الموضوع: سورة النساء
عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 20 جمادى الآخرة 1434هـ/30-04-2013م, 10:58 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

قوله تعالى{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا(90)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَاب الزهري (ت: 124هـ):وقال تعالى: {إلا الذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم}...... إلى قوله: {سلطاناً مبيناً}.
وقال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}.
وقال تعالى: {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام}. وهم بنو ضمرة بن بكر قد عاقد عليهم مخشي بن حويل: إنا نأمنكم وتأمنونا حتى ندبر وننظر في الأمر.
نسخ هؤلاء الأربعة، فقال تعالى: {براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين}.
فجعل لهم أجلاً أربعة أشهر يسيحون في الأرض. {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [وخذوهم] واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيهم إن الله غفورٌ رحيمٌ}.
وقال عز وجل: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}. *)
[الناسخ والمنسوخ للزهري:22- 26]
(
قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال:(سورة النساء)
وعن قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم إلى قوله وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا} ثم نسخ بعد ذلك في براءة نبذ إلى كل ذي عهد عهده ثم أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتل المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} )[الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/38-40]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة النساء){إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} [90 مدينة / النساء / 4] نسخها الله بآية السيف)[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 31-35]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة النساء)قال جلّ وعزّ: {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلًا} أهل التّأويل على أنّ هذه الآية منسوخةٌ بالأمر بالقتال
قال أبو جعفرٍ: كما حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} [النساء: 90] الآية قال: " نسختها براءةٌ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا جعفرٌ قال: حدّثنا إبراهيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة، {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} [النساء: 90] قال: " ثمّ نسخ بعد ذلك فنبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده ثمّ أمر اللّه جلّ وعزّ أن نقاتل المشركين حتّى يقولوا لا إله إلّا اللّه فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ وحدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم} [النساء: 90] قال: " نسختها براءةٌ {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ: هذا قول مجاهدٍ
وقال ابن زيدٍ نسخها الجهاد
وزعم بعض أهل اللّغة أنّ معنى {إلّا الّذين يصلون} [النساء: 90] أي يتّصلون أي ينتمون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أي ينتسبون إليهم كما قال الأعشى:


إذا اتّصلت قالت أبكر بن وائلٍوبكرٌ سبتها والأنوف رواغـم

قال أبو جعفرٍ: وهذا غلطٌ عظيمٌ لأنّه يذهب إلى أنّ اللّه تعالى حظر أن يقاتل أحدٌ بينه وبين المسلمين نسبٌ والمشركون قد كان بينهم وبين السّابقين الأوّلين أنسابٌ وأشدّ من هذا الجهل الاحتجاج بأنّ ذلك كان ثمّ نسخ لأنّ أهل التّأويل مجمعون أنّ النّاسخ له براءةٌ وإنّما نزلت براءةٌ بعد الفتح وبعد أن انقطعت الحروب وإنّما يؤتى هذا من الجهل بقول أهل التّفسير والاجتراء على كتاب اللّه جلّ وعزّ وحمله على المعقول من غير علمٍ بأقوال المتقدّمين
والتّقدير على قول أهل التّأويل: فإن تولّوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ، وأولئك القوم خزاعة صالحهم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على أنّهم لا يقاتلون، وأعطاهم الأمان ومن وصل إليهم فدخل في الصّلح معهم كان حكمه حكمهم {أو جاءوكم حصرت صدورهم} أي وإلّا الّذين جاءوكم حصرت صدورهم وهم بنو مدلجٍ وبنو خزيمة ضاقت صدورهم أن يقاتلوا المسلمين أو يقاتلوا قومهم بني مدلجٍ وحصرت خبرٌ بعد خبرٍ وقيل حذفت منه قد
فأمّا أن يكون دعاءً فمخالفٌ لقول أهل التّأويل لأنّه قد أمر ألّا يقاتلوا فكيف يدّعي عليهم وقيل المعنى: أو يصلون إلى قومٍ جاءوكم حصرت صدورهم ثمّ قال تعالى: {ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم} [النساء: 90] أي لسلّط هؤلاء
الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ والّذين جاءوكم حصرت صدورهم، أي واشكروا نعمة اللّه عليكم واقبلوا أمره ولا تقاتلوهم {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم} [النساء: 90] أي الصّلح {فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلًا} [النساء: 90] أي طريقًا إلى قتلهم وسبي ذراريّهم، ثمّ نسخ هذا كلّه كما قال أهل التّأويل فنبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده فقيل لهم: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ} [التوبة: 2] ثمّ ليس بعد ذلك إلّا الإسلام أو القتل لغير أهل الكتاب
واختلف العلماء في الآية العاشرة فقالوا فيها خمسة أقوالٍ)
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/138-231]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة النساء)قوله تعالى {إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينًكم وبينهم ميثاقٌ} إلى قوله {سبيلاً} نسخ بآية السّيف)[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 65-78]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة النساء)قوله تعالى: {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} الآية:
أمر الله جلّ ذكره بإباحة القتل لمن تخلّف بمكة ولم يهاجر، فقال يوبّخ المؤمنين: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} [النساء: 88] إلى قوله: {بصيرًا} [النساء: 88]، فأباح تضليلهم وتكفيرهم وقتلهم، ثم استثنى منهم من اتصل منهم بقوم لهم عهدٌ عند المسلمين، فصار من اتصل منهم بقوم بينهم وبين المسلمين عهدٌ لا يقتل، ثم نسخ الله ذلك بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة:5]، وهو قول ابن عباس وقتادة. وقال قتادة: نبذ في براءة إلى كل ذي عهد عهده، ثم أمر الله بالقتال والقتل، حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ومعنى يصلون ينتسبون وينتمون، وعن ابن عباس أنه قال: نسخ هذه الآية ونسخ قوله: {لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} [الممتحنة: 8] الآية قوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]، وقوله: {وقاتلوا المشركين كافّةً} [التوبة: 36].
قال أبو محمد: وكذلك هذا نسخ جميع آيات الأمر بالصّفح والعفو
والمهادنة حيث كانت. وقد مضى ذكر هذا.
قوله تعالى: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً} [النساء: 90].
قال ابن أبي أويس: هذا منسوخ بآية براءة: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، قال وكذلك كلّ صلحٍ في القرآن منسوخ بالأمر بالقتال في براءة وغيرها.)
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 207-253]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (قوله تعالى: {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ}.
قوله تعالى: {يصلون} : يدخلون في عهدٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ. والمعنى: ينتسبون بالعهد أو يصلون إلى قوم جاؤوكم، حصرت صدورهم أي: ضاقت عن قتالكم لموضع العهد الّذي بينكم وبينهم، فأمر المسلمون في هذه الآية بترك قتال من (له) معهم عهدٌ، أو ميثاقٌ، أو ما يتعلّق بعهدٍ، ثمّ نسخ ذلك
بآية السّيف، وبما أمروا به من نبذ العهد إلى أربابه في سورة براءةٍ. وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ وقتادة.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال. (أبنا ابن أيّوب) قال: أبنا ابن شاذان، قال. أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا الحسن ابن محمد، قال: بنا حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} وقال: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ} وقال: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} نسخ هذا {براءةٌ من اللّه ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين} {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم}.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا أحمد بن إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني أبي، قال: بنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ عن قتادة {إلاّ الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} الآية. قال: نسخ ذلك في براءةٍ، ونبذ إلى كلّ ذي عهدٍ عهده، وأمر اللّه نبيّه أن يقاتلهم حتّى يشهدوا أن
لا إله إلا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية.)
[نواسخ القرآن: 247-296]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): ({إلّا الّذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ} المراد يصلون يدخلون في عهد قوم بينكم وبينهم ميثاق كدخول خزاعه في عهد رسول الله ثم نسخ ذلك بآية السيف)[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 23-26]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة النساء)قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90]، قالوا: قال الله عز وجل: {فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89]، ثم استثنى من ذلك أهل الميثاق ومن اتصل بهم وانحاز إلى جملتهم، ثم نسخ ذلك بقوله عز وجل في "براءة": {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5]، قال قتادة: نبذ إلى كل ذي عهد عهده، ثم أمر بالقتال والقتل حتى يقولوا لا إله إلا الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاهد كفار مكة عام الحديبية عهدا بقي من مدته عند نزول "براءة" أربعة أشهر، فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوفي عهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخر قتال من لا عهد له إلى انسلاخ محرم، ثم يقاتل الجميع حتى يدخلوا في الإسلام، ولا يقبل منهم سوى ذلك، هذا كله قول قتادة.
وقال السدي كان آخر عهد الجميع تمام أربعة أشهر، وذلك لعشر خلون من ربيع الآخر، وهذا كله كان في موسم سنة تسع.
وقال السدي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام أربعة أشهر لمن كان بينه وبينه عهد أربعة أشهر فما دون ذلك، وأما من كان عهده أكثر من أربعة أشهر فهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم له عهده في قوله عز وجل: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم} الآية [التوبة: 4]، فمن نقض منهم العهد دخل فيمن أخر إلى تمام أربعة أشهر، وهذا اختيار الطبري، وهو قول الضحاك، فعلى هذا لا يكون قوله: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90] منسوخا؛ لأنه قد جعل له حكم المعاهدين وأدخل في جملتهم، وقد أخر قتالهم إلى انقضاء مدتهم.
وروي أن عليا عليه السلام كان يقول في ندائه: (ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته)، ويدل عليه قوله عز وجل: {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} الآية [التوبة: 7]، فأمر الله لمن استقام على عهده ولم ينقضه بأن يتم له عهده، وأن يؤخر من نقض عهده وظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر.
قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} الآية [التوبة: 2]، ففسح لمن كان له عهد ونقض قبل انتهائه، ومن له أربعة أشهر فما دون أن ينصرفوا في الأرض مقبلين ومدبرين، ثم لا أمان لهم بعد ذلك.
قال مجاهد: أولها من يوم النحر إلى عشرين من ربيع الآخر.
وقال الزهري: أولها شوال وآخرها آخر محرم، وتسمى: أشهر السماحة أيضا؛ لأنه سمح لهم فيها بالتصرف.
وقال ابن عباس: (من لم يكن له عهد إنما جعل أجله خمسين ليلة، عشرين من ذي الحجة والمحرم، يدل على ذلك قوله عز وجل: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} الآية [التوبة: 5] وكان النداء بسورة براءة يوم عرفة، وبه تتم خمسون ليلة).
وقيل: يوم النحر، ونزلت براءة أول شوال، ومن ذلك اليوم أجل أربعة أشهر لأهل العهد.
وقال الزهري: من أول شوال هو أول الأربعة أشهر، وهو للجميع، فمن كان له عهد كان أجله أربعة أشهر من ذلك الوقت، ومن لم يكن له عهد انسلاخ الأشهر الحرم وذلك أربعة أشهر أيضا.)

قوله عز وجل: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} الآية [النساء: 90]. قيل: معناه: ولا الذين جاءوكم قد ضاقت صدورهم عن قتالكم وعن قتال قومهم.
قال الحسن وعكرمة وابن زيد: هو منسوخ بالجهاد.
وأقول – والله أعلم – إن هؤلاء الذين حصرت صدورهم عن القتال هم الذين ذكروا في قوله عز وجل: {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} الآية [النساء: 90] ذكر لهم حالتان:
الاتصال بالمعاهدين.
أو المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتعذر.
إلا الذين حصرت صدورهم فاتصلوا بقوم بينكم وبينهم ميثاق، أو جاءوكم، يدل على ذلك قراءة أبي (بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم) وليس في قراءته {أو جاءوكم} وقوله عز وجل: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} الآية [التوبة: 5]، إنما أراد كفار مكة ومن معهم، يدل على ذلك قوله عز وجل: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} الآية [التوبة: 13]؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين قاضى المشركين أدخل معه بني كعب بن خزاعة في القضية وأدخل المشركون معهم بني بكر بن كنانة في القضية، فنقض المشركون أيمانهم وأغاروا مع بني بكر بن كنانة على بني كعب بن خزاعة قبل انقضاء مدة العهد، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال لانتصرن لهم، فنصره الله عز وجل بفتح مكة وشفى صدور بني خزاعة، وأذهب غيظ قلوبهم وهم القوم المؤمنون وحلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتأمل هذا، فإنه لا يعارض ما في سورة النساء، إلا أن يكون الذين حصرت صدورهم ممن نقض العهد ونكث اليمين وأعان على خزاعة.
والجرأة على الناسخ والمنسوخ خطر عظيم.
ولا يعارض ما في سورة النساء أيضا، قوله عز وجل: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} الآية [التوبة: 36].

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس