عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:19 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {غزًّا} : واحدها غازٍ). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله غزا واحدها غازٍ هو تفسير أبي عبيدة أيضًا قال في قوله أو كانوا غزا لا يدخلها رفع ولا جر لأنّ واحدها غازٍ فخرجت مخرج قائلٍ وقوّلٍ انتهى وقرأ الجمهور غزا بالتّشديد جمع غازٍ وقياسه غزاةٌ لكن حملوا المعتلّ على الصّحيح كما قال أبو عبيدة وقرأ الحسن وغيره غزا بالتّخفيف فقيل خفّف الزّاي كراهية التّثقيل وقيل أصله غزاةٌ وحذف الهاء). [فتح الباري: 8/208]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (غزّا واحدها غازٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا} (آل عمران: 156) الآية. وغزّا، بضم الغين وتشديد الزّاي جمع غاز كعفى جمع عاف. وقال بعضهم: غزا واحدها غاز. تفسير أبي عبيدة. قلت: مثل هذا لا يسمى تفسيرا في اصطلاح أهل التّفسير، غاية ما في الباب أنه قال جمع غاز. وأصل غاز غازى فأعل إعلال قاض. وقرأ الحسن غزا بالتّخفيف. وقيل: أصله غزاة فحذف الهاء، وفيه نظر). [عمدة القاري: 18/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {أو كانوا} ({غزا}) قال أبو عبيدة (واحدها غاز) ومعنى الآية أنه تعالى نهى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار والجهاد لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم، فإن ذلك جعله الله تعالى حسرة في قلوبهم، وسقط لأبي ذر من تستأصلونهم إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/49]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: يا أيّها الّذين صدقوا اللّه ورسوله، وأقرّوا بما جاء به محمّدٌ من عند اللّه، لا تكونوا كمن كفر باللّه وبرسوله، فجحد نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال لإخوانه من أهل الكفر {إذا ضربوا في الأرض} فخرجوا من بلادهم سفرًا في تجارةٍ، {أو كانوا غزًّى} يقول: أو كان خروجهم من بلادهم غزاةً، فهلكوا فماتوا في سفرهم، أو قتلوا في غزوهم، {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} يخبر بذلك عن قول هؤلاء الكفّار، أنّهم يقولون لمن غزا منهم فقتل أو مات في سفرٍ خرج فيه في طاعةٍ اللّه أو تجارةٍ: لو لم يكونوا خرجوا من عندنا، وكانوا أقاموا في بلادهم ما ماتوا وما قتلوا {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} يعني: أنّهم يقولون ذلك، كي يجعل اللّه قولهم ذلك حزنًا في قلوبهم وغمًّا، ويجهلون أنّ ذلك إلى اللّه جلّ ثناؤه وبيده.
وقد قيل: إنّ الّذين نهى اللّه المؤمنين بهذه الآية أن يتشبّهوا بهم فيما نهاهم عنه من سوء اليقين باللّه، هم عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول وأصحابه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية، قال: هؤلاء المنافقون أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى} قول المنافق عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
وقال آخرون في ذلك: هم جميع المنافقين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مسلمة، عن ابن إسحاق: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية: أي لا تكونوا كالمنافقين الّذي ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل اللّه، والضّرب في الأرض في طاعة اللّه، وطاعة رسوله، ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا: لو أطاعونا ما ماتوا، وما قتلوا.
وأمّا قوله: {إذا ضربوا في الأرض} فإنّه اختلف في تأويله، فقال بعضهم: هو السّفر في التّجارة، والسّير في الأرض لطلب المعيشة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إذا ضربوا في الأرض} وهي التّجارة
وقال آخرون: بل هو السّير في طاعة اللّه وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {إذا ضربوا في الأرض} الضّرب في الأرض في طاعة اللّه وطاعة رسوله
وأصل الضّرب في الأرض: الإبعاد فيها سيرًا
وأمّا قوله: {أو كانوا غزًّى} فإنّه يعني: أو كانوا غزاةً في سبيل اللّه.
والغزّى: جمع غازٍ، جمع على فعّلٍ كما يجمع شاهدٌ: شهّدٍ، وقائلٌ: قوّلٍ وقد ينشد بيت رؤبة:.
فاليوم قد نهنهني تنهنهي = وأول حلمٍ ليس بالمسفّه.
وقوّلٌ إلاّ دهٍ فلا ده = وينشد أيضًا وقولهم إلاّ دهٍ فلا ده.
وإنّما قيل: {لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى} فإصحاب ماضي الفعل الحرف الّذي لا يصحب مع الماضي منه إلاّ المستقبل، فقيل: وقالوا لإخوانهم ثمّ قيل: إذا ضربوا، وإنّما يقال في الكلام: أكرمتك إذ زرتني، ولا يقال: أكرمتك إذا زرتني؛ لأنّ القول الّذي في قوله: {وقالوا لإخوانهم} وإن كان في لفظ الماضي فإنّه بمعنى المستقبل، وذلك أنّ العرب تذهب بالّذين مذهب الجزاء، وتعاملها في ذلك معاملة من وما لتقارب معاني ذلك في كثيرٍ من الأشياء، وإنّ جمعهنّ أشياء مجهولاتٌ غير مؤقّتاتٍ توقيت عمرٍو وزيدٍ، فلمّا كان ذلك كذلك، وكان صحيحًا في الكلام فصيحًا أن يقال للرّجال: أكرم من أكرمك، وأكرم كلّ رجلٍ أكرمك، فيكون الكلام خارجًا بلفظ الماضي مع من وكلٍّ مجهولاً، ومعناه الاستقبال، إذ كان الموصوف بالفعل غير موقّتٍ، وكان الّذين في قوله: {لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} غير موقّتين، أجريت مجرى من وما في ترجمتها الّي مذهب الجزاء وإخراج صلاتها بألفاظ الماضي من الأفعال وهي بمعنى الاستقبال، كما قال الشّاعر في ما:
وإنّي لآتيكم تشكّر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
فقال: ما كان في غدٍ، وهو يريد: ما يكون في غدٍ، ولو كان أراد الماضي لقال: ما كان في أمس، ولم يجز له أن يقول: ما كان في غدٍ
ولو كان الّذي موقّتًا، لم يجز أن يقال: ذلك خطأٌ أن يقاللا اكرمن: من هذا الّذي أكرمك إذا زرته؟ لأنّ الّذي هاهنا موقّتٌ، فقد خرج من معنى الجزاء، ولو لم يكن في الكلام هذا، لكان جائزًا فصيحًا؛ لأنّ الّذي يصير حينئذٍ مجهولاً غير موقّتٍ، ومن ذلك قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه} فردّ {يصدّون} على {كفروا}؛ لأنّ الّذين غير موقّتةٍ، فقوله: {كفروا} وإن كان في لفظٍ ماضٍ، فمعناه الاستقبال، وكذلك قوله: {إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحًا}، وقوله: {إلاّ الّذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} معناه: إلاّ الّذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم، وإلاّ من يتوب ويؤمن، ونظائر ذلك في القرآن والكلام كثيرٌ؛ والعلّة في كلّ ذلك واحدةٌ.
وأمّا قوله: {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} فإنّه يعني بذلك: حزنًا في قلوبهم.
- كما: حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قوله: {في قلوبهم} قال: يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئًا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} لقلّة اليقين بربّهم تبارك وتعالى). [جامع البيان: 6/175-180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {واللّه يحيي ويميت} واللّه المعجّل الموت لمن يشاء من حيث يشاء والمميت من يشاء كلّما شاء دون غيره من سائر خلقه.
وهذا من اللّه عزّ وجلّ ترغيبٌ لعباده المؤمنين على جهاد عدوّه، والصّبر على قتالهم، وإخراج هيبتهم من صدورهم، وإن قلّ عددهم، وكثر عدد أعدائهم وأعداء اللّه، وإعلامٌ منه لهم أنّ الإماتة والإحياء بيده، وأنّه لن يموت أحدٌ ولا يقتل إلاّ بعد فناء أجله الّذي كتب له، ونهي منه لهم إذ كان كذلك أن يجزعوا لموت من مات منهم أو قتل من قتل منهم في حرب المشركين
ثمّ قال جلّ ثناؤه: {واللّه بما تعملون بصيرٌ} يقول: إنّ اللّه يرى ما تعملون من خيرٍ وشرٍّ فاتّقوه الله أيّها المؤمنون، فإنّه محصٍ ذلك كلّه، حتّى يجازي كلّ عاملٍ بعمله على قدر استحقاقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {واللّه يحيي ويميت} أي يعجّل ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من آجالهم بقدرته). [جامع البيان: 6/180-181]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ (156)
قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا أي لا تكونوا كالمنافقين.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى
قال: هؤلاء: المنافقون أصحاب عبد اللّه بن أبي.
قوله تعالى: وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض الّذين ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل اللّه، والضّرب في الأرض في طاعة اللّه وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أمّا إذا ضربوا في الأرض فهي التّجارة.
قوله تعالى: أو كانوا غزًّى
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أو كانوا غزًّى قال: هو قول المنافق عبد اللّه بن أبيٍّ المنافق.
قوله تعالى: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال: هذا قول الكفّار: إذا مات الرّجل فيقول: لو كان عندنا، ما مات ولا تقولوا كما قال الكفّار.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال: ويقولون لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ ما ماتوا وما قتلوا قال: فترادّ على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر.
قوله تعالى: ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: حسرةً في قلوبهم قال: يحزنهم ولا ينفعهم شيئاً، يعني يحزنهم قولهم وروي عن أبي مالكٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم لقلّة اليقين بربّهم
قوله تعالى: واللّه يحيي ويميت واللّه بما تعملون بصيرٌ
- وبه قال محمّد بن إسحاق: واللّه يحيي ويميت أي يعجّل ما يشاء أو يؤخّر ما يشاء من ذلك من آجالهم بقدرته). [تفسير القرآن العظيم: 2/798-800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} الآية
قال: هذا قول عبد الله بن أبي بن سلول والمنافقين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم} الآية، قال: هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي {إذا ضربوا في الأرض} وهي التجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا} قال: هذا قول الكفار إذا مات الرجل يقولون: لو كان عندنا ما مات فلا تقولوا كما قال الكفار.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} قال: يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون}
يخاطب جلّ ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم: لا تكونوا أيّها المؤمنون في شكٍّ من أنّ الأمور كلّها بيد اللّه، وأنّ إليه الإحياء والإماتة، كما شكّ المنافقون في ذلك، ولكن جاهدوا في سبيل اللّه، وقاتلوا أعداء اللّه على يقينٍ منكم بأنّه لا يقتل في حربٍ، ولا يموت في سفرٍ إلاّ من بلغ أجله وحانت وفاته، ثمّ وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرّحمة، وأخبرهم أنّ موتًا في سبيل اللّه وقتلا في دينه خيرٌ لهم ممّا يجمعون في الدّنيا من حطامها ورغيد عيشها الّذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل اللّه ويتأخّرون عن لقاء العدوّ.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} أي أنّ الموت كائنٌ لا بدّ منه، فموتٌ في سبيل اللّه أو قتلٌ خيرٌ لو علموا فأيقنوا ممّا يجمعون من الدّنيا الّتي لها يتأخّرون عن الجهاد، تخوّفًا من الموت والقتل لما علمعوا من زهيد الدّنيا وزهادةٍ في الآخرة
وإنّما قال اللّه عزّ وجلّ: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} وابتدأ الكلام: {ولئن متّم أو قتلتم} بحذف جزاء لئن لأنّ في قوله: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} معنى جوب للجزاء، وذلك أنّه وعدٌ خرج مخرج الخبر.
فتأويل الكلام: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم، ليغفرنّ اللّه لكم وليرحمنّكم، فدلّ على ذلك بقوله: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون} وجمع مع الدّلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدّنيا، وما يجمعون فيها.
وقد زعم بعض أهل العربيّة من أهل البصرة أنّه إن قيل: كيف يكون: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ} جوابًا لقوله: {ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم}؟ فإنّ القول فيه أن يقال فيه: كأنّه قال: ولئن متّم أو قتلتم، فذلك لكم رحمةً من اللّه ومغفرةً، إذ كان ذلك في السّبيل، فقال: {لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ} يقول: لذلك {خيرٌ ممّا يجمعون} يعني لتلك المغفرة والرّحمة خيرٌ ممّا تجمعون ودخلت اللاّم في قوله: {لمغفرةٌ من اللّه} لدخولها في قوله: ولئن، كما قيل: {ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار}). [جامع البيان: 6/181-183]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون (157) ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون (158) فبما رحمةٍ من اللّه لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على اللّه إنّ اللّه يحبّ المتوكّلين (159)
قوله تعالى: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ ممّا يجمعون
- وبه قال محمّد بن إسحاق: ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متّم لمغفرةٌ من الله ورحمة خير مما يجمعون أي أنّ الموت كائنٌ لا بدّ منه فموتٌ في سبيل اللّه أو قتلٌ في خيرٍ لو علموا واتّقوا، خيرٌ ممّا يجمعون من الدّنيا الّتي لها يتأخّرون عن الجهاد، تخوّف الموت والقتل لما جمعوا من زهيدة الدّنيا زهادةً في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/800-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
...
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن متّم أو قتلتم لإلى اللّه تحشرون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولئن متّم أو قتلتم أيّها المؤمنون، فإلى اللّه مرجعكم ومحشركم فيجازيكم بأعمالكم، فآثروا ما يقرّبكم من اللّه، ويوجب لكم رضاه، ويقرّبكم من الجنّة، من الجهاد في سبيل اللّه، والعمل بطاعته على الرّكون إلى الدّنيا، وما تجمعون فيها من حطامها الّذي هو غير باقٍ لكم، بل هو زائلٌ عنكم، وعلى ترك طاعة اللّه والجهاد، فإنّ ذلك يبعدكم عن ربّكم، ويوجب لكم سخطه، ويقرّبكم من النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال ابن إسحاق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ولئن متّم أو قتلتم} أي ذلك كان {لإلى اللّه تحشرون} أي أنّ إلى اللّه المرجع، فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا، ولا تغترّوا بها، وليكن الجهاد وما رغّبكم اللّه فيه منه آثر عندكم منها
وأدخلت اللاّم في قوله: {لإلى اللّه تحشرون} لدخولها في قوله {ولئن}، ولو كانت اللاّم مؤخّرةً، إلى قوله: {تحشرون}، لأحدثت النّون الثّقيلة فيه، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إليّ لأحسننّ إليك، بنونٍ مثقّلةٍ، فكان كذلك قوله: ولئن متّم أو قتلتم لتحشرنّ إلى اللّه، ولكن لمّا حيل بين اللام وبين تحشرون بالصّفة أدخلت في الصّفة، وسلمت تحشرون، فلم تدخلها النّون الثّقيلة، كما تقول في الكلام: لئن أحسنت إليّ لإليك أحسن، بغير نونٍ مثقّلةٍ). [جامع البيان: 6/183-184]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولئن متّم أو قتلتم
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق: ولئن متّم أو قتلتم أي ذلك كائنٌ فلا تغرّنّكم الدّنيا ولا تغترّوا بها، وليكن الجهاد وما رغّبكم اللّه فيه منه آثر عندكم منها.
قوله تعالى: لإلى اللّه تحشرون
- وبه قال محمّد بن إسحاق، أي: أنّ إلى اللّه المرجع). [تفسير القرآن العظيم: 2/800-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 156 - 158.
...
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} لقلة اليقين بربهم {والله يحيي ويميت} أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته {ولئن قتلتم في سبيل الله} الآية، أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل {خير} لو علموا واتقوا {مما يجمعون} من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} أي ذلك كائن إذ إلى الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها). [الدر المنثور: 4/85-87] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن العمش أنه قرأ {متم} و(إذا متنا)، كل شيء في القرآن بكسر الميم). [الدر المنثور: 4/87]


رد مع اقتباس