عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:02 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتّى تأتيهم البيّنة * رسولٌ مّن اللّه يتلو صحفًا مّطهّرةً * فيها كتبٌ قيّمةٌ * وما تفرّق الّذين أوتوا الكتاب إلّا من بعد ما جاءتهم البيّنة * وما أمروا إلّا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين حنفاء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة وذلك دين القيّمة}
في حرف أبيٍّ: (ما كان للّذين)، وفي حرف ابن مسعودٍ: (لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكّين).
وقوله تعالى: {منفكّين} معناه: منفصلين متفرّقين، تقول: (انفكّ الشيء عن الشيء) إذا انفصل عنه، و(ما انفكّ) التي هي من أخوات (كان) لا مدخل لها في هذه الآية، ونفى في هذه الآية أن تكون هذه الصيغة منفكّةً.
واختلف الناس عن ماذا؟ قال مجاهدٌ وغيره:
«لم يكونوا منفكّين عن الكفر والضلال حتى جاءتهم البيّنة، وأوقع المستقبل موقع الماضي في {تأتيهم}؛ لأنّ باقي الشريعة وعظمها لم يرد بعد».
وقال الفرّاء وغيره:
«لم يكونوا منفكّين عن معرفة صحّة نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والتوكف لأمره حتى جاءتهم البيّنة، فتفرّقوا عند ذلك، وذهب بعض النّحويّين إلى أنّ هذا النفي المتقدّم مع {منفكّين} يجعلها تلك التي هي مع (كان)، ويرى التقدير في خبرها: عارفين لأمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أو نحو هذا».
ويتّجه في معنى الآية قولٌ ثالثٌ بارع المعنى، وذلك أن يكون المراد: لم يكن هؤلاء القوم منفكّين من أمر اللّه تعالى وقدرته ونظره لهم حتى يبعث إليهم رسولًا منذرًا، تقوم عليهم به الحجّة، وتتمّ على من آمن النعمة، فكأنه تعالى قال: ما كانوا ليتركوا سدًى، ولهذا نظائر في كتاب اللّه تعالى.
وقرأ بعض الناس: (والمشركون) بالرفع، وقرأ الجمهور: {والمشركين} بالخفض، ومعناهما بيّنٌ.
و(البيّنة) معناه: القصّة البيّنة والجليّةٌ، والمراد محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المحرر الوجيز: 8/ 662-663]

تفسير قوله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: {رسولٌ} بالرفع، وقرأ أبيّ بن كعبٍ: (رسولًا) بالنصب على الحال.
والصّحف المطهّرة: القرآن في صحفه. قاله الضّحّاك، وقتادة، وقال الحسن: «الصّحف المطهّرة في السماء»). [المحرر الوجيز: 8/ 663]

تفسير قوله تعالى: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فيها كتبٌ قيّمةٌ} فيه حذف مضافٍ، تقديره: فيها أحكام كتبٍ قيّمةٍ.
و{قيّمةٌ} معناه: قائمةٌ معتدلةٌ، آخذةٌ للناس بالعدل، وهو بناء مبالغةٍ، فإلى {قيّمةٌ} هو ذكر من آمن من الطائفتين). [المحرر الوجيز: 8/ 663]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ ذكر تعالى مذمّة من لم يؤمن من أهل الكتاب من بني إسرائيل من أنهم لم يتفرّقوا في أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم إلاّ من بعد ما رأوا الآيات الواضحة، وكانوا من قبل مصفقين على نبوّته وصفته، فلمّا جاء من العرب حسدوه). [المحرر الوجيز: 8/ 663]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {مخلصين} بكسر اللام، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: (مخلصين) بفتح اللام، وكأنّ {الدّين} على هذه القراءة منصوبٌ بـ {يعبدوا} أو بمعنًى يدلّ عليه، على أنه كالظرف أو الحال، وفي هذا نظرٌ، وقيل لعيسى عليه السلام:
«من المخلص له تعالى؟» قال: «الذي يعمل له تعالى ولا يحبّ أن يحمده الناس عليه».
و{حنفاء} جمع (حنيفٍ)، وهو المستقيم المائل إلى طريق الخير. قال ابن جبيرٍ:
«لا تسمّي العرب حنيفًا إلا من حجّ واختتن».
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما:
«{حنفاء} حجّاجًا مسلمين».
و{حنفاء} نصب على الحال.
وكون الزكاة مع الصلاة في هذه الآية، مع ذكر بني إسرائيل فيها يقوّي قول من قال: السورة مدنيةٌ. لأنّ الزكاة إنما فرضت بالمدينة، ولأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إنما دفع إلى مناقضة أهل الكتاب بالمدينة.
وقرأ الجمهور: {وذلك دين القيّمة} على معنى: الجماعة القيّمة، أو الفرقة القيّمة. وقال محمّد بن الأشعث الطّالقانيّ: {القيّمة} هنا: الكتب التي جرى ذكرها.
وقرأ بعض الناس: (وذلك الدّين القيّمة)، والهاء في (القيّمة) على هذه القراءة بناء مبالغةٍ، كعلاّمةٍ ونسّابةٍ، ويتّجه ذلك أيضًا على أن تجعل (الدّين) بمنزلة الملّة). [المحرر الوجيز: 8/ 663-664]


رد مع اقتباس