عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور «فوقاهم» بتخفيف القاف. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «فوقّاهم» بشد القاف. و «النضرة»: جمال البشرة، وذلك لا يكون إلا مع فرح النفس وقرة العين). [المحرر الوجيز: 8/ 492]

تفسير قوله تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ علي بن أبي طالب «وجازاهم» بألف، وقوله بما صبروا، عام عن الشهوات وعلى الطاعات والشدائد، ففي هذا يدخل كل ما خصص الناس من صوم وفقر ونحوه). [المحرر الوجيز: 8/ 492]

تفسير قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومتّكئين حال من الضمير المنصوب في جزاهم وهو الهاء والميم، وقرأ أبو جعفر وشيبة «متكيين» بغير همز، و «الأرائك» السرر المستورة بالحجال، هذا شرط لبعض اللغويين، وقال بعض اللغويين: كل ما يتوسد ويفترش مما له حشو فهو أريكة وإن لم يكن في حجلة، وقوله تعالى: لا يرون فيها الآية عبارة عن اعتدال مس هوائها وذهاب ضرري الحر والقر عنها، وكون هوائها سجسجا كما في الحديث المأثور ومس الشمس وهو أشد الحر، و «الزمهرير»: هو أشد البرد، وقال ثعلب: «الزمهرير» بلغة طيّئ القمر). [المحرر الوجيز: 8/ 492]

تفسير قوله تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً (14) ويطاف عليهم بآنيةٍ من فضّةٍ وأكوابٍ كانت قواريرا (15) قواريرا من فضّةٍ قدّروها تقديراً (16) ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً (17) عيناً فيها تسمّى سلسبيلاً (18) ويطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً (19) وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً وملكاً كبيراً (20)
اختلف النحويون في إعراب قوله تعالى: ودانيةً، فقال الزجاج وغيره: هو حال عطفا على متّكئين [الإنسان: 13]، وقال أيضا: ويجوز أن يكون صفة للجنة، فالمعنى وجزاهم جنة دانية. وقرأ جمهور الناس «دانية». وقرأ الأعمش «ودانيا عليهم». وقرأ أبو جعفر «ودانية» بالرفع. وقرأ أبيّ بن كعب «ودان» مفرد مرفوع في الإعراب، ودنو الظلال بتوسط أنعم لها، لأن الشيء المظل إذا بعد فترة ظله لا سيما من الأشجار والتذليل أن تطيب الثمرة فتتدلى وتنعكس نحو الأرض، و «التذليل» في الجنة هو بحسب إرادة ساكنيها. قال قتادة ومجاهد وسفيان: إن كان الإنسان قائما تناول الثمر دون كلفة وإن كان قاعدا فكذلك.
وإن كان مضطجعا فكذلك. فهذا تذليلها لا يرد اليد عنها بعد ولا شوك. ومن اللفظة قول امرئ القيس: [الطويل]
... ... ... ... = كأنبوب السقي المذلل
ومنه قول الأنصاري: والنخل قد ذللت فهي مطوقة بثمرها. و «القطوف»: جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ونحوه). [المحرر الوجيز: 8/ 493]

تفسير قوله تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و«آنية» جمع إناء. و«الكوب» ما لا عروة له ولا أذن من الأواني. وهي معروفة الشكل في تلك البلاد. وهو الذي تقول له العامة القب، لكنها تسمي بذلك ما له عروة. وذلك خطأ أيضا. وقال قتادة: الكوب القدح. والقوارير: الزجاج. واختلف القراء فقرأ نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم «قواريرا قواريرا» بالإجراء فيهما على ما قد تقدم في قوله «سلاسلا»، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «قوارير قوارير» بترك الإجراء فيهما. وقرأ ابن كثير «قواريرا» بالإجراء في الأول، «قوارير» بترك الإجراء في الثاني، وقرأ أبو عمرو «قواريرا» ووقف بألف دون تنوين «قوارير» بترك الإجراء في الثاني.
وقوله تعالى: من فضّةٍ يقتضي أنها من زجاج ومن فضة وذلك متمكن لكونه من زجاج في شفوفه ومن فضّةٍ في جوهره، وكذلك فضة الجنة شفافة. وقال أبو علي جعلها من فضّةٍ لصفائها وملازمتها لتلك الصفة وليست من فضة في حقيقة أمرها. وإنما هذا كما قال الشاعر [البعيث]: [الطويل]
ألا أصبحت أسماء جاذمة الوصل = وضنت عليها والضنين من البخل
وقوله تعالى: قدّروها يحتمل أن يكون الضمير للملائكة، ويحتمل أن يكون للطائفين، ويحتمل أن يكون للمنعمين، والتقدير إما أن يكون على قدر الأكف قاله الربيع، أو على قدر الري قاله مجاهد، وهذا كله على قراءة من قرأ «قدروها» بتخفيف القاف، وقرأ ابن أبزى وعلي والجحدري وابن عباس والشعبي وقتادة: «قدروها» بضم القاف وكسر الدال، قال أبو علي: كأن اللفظ قدروا عليها، وفي المعنى قلب لأن حقيقة المعنى أن يقال: قدرت عليهم فهي مثل قوله: ما إنّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة [القصص: 76]، ومثل قول العرب: إذا طلعت الجوزاء، ألفى العود على الحرباء، حكاه أبو علي). [المحرر الوجيز: 8/ 493-494]

تفسير قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وكون الزنجبيل مزاجها هو على ما ذكرناه في العرف ولذع اللسان. وذلك من لذات المشروب، و «الزنجبيل»:طيب حار، وقال الشاعر [الأعشى]: [الرجز]
كأن جنيا من الزنجبيل = بات بفيها وأريا مشورا
وقال المسيب بن علس: [الكامل]
وكأن طعم الزنجبيل به = إذ ذقته وسلافة الخمر
وقال قتادة: «الزنجبيل»، اسم لعين في الجنة يشرب منها المقربون صرفا، وتمزج لسائر أهل الجنة). [المحرر الوجيز: 8/ 495]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وعيناً بدل من كأس أو من عين على القول الثاني، وسلسبيلًا قيل هو اسم بمعنى السلس المنقاد الجرية، وقال مجاهد: حديدة الجرية، وقيل: هي عبارة عن حسن إيساغها، قال ابن الأعرابي: لم أسمع هذه اللفظة إلا في القرآن، وقال آخرون: سلسبيلًا صفة لقوله عيناً. وتسمى بمعنى توصف وتشهر وكونه مصروفا مما يؤكد كونه صفة للعين لا اسما، وقال بعض المقرءين والتصحيح من الألوسي:سلسبيلًا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته بسؤال السبيل إليها. وهذا قول ضعيف لأن براعة القرآن وفصاحته لا تجيء هكذا، واللفظة معروفة في اللسان وأن السلسل والسلسبيل، بمعنى واحد ومتقارب). [المحرر الوجيز: 8/ 495-496]

تفسير قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومخلّدون قال جمهور الناس: معناه باقون من الخلود، وجعلهم ولدانا لأنهم في هيئة الولدان في السن لا يتغيرون عن تلك الحال، وقال أبو عبيدة وغيره مخلّدون معناه مقرطون، والخلدات حلي يعلق في الآذان، ومنه قول الشاعر: [الكامل]
ومخلدات باللجين كأنما = أعجازهن أقاوب الكثبان
وشهرة هذه اللغة في حمير، وشبههم ب «اللؤلؤ المنثور» في بياضهم وانتشارهم في المساكن يجيئون ويذهبون وفي جمالهم، ومنه سميت المرأة درة وجوهرة). [المحرر الوجيز: 8/ 496]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم كرر ذكر الرؤية مبالغة، وثمّ ظرف والعامل فيه رأيت أو معناه؟ وقال الفراء التقدير: رأيت ما ثمّ وحذفت ما، وقرأ حميد الأعرج «ثم» بضم الثاء، و «النعيم»: ما هم فيه من حسن عيش، و «الملك الكبير»: قال سفيان: هو استئذان الملائكة وتسليمهم عليهم وتعظيمهم لهم، فهم في ذلك كالملوك، وقال أكثر المفسرين: «الملك الكبير» اتساع مواضعهم، فروي عن عبد الله بن عمر أنه قال: ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام كلهم مختلف شغله من شغل أصحابه، وأدنى أهل الجنة منزلة من ينظر من ملكه في مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه). [المحرر الوجيز: 8/ 496]

تفسير قوله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: عاليهم ثياب سندسٍ خضرٌ وإستبرقٌ وحلّوا أساور من فضّةٍ وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً (21) إنّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً (22) إنّا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلاً (23) فاصبر لحكم ربّك ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً (24) واذكر اسم ربّك بكرةً وأصيلاً (25) ومن اللّيل فاسجد له وسبّحه ليلاً طويلاً (26)
قرأ نافع وحمزة وأبان عن عاصم: «عاليهم» على الرفع بالابتداء وهي قراءة الأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن محيصن وابن عباس بخلاف عنه، وقرأ الباقون وعاصم «عاليهم» بالنصب على الحال، والعامل فيه لقّاهم [الإنسان: 11] أو جزاهم [الإنسان: 12]، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة، وقرأ الأعمش وطلحة: «عاليتهم»، وكذلك هي في مصحف عبد الله، وقرأ أيضا الأعمش «عاليتهم» بالنصب على الحال، وقد يجوز في النصب في القراءتين أن يكون على الظرف لأنه بمعنى فوقهم، وقرأت عائشة رضي الله عنها «علتهم» بتاء فعل ماض، وقرأ مجاهد وقتادة وابن سيرين وأبو حيوة «عليهم»، و «السندس»: رقيق الديباج والمرتفع منه، وقيل «السندس»: الحرير الأخضر، و «الإستبرق» والدمقس هو الأبيض، والأرجوان هو الأحمر، وقرأ حمزة والكسائي «خضر وإستبرق» بالكسر فيهما وهي قراءة الأعمش وطلحة، ورويت عن الحسن وابن عمر بخلاف عنه على أن «خضر» نعت للسندس، وجائز جمع صفة الجنس إذا كان اسما مفردا كما قالوا: أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم الأبيض، وفي هذا قبح، والعرب تفرد اسم الجنس وهو جمع أحيانا فيقولون: حصى أبيض، وفي القرآن الشّجر الأخضر [يس: 80] ونخلٍ منقعرٍ [القمر: 20] فكيف بأن لا يفرد هذا الذي هو صفة لواحد في معنى جمع. «وإستبرق» في هذه القراءة عطف على سندسٍ، وقرأ نافع وحفص عن عاصم والحسن وعيسى خضرٌ وإستبرقٌ بالرفع فيهما، «خضر» نعت ل ثياب. و «إستبرق» عطف على الثياب. وقرأ أبو عمرو وابن عامر «خضر» بالرفع صفة ل ثياب، «وإستبرق» خفضا، عطف على سندسٍ، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر «خضر» خفضا «وإستبرق» رفعا فخفض «خضر» على ما تقدم أولا. «وإستبرق» على الثياب. والإستبرق غليظ الديباج، وقرأ ابن محيصن: «وإستبرق» موصولة الألف مفتوحة القاف كأنه مثال الماضي من برق وإستبرق وتعجب واستعجب، قال أبو حاتم: لا يجوز، والصواب أنه اسم جنس لا ينبغي أن يحمل ضميرا، ويؤيد ذلك دخول اللام المعرفة عليه، والصواب فيه الألف وإجراؤه على قراءة الجماعة، وقرأ أبو حيوة «عليهم ثياب» بالرفع «سندس خضر وإستبرق» رفعا في الثلاثة، وقوله تعالى: وحلّوا أي جعل لهم حلي، و «أساور» جمع أسورة وأسورة جمع سوار وهي من حلي الذراع، وقوله تعالى: شراباً طهوراً قال أبو قلابة والنخعي معناه لا يصير بولا بل يكون رشحا من الأبدان أطيب من المسك). [المحرر الوجيز: 8/ 496-498]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وهنا محذوف يقتضيه القول تقديره يقول الله لهم والملائكة عنه: إنّ هذا كان لكم جزاءً الآية). [المحرر الوجيز: 8/ 498]


رد مع اقتباس