبٌ، وابن زيدٍ: معناه: أضرمت ناراً كما يسجّر التّنّور.
وقال ابن عبّاسٍ: جهنّم في البحر الأخضر.
ويحتمل أن يكون المعنى: ملكت وقيّد اضطرابها؛ حتى لا تخرج على الأرض بسبب الهول. فتكون اللفظة مأخوذةً من (ساجور الكلب).
وقيل: هذه بحار نارٍ في جهنّم تسجّر يوم القيامة. وقد تقدّم نظير هذه الأقوال منصوصةً لأهل العلم في قوله تعالى: {والبحر المسجور}.
وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو: (سجرت) بتخفيف الجيم. وقرأ الباقون بشدّها، وهي مترجّحةٌ بكون البحار جمعاً، كما قال تعالى: {كتاباً يلقاه منشوراً}. وكما قال سبحانه: {صحفاً منشّرةً}، ومثله: {قصرٍ مشيدٍ} و {بروجٍ مشيّدةٍ}؛ لأنها جماعةٌ.
وذهب قومٌ من الملحدين إلى أنّ هذه الأشياء المذكورة استعاراتٌ في كلّ ابن آدم وأحوالٌ له عند موته؛ فالشمس نفسه، والنجوم عيناه وحواسّه، والعشار ساقاه. وهذا قول سوءٍ وخيمٌ غثٌّ ذاهبٌ إلى إثبات الرموز في كتاب اللّه تعالى). [المحرر الوجيز: 8/ 545-546]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(تزويج النّفوس) هو تنويعها؛ لأنّ الأزواج هي الأنواع، والمعنى: جعل الكافر مع الكافر، والمؤمن مع المؤمن، وكلّ شكلٍ مع شكله. رواه النّعمان بن بشيرٍ، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقاله عمر بن الخطّاب وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم، وقال: هذا نظير قوله تعالى: {وكنتم أزواجاً ثلاثةً}. وفي الآية على هذا حضٌّ على دليل الخير، فقد قال صلّى اللّه عليه وسلّم:
«المرء مع من أحبّ». وقال عليه الصلاة والسلام: «فلينظر أحدكم من يخالل». وقال اللّه عزّ وجلّ: {الأخلاّء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلاّ المتّقين}.
وقال مقاتل بن سليمان: زوّجت نفوس المؤمنين بزوجاتهم من الحور العين وغيرهنّ. وقال عكرمة والضّحّاك والشّعبيّ: زوّجت الأرواح بالأجساد. وقرأ عاصمٌ: (زووجت) غير مدغمٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 546-547]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الموءودة) اسمٌ معناه: المثقل عليها، ومنه: {ولا يؤوده}.
ومنه: (اتّئد) أي: توقّر واثقل.
وعرف هذا الاسم في البنات اللواتي كان قومٌ من العرب يدفنونهنّ أحياءً؛ يحفر الرّجل شبه البئر أو القبر، ثمّ يسوق ابنته فيلقيها فيها، وإذا كانت صغيرةً جدًّا خدّ لها في الأرض ودفنها، وبعضهم كان يفعل ذلك خشية الإملاق وعدم المال، وبعضهم غيرةً وكراهيةً للبنات وجاهليّةً.
- وقرأ الجمهور: {الموءودة} بهمزةٍ، من (وأد)، وفي حرف ابن مسعودٍ: (وإذا الماوودة)، وقرأ البزّيّ: (المؤودة) بهمزةٍ مضمومةٍ على الواو، مثل (المعوذة)، وقرأ بعض القرّاء: (الموودة) بضمّ الواو الأولى، وتسهيل الهمزة.
- وقرأ الأعمش: (المودة) بسكون الواو، على وزن: (الفعلة)، وقرأ بعض السلف: (المودّة) بفتح الواو والدال المشدّة، جعل البنت مودّةً.
- وقرأ جمهور الناس: {سئلت} وهذا على وجه التوبيخ للعرب الفاعلين ذلك؛ لأنّها تسأل ليصير الأمر إلى سؤال الفاعلين، ويحتمل أن تكون مسئولاً عنها مطلوباً الجواب منهم، كما قال تعالى: {إنّ العهد كان مسئولاً}، وكما سئل التّراث والحقوق.
- وقرأ ابن عبّاسٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وجابر بن زيدٍ، وأبو الضّحى، ومجاهدٌ، وجماعةٌ كبيرةٌ؛ منهم ابن مسعودٍ، والرّبيع بن خثيمٍ: (سألت).
ثمّ اختلف هؤلاء؛ فقرأ أكثرهم: {قتلت} بفتح اللام، وسكون التاء الثانية، وقرأ أبو جعفرٍ: (قتّلت) بشدّ التاء على المبالغة.
- وقرأ ابن عبّاسٍ، وجابرٌ، وأبو الضّحى، ومجاهدٌ: (قتلت) بسكون اللام وضمّ التاء الثانية، وقرأ الأعرج: (سيلت) بكسر السين وفتح اللام، دون همزٍ.
واستدلّ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما بهذه الآية في أنّ أولاد المشركين في الجنّة؛ لأنّ اللّه تعالى قد انتصر لهم ممّن ظلمهم). [المحرر الوجيز: 8/ 547-548]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الصّحف المنشورة) قيل: هي صحف الأعمال تنشر ليقرأ كلّ امرئٍ كتابه. وقيل: هي الصحف التي تتطاير بالأيمان والشمائل للجزاء. وقرأ نافعٌ، وابن عامرٍ، وعاصمٌ، وأبو جعفرٍ، والأعرج، وشيبة، والحسن، وأبو رجاءٍ، وقتادة: {نشرت} بتخفيف الشين المكسورة، وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، وحمزة، والكسائيّ: (نشّرت) بشدّ الشين على المبالغة). [المحرر الوجيز: 8/ 548]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الكشط): التقشير، وذلك كما يكشط جلد الشاة حين تسلخ، وكشط السماء هو طيّها كطيّ السّجلّ. وفي مصحف عبد اللّه بن مسعودٍ: (قشطت) بالقاف، وهما بمعنًى واحدٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 548]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{سعّرت} معناه: أضرمت نارها، وقرأ نافعٌ، وابن عامرٍ، وحفصٌ عن عاصمٍ: {سعّرت} بشدّ العين، وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، وحمزة، والكسائيّ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ بتخفيفها، وهي قراءة عليّ بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنه-، وقال قتادة: سعّرها غضب اللّه عزّ وجلّ وذنوب بني آدم.
و{أزلفت} معناه: قرّبت ليدخلها المؤمنون. وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وجماعةٌ من المفسّرين: إلى هذين ما انتهى الحديث. وذلك أنّ الغرض المقصود بقوله تعالى: {وإذا}، {وإذا} في جميع ما ذكرنا إنما تمّ بقوله تعالى:{علمت نفسٌ ما أحضرت} أي: ما أحضرت من شرٍّ فدخلت به جهنم، أو من خيرٍ فدخلت به الجنّة.
و{نفسٌ} هنا اسم جنسٍ، أي: علمت النفوس، ووقع الإفراد لينبّه الذّهن على حقارة المرء الواحد، وقلّة دفاعه عن نفسه). [المحرر الوجيز: 8/ 548-549]


رد مع اقتباس