عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:28 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها ومن يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} من يصر يا محمّد شفعًا لوتر أصحابك، فيشفعهم في جهاد عدوّهم وقتالهم في سبيل اللّه؛ وهو الشّفاعة الحسنة {يكن له نصيبٌ منها} يقوله: يكن له من شفاعته تلك نصيبٌ، وهو الحظّ من ثواب اللّه، وجزيل كرامته. {ومن يشفع شفاعةً سيّئةً} يقول: ومن يشفع وتر أهل الكفر باللّه على المؤمنين به، فيقاتلهم معهم، وذلك هو الشّفاعة السّيّئة. {يكن له كفلٌ منها} يعني بالكفل: النّصيب والحظّ من الوزر والإثم. وهو مأخوذٌ من كفل البعير والمركب، وهو الكساء أو الشّيء يهيّأ عليه شبيهٌ بالسّرج على الدّابّة، يقال منه: جاء فلانٌ مكتفلاً: إذا جاء على مركبٍ قد وطّئ له على ما بيّنّا لركوبه.
وقد قيل: إنّه عنى بقوله: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} الآية، شفاعة النّاس بعضهم لبعضٍ. وغير مستنكرٍ أن تكون الآية نزلت فيما ذكرنا، ثمّ عمّ بذلك كلّ شافعٍ بخيرٍ أو شرٍّ.
وإنّما اخترنا ما قلنا من القول في ذلك لأنّه في سياق الآية الّتي أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها بحضّ المؤمنين على القتال، فكان ذلك بالوعد لمن أجاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والوعيد لمن أبى إجابته أشبه منه من الحثّ على شفاعة النّاس بعضهم لبعضٍ الّتي لم يجر لها ذكرٌ قبل ولا لها ذكرٌ بعد.
ذكر من قال ذلك في شفاعة النّاس بعضهم لبعضٍ:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها ومن يشفع شفاعةً سيّئةً} قال شفاعة بعض النّاس لبعضٍ.
حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن ابن مهديٍّ، عن حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، عن الحسن، قال: من يشفع شفاعةً حسنةً كان له فيها أجران، وأنّ لم يشفع لأن اللّه يقول: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} ولم يقل:من يشفع.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الحسن، قال: من يشفع شفاعةً حسنةً كتب له أجرها ما جرت منفعتها.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سئل ابن زيدٍ، عن قول اللّه: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} قال: الشّفاعة الصّالحة الّتي يشفع فيها وعمل بها هي بينك وبينه هما فيها شريكان {من يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها} قال: هما شريكان فيها كما كان أهذان شريكين.
ذكر من قال الكفل النّصيب:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها} أي حظٌّ منها {من يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها} والكفل: هو الإثم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {يكن له كفلٌ منها} أمّا الكفل: فالحظّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {يكن له كفلٌ منها} قال: حظٌّ منها، فبئس الحظّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الكفل والنّصيب واحدٌ. وقرأ: {يؤتكم كفلين من رحمته}). [جامع البيان: 7/268-270]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} فقال بعضهم: تأويله: وكان اللّه على كلّ شيءٍ حفيظًا وشهيدًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} يقول: حفيظًا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {مقيتًا} شهيدًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ لم يسمه، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {مقيتًا} قال: شهيدًا، حسيبًا، حفيظًا.
- حدّثني أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن شريكٍ، قال: حدّثنا أبي، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ أبي الحجّاج: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} قال: المقيت: الحسيب.
وقال آخرون: معنى ذلك: القائم على كلّ شيءٍ بالتّدبير.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عبد اللّه بن كثيرٍ: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} قال: المقيت: الواصب.
وقال آخرون: هو القدير.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} أمّا المقيت: فالقدير.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا} قال: على كلّ شيءٍ قديرًا. المقيت: القدير.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من هذه الأقوال قول من قال: معنى المقيت: القدير، وذلك أنّ ذلك فيما يذكر كذلك بلغة قريشٍ، وينشد للزّبير بن عبد المطّلب عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
وذي ضغنٍ كففت النّفس عنه = وكنت على مساءته مقيتا.
أي قديرًا. وقد قيل: إنّ منه قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقيت في رواية من رواها: يقيت: يعني من هو تحت يديه في سلطانه من أهله وعياله، فيقدّر له قوته. يقال منه: أقات فلانٌ الشّيء يقيته إقاتةً، وقاته يقوته قياتةً وقوتًا، والقوت الاسم. وأمّا المقيت في بيت اليهوديّ الّذي يقول فيه
ليت شعري وأشعرنّ إذا ما = قرّبوها مطويهةً ودعيت.
ألي الفضل أم عليّ إذا حو = سبت إنّي على الحساب مقيت
فإنّ معناه: فإنّي على الحساب موقوفٌ، وهو من غير هذا المعنى). [جامع البيان: 7/270-273]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها ومن يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتًا (85)
قوله تعالى: من يشفع شفاعةً حسنةً
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: من يشفع شفاعةً حسنةً شفاعة بعض النّاس لبعضٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، ثنا حمّادٌ يعني ابن سلمة، عن حميدٍ، عن الحسن في قوله: من يشفع شفاعةً حسنةً قال: لو لم يؤجر حتّى يشفّع، ولكن قال: من يشفع.
قوله تعالى: يكن له نصيبٌ منها. [5713]
حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة يكن له نصيبٌ منها أي حظٌّ منها.
قوله تعالى: ومن يشفع شفاعة سيئة. [الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: ومن يشفع شفاعةً سيّئةً قال: شفاعة بعض النّاس لبعضٍ
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر العدنيّ قال: سئل سفيان عن قوله ومن يشفع شفاعةً سيّئةً يكن له كفلٌ منها قال: من سنّ سنّةً سيّئةً.
قوله تعالى: يكن له كفلٌ منها. [5716]
حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: يكن له كفلٌ منها قال: أمّا الكفل فالحظّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع قوله: يكن له كفلٌ منها قال: حظٌّ منها، فبئس الحظّ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: يكن له كفلٌ منها والكفل هو الإثم.
قوله تعالى: وكان اللّه على كل شيء مقيتا. [الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتاً قال: حفيظاً. وروي عن عطيّة، وقتادة. وعطاءٍ. ومطرٍ الورّاق نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحيم بن مطرّفٍ، ثنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل، عن رجلٍ عن عبد اللّه بن رواحة وسأله رجلٌ عن قول اللّه تعالى: وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتاً قال: يقيت كلّ إنسانٍ بقدر عمله.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: مقيتاً قال: شهيداً.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتاً يقول: قادراً.
وروي عن السّدّيّ أنّه قال: قديراً.
والوجه الخامس:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن أبي الأزهر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك قال: المقيت: الرّازق.
والوجه السّادس:
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن الجعد، أنبأ شريكٌ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقيتاً قال: حسيباً). [تفسير القرآن العظيم: 3/1018-1020]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من يشفع شفاعة حسنة قال الشفاعة الحسنة الشفاعة وشفاعة سيئة يعني شفاعة الناس بعضهم لبعض). [تفسير مجاهد: 167]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المقيت الشهيد). [تفسير مجاهد: 167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {من يشفع شفاعة حسنة} الآية، قالشفاعة بعض الناس لبعض
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: من يشفع شفاعة حسنة كان له أجرها وإن لم يشفع لأن الله يقول {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} ولم يقل يشفع.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجره ما جرت منفعتها.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{يكن له نصيب منها} قال: حظا منها، وفي قوله {كفل منها} قال: الكفل هو الإثم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي والربيع في قوله {كفل منها} قالا: الحظ.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: الكفل والنصيب واحد وقرأ {يؤتكم كفلين من رحمته}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال: حفيظا.
وأخرج أبو بكر ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني في الكبير والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مقيتا} قال: قادرا مقتدرا، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول أحيحة بن ألأنصاري:
وذي ضغن كففت النفس عنه = وكنت على مساءته مقيتا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد الله بن رواحة أنه سأله رجل عن قول الله {وكان الله على كل شيء مقيتا} قال: يقيت كل إنسان بقدر عمله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {مقيتا} قال: شهيدا .
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد: (مقيتا) . قال: شهيدا، حسيبا، حفيظا . حسيبا حفيظا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مقيتا} قال: قادرا.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: المقيت القدير.
وأخرج عن ابن زيد مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: المقيت الرزاق). [الدر المنثور: 4/553-557]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) )
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {حسيباً} قال: حفيظاً). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 86]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيبًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ} إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسّلامة، {فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} يقول: فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن ممّا دعا لكم، {أو ردّوها} يقول: أو ردّوا التّحيّة.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في صفة التّحيّة الّتي هي أحسن ممّا حيًّا به المحيّي، والّتي هي مثلها، فقال بعضهم: الّتي هي أحسن منها أن يقول المسلم عليه إذا قيل: السّلام عليكم: وعليكم السّلام ورحمة اللّه، ويزيد على دعاء الدّاعي له؛ والرّدّ أن يقول: السّلام عليكم مثلها، كما قيل له، أو يقول: وعليكم السّلام، فيدعو للدّاعي له مثل الّذي دعا له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} يقول: إذا سلّم عليك أحدٌ، فقل أنت: وعليك السّلام ورحمة اللّه، أو تقطع إلى السّلام عليك، كما قال لك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} قال: في أهل الإسلام.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، فيما قرئ عليه، عن عطاءٍ، قال: في أهل الإسلام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن شريحٍ: أنّه كان يردّ: السّلام عليكم، كما يسلّم عليه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن ابن عونٍ، وإسماعيل بن أبي خالدٍ، عن إبراهيم، أنّه كان يردّ: السّلام عليكم ورحمة اللّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عطيّة، عن ابن عمر، أنّه كان يردّ: وعليكم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فحيّوا بأحسن منها أهل الإسلام، أو ردّوها على أهل الكفر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن، عن الحسن بن صالحٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: من سلّم عليك من خلق اللّه، فاردد عليه وإن كان مجوسيًّا، فإنّ اللّه يقول: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها}.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سالم بن نوحٍ، قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، في قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها} للمسلمين {أو ردّوها} على أهل الكتاب.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها} للمسلمين {أو ردّوها} على أهل الكتاب.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها} يقول: حيّوا أحسن منها: أي على المسلمين {أو ردّوها} أي على أهل الكتاب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ في قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} قال: قال أبي: حقٌّ على كلّ مسلمٍ حيّي بتحيّةٍ أن يحيّي بأحسن منها، وإذا حيّاه غير أهل الإسلام أن يردّ عليه مثل ما قال.
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلين بتأويل الآية قول من قال ذلك في أهل الإسلام، ووجّه معناه إلى أنّه يردّ السّلام على المسلم إذا حيّاه تحيّةً أحسن من تحيّته أو مثلها. وذلك أنّ الصّحاح من الآثار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم فبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه واجبٌ على كلّ مسلمٍ ردّ تحيّة كلّ كافرٍ أحسن من تحيّته، وقد أمر اللّه بردّ الأحسن؛ والمثل في هذه الآية من غير تمييزٍ منه بين المستوجب ردّ الأحسن من تحيّته عليه والمردود عليه مثلها بدلالةٍ يعلم بها صحّة قول من قال: عنى بردّ الأحسن المسلم، وبردّ المثل: أهل الكفر.
والصّواب إذ لم يكن في الآية دلالةٌ على صحّة ذلك ولا جاء بصحّته أثرٌ لازمٌ عن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلّم عليه بين ردّ الأحسن أو المثل إلاّ في الموضع الّذي خصّ شيئًا من ذلك سنّةٌ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيكون مسلّمًا لها. وقد خصّت السّنّة أهل الكفر بالنّهي عن ردّ الأحسن من تحيّتهم عليهم أو مثلها، إلاّ بأن يقال: وعليكم، فلا ينبغي لأحدٍ أن يتعدّى ما حدّ في ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فأمّا أهل الإسلام، فإنّ لمن سلّم عليه منهم في الرّدّ من الخيار ما جعل اللّه له من ذلك.
وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في تأويل ذلك بنحو الّذي قلنا خبرٌ؛ وذلك ما:
- حدّثني موسى بن سهلٍ الرّمليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن السّريّ الأنطاكيّ، قال: حدّثنا هشام بن لاحقٍ، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان الفارسيّ، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه. فقال: وعليك ورحمة اللّه. ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه. فقال له رسول اللّه: وعليك ورحمة اللّه وبركاته ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته. فقال له: وعليك فقال له الرّجل: يا نبيّ اللّه بأبي أنت وأمّي، أتاك فلانٌ وفلانٌ فسلّما عليك فرددت عليهما أكثر ممّا رددت عليّ؟ فقال: إنّك لم تدع لنا شيئًا قال اللّه {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} فرددناها عليك.
فإن قال قائلٌ: أفواجبٌ ردّ التّحيّة على ما أمر اللّه به في كتابه؟ قيل: نعم، وبه كان يقول جماعةٌ من المتقدّمين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو الزّبير، أنّه سمع جابر بن عبد اللّه، يقول: ما رأيته إلاّ يوجبه قوله: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الحسن، قال: السّلام: تطوّعٌ، والرّدّ فريضةٌ). [جامع البيان: 7/273-278]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيبًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ ممّا تعملون أيّها النّاس من الأعمال من طاعةٍ ومعصيةٍ حفيظًا عليكم، حتّى يجازيكم بها جزاءه. كما:.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: حسيبًا قال: حفيظًا.حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
وأصل الحسيب في هذا الموضع عندي فعيلٌ من الحساب الّذي هو في معنى الإحصاء، يقال منه: حاسبت فلانًا على كذا وكذا، وفلانٌ حاسبه على كذا وهو حسيبه، وذلك إذا كان صاحب حسابه.
وقد زعم بعض أهل البصرة من أهل اللّغة أنّ معنى الحسيب في هذا الموضع: الكافي، يقال منه: أحسبني الشّيء يحسبني إحسابًا، بمعنى: كفاني، من قولهم: حسبي كذا وكذا.
وهذا غلطٌ من القول وخطأٌ، وذلك أنّه لا يقال في أحسبني الشّيء: أحسبني على الشّيء فهو حسيبٌ عليه، وإنّما يقال: هو حسبه وحسيبه، واللّه يقول: {إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيبًا}). [جامع البيان: 7/278-279]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيبًا (86)
قوله تعالى: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ
- حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ عن حسن بن صالحٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ قال: من سلّم عليك من خلق اللّه. وروي عن الحسن
قوله تعالى: فحيّوا بأحسن منها. [5726]
ذكر عن أحمد بن الحسن التّرمذيّ، ثنا عبد اللّه بن السّريّ أبو محمّدٍ الأنطاكيّ- قال أبو الحسن وكان رجلا صالحاً- ثنا هشام بن لاحقٍ عن عاصمٍ، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال:
السّلام عليك يا رسول اللّه، فقال: وعليك السّلام ورحمة اللّه، ثمّ أتاه آخر فقال:
السّلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه فقال: وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته، ثم أتاه آخر فقال: السّلام عليك ورحمة اللّه، وبركاته، فقال: وعليك، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي وأمّي، سلّم عليك فلانٌ وفلانٌ فرددت عليهما أكثر ممّا رددت عليّ، فقال: إنّك لم تدع لنا شيئاً قال اللّه تعالى: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها فرددناها.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن سعيدٍ، عن قتادة في قوله: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها قال: حيّوا بأحسن منها للمسلمين. وروي عن عطاءٍ، والحسن نحو ذلك.
- كتب إليّ محمّد بن حمالٍ القهندزيّ، ثنا عمر بن عبد الغفّار قال: قال سفيان- يعني ابن عيينة- في قوله: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها قال:
ترون هذا في السّلام وحده؟ هذا في كلّ شيءٍ من أحسن إليك فأحسن إليه وكافئه فإن لم تجد فادع له وأثن عليه عند إخوانه.
قوله تعالى: أو ردّوها. [5729]
حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ، عن حسن بن صالحٍ، عن سماكٍ عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: من سلّم عليك من خلق اللّه فاردد عليه وإن كان مجوسياً، ذلك بأنّ اللّه يقول: وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أو ردّوها قال: على أهل الكتاب. وروي عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء ابن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: أو ردّوها عليهم كما قالوا لكم.
قوله تعالى: إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيباً. [5732]
حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
قوله: إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ حسيبا قال: حفيظا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ قوله: إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ يعني من التّحيّة وغيرها حسيباً يعني: شهيداً.
قوله تعالى: اللّه
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا إسماعيل بن عطيّة، عن أبي رجاءٍ، حدّثني رجلٌ عن جابر بن زيدٍ أنّه قال: اسم اللّه الأعظم هو اللّه، ألم تسمع أنّه يقول: هو اللّه الّذي لا إله إلا هو). [تفسير القرآن العظيم: 3/1020-1022]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله فحيوا بأحسن منها قال يقول إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال السلام عليكم فقل له السلام عليكم ورحمة الله أو ردوها يقول إن لم تقل السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه كما قال السلام عليكم كما سلم ولا تقل وعليك). [تفسير مجاهد: 167]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله حسيبا يعني حفيظا). [تفسير مجاهد: 168]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ} [النساء: 86]
- عن الحسن {وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها} [النساء: 86] لأهل الإسلام، أو ردّوها على أهل الشّرك.
رواه أبو يعلى، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/7]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى: وثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا حميدٌ- يعني: الرّؤاسيّ- ثنا حسن بن صالحٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- قال: "من سلّم عليكم من خلق اللّه فاردد عليه وإن كان مجوسيّاً؟ فإن الله- عز وجل- يقوله: (وإذا حيّيتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسن منها) لأهل الإسلام، (أو ردوها) على أهل الشرك "
وتقدم في كتاب الأدب). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه بسند حسن عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله فقال: وعليك ورحمة الله ثم أتى آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال: وعليك ورحمة الله وبركاته ثم جاء آخر فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال له: وعليك، فقال له الرجل: يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال: إنك لم تدع لنا شيئا قال الله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} فرددناها عليك.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال: سلام عليكم، فقال: عشر حسنات، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون حسنة، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون حسنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال: جاء رجل فسلم فقال: السلام عليكم، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: عشر، فجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: عشرون، فجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون.
وأخرج البيهقي عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: السلام عليكم كتب الله له عشر حسنات فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله كتب الله له عشرين حسنة فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثين حسنة.
وأخرج أحمد والدرامي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه وقال: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه ثم جلس فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه ثم جلس فقال: ثلاثون.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه زاد ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله ورحمته وبركاته ومغفرته، فقال: أربعون، قال: هكذا تكون الفضائل.
وأخرج ابن جرير عن السدي {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} يقول: إذا سلم عليك أحد فقل أنت: وعليك السلام ورحمة الله أو تقطع إلى السلام عليك كما قال لك
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عطاء في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} قال: ذلك كله في أهل الإسلام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان إذا سلم عليه إنسان رد كما يسلم عليه يقول: السلام عليكم، فيقول عبد الله: السلام عليكم.
وأخرج البيهقي أيضا عن عروة بن الزبير أن رجلا سلم عليه فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال عروة ما ترك لنا فضل إن السلام انتهى إلى وبركاته.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن سالم مولى عبد الله بن عمر قال: كان ابن عمر إذا سلم عليه فرد زاد فأتيته فقلت: السلام عليكم، فقال: السلام عليكم ورحمة الله ثم أتيته مرة أخرى فقلت: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أتيته مرة أخرى فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته
وأخرج البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله {فحيوا بأحسن منها} قال: تقول إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال: السلام عليك، فقل: السلام عليكم ورحمة الله {أو ردوها} يقول: إن لم تقل له السلام عليك ورحمة الله فرد عليه كما قال: السلام عليكم كما سلم ولا تقل وعليك.
وأخرج ابن المنذر من طريق يونس بن عبيد عن الحسن في الآية قال {بأحسن منها} للمسلمين {أو ردوها} على أهل الكتاب قال: وقال الحسن: كل ذلك للمسلم، وأخرح ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}
وأخرج البخاري في الأدب، وابن المنذر عن ابن عباس قال: لو أن فرعون قال لي: بارك الله فيك، لقلت: وفيك بارك الله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن جرير عن الحسن قال: السلام تطوع والرد فريضة.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض: فأفشوه بينكم وإذا مر رجل بالقوم فسلم عليهم فردوا كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأفضل.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن مسعود، موقوفا.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أنس قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوا السلام بينكم.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: السلام اسم من أسماء الله فإذا أنت أكثرت منه أكثرت من ذكر الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله جعله بين خلقه فإذا سلم المسلم على المسلم قفد حرم عليه أن يذكره إلا بخير.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفشوا السلام بينكم فإنها تحية أهل الجنة فإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم كان له عليهم درجة وإن ردوا عليه فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم الملائكة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي بكر الصديق قال: السلام أمان الله في الأرض.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله
وأخرج البخاري في الأدب، وابن مردويه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين، ولفظ ابن مردويه قال: إن اليهود قوم حسد وإنهم لن يحسدوا أهل الإسلام على أفضل من السلام أعطانا الله في الدنيا وهو تحية أهل الجنة يوم القيامة وقولنا وراء الإمام آمين.
وأخرج البيهقي عن الحارث بن شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم أخو المسلم إذا لقيه رد عليه من السلام بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك وإذا استأمره نصح له وإذا استنصره على الأعداء نصره وإذا استنعته قصد السبيل يسره ونعت له وإذا استغاره أحد على العدو أغاره وإذا استعاره الحد على المسلم لم يعره وإذا استعاره الجنة أعاره لا يمنعه الماعون، قالوا: يا رسول الله وما الماعون قال: الماعون في الحجر والماء والحديد، قالوا: وأي الحديد قال: قدر النحاس وحديد الفاس الذي تمتهنون به، قالوا: فما هذا الحجر قال: القدر من الحجارة.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المؤمنان فسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه ونزلت بينهما مائة رحمة للبادي تسعون وللمصافح عشر.
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت منطلق الوجه.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا.
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير وإذا مر بالقوم فسلم منهم واحدا أجزأ عنهم وإذا رد من الآخرين واحد أجزأ عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمرو قال: مر على النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن أبي هلال الليثي قال: سلام الرجل يجزي عن القوم ورد السلام يجزي عن القوم
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: إني لأرى جواب الكتاب حقا كما أرى حق السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} قال: ترون هذا في السلام وحده هذا في كل شيء من أحسن إليك فأحسن إليه وكافئه فإن لم تجد فادع له أو أثن عليه عند إخوانه.
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله {إن الله كان على كل شيء} يعني من التحية وغيرها {حسيبا} يعني شهيدا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {حسيبا} قال: حفيظا). [الدر المنثور: 4/556-565]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه لا إله إلاّ هو ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من اللّه حديثًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {اللّه لا إله إلاّ هو ليجمعنّكم} المعبود الّذي لا تنبغي العبوديّة إلاّ له هو، الّذي له عبادة كلّ شيءٍ وطاعة كلّ طائعٍ.
وقوله: {ليجمعنّكم إلى يوم القيامة} يقول: ليبعثنّكم من بعد مماتكم، وليحشرنّكم جميعًا إلى موقف الحساب الّذي يجازي النّاس فيه بأعمالهم، ويقضي فيه بين أهل طاعته ومعصيته وأهل الإيمان به والكفر. {لا ريب فيه} يقول: لا شكّ في حقيقة ما أقول لكم من ذلك وأخبركم من خبري: أنّي جامعكم إلى يوم القيامة بعد مماتكم. {ومن أصدق من اللّه حديثًا} يعني بذلك: واعلموا حقيقة ما أخبركم من الخبر،
فإنّي جامعكم إلى يوم القيامة للجزاء والعرض والحساب والثّواب والعقاب يقينًا، فلا تشكّوا في صحّته، ولا تمتروا في حقّيّته، فإنّ قولي الصّدق الّذي لا كذب فيه، ووعدي الصّدق الّذي لا خلف له. {ومن أصدق من اللّه حديثًا} يقول: وأيّ ناطقٍ أصدق من اللّه حديثًا؟ وذلك أنّ الكاذب إنّما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعًا أو يدفع به عنها ضرًّا، واللّه تعالى ذكره خالق الضّرّ والنّفع، فغير جائزٍ أن يكون منه كذبٌ، لأنّه لا يدعوه إلى اجتلاب نفعٍ إلى نفسه، أو دفع ضرٍّ عنها سواه تعالى ذكره، فيجوز أن يكون له في استحالة الكذب منه نظيرًا، ومن أصدق من اللّه حديثًا وخبرًا). [جامع البيان: 7/279-280]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اللّه لا إله إلّا هو ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من اللّه حديثًا (87)
قوله تعالى: اللّه لا إله إلا هو. [5735]
حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: لا إله إلا هو قال: توحيدٌ.
- حدّثنا محمد بن يحي، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: لا إله إلا اللّه أي ليس معه غيره شريكٌ في أمره.
قوله تعالى: ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه. [5737]
حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية في قوله: لا ريب فيه لا شكّ فيه.
قال أبو محمّدٍ: وقد كتبنا في هذا من التّفسير في سورة البقرة.
قوله تعالى: ومن أصدق من اللّه حديثاً. [5738]
حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن عبد الرّحمن بن عابسٍ، حدّثني ناسٌ من أصحاب عبد اللّه عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه كان يقول: أنّ أحسن القصص هذا القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 3/1022]


رد مع اقتباس