عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 05:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا * ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا * ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا}
هذه المقالة روي أن بني حارثة قالوها، وبيوتهم بحدود المدينة، وقال مقاتل: بنو سلمة، وقيل: القائل لذلك عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه. وقرأ السلمي، وحفص، واليماني، والأعرج: "لا مقام" بضم الميم، بمعنى: لا موضع قيام، وهي قراءة أبي جعفر، وشيبة، وأبي رجاء، والحسن، وقتادة، والنخعي، وعبد الله بن مسلم، وطلحة، والمعنى: في حومة القتال وموضع الممانعة. "فارجعوا" معناه: إلى منازلكم وبيوتكم، وكان هذا على جهة التخذيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والفريق المستأذن، روي أن أوس بن قيظي، استأذن في ذلك عن اتفاق من عشيرته، فقال: إن بيوتنا عورة، أي منكشفة للعدو، وقيل: أراد: خالية للسراق، ويقال: أعور المنزل إذا انكشف، ومنه قول الشاعر:
لنا الشدة الأولى إذا القرن أعورا
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الفريق بنو حارثة، وهم كانوا عاهدوا الله إثر أحد لا يولون الأدبار، وقرأ ابن عباس، وابن يعمر، وقتادة، وأبو رجاء: "عورة" بكسر الواو فيهما، وهو اسم فاعل، قال أبو الفتح: "صحة الواو في هذه شاذة، لأنها متحركة قبلها فتحة"، وقرأ الجمهور: "عورة" ساكنة الواو على أنه مصدر وصف به، والبيت المعمور هو المنفرد المعرض لمن شاءه بسوء، فأخبر الله تعالى عن بيوتهم أنها ليست كما ذكروه، وأن قصدهم الفرار، وأن ما أظهروه من أنهم يريدون حماية بيوتهم وخاصة نفوسهم ليس كذلك، وأنهم إنما يكرهون نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويريدون خزيه وأن يغلب). [المحرر الوجيز: 7/ 98-99]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولو دخلت المدينة من أقطارها، واشتد الخوف الحقيقي، ثم سئلوا الفتنة والحرب لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم لطاروا إليها وأتوها مجيبين فيها، ولم يتلبثوا في بيوتهم لحفظها إلا يسيرا، قيل: قدر ما يأخذون سلاحهم.
وقرأ الحسن البصري: "ثم سولو الفتنة" بغير همز، وهي من سال يسال كخاف يخاف، لغة في "سأل" العين فيها واو، وحكى أبو زيد: هما يتساولان، وروي عن الحسن: "سلوا الفتنة"، وقرأ مجاهد: "سوئلوا" بالمد. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: "لأتوها" بمعنى لجاؤوها، وقرأ عاصم، وأبو عمرو: "لآتوها" بمعنى: لأعطوها من أنفسهم، وهي قراءة حمزة، والكسائي، فكأنها رد على السؤال ومشبهة له، قال الشعبي: وقرأها النبي عليه الصلاة والسلام بالمد.
ثم أخبر عنهم تبارك وتعالى أنهم قد كانوا عاهدوا على أن لا يفروا، وروي عن يزيد بن رومان أن هذه الإشارة إلى بني حارثة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهم مع بني سلمة كانتا الطائفتين اللتين همتا بالفشل يوم أحد، ثم تابوا وعاهدا على أن لا يقع فرار، فوقع يوم الخندق من بني حارثة.
وفي قوله تعالى: {وكان عهد الله مسؤولا} توعد.
و"الأقطار": النواحي، واحدها قطر وقتر، والضمير في بها يحتمل المدينة ويحتمل البيوت).[المحرر الوجيز: 7/ 99-100]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا * قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا * قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا}
أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام في هذه الآية أن يخاطبهم بتوبيخ، فأعلمهم بأن الفرار لا ينجيهم من القدر، بأنهم لا يمتعون في تلك الأوطان، بل تنقطع أعمارهم في يسير من المدة، والقليل الذي استثناه هي مدة الآجال، قاله الربيع بن خثيم،
ثم وقفهم على عاصم من الله يسندون إليه، ثم حكم بأنهم لا يجدون ذلك، ولا ولي ولا نصير من الله عز وجل.
وقرأت فرقة: "يمتعون" بالياء، وقرأت فرقة: "تمتعون" بالتاء على المخاطبة). [المحرر الوجيز: 7/ 100]

رد مع اقتباس