عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ أنشأنا من بعدهم قرونًا آخرين (42) ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون (43) ثمّ أرسلنا رسلنا تترى كلّ ما جاء أمّةً رسولها كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضًا وجعلناهم أحاديث فبعدًا لقومٍ لا يؤمنون (44)}.
يقول تعالى: {ثمّ أنشأنا من بعدهم قرونًا آخرين} أي: أمّما وخلائق). [تفسير ابن كثير: 5/ 475]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون} يعني: بل يؤخذون حسب ما قدّر لهم تعالى في كتابه المحفوظ وعلمه قبل كونهم، أمّةً بعد أمّةٍ، وقرنًا بعد قرنٍ، وجيلًا بعد جيلٍ، وخلفًا بعد سلفٍ). [تفسير ابن كثير: 5/ 475]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ أرسلنا رسلنا تترى}: قال ابن عبّاسٍ: يعني يتبع بعضهم بعضًا. وهذه كقوله تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقّت عليه الضّلالة} [النّحل: 36]، وقوله: {كلّ ما جاء أمّةً رسولها كذّبوه} يعني: جمهورهم وأكثرهم، كقوله تعالى: {يا حسرةً على العباد ما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزئون} [يس:30].
وقوله: {فأتبعنا بعضهم بعضًا} أي: أهلكناهم، كقوله: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوحٍ} [الإسراء: 17].
{وجعلناهم أحاديث} أي: أخبارًا وأحاديث للنّاس، كقوله: {فجعلناهم أحاديث ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ} [الآية] [سبأٍ: 19] [{فبعدًا لقومٍ لا يؤمنون}]). [تفسير ابن كثير: 5/ 475]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطانٍ مبينٍ (45) إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قومًا عالين (46) فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون (47) فكذّبوهما فكانوا من المهلكين (48) ولقد آتينا موسى الكتاب لعلّهم يهتدون (49)}.
يخبر تعالى أنّه بعث رسوله موسى، عليه السّلام، وأخاه هارون إلى فرعون وملئه، بالآيات والحجج الدّامغات، والبراهين القاطعات، وأنّ فرعون وقومه استكبروا عن اتّباعهما، والانقياد لأمرهما، لكونهما بشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرّسل من البشر، تشابهت قلوبهم، فأهلك اللّه فرعون وملأه، وأغرقهم في يومٍ واحدٍ أجمعين، وأنزل على موسى الكتاب -وهو التّوراة- فيها أحكامه وأوامره ونواهيه، وذلك بعد ما قصم اللّه فرعون والقبط، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر؛ وبعد أن أنزل اللّه التّوراة لم يهلك أمّةً بعامّةٍ، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين، كما قال تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 43]). [تفسير ابن كثير: 5/ 475-476]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمّه آيةً وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ (50)}.
يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم، عليهما السّلام، أنّه جعلهما آيةً للنّاس: أي حجّةً قاطعةً على قدرته على ما يشاء، فإنّه خلق آدم من غير أبٍ ولا أمٍّ، وخلق حوّاء من ذكرٍ بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكرٍ، وخلق بقيّة النّاس من ذكرٍ وأنثى.
وقوله: {وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ} قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: الرّبوة: المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النّبات. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وقتادة.
قال ابن عبّاسٍ: وقوله: {ذات قرارٍ} يقول: ذات خصبٍ {ومعينٍ} يعني: ماءً ظاهرًا.
وقال مجاهدٌ: ربوةٌ مستويةٌ.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {ذات قرارٍ ومعينٍ}: استوى الماء فيها. وقال مجاهدٌ، وقتادة: {ومعينٍ}: الماء الجاري.
ثمّ اختلف المفسّرون في مكان هذه الرّبوة في أيّ أرض [اللّه] هي؟ فقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: ليس الرّبى إلّا بمصر. والماء حين يرسل يكون الرّبى عليها القرى، ولولا الرّبى غرقت القرى.
وروي عن وهب بن منبّه نحو هذا، وهو بعيدٌ جدًّا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، حدّثنا سفيان، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب في قوله تعالى: {وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ}، قال: هي دمشق.
قال: وروي عن عبد اللّه بن سلامٍ، والحسن، وزيد بن أسلم، وخالد بن معدان نحو ذلك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {ذات قرارٍ ومعينٍ} قال: أنهار دمشق.
وقال ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ: {وآويناهما إلى ربوةٍ [ذات قرارٍ ومعينٍ]}، قال: عيسى ابن مريم وأمّه، حين أويا إلى غوطة دمشق وما حولها.
وقال عبد الرّزّاق، عن بشر بن رافعٍ، عن أبي عبد اللّه ابن عمّ أبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: في قوله: {: إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ} قال: هي الرّملة من فلسطين.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابي، حدّثنا روّاد بن الجرّاح، حدّثنا عبّاد بن عبّادٍ الخوّاص أبو عتبة، حدّثنا السّيبانيّ، عن ابن وعلة، عن كريب السّحولي، عن مرّة البهزي قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لرجلٍ: "إنّك ميّتٌ بالرّبوة" فمات بالرّملة. وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا.
وأقرب الأقوال في ذلك ما رواه العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ}، قال: المعين الماء الجاري، وهو النّهر الّذي قال اللّه تعالى: {قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24].
وكذا قال الضّحّاك، وقتادة: {إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ}: هو بيت المقدس. فهذا واللّه أعلم هو الأظهر؛ لأنّه المذكور في الآية الأخرى. والقرآن يفسّر بعضه بعضًا. وهو أولى ما يفسّر به، ثمّ الأحاديث الصّحيحة، ثمّ الآثار). [تفسير ابن كثير: 5/ 476-477]

رد مع اقتباس