عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:54 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور السبعة: «إسوة» بكسر الهمزة، وقرأ عاصم وحده: «أسوة» بضمها وهما لغتان، والمعنى: قدوة وإمام ومثال، و «إبراهيم» هو خليل الرحمن، واختلف الناس في الّذين معه، فقال قوم من المتأولين أراد من آمن به من الناس، وقال الطبري وغيره: أراد الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبا من عصره، وهذا القول أرجح لأنه لم يرو أن إبراهيم كان له أتباع مؤمنون في مكافحته نمرودا، وفي البخاري أنه قال لسارة حين رحل بها إلى الشام مهاجرا من بلد النمرود: ما على الأرض من يعبد الله غيري وغيرك، وهذه الأسوة مقيدة في التبري عن الإشراك وهو مطرد في كل ملة، وفي نبينا عليه السلام أسوة حسنة على الإطلاق لأنها في العقائد وفي أحكام الشرع كلها، وقرأ جمهور الناس «برءاء» على وزن فعلاء الهمزة الأولى لام الفعل، وقرأ عيسى الثقفي: «براء»، على وزن فعال، بكسر الباء ككريم وكرام، وقرأ يزيد بن القعقاع: «براء» على وزن فعال، بضم الفاء كنوام، وقد رويت عن عيسى قراءة، قال أبو حاتم: زعموا أنه عيسى الهمداني ويجوز: «براء» على المصدر بفتح الباء يوصف به الجمع والإفراد، وقوله: كفرنا بكم أي كذبناكم في أقوالكم ولم نؤمن بشيء منها، ونظير هذا قوله عليه السلام حكاية عن قول الله عز وجل: فهو مؤمن بي كافر بالكوكب ولم تلحق العلامة في: بدا لأن تأنيث العداوة والبغضاء غير حقيقي، ثم استثنى تعالى استغفار إبراهيم لأبيه، وذكر أنه كان عن موعدة وقد تفسر ذلك في موضعه، وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى عند مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم: أن الأسوة لكم في هذا الوجه، لا في هذا الآخر لأنه كان في علة ليست في نازلتكم، ويحتمل أن يكون استثناء من التبري والقطيعة التي ذكرت أي لم تبق صلة إلا كذا، وقوله تعالى: ربّنا عليك توكّلنا الآية، حكاية عن قول إبراهيم والذين معه إنه هكذا كان). [المحرر الوجيز: 8/ 279-280]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ربّنا لا تجعلنا فتنةً للّذين كفروا واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم (5) لقد كان لكم فيهم أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجوا اللّه واليوم الآخر ومن يتولّ فإنّ اللّه هو الغنيّ الحميد (6) عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّةً واللّه قديرٌ واللّه غفورٌ رحيمٌ (7)
قوله تعالى: ربّنا لا تجعلنا الآية، حكاية عن إبراهيم ومن معه والمعنى: لا تغلبهم علينا، فتكون لهم فتنة وسبب ضلالة، لأنهم يتمسكون بكفرهم ويقولون إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل، نحا هذا المنحى قتادة وأبو مجلز، وقال ابن عباس المعنى: لا تسلطهم علينا فيفتنوننا عن أدياننا فكأنه قال:لا تجعلنا مفتونين فعبر عن ذلك بالمصدر وهذا أرجح الأقوال لأنهم إنما دعوا لأنفسهم، وعلى منحى قتادة إنما دعوا للكفار. أما أن مقصدهم إنما هو أن يندفع عنهم ظهور الكفار الذي يسببه فتن الكفار فجاء في المعنى تحليق بليغ، ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بئس الميت سعد- ليهود- لأنهم يقولون لو كان محمد نبيا لم يمت صاحبه»). [المحرر الوجيز: 8/ 280-281]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لقد كان لكم الآية خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وقوله: لمن بدل من قوله لكم وكرر حرف الجر ليتحقق البدل وذلك عرف هذه المبدلات، ومنه قوله تعالى للفقراء المهاجرين [الحشر: 8] وهو في القرآن كثير وأكثر ما يلزم من الحروف في اللام، ثم أعلم تعالى باستغنائه عن العباد وأنه الحميد في ذاته وأفعاله لا ينقص ذلك كفر كافر ولا نفاق منافق). [المحرر الوجيز: 8/ 281]

تفسير قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وروي أن هذه الآيات لما نزلت وأزمع المؤمنون امتثال أمرها وصرم حبال الكفرة وإظهار عداوتهم لحقهم تأسف على قراباتهم أن لم يؤمنوا ولم يهتدوا حتى يكون بينهم الود والتواصل فنزلت: عسى اللّه الآية مؤنسة في ذلك ومرجية أن يقع موقع ذلك بإسلامهم في الفتح وصار الجميع إخوانا، ومن ذكر أن هذه المودة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأنها كانت بعد الفتح، فقد أخطأ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وقت هجرة الحبشة، وهذه الآيات نزلت سنة ست من الهجرة، ولا يصح ذلك عن ابن عباس إلا أن يسوقه مثالا وإن كان متقدما لهذه الآية، لأنه استمر بعد الفتح كسائر ما نشأ من المودات، وعسى من الله واجبة الوقوع إن شاء الله تعالى). [المحرر الوجيز: 8/ 281-282]


رد مع اقتباس