عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 03:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)}
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): («السُّلَّم» ذكر؛ قال الله عز وجل: {أم لهم سلم يستمعون فيه}.
قال أبو عبد الله: قال الفراء: وقد أُنشدت بيتا فيه تأنيث السُّلَّم). [المذكور والمؤنث:86-87]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب القسم

اعلم أن للقسم أدواتٍ توصل الحلف إلى المقسم به؛ لأن الحلف مضمر مطرحٌ لعلم السامع به؛ كما كان قولك: يا عبد الله محذوفاً منه الفعل لما ذكرت لك.
وكذلك كل مستغنىً عنه فإن شئت أظهرت الفعل؛ كما أنك تقول: يا زيد عمراً، أي: عليك عمراً: وتقول: الطريق يا فتى، أي ظل الطريق، وترى الرامي قد رمى، فنسمع صوتاً فتقول: القرطاس والله، أي: أصبت.
وإن شئت قلت: خل الطريق، ويا زيد عليك عمراً، وأصبت القرطاس يا فتى.
وكذلك قوله عز وجل: {بل ملة إبراهيم} إنما هو: اتبعوا؛ وذلك لأنه جواب قوله: {كونوا هوداً أو نصارى}.
فهكذا القسم في إضمار الفعل وإظهاره. وذلك قوله: أحلف بالله لأفعلن. وإن شئت قلت: بالله لأفعلن. والباء موصلة؛ كما كانت موصلة في قولك: مررت بزيد. فهي والواو تدخلان على كل مقسم به؛ لأن الواو في معنى الباء؛ وإنما جعلت مكان الباء، والباء هي الأصل؛ كما كان في مررت بزيد، وضربت بالسيف يا فتى؛ لأن الواو من مخرج الباء، ومخرجهما جميعاً من الشفة، فلذلك أبدلت منها؛ كما أبدلت من رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
لأنها لما أبدلت من الباء دخلت على رب لما أشرحه لك في بابها؛ كما تدخل الإضافة بعضها على بعض. فمن ذلك قوله عز وجل: {يحفظونه من أمر الله} أي: بأمر الله. وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على. وقال: {أم لهم سلمٌ يستمعون فيه} أي: يستمعون عليه. وقال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ = فلا عطست شيبان إلا بأجذعـا
وقال الآخر:
إذا رضيت على بنو قشيرٍ = لعمر الله أعجبني رضاها
أي عني. وقال الآخر:
غدت من عليه تنفض الطل بعد ما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وسنفرد باباً لما يصلح فيه الإبدال وما يمتنع عنه إن شاء الله.
تقول والله لأفعلن، وتالله لأفعلن وتبدل التاء من الواو، ولا تدخل من المقسم به إلا في الله وحده. وذلك قوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}؛ وإنما امتنعت من الدخول في جميع ما دخلت فيه الباء، والواو؛ لأنها لم تدخل على الباء التي هي الأصل، وإنما دخلت على الواو الداخلة على الباء؛ فلذلك لم تتصرف.
فأما إبدالها من الواو فنحن نذكره مفسراً في التصريف. ألا ترى أنك تقول: هذا أتقى من هذا، والأصل أوقى، لأنه من وقيت. وكذلك تراث. إنما هو وراث، لأنه من ورثت. وتجاهٌ فعال من الوجه. وكذلك تخمة من الوخامة. وهذا أكثر من أن يحصى أو يؤتى بجميعه، ونحن نستقصي شرحه في باب التصريف إن شاء الله.
واعلم أنك إذا حذفت حروف الإضافة من المقسم به نصبته؛ لأن الفعل يصل فيعمل، فتقول: الله لأفعلن؛ لأنك أردت أحلف الله لأفعلن. وكذلك كل خافض في موضع نصب إذا حذفته وصل الفعل، فعمل فيما بعده؛ كما قال الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي من قومه. وقل الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = رب العباد إليه الوجه والعمل
أي من ذنب. وقال الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مالٍ وذا نـشـب
فتقول: الله لأفعلن. وكذلك كل مقسم به.
واعلم أن للقسم تعويضاتٍ من أدواته تحل محلها، فيكون فيها ما يكون في أدوات القسم وتعتبر ذلك بأنك لا تجمع بينها وبين ما هي عوضٌ منه. فإن جاز الجمع بين شيئين فليس أحدهما عوضاً عن الآخر؛ ألا ترى أنك تقول: عليك زيداً، وإنما المعنى: خذ زيداً، وما أشبهه من الفعل. فإن قلت: عليك لم تجمع بينها وبين فعل آخر لأنها بدل من ذلك الفعل). [المقتضب: 2/317-321] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
سبي الحماة وابهتي عليها
إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.
والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمرًا أكرمت، وإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}. وإن أخر المفعول فهو عربي حسن، والقرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة = فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وقال الآخر:
غدت من عليه بعدما تم خمسها = تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
أي من عنده.
وقال العامري:
إذا رضيت علي بنو قشير = لعمر الله أعجبني رضاها
وهذا كثير جدًا). [الكامل: 2/999-1001] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)}

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتدخل حروف الاستفهام على من، وما، وأي إذا صرن في معنى الذي بصلاتهن. وكذلك أم، كقول الله عز وجل: {أم من يجيب المضطر إذا دعاه}، وكقوله: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة}، فقد أوضحت لك حالهما. فأما قول الله عز وجل: {الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه} وقوله: {أم تسألهم أجراً}، وما كان مثله، نحو قوله عز وجل: {أم اتخذ مما يخلق بنات} فإن ذلك ليس على جهة الاستفهام؛ لأن المستخبر غير عالم، إنما يتوقع الجواب فيعلم به. والله - عز وجل - منفيٌّ عنه ذلك. وإنما تخرج هذه الحروف في القرآن مخرج التوبيخ والتقرير، ولكنها لتكرير توبيخ بعد توبيخ عليهم. ألا تراه يقول عز وجل: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة} - وقد علم المستمعون كيف ذلك - ليزجرهم عن ركوب ما يؤدي إلى النار، كقولك للرجل: السعادة أحب إليك أم الشقاء؛ لتوقفه أنه على خطأ وعلى ما يصيره إلى الشقاء؛ ومن ذلك قوله: {أليس في جهنم مثوًى للمتكبرين}. كما قال:

ألستم خير من ركب المطايا = وأندى العالمين بطون راح).
[المقتضب: 3/291-292] (م)

رد مع اقتباس