عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 03:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 46 إلى 59]

(وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) )

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّةً ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين}
وقال: {ولكن كره الله انبعاثهم} جعله من "بعثته" فـ"انبعث" وسمعت من العرب من يقول: "لو دعينا لاندعينا". وتقول: "انبعث انبعاثاً" أي: "بعثته" فـ"انبعث انبعاثاً" وتقول: "انقطع به" إذا تكلم فانقطع به ولا تقول "قطع به"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّة ولكن كره اللّه انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين}
أي فتركهم العدة دليل على إرادتهم التخفف.
{ولكن كره اللّه انبعاثهم فثبّطهم}.
والتثبيط ردّك الإنسان عن الشيء يفعله، أي كره الله أن يخرجوا معكم فردهم عن الخروج.
ثم أعلم عزّ وجلّ: (لم كره ذلك فقال:
{لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم واللّه عليم بالظّالمين (47) }). [معاني القرآن: 2/450]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم}
التثبيط رد الإنسان عما يريد أن يفعله). [معاني القرآن: 3/214]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولأوضعوا خلالكم...}
الإيضاع: السير بين القوم. وكتبت بلام ألف وألف بعد ذلك، ولم يكتب في القرآن لها نظير. وذلك أنهم لا يكادون يستمرون في الكتاب على جهة واحدة؛ ألا ترى أنهم كتبوا {فما تغن النّذر} بغير ياء، {وما تغني الآيات والنّذر} بالياء، وهو من سوء هجاء الأوّلين. {ولأوضعوا} مجتمع عليه في المصاحف. وأما قوله: {أو لا أذبحنّه} فقد كتبت بالألف وبغير الألف. وقد كان ينبغي للألف أن تحذف من كله؛ لأنها لام زيدت على ألف؛ كقوله: لأخوك خير من أبيك؛ ألا ترى أنه لا ينبغي أن تكتب بألف بعد لام ألف. وأما قوله:
{لا انفصام لها} فتكتب بالألف؛ لأن {لا} في {انفصام} تبرئة، والألف من {انفصام} خفيفة. والعرب تقول: أوضع الراكب؛ ووضعت الناقة في سيرها. وربما قالوا للراكب وضع؛ قال الشاعر:

إني إذا ما كان يوم ذو فزع =ألفيتني محتملا بذي أضع
وقوله: {يبغونكم الفتنة} المعنى: يبغونها لكم. ولو أعانوهم على بغائها لقلت: أبغيتك الفتنة. وهو مثل قولك: أحلبني واحلبني). [معاني القرآن: 1/440]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ خبالاً} الخبال: الفساد). [مجاز القرآن: 1/261]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قوله عز وجل: {ولأوضعوا خلالكم} أي لأسرعوا خلاكم أي بينكم، وأصله من التخلل.
{وفيكم سمّاعون لهم} أي مطيعون لهم سامعون). [مجاز القرآن: 1/261]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ولأوضعوا خلالكم} الإيضاع: سرعة السير {خلالكم} بينكم يتخللونكم). [غريب القرآن وتفسيره: 164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما زادوكم إلّا خبالًا} أي شرا. [والخبال] والخبل: الفساد.
{ولأوضعوا خلالكم} من الوضع، وهو سرعة السير. يقال: وضع البعير وأوضعته إيضاعا. والوجيف: مثله.
{وخلالكم} فيما بينكم.
{يبغونكم الفتنة} يعني الشرك.
{وفيكم سمّاعون لهم} يعني المنافقين يسمعون ما يقولون ويقبلونه). [تفسير غريب القرآن: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكتبوا: {أَوْ لا أَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: 31] بزيادة ألف.
وكذلك {وَلا أَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} بزيادة ألف بعد لام ألف.
وهذا أكثر في المصحف من أن نستقصيه). [تأويل مشكل القرآن: 56-58] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم واللّه عليم بالظّالمين}
والخبال الفساد، وذهاب الشيء.
قال الشاعر:
أبني لبيني لستما بيد.=.. إلا يدا مخبولة العضد
أي فاسدة العضد.
{ولأوضعوا خلالكم}.
يقال أوضعت في السير إذا أسرعت، ولأسرعوا فيما يخل بكم.
{يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم}.
أي فيكم من يسمع ويؤدي إليهم ما يريدون.
وجائز أن يكون {سمّاعون لهم} من يقبل منهم.
وفي المصحف مكتوب " ولأوضعوا) ولا أوضعوا، ومثله في القرآن:
(أو لا أذبحنّه " بزيادة ألف أيضا، وهذا إنما حقّه على اللفظ ولأوضعوا.
ولكن الفتحة كانت تكتب قبل العربي ألفا. والكتاب أبتدئ به في العربي بقرب نزول القرآن فوقع فيه زيادات في أمكنة واتباع الشيء بنقص عن الحروف. فكتبت " ولا أوضعوا " بلام وألف، بدلا من الفتحة، وبهمزة.
فهذا مجاز ما وقع من هذا النحو في الكتاب). [معاني القرآن: 2/450-451]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} الخبال الفساد وذهاب الشيء
ثم قال جل وعز: {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة} الإيضاع سرعة السير
قال أبو إسحاق معنى خلالكم فيما يخل بكم
وقال غيره بينكم
وقيل الفتنة ههنا الشرك
ثم قال جل وعز: {وفيكم سماعون لهم} فيه قولان: أحدهما فيكم من يستمع ويخبرهم بما يريدون
والقول الآخر فيكم من يقبل منهم مثل سمع الله لمن حمده
والقول الأول أولى لأنه الأغلب من معنييه أن معنى سماع يسمع الكلام ومثله سماعون للكذب
والقول الثاني لا يكاد يقال فيه إلا سامع مثل قائل). [معاني القرآن: 3/214-216]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا خبالا} أي: إلا فسادا). [ياقوتة الصراط: 242]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولأوضعوا}: ولأسرعوا إلى الهرب). [ياقوتة الصراط: 242]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خلالكم} أي: ما تفرق من الجماعة لطلب الخلوة للفرار). [ياقوتة الصراط: 243]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وفيكم سماعون لهم} قال: يعني: الجواسيس). [ياقوتة الصراط: 243]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} الإيضاع ضرب من السير سريع، والوجيف مثله، {خِلالَكُمْ} فيما بينكم.
{يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ} يعني الشرك.
{وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} يعني المنافقون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولأَوْضَعُواْ}: أسرعوا السير
{خِلاَلَكُمْ}: بينكم). [العمدة في غريب القرآن: 148]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: الدّين، قال الله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 53]، أي دينهم.
وقال تعالى: {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ}). [تأويل مشكل القرآن: 515]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومنهم مّن يقول ائذن لّي ولا تفتنّي...}
وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجد بن قيس: هل لك في جلاد بني الأصفر؟ - يعني الروم - وهي غزوة تبوك، فقال جدّ: لا، بل تأذن لي، فأتخلف؛ فإني رجل كلف بالنساء أخاف فتنة بنات الأصفر. وإنما سمي الأصفر لأن حبشيا غلب على ناحية الروم وكان له بنات قد أخذن من بياض الروم وسواد الحبشة فكن صفرا لعسا. فقال الله تبارك وتعالى: {ألا في الفتنة سقطوا} في التخلف عنك. وقد عذل المسلمون في غزوة تبوك وثقل عليهم الخروج لبعد الشقة، وكان أيضا زمان عسرة وأدرك الثمار وطاب الظل، فأحبّوا الإقامة، فوبّخهم الله.
فقال عز وجل: {ياأيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم}.
ووصف المنافقين فقال: {لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتّبعوك} ). [معاني القرآن: 1/440-441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ائذن لي ولا تفتنّي} مجازه: ولا تؤثمني.
{ألا في الفتنة سقطوا} أي ألا في الإثم وقعوا وصاروا). [مجاز القرآن: 1/261]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الإشراك والكفر والإثم، كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193]، أي: شرك.
وقال: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] يعني الشرك.
وقال: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] أي: في الإثم.
وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، أي: كفر وإثم). [تأويل مشكل القرآن: 473] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين}
أي لا تؤثمني بأمرك إياي بالخروج، وذلك غير متيسر لي فآثم.
وقيل إن المنافقين هزئوا بالمسلمين في غزوة تبوك، فقالوا أتريدون بنات
الأصفر: فقال: {لا تفتنّي} أي {لا تفتنّي} ببنات الأصفر.
فأعلم اللّه تعالى أنهم قد سقطوا في الفتنة أي سقطوا في الإثم). [معاني القرآن: 2/451-452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} فيه قولان:
قال الضحاك ولا تكفرني وكذلك قال قتادة أي ولا تؤثمني
ومعناه لا تؤثمني بالخروج وهو لا يتيسر لي فإذا تخلفت أثمت
والقول الآخر وهو قول مجاهد أنه قيل لهم تغزون فتغنمون بنات الأصفر فقال بعضهم لا تفتني ببنات الأصفر
قال أبو إسحاق في الجد بن قيس أحد بني سلمة وهو الذي قال هذا). [معاني القرآن: 3/216-217]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إن تصبك حسنةٌ تسؤهم} أي ظفر.
{وإن تصبك مصيبةٌ} أي نكبة يفرحوا بها {ويقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل} أي أخذنا الوثيقة فلم نخرج). [تفسير غريب القرآن: 187-188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولّوا وهم فرحون}
أي قد علمنا بالحزم في التخلف عنك. فأعلم الله جلّ وعزّ أن المسلمين لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم فقال جلّ وعزّ: {قل لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون (51)} ). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن تصبك حسنة تسؤهم}
أي إن تظفر وتغنم يسؤوهم ذلك وإن تصبك مصيبة تهزم يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل أي قد أخذنا بالحزم إذ لم نخرج كذلك
وقال مجاهد معناه حذرنا). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} أي ظفر، {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ} أي نكبة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين...}
الظفر أو الشهادة، فهما الحسنيان. والعرب تدغم اللام من (هل) و(بل) عند التاء خاصة. وهو في كلامهم عالٍ كثير؛ هل تدرى، وهتّدري. فقرأها القراء على ذلك، وإنما أستحبّ في القراءة خاصّة تبيان ذلك، لأنهما منفصلان ليسا من حرف واحد، وإنما بني القرآن على الترسّل والترتيل وإشباع الكلام؛ فتبيانه أحب إليّ من إدغامه، وقد أدغم القرّاء الكبار، وكلٌّ صواب). [معاني القرآن: 1/441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ ما كتب الله لنا} إلا ما قضى الله لنا وعلينا
{هو مولانا} أي ربّنا). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل الكتاب: ما كتبه الله في اللّوح مما هو كائن.
ثم تتفرع منه معان ترجع إلى هذا الأصل. كقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] أي: قضى الله ذلك وفرغ منه.
وقوله: {لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] أي: ما قضى الله لنا.
وقوله: {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] أي: قضي، لأنّ هذا قد فرغ منه حين كتب). [تأويل مشكل القرآن: 462] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}
أي ما قدّر علينا كما قال: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلّا في كتاب من قبل أن نبرأها}.
ثم أكد ذلك فقال: {إن ذلك على اللّه يسير}.
وفيه وجه آخر إنّه {لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا} ما بيّن لنا في كتابه.
من أنا نظفر، فتكون تلك حسنى لنا أو نقتل فتكون الشهادة حسنى لنا أيضا، أي فقد كتب اللّه لنا ما يصيبنا أو علمنا ما لنا فيه حظ، ثم بيّن جل ثناؤه فقال تعالى:
{قل هل تربّصون بنا إلّا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون (52)} ). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل لن يصيبنا إلا ما تحب كتب الله لنا} في معناه قولان:
أحدهما إلا ما قدر الله علينا
والآخر إلا ما أخبرنا به في كتابه من أنا نقتل فنكون شهداء أو نقتلكم
وكذلك معنى {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} [آية: 52] ). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا ما كتب الله لنا} معناه: إلا ما كتب الله علينا). [ياقوتة الصراط: 243]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أن يصيبكم الله بعذابٍ} أي أن يميتكم). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إحدى الحسنيين}: الشهادة. والأخرى: الغنيمة). [تفسير غريب القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل هل تربّصون بنا إلّا إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنّا معكم متربّصون}
إلا الظفر أو الشهادة.
{ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا}.
فأنتم تربصون بنا إحدى الحسنيين، ونحن نتربص بكم إحدى الشّرّتين.
فبين ما تنتظرونه وننتظره فرق عظيم). [معاني القرآن: 2/452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والحُسنيان} الشهادة والغنيمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنفقوا طوعاً أو كرهاً...}
وهو أمر في اللفظ وليس بأمر في المعنى؛ لأنه أخبرهم أنه لن يتقبّل منهم. وهو في الكلام بمنزلة إن في الجزاء؛ كأنك قلت: إن أنفقت طوعا أو كرها فليس بمقبول منك. ومثله {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ليس بأمر، إنما هو على تأويل الجزاء. ومثله قول الشاعر:
أسيئ بنا أو أحسني لا ملومةٌ =لدينا ولا مقليّةٌ إن تقلّت
). [معاني القرآن: 1/441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أنفقوا طوعاً أو كرهاً} مفتوح ومضموم سواء). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قوما فاسقين}
وإن شئت كرها بالضم، هذا لفظ أمر ومعناه معنى الشرط والجزاء.
والمعنى أنفقوا طائعين أو مكرهين لن يتقبّل منكم.
ومثل هذا من الشعر قول كثير:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة..=. لدينا ولا مقليّة إن تقلّت
فلم يأمرها بالإساءة، ولكن أعلمها أنها إن أساءت أو أحسنت فهو على عهدها.
فإن قال قائل كيف كان الخبر في معنى الأمر؟
قلنا هو، كقولك: غفر اللّه لزيد، ورحم اللّه زيدا.
فمعناه: اللهم ارحم زيدا). [معاني القرآن: 2/453]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ أنّهم كفروا...}
{أنهم} في موضع رفع لأنه اسم للمنع؛ كأنك قلت: ما منعهم أن تقبل منهم إلا ذاك. و{أن} الأولى في موضع نصب. وليست بمنزلة قوله: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ إنّهم ليأكلون} هذه فيها واو مضمرة، وهي مستأنفة ليس لها موضع. ولو لم يكن في جوابها اللام لكانت أيضا مكسورة؛ كما تقول: ما رأيت منهم رجلا إلا إنه ليحسن، وإلاّ إنه يحسن. يعرّف أنها مستأنفة أن تضع {هو} في موضعها فتصلح؛ وذلك قولك: ما رأيت منهم رجلا إلا هو يفعل ذلك. فدلّت {هو} على استئناف إنّ). [معاني القرآن: 1/442]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كسالي} وكسالى مضمومة ومفتوحة وهي جميع كسلان، وإن شئت كسل). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلّا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلّا وهم كسالى ولا ينفقون إلّا وهم كارهون}
موضع " أن " الأولى نصب، وموضع " أن " الثانية رفع.
المعنى ما منعهم من قبول نفقاتهم إلّا كفرهم.
ويجوز " أن يقبل منهم نفقاتهم " لأن النفقات في معنى الإنفاق، ويجوز: وما منعهم من أن يقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم
كفروا، وهذا لا يجوز أن يقرأ به لأنه لم يرو في القراءة.
وقوله: (ولا يأتون الصّلاة إلّا وهم كسالى).
وكسالى - بالضم والفتح - جمع كسلان، وكقولك سكران وسكارى وسكارى. ويجوز ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسلى.
ولا يجوز ذلك في القرآن.
{ولا ينفقون إلّا وهم كارهون}.
القراءة على فتح الكاف، ويجوز الكسر إلا وهم كارهون، ولم يرو في القرآن). [معاني القرآن: 2/453-454]

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا...}
معناه: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا. هذا معناه، ولكنه أخّر ومعناه التقديم - والله أعلم - لأنه إنما أراد: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقوله: {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} أي تخرج أنفسهم وهم كفّار. ولو جعلت الحياة الدنيا مؤخّرة وأردت: إنما يريد الله ليعذبهم بالإنفاق كرها ليعذبهم بذلك في الدنيا، لكان وجها حسنا). [معاني القرآن: 1/442]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتزهق أنفسهم} أي تخرج وتموت وتهلك، ويقال: زهق ما عندك، أي ذهب كله). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وتزهق أنفسهم}: تهلك، يقال زهقت أنفسكم ويقال زهق ما عند فلان ذهب أجمع). [غريب القرآن وتفسيره: 164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن المقدّم والمؤخّر قوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}
وقال ابن عباس في رواية الكلبي: أراد: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم في الدنيا، إنما يريد الله أن يعذّبهم في الآخرة). [تأويل مشكل القرآن: 208]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون}
معناه - واللّه أعلم - فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الدنيا، إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الآخرة.
ويجوز واللّه أعلم: إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الدنيا أي هم ينفقونها في الدنيا، وهم منافقون فهم متعذبون بإنفاقها إذ كانوا ينفقونها على كره.
وقوله: ( {وتزهق أنفسهم وهم كافرون}.
معناه، وتخرج أنفسهم أي يغلظ عليهم المكروه حتى تزهق أنفسهم). [معاني القرآن: 2/454]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا}
فيه تقديم وتأخير
المعنى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم في الآخرة وهذا قول أكثر أهل العربية ويجوز أن يكون المعنى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم في الدنيا لأنهم منافقون فهم ينفقون كارهين فيعذبون بما ينفقون
ثم قال {وتزهق أنفسهم} أي تخرج). [معاني القرآن: 3/218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَزْهَقَ}: تهلك). [العمدة في غريب القرآن: 148]

تفسير قوله تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قوم يفرقون}
أي يحلفون باللّه أنهم مؤمنون كما أنتم مؤمنون، وما هم منكم لأنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر {ولكنّهم قوم يفرقون}.
أي يفرقون أن يظهروا ما هم عليه فيقتلوا، ثم أعلم جلّ وعزّ أنهم لو وجدوا مخلصا فيه لفارقوكم، فقال جلّ وعزّ:
{لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون (57)} ). [معاني القرآن: 2/454]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لو يجدون ملجئاً} - أي حرزا - {أو مغاراتٍ}...}
وهي الغيران؛ واحدها غار في الجبال {أو مدّخلاً} يريد: سربا في الأرض.
{لّولّوا إليه وهم يجمحون} مسرعين؛ الجمح ها هنا: الإسراع). [معاني القرآن: 1/443]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ملجئاً أو مغارات} أي ما يلجئون إليه أو ما يغورون فيه فيدخلون فيه ويتغيبون فيه.
{يجمحون} يجمح أي يطمح يريد أن يسرع). [مجاز القرآن: 1/262]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لو يجدون ملجئاً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً لّولّوا إليه وهم يجمحون}
وقال: {لو يجدون ملجئاً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً} لأنه من "ادّخل" "يدّخل" وقال بعضهم {مدخلا} جعله من "دخل" "يدخل" وهي فيما أعلم أردأ الوجهين. ويذكرون أنها في قراءة أبي {مندخلاً} أراد شيئاً بعد شيء. وإنما قال: {مغاراتٍ} لأنها من "أغار" فالمكان "مغارٌ" قال الشاعر:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا = بالخير صبحنا ربّي ومسّانا
لأنّها من "أمسى" و"أصبح" وإذا وقفت على "ملجأ" قلت "ملجأا" لأنه نصب منون فتقف بالألف نحو قولك "رأيت زيدا"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ملجأ أو مغارات}: الملجأ ما لجؤا إليه.
والمغارات كل شيء دخلت فيه فغبت فيه فهو مغارة، ومن ذلك " غور تهامة".
{أو مدخلا}: المدخل ما دخلوا فيه.
{يجمحون}: ويطمحون واحد وهو من السرعة). [غريب القرآن وتفسيره: 164-165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أو مدّخلًا} أي مدخلا يدخلونه.
{لولّوا إليه} أي لرجعوا عنك إليه.
{وهم يجمحون} أي يسرعون [روغانا عنك] ومنه قيل: فرس جموح، إذا ذهب في عدوه فلم يثنه شيء). [تفسير غريب القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون}
والملجأ واللّجأ، مقصور ومهموز، وهو المكان الذي يتحصّن فيه.
ومغارات جمع مغارة، وهو الموضع يغور فيه الإنسان، أي يستتر فيه.
ويقرأ: {أو مغارات} بضم الميم لأنه يقال أغرت وغرت، إذا دخلت الغور.
وقوله: {أو مدّخلا}.
ويقرأ أو مدخلا بالتخفيف، ويقرأ أو مدخلا.
فأما {مدّخل} فأصله مدتخل، ولكن التاء والدال من مكان واحد فكان الكلام من وجه واحد أخف، ومن قال مدخلا فهو من دخل يدخل مدخلا.
ومن قال مدخلا فهو من أدخلته مدخلا.
قال الشاعر:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا.=.. بالخير صبحنا ربّي ومسّانا
ومعنى مدّخل ومدخل أنهم لو وجدوا قوما يدخلون في جملتهم أو يدخلونهم في جملتهم: {لولّوا إليه وهم يجمحون}.
المعنى لو وجدوا هذه الأشياء {لولّوا إليه وهم يجمحون}.
أي يسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شيء.
ومن هذا قيل: فرس جموح للذي إذا حمل لم يردّه اللجام). [معاني القرآن: 2/454-455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون}
قال قتادة الملجأ الحصون والمغارات الغيران
والمدخل الأسراب
قال أبو جعفر وهذا قول حسن عند أهل اللغة لأنه يقال للحصن ملجأ ولجأ والمغارات من غار يغور إذا استتر
وتقرأ أو مدخلا بتشديد الدال والخاء وتقرأ أو مدخلا ومعانيها متقاربة إلا أن مدخلا من دخل يدخل ومدخلا من أدخل يدخل أي لو يجدون قوما يدخلونهم في جملتهم أو قوما يدخلون معهم أو مكانا يدخلون فيه لولوا إليه أي لو وجدوا أحد هذه الأشياء لولوا إليه وهم يجمحون أي يسرعون لا يرد وجوههم شيء
ومنه فرس جموح). [معاني القرآن: 3/218-219]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وهم يجمحون} أي: وهم يمشون بالعجلة في جانب). [ياقوتة الصراط: 244]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْمَحُونَ} يسرعون. ومنه فرس جموح: إذا لم يثنه شيء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَلْجَأ}: حرزاً
{مَغَارَاتٍ}: مداخل في الجبل
{مُدَّخَلاً}: ضرباً في الأرض
{يَجْمَحُونَ}: يسرعون). [العمدة في غريب القرآن: 148]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومنهم مّن يلمزك في الصّدقات...}
يقول: بعيبك، ويقولون: لا يقسم بالسّويّة.
{فإن أعطوا منها رضوا} فلم يعيبوا.
ثم إن الله تبارك وتعالى بيّن لهم لمن الصدقات). [معاني القرآن: 1/443]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومنهم من يلمزك} أي يعيبون، قال زياد الأعجم:
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرةً... وإن أغيب فأنت العائب اللّمزه). [مجاز القرآن: 1/262 -263]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومنهم مّن يلمزك في الصّدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لّم يعطوا منها إذا هم يسخطون}
وقال: {ومنهم مّن يلمزك} وقال بعضهم {يلمزك} ). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ومنهم من يلمزك في الصدقات}: يعيبك). [غريب القرآن وتفسيره: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومنهم من يلمزك في الصّدقات}: يعيبك ويطعن عليك.
يقال: همزت فلانا ولمزته. إذا اغتبته وعبته [ومنه قوله تعالى]: {ويلٌ لكلّ همزةٍ لمزةٍ} [سورة الهمزة آية: 1] ). [تفسير غريب القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومنهم من يلمزك في الصّدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون}
وتقرأ يلمزونك: يقال لمزت الرجل ألمزه بكسر الميم، وألمزه بضم الميم إذ عبته، وكذلك همزته أهمزه إذا عبته.
قال الشاعر:

إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة..=. وإن تغيّبت كنت الهامز اللّمزه
واللمزة الكثير العيب للناس، وقال بعضهم: اللّمزة العيب. بكسر العين أي بكسر عينه عيب كنهم، إذا عاب. يراد به عيب صاحبه وقالوا: اللّمزة العيب بالمسارّة. وهذا كله يرجع إلى العيب). [معاني القرآن: 2/455-456]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا}
قال مجاهد أي يروزك ويسألك
وقال قتادة أي يطعن عليك
قال أبو جعفر والقول عند أهل اللغة قول قتادة يقال لمزه يلمزه إذا عابه ومنه فلان همزة لمزة أي عياب للناس
ويقال اللمزة هو الذي يعيب في سر وإن الهمزة هو الذي يشير بعينيه
وهذا كله يرجع إلى أنه يعيب). [معاني القرآن: 3/219-220]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من يلمزك} أي: يعيبك). [ياقوتة الصراط: 243]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَلْمِزُكَ} أي يعيبك ويطعن عليك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 98]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَلْمِزُكَ}: يعيبك). [العمدة في غريب القرآن: 148]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) )


رد مع اقتباس