عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 03:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 60 إلى 72]

(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) )

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّما الصّدقات للفقراء...}
وهم أهل صفّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا لا عشائر لهم، كانوا يلتمسون الفضل بالنهار، ثم يأوون إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الفقراء.
{والمساكين}: الطوّافين على الأبواب {والعاملين عليها} وهم السعاة.
{والمؤلّفة قلوبهم} وهم أشراف العرب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم ليجترّ به إسلام قومهم.
{وفي الرّقاب} يعني المكاتبين {والغارمين}: أصحاب الدّين الذين ركبهم في غير إفساد.
[معاني القرآن: 1/443]
{وفي سبيل اللّه}: الجهاد {وابن السّبيل}: المنقطع به، أو الضيف.
{فريضةً مّن اللّه} نصب على القطع. والرفع في {فريضة} جائز لو قرئ به. وهو في الكلام بمنزلة قولك: هو لك هبةً وهبةٌ، وهو عليك صدقةً وصدقةٌ، والمال بينكما نصفين ونصفان، والمال بينكما شقّ الشعرة وشقٌّ... ). [معاني القرآن: 1/443-444]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّما الصّدقات للفقراء} وهم ضعفاء الأحوال الذين لهم البلعة من العيش.
{والمساكين}: الذين ليس لهم شيء. قال قتادة: الفقير: الذي به زمانة، والمسكين: الصحيح المحتاج.
{والعاملين عليها} أي عمال الصدقة، وهم السعاة.
{والمؤلّفة قلوبهم}: الذين كان النبي صلّى اللّه عليه وسلم يتألّفهم على الإسلام.
{وفي الرّقاب} أي المكاتبين. أراد: فكّ الرّقاب من الرّق.
{والغارمين} من عليه الدّين ولا يجد قضاء. وأصل الغرم: الخسران. ومنه قيل في الرهن: له غنمه وعليه غرمه. أي ريحه له وخسرانه أو هلاكه عليه. فكأن الغارم هو الذي خسر ماله. والخسران: النقصان.
ويكون الهلاك. قال اللّه عز وجل: {الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم} [سورة الزمر آية: 15، وسورة الشورى آية: 45].
وقد يشتق من الغرم اسم للهلاك خاصة. من ذلك قوله: {إنّ عذابها كان غراماً} [سورة الفرقان آية: 65] أي هلاكا. ومنه يقال: فلان مغرم بالنساء أي مهلك بهن. ويقال: ما أشد غرامه بالنساء وإغرامه، أي هلاكه بحبّهن). [تفسير غريب القرآن: 188-189 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السّبيل فريضة من اللّه واللّه عليم حكيم}
وهم قوم كانوا يعطون: يتألّفون على أن يسلموا.
وهذا غير مستعمل اليوم لظهور الإسلام.
{وفي الرقاب}.
كأن يعاون المكاتب حتى يفك رقبته:
{والغارمين}.
وهم الذين لزمهم الدِّين في الحمالة، والحمالة، الإعطاء في الذّمّة ويجوز أن يكون الغارم الّذي لزمه الدِّين في غير معصية، فالأولى أن يكون الدين الذي يقضى عنه في غير معصية، لأنّ ذا المعصية إن أدّي عنه الدّين كان ذلك تقوية على المعاصي.
{وفي سبيل اللّه}.
أي وللمجاهدين حق في الصدقة.
{وابن السبيل} ابن الطريق.
وتأويله الذي قطع عليه الطريق.
{فريضة من اللّه}
منصوب على التوكيد، لأن قوله: إنّما الصّدقات لهؤلاء كقولك فرض اللّه الصدقات لهؤلاء.
وقد بينّا في أول الأنفال ما قيل في جميع الأموال، واستقصيناه.
ويجوز فريضة من اللّه على ذلك ولا أعلمه قرئ به). [معاني القرآن: 2/456-457]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}
قال قتادة الفقير المحتاج الذي له زمانه والمسكين
الصحيح المحتاج
وقال مجاهد والزهري الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل
حدثنا محمد بن إدريس بن أسود قال نا يونس قال أنبأنا ابن وهب قال أخبرني جرير بن حازم عن علي بن الحكم عن الضحاك قال الفقراء من المهاجرين والمساكين من الأعراب
قال وكان ابن عباس يقول الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الذمة
قال أبو جعفر الذي قاله الزهري ومجاهد حسن لأن المسكين مأخوذ من السكون والخضوع فالذين يسألون يظهر عليهم السكون والخضوع
وإن كان الذي يسأل والذي لا يسأل يجتمعان في اسم الفقر
فإن الطي يظهر عليه مع الفقر ما ذكرنا
وفقير في اللغة إنما يعرف بأن يقال إلى كذا
فالمعنى والفقراء إلى الصدقة ومسكين عليه ذلة لأنه قد يكون به فقر إليها ولا ذلة عليه فيها
وقال أهل اللغة لا نعلم بينهم اختلافا
الفقير الذي له بلغة والمسكين الذي لا شيء له
وأنشدوا:

أما الفقير الذي كانت حلوبته = وفق العيال فلم يترك له سبد
وقال يونس قلت لأعرابي أفقير أنت فقال لا بل مسكين
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يسأل ولا يفطن له فيعطى ولا يجد غنى يغنيه
قال أبو جعفر قال علي بن سليمان الفقير مشتق من قولهم فقرت له فقرة من مالي أي أعطيته قطعة فالفقير على هذا الذي له قطعة من المال والمسكين مأخوذ من السكون كأنه بمنزلة من لا حركة له
وقال بعض الفقهاء المسكين الذي له شيء واحتج بقول الله عز وجل: {أما السفينة فكانت لمساكين يعلمون في البحر}
قال أبو جعفر وهذا الاحتجاج لا يلزم لأنك تقول هذا التمر لهذه النخلة وهذا البيت لهذه الدار لا تريد الملك فيجوز أن يكون قيل لمساكين لأنهم كانوا يعلمون فيها
وقد قيل إنه إنما تمثيل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض النساء يا مسكينة عليك السكينة
ثم قال عز وجل: {والعاملين عليها}
وهم السعاة ومن كان مثلهم
ثم قال تعالى: {والمؤلفة قلوبهم}
قال الشعبي هؤلاء كانوا في وقت النبي صلى الله عليه وسلم يتألفون فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه زال هذا
قال أبو جعفر حديث الشعبي إنما رواه عنه جابر الجعفي وقد قال يونس سألت الزهري قال لا أعلم أنه نسخ من ذلك شيء
فعلى هذا الحكم فيهم ثابت فإن كان أحد يحتاج إلى تألفه ويخاف أن يلحق المسلمين منه آفة أو يرجى أن يحسن إسلامه بعد دفع إليه
ثم قال جل وعز: {وفي الرقاب}
أي وفي فك الرقاب
قيل هم المكاتبون
وقيل تبتاع الرقاب فيكون الولاء للمسلمين
ثم قال جل وعز: {والغارمين} قال مجاهد هم الذين أحرقت النار بيوتهم وأذهب السيل مالهم فادانوا لعيالهم
وروي عن أبي جعفر ومجاهد وقتادة قالوا الغارم من استدان لغير معصية
قال أبو جعفر وهذا لا يكون غيره لأنه إذا كان ذا دين في
معصية فقضي عنه فقد أعين على المعصية
والغرم في اللغة الخسران فكأن المستدين لا يجد قضاء دينه قد خسر ماله ومنه إن عذابها كان غراما أي هلاكا وخسرانا
ثم قال تعالى: {وفي سبيل الله} أي في طاعة الله أي للمجاهدين والحجاج وابن السبيل
روى جابر عن أبي جعفر أنه قال هو المجتاز من أرض إلى أرض
قال أبو جعفر والسبيل في اللغة الطريق فابن السبيل هو الذي قطعت عليه الطريق أو جاء من أرض العدو وقد أخذ
ماله
قالت الفقهاء أبناء السبيل الغائبون عن أموالهم الذين لا يصلون إليها لبعد المسافة بينهم وبينها حتى يحتاجوا إلى الصدقة فهي إذ ذاك لهم مباحة فقد صاروا إلى حكم من لا مال له
روى المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}
قال إنما ذكر الله هذه الصدقات لتعرف وأي صنف أعطيت منها أجزأك
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس إنما الصدقات للفقراء والمساكين قال في أيها وضعت أجزأ عنك). [معاني القرآن: 3/220-227]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} للضعفاء الذي لهم البلغة من العيش، والمساكين: الذين لا شيء لهم. وقيل: الفقير الذي به زمانه، والمسكين: الصحيح المحتاج.
{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} أي عمال الصدقة، وهم السعاة الجباة.
{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألفهم على الإسلام.
{وَفِي الرِّقَابِ} المكاتبين.
{وَالْغَارِمِينَ} من عليه الدين، ولا شيء لهم.
{وَاِبْنِ السَّبِيلِ} المنقطع بغير بلده). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 98]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومنهم الّذين يؤذون النّبيّ...}
اجتمع قوم على عيب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقول رجل منهم: إن هذا يبلّغ محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقع بنا، فـ {ويقولون}: إنما {هو أذنٌ} سامعة إذا أتياناه صدّقنا، فقولوا ما شئتم. فأنزل الله عز وجل: {قل أذن خيرٍ لّكم} أي كما تقولون، ولكنه لا يصدّقكم، إنما يصدّق المؤمنين.
وهو قوله: {يؤمن باللّه}: يصدق بالله. {ويؤمن للمؤمنين}: يصدّق المؤمنين. وهو كقوله: {للّذين هم لربّهم يرهبون} أي يرهبون ربهم.
وأما قوله:{والّذين يؤذون رسول اللّه لهم عذابٌ أليمٌ} فمتصل بما قبله. وقوله: {ورحمةٌ للّذين آمنوا} إن شئت خفضتها تتبعها لخير، وإن شئت رفعتها أتبعتها الأذن. وقد يقرأ: {قل أذنٌ خيرٌ لكم} كقوله: قل أذن أفضل لكم؛ و{خير} إذا خفض فليس على معنى أفضل؛ إذا خفضت {خير} فكأنك قلت: أذن صلاح لكم، وإذا قلت: {أذنٌ خير لكم}، فإنك قلت: أذن أصلح لكم. ولا تكون الرحمة إذا رفعت {خير} إلا رفعا. ولو نصبت الرحمة على
غير هذا الوجه كان صوابا: {يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، ورحمةً} يفعل ذلك. وهو كقوله: {إنا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب. وحفظاً}). [معاني القرآن: 1/444-445]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومنهم الّذين يؤذون النّبيّ ويقولون هو أذنٌ قل أذن خيرٍ لّكم يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين ورحمةٌ لّلّذين آمنوا منكم والّذين يؤذون رسول اللّه لهم عذابٌ أليمٌ}
وقال: {قل أذن خيرٍ لّكم} أي: هو أذن خيرٍ لا أذن شرٍّ. وقال بعضهم {أذنٌ خيرٌ لكم} والأولى أحسنهما لأنك لو قلت {هو أذنٌ خيرٌ لكم} لم يكن في حسن {هو أذن خيرٍ لكم} وهذا جائز على أن تجعل {لكم} صفة "الأذن".
وقال: {ورحمةٌ لّلّذين آمنوا منكم} أي: وهو رحمة.
وقال: {يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين} أي: يصدقهم كأن تقول للرجل "أنا ما يؤمن لي بأن أقول كذا وكذا" أي: ما يصدقني). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويقولون هو أذنٌ} أي يقبل كل ما قيل له.
{قل أذن خيرٍ لكم} أي يقبل منكم ما تقولون له خيرا لكم إن كان ذاك كما تقولون، ولكنه: {يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين} أي يصدّق اللّه ويصدق المؤمنين). [تفسير غريب القرآن: 189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله تعالى حكاية عن المنافقين: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} أي يقبل كلّ ما بلغه.
والأصل: أن الأذن هي السامعة، فقيل لكل من صدّق بكلّ خبر يسمعه: أُذُن، ومنه يقال: آذنتك بالأمر فأَذِنْتَ، كما تقول: أعلمتك فعَلِمت، إنما هو أَوْقَعْتُه في أُذُنك.
يقول الله عزّ وجلّ: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] أي اعلموا، ومن قرأها {فآذنوا} أراد فأعلموا.
ومنه ما قالت الشعراء:
[تأويل مشكل القرآن: 182]
آذَنتنا ببينها أسماء
ومنه الأَذَان إنما هو إعلام الناس وقت الصلاة.
وقوله: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي إعلام.
وكان المنافقون يقولون: إن محمدا أذن فقولوا ما شئتم، فإنا متى أتيناه فاعتذرنا إليه صدّقّنا. فأنزل الله تبارك وتعالى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} أي كان الأمر كما تذكرون، ولكنه إنّما {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يُصَدِّقُ الله ويصدّق المؤمنين، لا أنتم، (والباء) و(اللام) زائدتان). [تأويل مشكل القرآن: 183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومنهم الّذين يؤذون النّبيّ ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين ورحمة للّذين آمنوا منكم والّذين يؤذون رسول اللّه لهم عذاب أليم}
وتفسير الآية أن من المنافقين من كان يعيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول: إن بلغه عني حلفت له وقبل منّي لأنّه أذن.
فأعلم اللّه تعالى أنه {أذن خير لكم}.
أي مستمع خير لكم، ثم بين ممن يقبل فقال:
{يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين}.
أي هو أذن خير لا أذن شر، يسمع ما ينزله الله عليه، فيصدّق به.
ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به.
{ورحمة للّذين آمنوا منكم}.
أي هو رحمة، لأنه كان سبب المؤمنين في إيمانهم.
ومن قرأ أذن خير لكم، فالمعنى فإن من يسمع منكم ويكون قريبا منكم قابلا للعذر خير لكم.
ويروى في هذه الآية أن رجلا من المنافقين قال: لو كان ما أتى به
محمد حقا فنحن حمير، فقال له ابن امرأته إنّ ما أتى به لحق، وإنّك لشر من دابتك هذه وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض من حضره نعتذر إليه ونحلف له فإنه أذن). [معاني القرآن: 2/457]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن}
قال مجاهد هؤلاء قوم من المنافقين ذكروا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا نقول فيه فإن بلغه ذلك حلفن له فصدقنا
وكذلك الأذن في اللغة يقال هو أذن إذا كان يسمع ما يقال له ويقبله
فالمعنى إن كان الأمر على ما يقولون أن يكون قريبا منكم يقبل اعتذاركم
ثم قال جل وعز: {قل أذن خير لكم}
أي إن كان كما قلتم
ثم أخبر انه يؤمن بالله
ومن قرأ قل أذن خير لكم ذهب إلى أن معناه قل هو مستمع خير لكم). [معاني القرآن: 3/227-228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هُوَ أُذُنٌ} أي يقبل كل ما قيل له.
{قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} أي يقبل منكم ما تقولون له). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 98]

تفسير قوله تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه...}
وحّد {يرضوه} ولم يقل: يرضوهما؛ لأن المعنى - والله أعلم - بمنزلة قولك: ما شاء الله وشئت؛ إنما يقصد بالمشيئة قصد الثاني، وقوله: "ما شاء الله" تعظيم لله مقدّم قبل الأفاعيل؛ كما تقول لعبدك: قد أعتقك الله وأعتقتك، وإن شئت أردت: يرضوهما فاكتفيت بواحد: كقوله:

نحن بما عندنا وأنت بما عنـ =دك راض والرأي مختلف
ولم يقل: راضون). [معاني القرآن: 1/445]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يحلفون باللّه لكم ليرضوكم واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه إن كانوا مؤمنين}
وقال: {يحلفون باللّه لكم ليرضوكم} و"سيحلفون بالله لكم ليرضوكم" ولا أعلمه إلاّ على قوله: "ليرضنّكم" كما قال الشاعر:
إذا قلت قدني قال بالله حلفةً = لتغني عنّي ذا أنائك أجمعا
أي: لتغنينّ عني. وهو نحو {ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة} أي: ولتصغينّ). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان فيجعل الفعل لأحدهما، أو تنسبه إلى أحدهما وهو لهما:
كقوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11].
وقوله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} ). [تأويل مشكل القرآن: 288] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يحلفون باللّه لكم ليرضوكم واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه إن كانوا مؤمنين}
قال بعض النحويين: إن هذه اللام بمعنى القسم، أي يحلفون بالله
لكم ليرضنّكم وهذا خطأ لأنهم إنّما حلفوا أنّهم ما قالوا ما حكي عنهم ليرضوكم باليمين، ولم يحلفوا أنّهم يرضون فيما يستقبل.
{واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه}.
وقوله: {إن كانوا مؤمنين}.
أي إن كانوا على ما يظهرون فكان ينبغي ألا يعيبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكونون بتوليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك عيبه مؤمنين.
ويجوز في قوله {ورحمة} الجر على العطف على {خير}. فيكون المعنى قل أذن خير لكم وأذن رحمة للمؤمنين.
وقوله: {أحقّ أن يرضوه}، ولم يقل يرضوهما، لأن المعنى يدل عليه فحذف استخفافا، المعنى واللّه أحقّ أن يرضوه، ورسوله أحقّ أن يرضوه، كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما..=. عندك راض والأمر مختلف
المعنى نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض). [معاني القرآن: 2/458]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} المعنى عند سيبويه والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن
يرضوه ثم حذف كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راض والرأي مختلف
وقال أبو العباس هو على غير حذف والمعنى والله أحق أن يرضوه ورسوله
وقال غيرهما المعنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يرضوه وقوله جل وعز: {والله} افتتاح كلام كما تقول هذا لله ولك). [معاني القرآن: 3/228-229]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألم يعلموا أنّه من يحادد الله} أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله). [مجاز القرآن: 1/263]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم خالداً فيها ذلك الخزي العظيم}
وقال: {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فإنّ له} فكسر الألف لأن الفاء التي هي جواب المجازاة ما بعدها مستأتف.
{فرح المخلّفون بمقعدهم خلاف رسول اللّه وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه وقالوا لا تنفروا في الحرّ قل نار جهنّم أشدّ حرّاً لّو كانوا يفقهون}
وقال: {فرح المخلّفون بمقعدهم خلاف رسول اللّه} أي: مخالفةً. وقال بعضهم (خلف) و(خلاف) أصوبهما لأنهم خالفوا مثل "قاتلوا قتالا" ولأنه مصدر "خالفوا"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم}
معناه من يعادي اللّه ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله.
واشتقاقه من اللغة كقولك من يجانب الله ورسوله، أي من يكون في حدّ، واللّه ورسوله في حدّ.
{فأنّ له نار جهنّم}.
والقراءة بالفتح والكسر: " فأنّ له "، فمن كسر فعلى الاستئناف بعد الفاء، كما تقول فله نار جهنم، ودخلت إن مؤكدة، ومن قال: فأنّ له، فإنما أعاد " فان " توكيدا، لأنه لما طال الكلام كان إعادتها أوكد). [معاني القرآن: 2/458-459]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله}
معناه يعادي ويجانب يقال حاد فلان أي صار في حدة غير حده). [معاني القرآن: 3/230]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أنه من يحادد الله ورسوله} أي: يخالفهما). [ياقوتة الصراط: 244]

تفسير قوله تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون}
لفظ يحذر لفظ الخبر، ومعناه الأمر، لأنه لا لبس في الكلام في أنه أمر، فهو كقولك ليحذر المنافقون، وعلى هذا يجوز في كل ما يؤمر به أن تقول يفعل ذلك، فينوب عن قولك ليفعل ذلك.
ويجوز أن يكون خبرا عنهم لأنهم كانوا يكفرون عنادا وحسدا.
ودليل هذا القول: {قل استهزئوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون} ). [معاني القرآن: 2/459]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم}
قال مجاهد هؤلاء قوم من المنافقين ذكروا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وقالوا نرجو أن لا يفشي الله علينا). [معاني القرآن: 3/230]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون)
وذلك أنهم قالوا: إنما كنا نخوض كما يخوض الركب}). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب}
فالمعنى ولئن سألتهم عما قالوا
قال قتادة هؤلاء قوم من المنافقين قالوا في غزوة تبوك أيطمع محمد أن يدخل بلاد الروم ويخرب حصونهم فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ما قالوا فدعا بهم فقال أقلتم كذا وكذا فقالوا {إنما كنا نخوض ونلعب}
وقال سعيد بن جبير قالوا إن كان ما يقول محمد حقا فنحن حمير فأطلعه الله جل وعز على ما قالوا فسألهم فقالوا إنما كنا نخوض ونلعب
قال عز وجل: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}
أي قد ظهر منكم الكفر بعد ظهور الإيمان). [معاني القرآن: 3/230-231]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إن نّعف عن طائفةٍ مّنكم نعذّب طائفةً...}
والطائفة واحد واثنان، وإنما نزل في ثلاثة نفر استهزأ رجلان برسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن، وضحك إليهما آخر، فنزل {إن نّعف عن طائفةٍ} يعني الواحد الضحاك {نعذّب طائفةً} يعني المستهزئين. وقد جاء {وليشهد عذابهما طائفةٌ} يعني واحدا. ويقرأ: "إن يعف عن طائفة منكم تعذّب طائفةٌ". و"إن يعف... يعذّب طائفة"). [معاني القرآن: 1/445]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4]: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»
ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 150]، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26]، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37] ). [تأويل مشكل القرآن: 282-284] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذّب طائفة بأنّهم كانوا مجرمين}
تأويله إنّه قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان.
{إن نعف عن طائفة منكم نعذّب طائفة}.
والقراءة {إن نعف} و (إن يعف، وإن يعف) جيدة، ولا أعلم أحدا من المشهورين قرأ بها.
ويروى أن هاتين الطائفتين إنما كانوا ثلاثة نفر فهزئ اثنان وضحك واحد، فجعل طائفة للواحد.
وكذلك قالوا في قوله: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}.
يراد به نفس طائفة.
والطائفة في اللغة أصلها الجماعة، لأنها المقدار الذي يطيف بالشيء.
وقد يجوز أن يقال للواحد طائفة يراد بها نفس طائفة يراد به نفس طائفة). [معاني القرآن: 2/459-460]

تفسير قوله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويقبضون أيديهم...}
يمسكون عن النفقة على النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 1/445]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويقبضون أيديهم} أي يمسكون أيديهم عن الصدقة والخير، يقال: قبض فلان عنا يده أي منعنا). [مجاز القرآن: 1/263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يقبضون أيديهم}: يمسكونها عن الصدقة). [غريب القرآن وتفسيره: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نسوا اللّه فنسيهم} أي تركوا أمر اللّه فتركهم). [تفسير غريب القرآن: 189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} أي يمسكون عن العطية.
وأصل هذا: أن المعطي بيده يمدّها ويبسطها بالعطاء، فقيل لكل من بخل ومنع: قد قبض يده). [تأويل مشكل القرآن: 167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:
نحو قول الله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14، 15]، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.
وكذلك: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79]، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله جل وعز جزاء.
وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]
فالعدوان الأول: ظلم، والثاني: جزاء، والجزاء لا يكون ظلما، وإن كان لفظه كلفظ الأول.
ومنه (قول النبي) صلّى الله عليه وسلم:
((اللهم إنّ فلانا هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم والعنه عدد ما هجاني، أو مكان ما هجاني))، أي جازه جزاء الهجاء.
وكذلك قوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 277-278] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا اللّه فنسيهم إنّ المنافقين هم الفاسقون}
هذا يتلو قوله تعالى: {يحلفون باللّه إنّهم لمنكم}.
أي ليس المنافقون من المؤمنين، لأن المنافقين، {يأمرون بالمنكر}
أي يأمرون بالكفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
{وينهون عن المعروف}.
أي ينهون عن الإيمان به.
{ويقبضون أيديهم}.
أي لا يتصدّقون ولا يزكّون.
{نسوا اللّه فنسيهم}.
أي تركوا أمر اللّه فتركهم اللّه من رحمته وتوفيقه). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويقبضون أيديهم}
قال مجاهد أي لا يبسطونها في حق ولا فيما يجب
ثم قال جل وعز: {نسوا الله فنسيهم}
قال قتادة أي نسيهم من الخير فأما من الشر فلم ينسهم
والمعنى عند أهل اللغة تركوا أمر الله فتركهم من رحمته وتوفيقه يقال نسي الشيء إذا تركه). [معاني القرآن: 3/231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَقْبِضُونَ}: يمسكون). [العمدة في غريب القرآن: 149]

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعد اللّه المنافقين والمنافقات والكفّار نار جهنّم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم اللّه ولهم عذاب مقيم}
{هي حسبهم}.
أي كفاية ذنوبهم كما تقول: عذبتك حسب فعلك، وحسب فلان ما نزل به، أي ذلك على قدر فعله). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {خالدين فيها هي حسبهم}
أي هي كافيهم أي هي على قدر أعمالهم ويقال أحسبني الشيء أي كفاني). [معاني القرآن: 3/232]

تفسير قوله تعالى: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كالّذين من قبلكم...}
أي فعلتم كأفعال الذين من قبلكم.
وقوله: {فاستمتعوا بخلاقهم}. يقول: رضوا بنصيبهم في الدنيا من أنصبائهم في الآخرة.
وقوله: {فاستمتعتم} أي أردتم ما أراد الذين من قبلكم.
وقوله: {وخضتم كالّذي خاضوا} يريد: كخوضهم الذي خاضوا). [معاني القرآن: 1/446]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي بنصيبهم ودينهم ودنياهم.
{وماله في الآخرة من خلاقٍ} [2 :200]أي من نصيب يعود إليه). [مجاز القرآن: 1/263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي استمتعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالّذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون}
{كالّذين من قبلكم}.
موضع الكاف نصب، أي وعدهم اللّه على الكفر به كما وعد الذين من قبلهم.
وقوله: {فاستمتعوا بخلاقهم} قيل فاستمتعوا بحظهم من الدنيا وقيل فاستمتعوا بدينهم.
والخلاق النصيب الذي هو عند صاحبه وافر الحظ). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاستمتعوا بخلاقهم}
قال قتادة أي بدينهم والمعنى عند أهل اللغة فاستمتعوا بنصيبهم من الدنيا). [معاني القرآن: 3/232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاستمتعوا بخلاقهم} أي بنصيبهم في الدنيا من الآخرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 98]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والمؤتفكات أتتهم رسلهم...}
يقال: إنها قريات قوم لوط وهود وصالح. ويقال: إنهم أصحاب لوط خاصّة. جمعوا بالتاء على قوله: {والمؤتفكة أهوى}. وكأنّ جمعهم إذ قيل {والمؤتفكات أتتهم} على الشيع والطوائف؛ كما قيل: قتلت الفديكات، نسبوا إلى رئيسهم أبى فديك). [معاني القرآن: 1/446]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والمؤتفكات} قوم لوط ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم). [مجاز القرآن: 1/263]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والمؤتفكات}: قوم لوط. ائتفكت بهم الأرض: انقلبت بهم. ومنه الإفك وهو الكذب لأنه قلب الحديث عن وجهه). [غريب القرآن وتفسيره: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والمؤتفكات}: مدائن قوم لوط، لأنها ائتفكت، أي انقلبت). [تفسير غريب القرآن: 190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ألم يأتهم نبأ الّذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
ألم يأتهم خبر الذين هلكوا في الدنيا بذنوبهم فيتعظوا.
و{المؤتفكات}.
جمع مؤتفكة، ائتفكت بهم الأرض، أي انقلبت، يقال إنهم قوم لوط.
ويقال إنهم جميع من أهلك، كما تقول للهالك انقلبت عليه الدنيا.
{فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
أعلم اللّه جلّ ثناؤه أن تعذيبه إياهم باستحقاقهم، وأن ذلك عدل). [معاني القرآن: 2/460-461]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والمؤتفكات}
قال قتادة هي مدائن قوم لوط
وقال أهل اللغة سميت مؤتفكات لأنها ائتفكت بهم أي انقلبت وهو من الإفك وهو الكذب لأنه مقلوب ومصروف عن الصدق). [معاني القرآن: 3/232]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {والمؤتفكات}: المتقلبات بالخسف والزلازل). [ياقوتة الصراط: 244]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} مدائن قوم لوط، لأنها انقلبت عليهم، أي ائتفكت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 99]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ}: المخسوف بها). [العمدة في غريب القرآن: 149]

تفسير قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) )

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ورضوانٌ مّن اللّه أكبر...}
رفع بالأكبر، وعدل عن أن ينسق على ما قبله وهو مما قد وعدهم الله تبارك وتعالى، ولكنه أوثر بالرفع لتفضيله؛ كما تقول في الكلام: قد وصلتك بالدراهم والثياب، وحسن رأيي خير لك من ذلك). [معاني القرآن: 1/446]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في جنّات عدنٍ} أي خلد، يقال عدن فلان بأرض كذا وكذا
أي أقام بها وخلد بها، ومنه المعدن، ويقلل هو في معدن صدق، أي في أصل ثابت، وقال الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه..=. يضافوا إلى راجحٍ قد عدن
أي رزين لا يستخفّ). [مجاز القرآن: 1/263-264]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعد اللّه المؤمنين والمؤمنات جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيّبة في جنّات عدن ورضوان من اللّه أكبر ذلك هو الفوز العظيم}
{ورضوان}.
وتقرأ ورضوان ورضوان، وهما جميعا عن عاصم.
ومعنى {ورضوان من اللّه أكبر}، أي أكبر مما هم فيه من النعيم). [معاني القرآن: 2/461]


رد مع اقتباس