عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 08:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما خلقنا السّماوات والأرض وما بينهما إلا بالحقّ وإنّ السّاعة لآتيةٌ فاصفح الصّفح الجميل (85) إنّ ربّك هو الخلاق العليم (86)}
يقول تعالى: {وما خلقنا السّماوات والأرض وما بينهما إلا بالحقّ} أي: بالعدل؛ {ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى} [النّجم: 31] وقال تعالى: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويلٌ للّذين كفروا من النّار} [ص: 27] وقال {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثًا وأنّكم إلينا لا ترجعون فتعالى اللّه الملك الحقّ لا إله إلا هو ربّ العرش الكريم} [المؤمنون: 115-116]
ثمّ أخبر نبيّه بقيام السّاعة، وأنّها كائنةٌ لا محالة، ثمّ أمره بالصّفح الجميل عن المشركين، في أذاهم له وتكذيبهم ما جاءهم به، كما قال تعالى: {فاصفح عنهم وقل سلامٌ فسوف يعلمون} [الزّخرف: 89]
وقال مجاهدٌ وقتادة وغيرهما: كان هذا قبل القتال. وهو كما قالا فإن هذه مكية، والقتال إنما شرع بعد الهجرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 545-546]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ ربّك هو الخلاق العليم} تقريرٌ للمعاد، وأنّه تعالى قادرٌ على إقامة السّاعة، فإنّه الخلّاق الّذي لا يعجزه خلق ما يشاء، وهو العليم بما تمزّق من الأجساد، وتفرّق في سائر أقطار الأرض، كما قال تعالى: {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون فسبحان الّذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه ترجعون} [يس: 81-83]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 546]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم (87) لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين (88)}
يقول تعالى لنبيّه: كما آتيناك القرآن العظيم، فلا تنظرنّ إلى الدّنيا وزينتها، وما متّعنا به أهلها من الزّهرة الفانية لنفتنهم فيه، فلا تغبطهم بما هم فيه، ولا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ حزنًا عليهم في تكذيبهم لك، ومخالفتهم دينك. {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين} [الشّعراء: 215] أي: ألن لهم جانبك كما قال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} [التّوبة: 128]
وقد اختلف في السّبع المثاني: ما هي؟
فقال ابن مسعودٍ، وابن عمر، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك وغير واحدٍ: هي السّبع الطّول. يعنون: البقرة، وآل عمران، والنّساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، نصّ عليه ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ.
وقال سعيدٌ: بيّن فيهنّ الفرائض، والحدود، والقصص، والأحكام.
وقال ابن عبّاسٍ: بيّن الأمثال والخبر والعبر
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان: {المثاني} المثنّى: البقرة، وآل عمران، والنّساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال وبراءة سورةٌ واحدةٌ.
قال ابن عبّاسٍ: ولم يعطهن أحدٌ إلّا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأعطي موسى منهنّ
ثنتين. رواه هشيم، عن الحجّاج، عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جبيرٍ عنه.
[و] قال الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أوتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبعًا من المثاني الطّول، وأوتي موسى، عليه السّلام، ستًّا، فلمّا ألقى الألواح ارتفع اثنتان وبقيت أربع.
وقال مجاهدٌ: هي السّبع الطول. ويقال: هي القرآن العظيم.
وقال خصيف، عن زياد بن أبي مريم في قوله تعالى: {سبعًا من المثاني} قال: أعطيتك سبعة أجزاءٍ: آمر، وأنهى، وأبشّر وأنذر، وأضرب الأمثال، وأعدّد النّعم، وأنبّئك بنبأ القرآن. رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ.
والقول الثّاني: أنّها الفاتحة، وهي سبع آياتٍ. روي ذلك عن عمر وعليٍّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ. قال ابن عبّاسٍ: والبسملة هي الآية السّابعة، وقد خصّكم اللّه بها. وبه قال إبراهيم النّخعيّ، وعبد اللّه بن عبيد بن عمير، وابن أبي مليكة، وشهر بن حوشب، والحسن البصريّ، ومجاهدٌ.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّهنّ فاتحة الكتاب، وأنّهنّ يثنين في كلّ قراءةٍ. وفي روايةٍ: في كلّ ركعةٍ مكتوبةٍ أو تطوّعٍ.
واختاره ابن جريرٍ، واحتجّ بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد قدّمناها في فضائل سورة "الفاتحة" في أوّل التّفسير، وللّه الحمد.
وقد أورد البخاريّ، رحمه اللّه، هاهنا حديثين:
أحدهما: قال: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن، عن حفص بن عاصمٍ، عن أبي سعيد بن المعلّى قال: مرّ بي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأنا أصلّي، فدعاني فلم آته حتّى صلّيت، ثمّ أتيته فقال: "ما منعك أن تأتيني ؟ ". فقلت: كنت أصلّي. فقال: "ألم يقل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم} [الأنفال: 24] ألا أعلّمك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟ " فذهب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليخرج، فذكّرته فقال: " {الحمد للّه ربّ العالمين} [الفاتحة: 2] هي السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذي أوتيته"
[و] الثّاني: قال: حدّثنا آدم، حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، حدّثنا المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمّ القرآن هي: السّبع المثاني والقرآن العظيم"
فهذا نصٌّ في أنّ الفاتحة السّبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السّبع الطّول بذلك، لما فيها من هذه الصّفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضًا، كما قال تعالى: {اللّه نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني} [الزّمر: 23] فهو مثاني من وجهٍ، ومتشابهٌ من وجهٍ، وهو القرآن العظيم
أيضًا، كما أنّه عليه السّلام لـمّا سئل عن المسجد الّذي أسّس على التّقوى، فأشار إلى مسجده، والآية نزلت في مسجد قباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصّفة، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 546-548]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} أي: استغن بما آتاك اللّه من القرآن العظيم عمّا هم فيه من المتاع والزّهرة الفانية.
ومن هاهنا ذهب ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصّحيح: "ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن" إلى أنّه يستغنى به عمّا عداه، وهو تفسيرٌ صحيحٌ، ولكن ليس هو المقصود من الحديث، كما تقدّم في أوّل التّفسير.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن وكيع بن الجرّاح، حدّثنا موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن أبي رافعٍ صاحب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أضاف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ضيف ولم يكن عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شيءٌ يصلحه، فأرسل إلى رجلٍ من اليهود: يقول لك محمّدٌ رسول اللّه: أسلفني دقيقًا إلى هلال رجبٍ. قال: لا إلّا برهن. فأتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [فأخبرته] فقال: "أما واللّه إنّي لأمين من في السّماء وأمين من في الأرض ولئن أسلفني أو باعني لأؤدّينّ إليه". فلمّا خرجت من عنده نزلت هذه الآية: {لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا} إلى آخر الآية. [طه: 131] كأنّه يعزّيه عن الدّنيا
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {لا تمدّنّ عينيك} قال: نهي الرّجل أن يتمنّى مال صاحبه.
وقال مجاهدٌ: {إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} هم الأغنياء). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 548]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقل إنّي أنا النّذير المبين (89) كما أنزلنا على المقتسمين (90) الّذين جعلوا القرآن عضين (91) فوربّك لنسألنّهم أجمعين (92) عمّا كانوا يعملون (93)}
يأمر تعالى نبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه، أن يقول للنّاس إنّه {النّذير المبين} البيّن النّذارة، نذيرٌ للنّاس من عذابٍ أليمٍ أن يحلّ بهم على تكذيبه كما حلّ بمن تقدّمهم من الأمم المكذّبة لرسلها، وما أنزل اللّه عليهم من العذاب والانتقام). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 548]

تفسير قوله تعالى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {المقتسمين} أي: المتحالفين، أي: تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كما قال تعالى إخبارًا عن قوم صالحٍ أنّهم: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله} [النّمل: 46] أي: نقتلهم ليلًا قال مجاهدٌ: تقاسموا: تحالفوا.
{وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت} [النّحل: 38] {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ} [إبراهيم: 44] {أهؤلاء الّذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمةٍ} [الأعراف: 49] فكأنّهم كانوا لا يكذّبون بشيءٍ إلّا أقسموا عليه، فسمّوا مقتسمين.
قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: المقتسمون أصحاب صالحٍ، الّذين تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله.
وفي الصّحيحين، عن أبي موسى [الأشعريّ] عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّما مثلي ومثل ما بعثني اللّه به، كمثل رجلٍ أتى قومه فقال: يا قوم، إنّي رأيت الجيش بعينيّ، وإنّي أنا النّذير العريان، فالنّجاء النّجاء! فأطاعه طائفةٌ من قومه فأدلجوا، وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذّبه طائفةٌ منهم فأصبحوا مكانهم، فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتّبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحقّ"
وقوله: {الّذين جعلوا القرآن عضين} أي: جزّؤوا كتبهم المنزّلة عليهم، فآمنوا ببعضٍ وكفروا ببعضٍ.
قال البخاريّ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، أنبأنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: {جعلوا القرآن عضين} قال: هم أهل الكتاب، جزّؤوه أجزاءً، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه
حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ: {كما أنزلنا على المقتسمين} قال: آمنوا ببعضٍ، وكفروا ببعضٍ: اليهود والنّصارى
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، والضّحّاك، مثل ذلك.
وقال الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {جعلوا القرآن عضين} قال: السّحر وقال عكرمة: العضه: السّحر بلسان قريشٍ، تقول للسّاحرة: إنّها العاضهة
وقال مجاهدٌ: عضوه أعضاءً، قالوا: سحرٌ، وقالوا: كهانةٌ، وقالوا: أساطير الأوّلين.
وقال عطاءٌ: قال بعضهم: ساحرٌ، وقال بعضهم: مجنونٌ. وقال بعضهم كاهنٌ. فذلك
العضين وكذا روي عن الضّحّاك وغيره.
وقال محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن سعيدٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّ الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفرٌ من قريشٍ، وكان ذا شرفٍ فيهم، وقد حضر الموسم فقال لهم: يا معشر قريشٍ، إنّه قد حضر هذا الموسم، وإنّ وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضًا، ويردّ قولكم بعضه بعضًا. فقالوا: وأنت يا أبا عبد شمسٍ، فقل وأقم لنا رأيًا نقول به. قال: بل أنتم قولوا لأسمع. قالوا: نقول كاهنٌ". قال: ما هو بكاهنٍ. قالوا: فنقول: "مجنونٌ". قال: ما هو بمجنونٍ! قالوا فنقول: "شاعرٌ". قال: ما هو بشاعرٍ! قالوا: فنقول: "ساحرٌ". قال: ما هو بساحرٍ! قالوا: فماذا نقول؟ قال: واللّه إنّ لقوله حلاوةً، فما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلّا عرف أنّه باطلٌ، وإنّ أقرب القول أن تقولوا: هو ساحرٌ. فتفرّقوا عنه بذلك، وأنزل اللّه فيهم: {الّذين جعلوا القرآن عضين} أصنافًا {فوربّك لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} دوينك النّفر الّذين قالوا ذلك لرسول اللّه.
وقال عطيّة العوفيّ، عن ابن عمر في قوله: {لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} قال: عن لا إله إلّا اللّه.
وقال عبد الرّزّاق. أنبأنا الثّوريّ، عن ليثٍ -هو ابن أبي سليمٍ -عن مجاهدٍ، في قوله: {لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} قال: عن لا إله إلّا اللّه
وقد روى التّرمذيّ، وأبو يعلى الموصليّ، وابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، من حديث شريكٍ القاضي، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن بشير بن نهيك، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {فوربّك لنسألنّهم أجمعين} [قال] عن لا إله إلّا اللّه
ورواه ابن إدريس، عن ليثٍ، عن بشيرٍ عن أنسٍ موقوفًا
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أحمد، حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا شريكٌ، عن هلالٍ، عن عبد اللّه بن عكيم قال: قال عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ -: والّذي لا إله غيره، ما منكم من أحدٍ إلّا سيخلو اللّه به يوم القيامة، كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، فيقول: ابن آدم، ماذا غرّك منّي بي؟ ابن آدم، ماذا عملت فيما علمت؟ ابن آدم، ماذا أجبت المرسلين ؟
وقال أبو جعفرٍ: عن الرّبيع، عن أبي العالية: قال: يسأل العباد كلّهم عن خلّتين يوم القيامة، عمّا كانوا يعبدون، وماذا أجابوا المرسلين.
وقال ابن عيينة عن عملك، وعن مالك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن أبي الحوّاري، حدّثنا يونس الحذّاء، عن أبي حمزة الشّيبانيّ، عن معاذ بن جبلٍ قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا معاذ، إنّ المؤمن ليسأل يوم القيامة عن جميع سعيه، حتّى كحل عينيه، وعن فتات الطّينة بأصبعيه، فلا ألفينّك يوم القيامة وأحدٌ أسعد بما آتى اللّه منك"
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فوربّك لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} ثمّ قال {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ} [الرّحمن: 39] قال: لا يسألهم: هل عملتم كذا؟ لأنّه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا؟).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 548-551]

رد مع اقتباس