عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 04:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 93 إلى 110]

(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) )

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) )

تفسير قوله تعالى: (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) )

تفسير قوله تعالى: (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) )

تفسير قوله تعالى: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) )

تفسير قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً...}
نزلت في طائفة من أعراب أسد وغطفان وحاضري المدينة. و{أجدر} كقولك: أحرى، وأخلق.
{وأجدر ألاّ يعلموا} موضع {أن} نصب. وكل موضع دخلت فيه {أن} والكلام الذي قبلها مكتفٍ بما خفضه أو رفعه أو نصبه فـ {أن} في موضع نصب؛ كقولك: أتيتك أنّك محسن، وقمت أنك مسيء، وثبتّ عنك أنك صديق وصاحب. وقد تبين لك أن {أن} في موضع نصب؛ لأنك تضع في موضع {أن} المصدر فيكون نصبا؛ ألا ترى أنك تقول: أتيتك إحسانك، فدلّ الإحسان بنصبه على نصب أن. وكذلك والآخران.
وأما قوله: {وأجدر ألاّ يعلموا} فإن وضعك المصدر في موضع {أن} قبيح؛ لأن أخلق وأجدر يطلبن الاستقبال من الأفاعيل فكانت بـ {أن} تبين المستقبل، وإذا وضعت مكان {أن} مصدرا لم يتبّين استقباله، فذلك قبح. و{أن} في موضع نصب على كل حال؛ ألا ترى أنك تقول: أظن أنك قائم فتقضى على {أن} بالنصب، ولا يصلح أن تقول: أظن قيامك، فأظن نظير لخليق ولعسى (وجدير) وأجدر وما يتصرف منهن في {أن} ). [معاني القرآن: 1/449]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الأعراب أشدّ كفرا ونفاقا وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله واللّه عليم حكيم}
هؤلاء أعراب كانوا حول المدينة، فكفرهم أشدّ لأنهم أقسى وأجفى من أهل المدر، وهم أيضا أبعد من سماع التنزيل وإنذار الرسول.
وقوله: {وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله}.
" أن " في موضع نصب، لأن الباء محذوفة من أن.
المعنى أجدر بترك العلم، تقول: أنت جدير أن تفعل كذا، وبأن تفعل كذا، كما تقول أنت خليق أن تفعل، أي هذا الفعل ميسّر فيك.
فإذا حذفت الباء، لم يصلح إلا بأن.
وإن أتيت بالباء صلح بأن وغيره، تقول أنت جدير أن تقوم وجدير بالقيام، فإذا قلت، أنت جدير القيام، كان خطأ، وإنما صلح مع أن لأن أن تدل على الاستقبال، فكأنّها عوض - من المحذوف). [معاني القرآن: 2/465]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا}
قال قتادة لأنهم أبعد عن معرفة السنن
وقال غيره لأنهم أجفى وأقسى وأبعد عن سماع التنزيل
ثم قال جل وعز: {وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}
أي وأخلق بترك ما أنزل الله على رسوله). [معاني القرآن: 3/244]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويتربّص بكم الدّوائر...}
يعني: الموت والقتل.
يقول الله تبارك وتعالى: {عليهم دائرة السّوء} وفتح السين من {السوء} هو وجه الكلام، وقراءة أكثر القرّاء. وقد رفع مجاهد السين في موضعين: هاهنا وفي
سورة الفتح، فمن قال: {دائرة السّوء} فإنه أراد المصدر من سؤته سوءا ومساءة ومسائية وسوائية، فهذه مصادر. ومن رفع السين جعله اسما؛ كقولك: عليه دائرة البلاء والعذاب. ولا يجوز ضم العين في قوله: {ما كان أبوك امرأ سوء} ولا في قوله: {وظننتم ظنّ السّوء} لأنه ضدّ لقولك: هذا رجل صدق، وثوب صدق. فليس للسوء ها هنا معنى في عذاب ولا بلاء، فيضم). [معاني القرآن: 1/449-450]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرماً ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء واللّه سميعٌ عليمٌ}
وقال: {عليهم دائرة السّوء} كما تقول: "هذا رجل السّوء" وقال الشاعر:

وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دماً = بصاحبه يوماً أحار على الدّم
وقد قرئت (دائرة السّوء) وذا ضعيف لأنك إذا قلت "كانت عليهم دائرة السوء" كان أحسن من "رجل السوء" ألا ترى أنك تقول: "كانت عليهم دائرة الهزيمة" لأنّ الرجل لا يضاف إلى السّوء كما يضاف هذا لأن هذا يفسر به الخير والشر كما نقول: "سلكت طريق الشر" و"تركت طريق الخير"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يتّخذ ما ينفق مغرماً} أي غرما وخسرانا.
{ويتربّص بكم الدّوائر} دوائر الزمان بالمكروه. ودوائر الزمان: صروفه التي تأتي مرّة بالخير ومرّة بالشر). [تفسير غريب القرآن: 191]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرما ويتربّص بكم الدّوائر عليهم دائرة السّوء واللّه سميع عليم}
{ويتربّص بكم الدّوائر}.
أي الموت والقتل). [معاني القرآن: 2/465]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما}
أي غرما وخسرانا
ثم قال جل وعز: {ويتربص بكم الدوائر}
الدوائر أي ما يدور به الزمان من المكروه وأصل الدوائر صروف الزمان مرة بالخير ومرة بالشر
ثم قال جل وعز: {عليهم دائرة السوء}
وتقرأ عليهم دائرة السوء
والسوء البلاء والمكروه والسوء الرداءة ويقال رجل سوء والرجل السوء). [معاني القرآن: 3/245]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وصلوات الرّسول}: دعاؤه.
[تفسير غريب القرآن: 191]
وكذلك قوله: {وصلّ عليهم} أي ادع لهم {إنّ صلاتك سكنٌ لهم} أي دعاؤك تثبيت لهم وطمأننينة). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصلاة: الدعاء. قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103].
أي: ادع لهم، إنّ ذلك مما يسكّنهم وتطمئن إليه قلوبهم.
وقال: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} يعني: دعاءه.
وقال الأعشى يذكر الخمر والخمّار:

وقابلها الرِّيح فِي دَنِّهَا = وَصَلَّى عَلى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ
أي: دعا لها بالسلامة من الفساد والتغيّر). [تأويل مشكل القرآن: 460]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ويتّخذ ما ينفق قربات عند اللّه وصلوات الرّسول ألا إنّها قربة لهم سيدخلهم اللّه في رحمته إنّ اللّه غفور رحيم}
{قربات عند اللّه}.
فيها ثلاثة أوجه قربات بضم الراء، وقربات بإسكانها وقربات بفتح الراء.
{وصلوات الرسول}.
وكذلك: {وصلّ عليهم}. معناه دعاء الرسول.
قال الأعشى:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا.=.. يا ربّ جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي.=.. عينا فإن لجنب الأرض مضطجعا
إن شئت قلت عليك مثل الذي، ومثل الذي، فمن قال:
" عليك مثل الذي صلّيت " فقد أمرها بالدعاء، كأنّه قال ادعي مثل الذي دعوت، ومن قال مثل فالمعنى عليك مثل هذا الدعاء.
أي ثبت عليك مثل هذا). [معاني القرآن: 2/465-466]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول}
فالصلاة ههنا الدعاء
قال الضحاك وصلوات الرسول يقول واستغفار الرسول
والصلاة تقع على ضروب
فالصلاة من الله جل وعز الرحمة والخير والبركة قال الله جل وعز: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}
والصلاة من الملائكة الدعاء
وكذلك هي من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}
أي دعاؤك تثبيت لهم وطمأنينة كما قال الشاعر:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا = يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي = نوما فإن لجنب المرء مضطجعا).
[معاني القرآن: 3/246-247]

تفسير قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار...}
إن شئت خفضت الأنصار تريد: من المهاجرين ومن الأنصار. وإن شئت رفعت {الأنصار} يتبعهم قوله: {والسابقون}، وقد قرأها الحسن البصريّ: {والذين أتبعوهم بإحسان}: من أحسن من بعدهم إلى يوم القيامة. ورفعت {السابقون والذين اتبعوهم} بما عاد من ذكرهم في قوله رضي الله عنهم). [معاني القرآن: 1/450]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رّضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّاتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم}
وقال: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار} وقال بعضهم {والأنصار} رفع عطفه على قوله {والسّابقون} والوجه هو الجر لأن السابقين الأولين كانوا من الفريقين جميعا). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رضي اللّه عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}
ويجوز والأنصار، فمن قال: " والأنصار " نسق على المهاجرين.
المعنى: والسابقون الأولون من المهاجرين ومن الأنصار، ومن قال: والأنصار نسق به على " والسّابقون " كأنه قال: " والسابقون والأنصار ".
وقوله: {والّذين اتبعوهم بإحسان}.
أي من اتبعهم إلى يوم القيامة.
{رضي اللّه عنهم ورضوا عنه}.
تأويله: - واللّه أعلم - أن اللّه رضي أفعالهم، وأنهم رضوا ما جازاهم اللّه به). [معاني القرآن: 2/466]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان}
وروي عن عمر أنه قرأ والأنصار
فمن قرأ بالخفض ذهب إلى أن المعنى ومن الأنصار
ومن قرأ بالرفع أراد الأنصار كلهم ولم يجعلهم من السابقين
قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة والسابقون الذين صلوا القبلتين جميعا
وقال عطاء هم أهل بدر
وقال الشعبي هم الذين بايعوا بيعة الرضوان
ثم قال جل وعز: {رضي الله عنهم ورضوا عنه}
أي رضي الله أعمالهم ورضوا مجازاته عليها). [معاني القرآن: 3/247-248]

تفسير قوله تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن أهل المدينة مردوا على النّفاق...}
ومرنوا عليه مرووا عليه؛ كقولك: تمردوا.
وقوله: {سنعذّبهم مّرّتين}. فقال بالقتل وعذاب القبر). [معاني القرآن: 1/450]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مردوا على النّفاق} أي عتوا ومرّنوا عليه وهو من قولهم: تمرّد فلان، ومنه {شيطانٍ مريد} [22: 3] ). [مجاز القرآن: 1/268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مردوا على النفاق}: المارد الخبيث). [غريب القرآن وتفسيره: 166]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سنعذّبهم مرّتين} بالقتل والأسر. وقال الحسن: عذاب الدنيا وعذاب القبر). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وممّن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النّفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذّبهم مرّتين ثمّ يردّون إلى عذاب عظيم}
مقدّم ومؤخر، {مردوا} متصل بقوله منافقون.
{سنعذبهم مرتين}.
أي سنعذبهم بالإنفاق وبالفعل، وقيل بالقتل وعذاب القبر.
{ثم يردون إلى عذاب عظيم}.
أي يعذبون في الآخرة). [معاني القرآن: 2/466-467]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق}
في الكلام تقديم وتأخير المعنى وممن حولكم من الأعراب منافقون مردوا على النفاق ومن أهل المدينة أي من أهل المدينة مثلهم
ثم قال جل وعز: {لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين}
قال الحسن وقتادة عذاب الدنيا وعذاب القبر
قال قتادة ثم يردون إلى عذاب عظيم أي عذاب جهنم
وقيل سنعذبهم مرتين يعني السباء والقتل
وقال الفراء بالقتل وعذاب القبر
وقال مجاهد بالجوع والقتل). [معاني القرآن: 3/248-249]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مردوا على النفاق} أي: تطاولوا على النفاق). [ياقوتة الصراط: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} عذاب الآخرة وعذاب الدنيا. وقيل: القتل والأسر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 99]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَرَدُواْ}: خبثوا، عتوا). [العمدة في غريب القرآن: 149]

تفسير قوله تعالى: (وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلطوا عملاً صالحاً...}
يقول: خرجوا إلى بدر فشهدوها. ويقال: العمل الصالح توبتهم من تخلفهم عن غزوة تبوك.
{وآخر سيّئاً}: تخلّفهم يوم تبوك {عسى اللّه} عسى من الله واجب إن شاء الله. وكان هؤلاء قد أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد، وحلفوا ألا يفارقوا ذلك حتى تنزل توبتهم، فلمّا نزلت قالوا: يا رسول الله خذ أموالنا شكرا لتوبتنا، فقال: لا أفعل حتى ينزل بذلك عليّ قرآن. فأنزل الله عز وجل:
قوله: {خذ من أموالهم صدقةً} ). [معاني القرآن: 1/450-451]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً عسى الله أن يتوب عليهم إنّ اللّه غفورٌ رّحيمٌ}
وقال: {خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً} فيجوز في العربية أن تكون "بآخر" كما تقول: "استوى الماء والخشبة" أي: "بالخشبة" و"خلطت الماء واللّبن" أي "بالّلبن"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا}
قال الضحاك هؤلاء قوم تخلفوا عن غزوة تبوك منهم أبو لبابة فندموا وربطوا أنفسهم إلى سواري المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا أعذرهم فأنزل الله جل وعز: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم}
وعسى من الله واجبة فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم بأموالهم فأبى أي يقبلها فأنزل الله: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم}
قال أبي وصل عليهم واستغفر لهم
وقيل هم الثلاثة الذين خلفوا والعمل الصالح الذي عملوه أنهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وربطوا أنفسهم بسواري المسجد وقالوا لا نقرب أهلا ولا ولدا حتى ينزل الله عذرنا
{وآخر سيئا} هو تخلفهم عن غزوة تبوك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأول الصحيح). [معاني القرآن: 3/249-250]

تفسير قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {خذ من أموالهم صدقةً}.
فأخذ بعضا.
ثم قال: {تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم}: استغفر لهم، فإن استغفارك لهم تسكن إليه قلوبهم، وتطمئن بأن قد تاب الله عليهم. وقد قرئت {صلواتك}. والصلاة أكثر). [معاني القرآن: 1/451]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ صلواتك سكنٌ لهم} أي إن دعاءك تثبيت وسكون ورجاء، قال الأعشى:

تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلاً..=. يا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي.=.. نوماً فإن لجنب المرءٍ مضطجعا
رفعته كرفع قولك: إذا قال السلام عليكم، قلت أنت: وعليك السلام وبعضهم ينصبه على الإغراء والأمر: أن تلزم هذا الذي دعت به فتردده وتدعو به). [مجاز القرآن: 1/268]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لّهم واللّه سميعٌ عليمٌ}
وقال: {خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها} فقوله: {وتزكّيهم بها} على الابتداء وإن شئت جعلته من صفة الصدقة ثم جئت بها توكيداً. وكذلك {تطهّرهم} ). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصلاة: الدعاء. قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}.
أي: ادع لهم، إنّ ذلك مما يسكّنهم وتطمئن إليه قلوبهم.
وقال: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99] يعني: دعاءه.
وقال الأعشى يذكر الخمر والخمّار:
وقابلها الرِّيح فِي دَنِّهَا = وَصَلَّى عَلى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ
أي: دعا لها بالسلامة من الفساد والتغيّر). [تأويل مشكل القرآن: 460] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكن لهم واللّه سميع عليم}
يصلح أن تكون تطهرهم بها نعتا للصدقة، كأنه قال: خذ من أموالهم صدقة مطهرة، والأجود أن يكون تطهرهم للنبي - صلى الله عليه وسلم.
المعنى خذ من أموالهم صدقة فإنك تطهرهم بها، ويجوز " تطهرهم " بالجزم على جواب الأمر. المعنى إن تأخذ من أموالهم تطهرهم وتزكهم.
ولا يجوز في القراءة إلا بإثبات الياء في تزكيهم، اتباعا للمصحف.
{وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكن لهم}.
أي ادع لهم.
و{سكن} أي: يسكنون بها). [معاني القرآن: 2/467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ادعُ لهم.
{سَكَنٌ لَهُمْ} أي تثبيت لهم وطمأنينة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 99]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يقبل التّوبة عن عباده} أي من عبيده، كقولك أخذته منك وأخذته عنك). [مجاز القرآن: 1/268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويأخذ الصّدقات} أي يقبلها. ومثله: {خذ العفو} [سورة الأعراف آية: 199] أي أقبله). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الأخذ: أصله باليد، ثم يستعار في مواضع:
فيكون بمعنى: القبول، قال الله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81] أي: قبلتم عهدي، وقال تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] أي فاقبلوه.
وقال: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104] أي يقبلها). [تأويل مشكل القرآن: 502] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم يعلموا أنّ اللّه هو يقبل التّوبة عن عباده ويأخذ الصّدقات وأنّ اللّه هو التّوّاب الرّحيم}
تأويله ويقبل الصّدقات، وكذلك ما يروى " إن الصدقة تقع في يد اللّه جلّ وعزّ تأويله أن الصّدقة يتقبلها الله جل ثناؤه ويضاعف عليها). [معاني القرآن: 2/467]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات}
أي ويقبلها
ومنه {خذ العفو وأمر بالعرف}
ومنه الحديث الصدقة تقع في يد الله عز وجل أي يقبلها). [معاني القرآن: 3/250-251]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} أي يقبلها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 100]

تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) )

تفسير قوله تعالى: (وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآخرون مرجون لأمر اللّه...}
هم ثلاثة نفرٍ مسمّون، تخلّفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما رجع قال: "ما عذركم"؟ قالوا: لا عذر لنا إلا الخطيئة، فكانوا موقوفين حتى نزلت توبتهم في قوله: {لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار...}). [معاني القرآن: 1/451]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وآخرون مرجون لأمر الله} أي مؤخرون، يقال: أرجأتك، أي أخّرتك). [مجاز القرآن: 1/269]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وآخرون مرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم واللّه عليمٌ حكيمٌ}
وقال: {وآخرون مرجون} لأنه من "أرجأت" وقال بعضهم {مرجون} في لغة من قال {أرجيت} ). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مرجؤن}: مؤخرون). [غريب القرآن وتفسيره: 166]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وآخرون مرجون لأمر اللّه} أي مؤخرون على أمره). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وآخرون مرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم واللّه عليم حكيم}
{وآخرون مرجأون لأمر اللّه}
معنى {مرجأون} مؤخرون.
يقال أرجأت الأمر، إذا أخّرته.
ويقرأ {مرجون} على أرجيت.
و {آخرون} عطف على قوله: {وممّن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة}.
المعنى: من أهل المدينة منافقون ومنهم آخرون مرجون.
ويقال إنهم الثلاثة الذين خلّفوا
{إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم}.
{إمّا} لوقوع أحد الشيئين، واللّه عزّ وجلّ عالم بما يصير إليه أمرهم، إلا أن هذا للعباد، خوطبوا بما يعلمون، فالمعنى لكن أمرهم عندكم على هذا في الخوف والرجاء). [معاني القرآن: 2/467-468]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآخرون مرجون لأمر الله} أي مؤخرون
يقال أرجأت الأمر وقد حكي أرجيت
ثم قال جل وعز: {إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}
وإما لأحد أمرين ليكونوا كذا عندهم
ويقال إن المرجئين ههنا هم الثلاثة الذين خلفوا وذكرهم الله عز وجل في قوله: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا}
وقرأ عكرمة الذين خلفوا بفتح الخاء مخففا وقال أي خلفوا بعقب النبي صلى الله عليه وسلم
ومعنى خلفوا تركوا فلم تقبل توبتهم كما قرئ على بكر بن سهل عن أبي صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالك وذكر الحديث وقال فيه وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن خلف له واعتذر إليه فقبل منه قال سهل بن سعد وكعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع العمري
قال مجاهد هم من الأوس والخزرج). [معاني القرآن: 3/251-252]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وآخرون مرجون} أي: مؤخرون). [ياقوتة الصراط: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُرْجَؤنَ}: مؤخرون). [العمدة في غريب القرآن: 149]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين اتّخذوا مسجداً ضراراً...}
هم بنو عمرو بن عوف من الأنصار، بنوا مسجدهم ضرارا لمسجد قباء. ومسجد قباء أول مسجد بني على التقوى. فلمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر بإحراق مسجد الشقاق وهدمه). [معاني القرآن: 1/452]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مسجداً ضراراً} أي مضارّة.
{وإرصاداً} أي ترقّبا بالعداوة، يقال: رصدته بالمكافاة أرصده، إذا ترقبته. وأرضدت له في العداوة. وقال أبو زيد: رصدته بالخير وغيره أرصده رصدا وأنا راصده، وأرصدت له بالخير وغيره إرصادا وأنا مرصد له.
وقال ابن الأعرابي: أرصدت له بالخير والشر جميعا بالألف). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {والّذين اتّخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب اللّه ورسوله من قبل وليحلفنّ إن أردنا إلّا الحسنى واللّه يشهد إنّهم لكاذبون}
" الذين " في وضع رفع، المعنى ومنهم الّذين اتّخذوا مسجدا ضرارا.
انتصب {ضرارا} مفعولا له.
المعنى اتخذوه للضرار والكفر والتفريق والإرصاد.
فلما حذفت اللام أفضى الفعل فنصب، ويجوز أن يكون مصدرا محمولا على المعنى؛ لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى معناه ضارّوا به ضرارا.
وتفسير الآية أن قوما من منافقي الأنصار أرادوا أن يفرقوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من يصلي معه من المؤمنين فاتخذوا مسجدا يقطعون به المؤمنين والنبي - صلى الله عليه وسلم - عن مسجد قباء.
(وإرصادا لمن حارب اللّه ورسوله من قبل).
كان رجل يقال له: أبو عمرو الراهب حارب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومضى إلى هرقل، وكان أحد المنافقين، فقالوا نبني هذا المسجد وننتظر أبا عامر حتى يجيء، فيصلي فيه، فالإرصاد، الانتظار.
واتخذوا هذا المسجد مضارة وكفرا، لأن عناد النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر وأطلع اللّه نبيه - صلى الله عليه وسلم - على طويتهم، وعلى أنهم سيحلفون كاذبين، فقال جلّ وعزّ:
{وليحلفنّ إن أردنا إلّا الحسنى واللّه يشهد إنّهم لكاذبون}.
وكانوا دعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلّي فيه فأنزل اللّه جل ثناؤه: {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسّس على التّقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا واللّه يحبّ المطّهّرين (108)} ). [معاني القرآن: 2/469]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا}
أي ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا أي مضارة
ثم قال تعالى: {وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل}
قال مجاهد هو أبو عامر خرج إلى الشام يستنجد قيصر على قتال المسلمين وكانوا يرصدون له
وقال أبو زيد يقال رصدته في الخير وأرصدت له في الشر
وقال ابن الأعرابي لا يقال إلا أرصدت ومعناه ارتقيت). [معاني القرآن: 3/252-253]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وإرصادا} أي: إعدادا). [ياقوتة الصراط: 247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَإِرْصَاداً} أي ترقباً بالعداوة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 100]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تقم فيه أبداً...}
يعني مسجد بني عمرو. ثم انقطع الكلام فقال: {لّمسجدٌ أسّس على التّقوى من أوّل يومٍ أحقّ أن تقوم فيه}. ثم قال: {فيه رجال} الأولى صلة لقوله: {تقوم} والثانية رفعت الرجال). [معاني القرآن: 1/452]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أسّس...}
و(أسّس) ويجوز أساس، وآساس. ويخيّل إليّ أني قد سمعتها في القراءة). [معاني القرآن: 1/452]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لا تقم فيه أبداً لّمسجدٌ أسّس على التّقوى من أول يومٍ أحقّ أن تقوم فيه فيه رجالٌ يحبّون أن يتطهّروا واللّه يحبّ المطّهّرين}
وقال: {أسّس على التّقوى من أول يومٍ أحقّ} يريد: "منذ أول يومٍ" لأن من العرب من يقول "لم أره من يوم كذا" يريد "منذ أول يوم" يريد به "من أول الأيّام" كقولك "لقيت كلّ رجلٍ" تريد به "كلّ الرجّال"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسّس على التّقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا واللّه يحبّ المطّهّرين}
ثم بين الله عزّ وجلّ: أي المسجدين أحق بالقيام فيه فقال:
{لمسجد أسّس على التّقوى من أوّل يوم}.
يعني به مسجد قباء.
{أحقّ أن تقوم فيه}.
{أن} في موضع نصب، المعنى: لمسجد أسس على التقوى أحقّ بأن نقوم فيه.
{فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا}.
يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بباب المسجد فقال: ((إن الله أحسن عليكم الثناء في طهوركم فبم تطهرون؟
فقالوا نغسل إثر الغائط بالماء)).
وهؤلاء قوم من الأنصار). [معاني القرآن: 2/469]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه}
يروى أنهم دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فيه كما صلى في مسجد قباء
قال سهل بن سعيد وأبو سعيد الخدري اختلف رجلان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر هو مسجد قباء فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو مسجدي هذا
وفي حديث أبي سعيد وذلك خير كثير
ثم قال جل وعز: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}
يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن طهورهم فقالوا إنا نستنجي بالماء فقال أحسنتم
والهاء في قوله: {أحق أن تقوم فيه} يعود على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
والهاء في قوله: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} يعود على مسجد قباء ويجوز أن تكون تعود على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 3/253-255]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {على شفا جرف هارٍ} مجاز شفا جرف شفير، والجرف ما لم يبن من الرّكايا لها جول، قال:
جرفٌ هيامٌ جوله يتهدّم
وهار مجاره هائر، والعرب تنزع هذه الياء من فاعل، قال العجاج:
لاثٍ به الأشاء والعبريّ
أي لائث. ويقال: كيدٌ خاب أي خائب، لات: بعضه فوق بعض كما تلوث العمامة؛ مجاز التمثيل لأن ما بنوه على التقوى أثبت أساساً من البناء الذي بنوه على الكفر والنفاق فهو على شفا جرف، وهو ما يجرف من سيول الأودية فلا يثبت البناء عليه). [مجاز القرآن: 1/269]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أفمن أسّس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوان خيرٌ أم مّن أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنّم واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
وقال: {هارٍ فانهار به} فذكروا أنه من "يهور" وهو مقلوب وأصله "هائرٌ" ولكن قلب مثل ما قلب "شاك السّلاح" [و] إنما هو "شائك"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({على شفا جرف}: الشفا شفير. {الجرف} بقيته ويقال
سرنا بشفا قمير: بقيته. ويثنى شفوان. والجرف ما تجرف من السيول والأودية.
{هار}: هائر، وهو ما انهار). [غريب القرآن وتفسيره: 166-167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {على شفا جرفٍ هارٍ} أي على حرف جرف هائر.
والجرف: ما ينجرف بالسيول من الأودية. والهائر: الساقط، ومنه يقال:
تهوّر البناء: إذا سقط وانهار). [تفسير غريب القرآن: 192]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفمن أسّس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوان خير أم من أسّس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم واللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
ويجوز " أفمن أسّس بنيانه "، ويجوز " أفمن أساس بنيانه " ويجوز " أفمن أسس بنيانه ".
فأمّا {أسّس بنيانه}، و {أسّس بنيانه}، فقراءتان جيدتان، والذي ذكر غير هاتين جائز في العربية، غير جائز في القراءة، إلا أن تثبت به رواية.
المعنى أن من أسس بنيانه على التقوى خير ممن أسّس بنيانه على الكفر فقال: {على شفا جرف هار}.
وشفا الشيء حرفه وحدّه، والشفا مقصور يكتب الألف ويثنى شفوين.
ومعنى (هار) هائر وهذا من المقلوب، كما قالوا في لاث الشيء إذا دار فهو لاث والأصل لائث وكما قالوا شاك السلاح وشائك.
قال الشاعر:
فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم..=. شاك سلاحي في الحوادث معلم
وكما قال العجاج:
لاث به الأشاء والعبريّ
الأشاء النخل، والعبريّ السدر الذي على شاطئ الأنهار ومعنى لاث به مطيف به.
{فانهار به في نار جهنّم}.
وهذا مثل، المعنى أن بناء هذا المسجد الذي بني ضرارا وكفرا كبناء
على جرف جهنم يتهور بأهله فيها). [معاني القرآن: 2/469-470]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم}
والشفا الحرف والحد
والجرف ما جرفه السيل
والهاري المتهدم الساقط). [معاني القرآن: 3/255]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَفَا}: حد
{جُرُفٍ}: ما تجرف من السيل
{هَارٍ}: سائل). [العمدة في غريب القرآن: 149]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يزال بنيانهم...}
يعني مسجد النفاق {ريبةً} يقال: شكّا {إلا أن تقطّع} و{تقطّع} معناه: إلا أن يموتوا. وقرأ الحسن {إلى أن تقطّع} بمنزلة حتّى، أي حتى تقطّع. وهي في قراءة عبد الله {ولو قطّعت قلوبهم} حجة لمن قال {إلا أن تقطع} بضم التاء). [معاني القرآن: 1/452]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلا أن تقطّع قلوبهم} إلا ها هنا غاية). [مجاز القرآن: 1/270]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لا يزال بنيانهم الّذي بنوا ريبةً في قلوبهم إلاّ أن تقطّع قلوبهم واللّه عليمٌ حكيمٌ}
وقال: {ريبةً في قلوبهم إلاّ أن تقطّع} و{تقطّع} في قول بعضهم وكل حسن). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا يزال بنيانهم الّذي بنوا ريبة في قلوبهم إلّا أن تقطّع قلوبهم واللّه عليم حكيم}
قال بعضهم لا يزال كفرا، وقال بعضهم لا يزال شكا.
والريبة من الريب، والريب الشّكّ.
فأعلم اللّه جلّ وعز أن بناءهم لا يزالون شاكين فيه، وجائز أن يكون اللّه جل ثناؤه جعل عقوبتهم أن ألزمهم الضلال بركوبهم هذا الأمر الغليظ.
{إلّا أن تقطّع قلوبهم}.
ويجوز: " إلا أن يقطع قلوبهم " معناه إلا أن يموتوا.
وقال بعضهم: إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم). [معاني القرآن: 2/470-471]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم}
قال قتادة أي شكا كأنهم عوقبوا بهذا
وقال السدي أي حزازة
ثم قال جل وعز: {إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم}
قال عطاء ومجاهد وقتادة {إلا أن تقطع قلوبهم} إلا أن يموتوا
وقال غيرهم أي إلا أن يتوبوا توبة يندمون فيها على ما فعلوا حتى يكونوا بمنزلة من قد قطع قلبه
وقرأ عكرمة إلى أن على الغاية). [معاني القرآن: 3/256-257]


رد مع اقتباس