عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 07:29 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ (26) والجانّ خلقناه من قبل من نار السّموم (27)}
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة: المراد بالصّلصال هاهنا: التّراب اليابس.
والظّاهر أنّه كقوله تعالى: {خلق الإنسان من صلصالٍ كالفخّار وخلق الجانّ من مّارجٍ مّن نّارٍ} [الرّحمن: 14-15]
وعن مجاهدٍ أيضا: الصلصال: المنتن.
وتفسير الآية بالآية أولى
وقوله: {من حمإٍ مسنونٍ} أي: الصّلصال من حمأٍ، وهو: الطّين. والمسنون: الأملس، كما قال الشّاعر ثمّ خاصرتها إلى القبّة الخضراءتمشي في مرمرٍ مسنونٍ
أي: أملس صقيلٍ.
ولهذا روي عن ابن عبّاسٍ: أنّه قال: هو التّراب الرّطب. وعن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، والضّحّاك أيضًا: أنّ الحمأ المسنون هو المنتن. وقيل: المراد بالمسنون هاهنا: المصبوب.
وقوله: {والجانّ خلقناه من قبل} أي: من قبل الإنسان {من نار السّموم} قال ابن عبّاسٍ: هي السّموم الّتي تقتل.
وقال بعضهم: السّموم باللّيل والنّهار. ومنهم من يقول: السّموم باللّيل، والحرور بالنّهار.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: دخلت على عمرو الأصمّ أعوده، فقال: ألا أحدّثك حديثًا سمعته من عبد اللّه بن مسعودٍ، يقول: هذه السّموم جزءٌ من سبعين جزءًا من السّموم الّتي خلق منها الجانّ، ثمّ قرأ: {والجانّ خلقناه من قبل من نار السّموم}
وعن ابن عبّاسٍ: أنّ الجانّ خلق من لهب النّار، وفي روايةٍ: من أحسن النّار.
وعن عمرو بن دينارٍ: من نار الشّمس، وقد ورد في الصحيح: "خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجانّ من مارجٍ من نارٍ، وخلق بنو آدم ممّا وصف لكم" ومقصود الآية: التّنبيه على شرف آدم، عليه السّلام، وطيب عنصره، وطهارة محتده). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 533-534]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال ربّك للملائكة إنّي خالقٌ بشرًا من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ (28) فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (29) فسجد الملائكة كلّهم أجمعون (30) إلا إبليس أبى أن يكون مع السّاجدين (31) قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع السّاجدين (32) قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ (33)}
يذكر تعالى تنويهه بذكر آدم في ملائكته قبل خلقه له، وتشريفه إيّاه بأمره الملائكة بالسّجود له. ويذكر تخلّف إبليس عدوّه عن السّجود له من بين سائر الملائكة، حسدًا وكفرًا، وعنادًا واستكبارًا، وافتخارًا بالباطل، ولهذا قال: {لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصالٍ مّن حمأٍ مسنونٍ} كما قال في الآية الأخرى: {أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ} [الأعراف: 12] وقوله: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62]
وقد روى ابن جريرٍ هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا، من حديث شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا خلق اللّه الملائكة قال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا سوّيته فاسجدوا له. قالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم، ثمّ خلق ملائكةً فقال لهم مثل ذلك، [فقالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم. ثمّ خلق ملائكةً أخرى فقال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا، فأرسل عليهم نارًا فأحرقتهم. ثمّ خلق ملائكةً فقال: إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له] قالوا سمعنا وأطعنا، إلّا إبليس كان من الكافرين الأوّلين
وفي ثبوت هذا عنه بعدٌ، والظّاهر أنّه إسرائيليٌّ، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 534]

رد مع اقتباس